الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقْدِيمٌ
الْحَمْدُ للَّهِ وَليِّ الْمُؤْمِنِينْ، حَثَّ عَلَى الْفِقْهِ في الدِّينْ، وَجَعَلَهُ سَبِيلَ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينْ، الْقَائِلِ سُبْحَانَهُ:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122]، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينْ، أَفْضَلِ النَّبِييِّنَ وَأَشْرَفِ الْمُرْسَلِينْ، وَسَيِّدِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينْ، الْقَائِلِ:"مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينْ"، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينْ، وَصَحَابَتِهِ الغُرِّ الْمَيَامِينْ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإِحْسَانٍ إِلى يَوْمِ الدِّينْ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ لِعُلُومِ الشَّرِيعَةِ مَنْزِلَةً عُظْمَى وَمَكَانَةً كُبْرَى في هَذَا الدِّينِ، وَإِنَّ مِنْ أَجَلِّهَا مَنْزِلَةً وَقَدْرًا، وَأَكْبَرِهَا مَكَانَةً وَأَثَرًا: عِلْمَ الْفِقْهِ؛ حَيثُ يُعَدُّ الْمَنْهَلَ الْعَذْبَ وَالنَّمِيرَ الصَّافيَ وَالْمَوْرِدَ الزُّلَالَ الذِي يَرْتَوِي مِنْهُ الْعُلَمَاءُ وَالْمُجْتَهِدُونَ؛ لِيُثْرُوْا مِنْهُ عُلُومَهُمْ وَمَعَارِفَهُمْ، وَلِيُقَدِّمُوا لِلأُمَّةِ الأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ الْمُسْتَنْبَطَةَ مِنَ القُرْآنِ الْكَرِيمِ وَالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وَالآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ؛ حِفْظًا لِكِيَانِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَإِبْقَاءً لِعَنَاصِرِ وُجُودِهَا وَمَكَامِنِ كِيَانِهَا، وَتَحْقِيقًا لِمَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ الغَرَّاءِ في بِنَاءِ الأَفْرَادِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ، وَإِشَادَةِ الأَمْجَادِ وَالْحَضَارَاتِ، وَتَنْظِيمِ شَتَّى شُؤُونِ الْحَيَاةِ عَلَى أَسْمَى الأَهْدَافِ وَالْغَايَاتِ، وَأَقْوَى الوَشَائِجِ وَالعَلَاقَاتِ.
وَقَدْ كَانَ الْفِقْهُ الإِسْلَامِيُ عَلَى مَرِّ الْعُصُورِ وَكَرِّ الدُّهُورِ، مَصْدَرَ فَخَارِ الأُمَّةِ، وَمَوْضِعَ اعْتِزَازِهَا، وَمَحَلَّ اهْتِمَامِهَا، وَمَبْعَثَ نَمَائِهَا وَعَطَائِهَا؛ حَيثُ وَفَّى بِاحْتِيَاجَاتِهَا، وَسَايَرَ مُسْتَجَدَّاتِهَا، وَلَمْ يَقِفْ عَاجِزًا أَمَامَ مُتَغَيِّرَاتِهَا وَتَحَدِّيَاتِهَا؛ فَلَهُ القِدْحُ الْمُعَلَّى في رَفْعِ هَامَةِ الأُمَّةِ سَامِقَةً أَمَامَ الأُمَمِ وَالْحَضَارَاتِ، وَاجْتِيَازِهَا بُحُورَ الفِتَنِ وَأَمْوَاجَ الْمِحَنِ إِلى بِرِّ الأَمَانِ وَشَاطِئِ النَّجَاةِ.
وَقَدْ مَرَّ هَذَا الْفُقْهُ عَبْرَ القُرُونِ بِأَطْوَارٍ وَمَرَاحِلَ، وَتَعَدَّدَتِ فِيهِ الاتِّجَاهَاتُ وَالْمَذَاهِبُ؛ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَشْهَرِهَا وَأَنْضَجهَا مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ رحمهم الله فَقَدْ هَيَّأَ اللَّهُ لَهُ رِجَالًا أَوْفِيَاءَ، وَعُلَمَاءً أَكْفِيَاءَ، وَأَصْحَابًا أَصْفِيَاءَ، وَتَمَيَّزَ بِمُمَيِّزَاتٍ فَرِيدَةٍ، وَاخْتَصَ بِخَصَائِصَ عَدِيدَةٍ، قَلَّ أَنْ تَجْتَمِعَ في غَيرِهِ، يَعْرِفُهَا كُلُّ مَنْ سَبَرَ هَذَا الْمَذْهَبَ الْمُبَجَّلَ، وَاكْتَحَلَتْ بِهِ عَيْنَاهُ، وَارْتَسَمَ عَلَى مُحَيَّاهُ مَا ازْدَانَ بِهِ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ مِنْ أَقْوَالٍ وَرِوَايَاتِ، وَأَوْجُهٍ وَتَخْرِيجَاتٍ، وَمَا زَخَرَ بِهِ مِنْ كُنُوزٍ وَمُصَنَّفَاتٍ.
وَاللَّبِيبُ الْمُسْتَقْرِئُ لِمُؤَلَّفَاتِ هَذَا الْمَذْهَبِ مُتُونٍ وُشُرُوحٍ وَحَواشٍ، يَسْتَوقِفُهُ كِتَابٌ جَلِيلٌ قَدْرُهْ، وَسِفْرٌ قَدْ فَاحَ بَينَ الْحَنَابِلَةِ عِطْرُهْ، وَشَاعَ بَينَهُمْ أَمْرُهْ، وَعَلَا فِيهِمْ ذِكْرُهْ فَهُوَ البُسْتَانُ الْجَامِعْ، وَالرَّوضُ الْمَاتِعْ، وَالْحَدِيقَةُ الغَنَّاءْ، وَالدَّوحَةُ الفَيحَاءْ، هَذَا إِلى مَا يَضُمُّ بَينَ ثَنَايَاهُ مِنْ صَحِيحِ النُّقُولِ وَالرِّوَايَاتِ، في أَبْوَابِ العِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ، وَغَيرِهَا مِنْ:
لَطَائِفٍ يَجْتَلِيهَا كُلُّ ذِي بَصَرِ
…
وَرَوْضَةٍ يَجْتَنِيهَا كُلُّ ذِي أَدَبِ
وَلَعَلَّكَ أَخِي القَارِئَ بعدَ هَذِهِ النُّعُوتِ، تَشتَاقُ إِلى مَعْرِفَةِ هَذَا الْكِتَابِ؛ إِنَّهُ "الْوَجِيزُ في الفِقْهِ" لِمُؤَلِّفِهِ: سِرَاجِ الدِّينِ أَبي عَبدِ اللَّهِ الْحُسَينِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ أَبي السَّرِيِّ الدُّجَيلِيُّ المُتَوَفَّى سَنَةَ (732 هـ). وَهُوَ أَحَدُ الْمُتُونِ الْمُهِمَّةِ في مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ؛ فَقَدِ اعْتَمَدَهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ؛ لِمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ مِنْ مُمَيِّزَاتٍ كَثِيرَةٍ؛ أَهَمُّهَا:
أَنَّ مُؤَلِّفَهُ رحمه الله بَنَاهُ عَلَى الرَّاجِحِ في الْمَذْهَبِ مِنَ الرِّوَايَاتِ الْمَنْصُوصَةِ عَنِ الإِمَامِ رحمه الله مَعَ جَزَالَةِ لفْظِهِ وَحُسْنِ سَبْكِهِ وَسُهُولَةِ عَبَارَتِهِ، وَتَجْرِيدِهِ عَنِ الأَدِلَّةِ وَالتَّعْلِيلَاتِ وَالْخِلَافَاتِ؛ تَيْسِيرًا لِحِفْظِهِ وَلِهَذَا كَانَ مَحَلَّ ثَنَاءِ عُلَمَاءِ الْمَذْهَبِ؛ فَهَذَا شَيخُ الْمُؤَلِّفِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ الزَّرِيرَانيُّ المُتَوَفَّى سَنَةَ (729 هـ) يَقُولُ عَنْهُ:"أَلْفَيْتُهُ كِتَابًا وَجِيزًا كَمَا وَسَمَهُ، جَامِعًا لِمَسَائِلَ كَثيرةٍ، وَفَوَائِدَ غَزِيرَةِ، قَلَّ أَنْ يَجْتَمعَ مِثْلُهَا في أَمْثَالِهِ، أَوْ يَتَهَيَّأَ لِمُصَنِّفٍ أَنْ يَنْسِجَ عَلَى مِنْوَالِهِ".
وَهَذَا الإِمَامُ الْمَرْدَاوِيُّ يَقُولُ في مَعْرِضِ ثنَائِهِ عَلَى الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ في الْمَذْهَبِ: "وَكَذَلِكَ "الوَجِيزُ" فَإِنَّهُ بَنَاهُ عَلَى الرَّاجِحِ مِنَ الرِّوَايَاتِ الْمَنْصُوصَةِ عَنْهُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ عَرَضَهُ عَلَى شَيْخِهِ: أَبي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ الزَّرِيرَانيِّ فَهَذَّبَهُ لَهُ". "الإنصاف"(1/ 16).
وَلأهَمِّيَةِ هَذَا الْمَتْنِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ حَظِيَ لَدَى عُلَمَاءِ الْحَنَابِلَةِ بِالْعِنَايَةِ وَالاهْتِمَامِ عَنْ طَرِيقِ الشُّرُوحِ؛ فَلَهُ قُرَابَةُ عَشَرَةِ شُرُوحٍ، مِنْهَا مَا هُوَ كَامِلٌ
وَمِنْهَا مَا هُوَ نَاقِصٌ، وَمِنْهَا مَا طُبعَ كَامِلًا، وَمِنْهَا مَا حُقِّقَ رَسَائِلَ عِلْمِيَّةً، وَمِنْهَا مَا طُبعَ أَجْزَاءٌ مِنْهُ، وَمِنْهَا مَا لَمْ يُطْبَعْ بَعْدُ، وَكَذَلِكَ الْحَوَاشِي؛ وَأَشْهَرُهَا لِثَلَاثَةٍ مِنَ عُلَمَاءِ الْحَنَابِلَةِ، إِضَافَةً إِلى النَّظْمِ؛ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ:"نَظْمُ الْوَجِيزِ في سَبْعَةِ آلافِ بَيْتٍ".
وَ"الْوَجِيزُ" عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَشْهَرُ مِنْ نَارٍ عَلَى عَلَمٍ، بَلْ إِذَا أُطْلِقَ عِنْدَهُمْ انْصَرَفَ إِلَيْهِ لَا غَيرُ؛ وَقَدْ نَوَّهَ عَنْ ذَلِكَ ابْنُ بَدْرَانَ في "الْمَدْخَل"(1)، وَكَذَا مَنْ ألَّفَ بَعْدَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُهْتَمِّينَ بِفِقْهِ الْحَنَابِلَةِ (2).
وَمِنْ أَجْلِ هَذَا كُلِّهِ؛ وَلِمَا لِهَذَا الْكِتَابِ مِنْ قِيمَةٍ عِلْمِيَّةٍ وَمَكَانَةٍ فِقْهِيَّةٍ، فَقَدْ رَأَتْ "مَكْتَبَةُ إِمَامِ الدَّعْوَةِ العِلْمِيَّةُ" أَنْ تُبَادِرَ إِلى طَبْعِهِ وَنَشْرِهِ، وَإِدْنَاءِ قُطُوفِهِ لِطُلَاّبِ العِلْمِ عَامَّةً وَالْمَعْنِيِّينَ بِفِقْهِ الْحَنَابِلَةِ خَاصَّةً، وَإِخَرَاجِهِ مُحَقَّقًا بِثَوبٍ قَشِيبٍ وَحُلَّةِ زَاهِيَةٍ؛ كَيفَ لَا؟ وَقَدْ أَخَذَتْ عَلَى عَاتِقِهَا وَجَعَلَتْ في أَوْلَوِيَّاتِ أَهْدَافِهَا: خِدْمَةَ تُرَاثِنَا العِلْمِيِّ، في الوَقْتِ الْذِي تتَعَرَّضُ فِيهِ الأُمَّةُ لِحَمَلَاتٍ مِنَ التَّشْكِيكِ في مَوْرُوثِهَا الفِقْهِيِّ خَاصَّةً، وَالإسْلَامِيِّ عَامَّةً؛ لِقَطْعِ صِلَةِ الأَجْيَالِ الْجَدِيدَةِ بِمَاضِي أُمَّتِهِمُ الْعَرِيقِ وَحَضَارَتهَا الزَّاهِيَّةِ في شَتَّى الْمَجَالَاتِ.
وَيَحِقُّ لِـ "مَكْتَبَةِ إِمَامِ الدَّعْوَةِ العِلْمِيَّةِ" أَنْ تُفَاخِرَ بِالْمُبَادَرَةِ لإِخْرَاجِ
(1) انظر: (206).
(2)
كالدكتور/ عبد اللَّه التركي في كتابه "المذهب الحنبلي" والدكتور/ بكر أبو زيد في "المدخل المفصَّل" وآخرين.
هَذَا الْكِتَابِ وَطَبْعِهِ لِلْمَرَّةِ الأُوْلَى؛ وَهُوَ وِسَامُ عِزٍّ وَتَاجُ شَرَفٍ؛ تُحَقِّقُهُ لِتَقَرَّ بهِ أَعْيُنُ البَاحِثينَ، وَتَنْشَرِحَ بِهِ صُدُورُ الْمُهْتَمِّينَ بِالتُّرَاثِ وَالمَعْنِيِّينَ بِهِ مِنْ أَمَاثِلِ طَلَبَةِ العِلْمِ. وَقَدْ سَارَ مَرْكَزُ البَحْثِ العِلْمِيِّ وَإِحْيَاءِ التُّرَاثِ الإِسْلَامِيِّ بِالْمَكْتَبَةِ، في إِخْرَاجِ هَذَا الكِتَابِ، عَلَى الْمَنْهَجِ العِلْمِيِّ الْمُتَّبَعِ في تَحْقِيقِ الْمَخْطُوطَاتِ، وَالْتَزَمَ قَوَاعِدَ التَّحْقِيقِ الْمَعْرُوفةَ؛ مِمَّا يَجْعَلُنَا نَلْهَجُ بِالشُّكْرِ وَالثَّنَاءِ للَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى تَوفِيقِهِ وَإِعَانَتِهِ عَلَى إِخْرَاجِ وَتَحْقِيقِ هَذَا الكِتَابِ القَيِّمِ، ثُمَّ نَشْكُرُ العَامِلِينَ في هَذِهِ الْمَكْتَبَةِ وَفي القِسْمِ العِلْمِيِّ وَمَرْكَزِ البَحْثِ عَلَى الْجُهْدِ الْمَشْكُورِ في إِخْرَاجِ الكِتَابِ، وَلأَخِي الفَاضِلِ الشَّيخِ/ صَالِحِ بْنِ عَبدِ الْعَزِيزِ السُّدَيسِ، شُكْرٌ خَاصٌّ عَلَى مُتَابَعَتِهِ خُطُوَاتِ العَمَلِ في هَذَا الكِتَابِ أَوَّلًا بِأَوَّلٍ، حَتىَّ خَرَجَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ الْمَرْضِيَّةِ.
وَقَبْلَ أَنْ أَضَعَ القَلَمَ، أَتَوَجَّهُ إِلى مَقَامِ صَاحِبِ السَّمَاحَةِ الوَالِدِ العَلَّامَةِ الشَّيخِ/ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ آلِ الشَّيخِ؛ المُفْتِي العَامِّ للْمَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ -حَفِظَهُ اللَّهُ- بِوَافِرِ الدَّعَاءِ، وَجَزِيلِ الشُّكْرِ وَالثَّنَاءِ، عَلَى جُهُودِهِ العِلْمِيَّةِ الْمُبَارَكَةِ، وَعَلَى مَا يَخُصُّ مَكْتَبَةَ إِمَامِ الدَّعْوَةِ العِلْمِيَّةَ مِنْ عِنَايَةٍ وَدَوَامِ سُؤَالٍ وَاهْتِمَامٍ؛ مِمَّا كَانَ لَهُ أَكْبَرُ الأثَرِ في تَشْجِيعِ العَامِلِينَ. فِيهَا عَلَى مُوَاصَلَةِ جُهُودِهِمْ، كَمَا نُقَدِّمُ لَهُ عَاطِرَ الشُّكْرِ، وَنَدْعُو لَهُ بِوَافِرِ الْمَثُوبَةِ وَالأَجْرِ، عَلَى تَفَضُّلِهِ بِتَقْرِيظِ هَذَا الكِتَابِ، مِمَّا نَعْتَبِرُهُ عَقْدَ جِيدِهِ
الْمُتَلأْلِئَ، وَغُرَّةَ جَبِينهِ الوَضَّاءِ، وَتِلْكَ مَشَاعِرُ نَرَاهَا دَيْنًا نُسَدِّدُهُ بِبَثِّهَا، مَعَ رَجَاءِ قَبُولِهَا وَالاِعْتِذَارِ عَنِ التَّقْصِيرِ فِيهَا.
وَللَّهِ الْحَمْدُ أَوَّلًا وَآخِرًا، بَاطِنًا وَظَاهِرًا، عَلَى حُسْنِ تَوفِيقِهِ وَعَظِيمِ إِنْعَامِهِ وَجَزِيلِ آلَائِهِ، بِتَوَلِّي إِخْرَاجِ هَذَا السِّفْرِ الْجَلِيلِ، بِهَذَا الثَّوبِ الْجَمِيلِ، ضَارِعِينَ إِلَيهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنِ التَّقْصِيرِ وَالزَّلَلِ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ مِنَ العِلْمِ الذِي يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ الإخْلَاصِ لَهُ سُبْحَانَهُ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا العِلْمَ النَّافِعَ وَالعَمَلَ الصَّالِحِ، إِنَّهُ خَيرُ مَسْؤُولٍ وَأَكْرَمُ مَأْمُولٍ، وَآخِرُ دَعْوانَا أَنِ الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثيرًا.
وَكَتَبَهُ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ السُّدَيْس
الْمُشْرِفُ الْعَامُّ عَلَى مَكْتَبَةِ إِمَامِ الدَّعْوَةِ الْعِلْمِيَّةِ
مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ - حَرَسَهَا اللَّهُ
غُرَّةَ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ
1423 هـ