الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ طَرِيقِ الْحُكْمِ، وَصِفَتِهِ
إِذَا جَلَسَ إِلَيْهِ خَصْمَانِ، قَالَ:"أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي؟ "، وَإِنْ سَكَتَ حَتَّى يَبْدَأَ جازَ. فَمَنْ سَبَقَ الدَّعْوَى، قَدَّمَهُ. وَإِنِ ادَّعَيا مَعًا، قَدَّمَ أَحَدَهُمَا بِالْقُرعَةِ. فَإِذا انْقَضَتْ حُكُومَتُهُ، سَمَعَ دَعْوَى الآخَرِ.
فَإِذَا تَحَرَّرَتْ، سَأَلَ الْخَصْمَ عَنْها، فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ، حَكَمَ لَهُ عَلَيْهِ. وَلَا يَحْكُمُ بإِقْرَارٍ، وَلَا نُكُولٍ، وَلَا بَيِّنَةٍ، حَتَّى يَسْأَلَهُ الْمُدَّعِي الْحُكْمَ. وَإِنْ أَنْكَرَ؛ بِأَنْ قَالَ لِمَنِ ادَّعَى قَرضًا، أَوْ ثَمَنًا:"مَا أَقْرَضَنِي"، أَوْ:"مَا بَاعَنِي"، أَوْ:"مَا يَسْتَحِقُّ عَلَي شَيْئًا مِمَّا ادَّعاهُ"، أَوْ:"لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ"، وَنَحْوَهُ -صَحَّ الْجَوَابُ.
وَيَقُولُ لِلْمُدَّعِي -إِنْ لَمْ يَعْرِفْ-: "إِنْ كَانَ لَكَ بَيِّنَةٌ فَأَحْضِرْهَا"، فَإِنْ أَحْضَرَهَا سَمِعَهَا وَحَكَمَ بِهَا. وَيَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِالْبَيِّنَةِ وَالإِقْرَارِ فِي مَجْلِسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ مَعَهُ أَحَدٌ. فَأَمَّا حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، مِمَّا رَآهُ أَوْ سَمِعَهُ، فَلا يَجُوزُ.
وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: "ما لِي بَيِّنَةٌ"، أَعْلَمَهُ الْحاكِمُ أَن لَهُ الْيَمِينَ عَلَى خَصْمِهِ عَلَى صِفَةِ جَوَابِهِ. فَإِنْ سَأَلَ إِحْلَافَهُ، أَحْلَفَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ. وَلَا يُعْتَدُّ بِيَمِينهِ قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْمُدَّعِي. فَإِنْ نَكَلَ قَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، فَيَقُولُ:"إِنْ حَلَفْتَ وَإِلَّا قَضَيْتُ عَلَيْكَ". وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكَرِّرَهُ ثَلَاثًا. فَإِنْ لَمْ يَحلِفْ،
قَضَى عَلَيْهِ. فَإِنْ بَذَلَ الْيَمِينَ بَعْدَ النُّكُولِ، لَمْ تُسْمَعْ مِنْهُ إِلَّا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، بِشَرْطِ عَدَمِ الْحُكْمِ.
وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: "ما لِي بَيِّنَةٌ"، ثُمَّ أتَى بِبَيِّنَةِ، لَمْ تُسْمَعْ. وَإِنْ قَالَ:"مَا أَعْلَمُ"، ثُمَّ أتَى بِهَا، سُمِعَتْ. فَإِنْ قَالَ شَاهِدانِ:"نَحْنُ نَشْهَدُ لَكَ"، فَقالَ:"هَذانِ بَيِّنَتِي"، سُمِعَتْ. فَإِنْ قَالَ:"ما أُرِيدُ أَنْ يَشْهَدا لِي"، لَمْ يُكَلَّفْ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ.
وَإِنْ قَالَ: "لِي بَيِّنَةٌ وَأُرِيدُ يَمِينَهُ، ثُمَّ إِقَامَ الْبَيِّنَةِ"، مَلَكَهُمَا (1)، إِلَّا إِذَا كَانَتْ حاضِرَةَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ؛ فَلا يَمْلِكُ إِلَّا إِقامَتَها مِنْ غيْرِ تَحْلِيفٍ، أَوِ الْعَكْسَ. فَإِنْ حَلَفَ الْمُنْكرُ، ثُمَّ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً، حُكِمَ بِهَا، وَلَمْ تَكُنِ الْيَمِينُ مُزِيلَةً لِلْحَقِّ. وَإِنْ سَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ، قَالَ لَهُ:"إِنْ أَجْبَتَ، وَإِلَّا جَعَلْتُكَ نَاكِلًا، وَقَضَيْتُ عَلَيْكَ". وَإِنْ قَالَ: "لِي مَخْرَجٌ مِمَّا ادَّعاهُ"، لَمْ يَكُنْ مُجِيبًا. وَإِنْ قَالَ:"لِي حِسَابٌ أُرِيدُ أَنْ أَنْظُرَ فِيهِ"، [لَمْ يَلْزَم الْمُدَّعِيَ إِنْظارُهُ. وَإِنْ قَالَ:"قَدْ قَضَيْتُهُ -أَوْ أَبْرَأَنِي] (2) - وَ (3) لِي بَيِّنَةٌ بِالقَضَاءِ، أَوِ: الإِبْرَاءِ"- أُنْظِرَ ثَلَاثًا، وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ. فَإِنْ عَجَزَ، حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْي مَا ادَّعاهُ، واسْتَحَقَّ.
(1) في الأصل: "ملكها". ينظر: "المحرر"(2/ 209)، و"الإنصاف"(28/ 443).
(2)
المثبت من "المقنع" و"الإنصاف"(28/ 550، 449). وينظر: "المحرر"(2/ 209).
(3)
في الأصل: "أو".