الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْي
إِذَا خَرَجَ قَوْمٌ لَهُمْ شَوْكَةٌ وَمَنَعَةٌ، عَلَى الإِمَامِ، يِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ -فَهُمْ بُغَاةٌ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُرَاسِلَهُمْ فَيَسْألهُمْ: مَا يَنْقِمُونَ؟ فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلِمَةً أَزَالَهَا، وَإِنِ ادَّعَوْا شُبْهَةً كَشَفَهَا، فَإِنْ فَاؤُوا وَإِلَّا قَاتَلَهُمْ.
وَعَلَى رَعِيَّتِهِ مُعَاوَنَتُهُ عَلَى حَرْبِهِمْ. فَإِنِ اسْتَنْظَرُوهُ مُدَّةً وَرَجَا رُجُوعَهُمْ فِيهَا، أَنْظَرَهُمْ، وَإِنْ ظَنَّهَا مَكِيدَةً لَمْ يُنْظِرْهُمْ، وَقَاتَلَهُمْ.
وَلَا يُقَاتِلُهُمْ بِمَا يَعُمُّ إِتْلَافُهُ؛ كَالنَّارِ وَالْمِنْجَنِيقِ وَكُفَّارٍ يَسْتَعِينُ بِهِمْ، إِلَّا لِضَرُورَةٍ. وَيُبَاحُ اسْتِعَانَتُهُ بِسِلَاحِ الْبُغَاةِ وَكُرَاعِهِمْ (1).
وَلَا يُتْبَعُ مُدْبِرُهُمْ، وَلَا يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَلَا يُغْنَمُ مَالُهُمْ، وَلَا تُسْبَى ذُرِّيَّتُهُمْ.
وَإِنْ أُسِرَ مِنْهُمْ رَجُلٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوِ امْرَأَةٌ، حُبِسَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ، ثُمَّ أُرْسِلَ. وَإِذَا انْقَضَى الْحَرْبُ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْهُمْ مَالَهُ بِيَدِ إِنْسَانٍ أَخَذَهُ. وَلَا يَضْمَنُ أَهْلُ الْعَدْلِ مَا أَتْلَفُوا عَلَيْهِمْ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ. وَيُضْمَنُ الْمُتْلَفُ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ فِي (2) غَيْرِ حَالِ الْحَرْبِ.
وَمَا أَخَذُوهُ فِي حَالِ امْتِنَاعِهِمْ، مِنْ زكَاةٍ وَخَرَاجٍ وَجِزْيَةٍ، اعْتُدَّ بِهِ.
(1) كراعهم؛ أي: خيلهم. "المطلع"(ص 377).
(2)
في الأصل: "من".
وَمَنِ ادَّعَى دَفْعَ زَكَاتِهِ إِلَيْهِمْ، قُبِلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ. وَإِنِ ادَّعَى مَنْ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ أَوْ خَرَاجٌ دَفْعَهُ إِلَيْهِمْ، لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ.
وَهُمْ فِي شَهَادَاتِهِمْ وَإِمْضَاءِ حُكْمِ حَاكِمِهِمْ كَأَهْلِ الْعَدْلِ. وَإِنِ اسْتَعَانُوا بأَهْلِ عَهْدٍ (1) أَوْ ذِمَّةٍ فَأَعَانُوهُمُ، انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، إِلَّا أَنْ يَدَّعُوا شُبْهَةً؛ بِأَنْ ظَنُّوا وُجُوبَ إِجَابَتِهِمْ وَنَحْوِهِ؛ فَلَا يَنْتَقِضُ، لَكِنْ يَغْرَمُونَ مَا أَتْلَفُوهُ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ. وَإِنِ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ الْحَرْبِ وَآمَنُوهُمْ، لَمْ يَصِحَّ أَمَانُهُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَأُبِيحَ قَتْلُهُمْ.
وَإِذَا أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ وَلَمْ يَجْتَمِعُوا لِحَرْبٍ، تُرِكُوا، فَإِنْ سَبُّوا الإِمَامَ عَزَّرَهُمْ، وَإِنْ أتَوْا حَدًّا أَوْ جِنَايَةً، لَزِمَهُمْ مُوجَبُهَا.
وَإِنِ اقْتَتَلَتْ طَائِفتانِ لِعَصَبِيَّةٍ (2) أَوْ رِيَاسَةٍ، فَهُمَا ظَالِمَتَانِ، [وَتَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَا أَتْلَفَتْ](3) عَلَى الأُخْرَى.
* * *
(1) في الأصل: "عدل". والمثبت من "المحرر"(2/ 166).
(2)
في الأصل: "لمعصية".
(3)
في الأصل: "ويضمن كل واحد ما أتلف". والمثبت من "المحرر"(2/ 167).