الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سكِرْتُ مِنْ صوته عند السّماع لَهُ [1]
…
ما لست أسكر مِنْ صهباء جربالِ
ما رُمتُ إمساكَ نفسي عند رؤيته
…
إلّا تغيّرت مِنْ حالٍ إلى حالٍ
لو اشتريتُ بعُمري ساعة سَلَفَتْ
…
مِنْ عيشتي معه ما كَانَ بالغالِ [2]
-
حرف الميم
-
305-
مجاهد الدّين الدُّوَيدار [3] .
المُلْك، مُقَدَّم جيوش العراق.
كَانَ بطلا شجاعا موصوفا بالرّأي والإقدام. كَانَ يَقُولُ: لو مكّنني أمير المؤمنين المستعصم لقهرت هولاكو.
قُتِل وقت غلبة العدوّ على بغداد صبرا.
وكان مغري بالكيميا، لَهُ دار فِي داره فيها عدّة رجال يعملون هذه الصّناعة، ولا تصحّ. فقرأت بخطّ كاتبه ابن وداعة قَالَ: حدَّثني الصّاحب مُجير الدّين بْن النّحّاس قَالَ: ذهبت فِي الرّسليّة إلى المستعصم، فدخلت دار المُلْك مجاهد الدّين، وشاهدت دار الكيميا. فقال لي: بينما أَنَا راكبٌ لقِيني صوفيّ فقال: يا ملك خُذ هذا المثقال وألقه عَلَى مائة مثقال فضّة، وألق المائة عَلَى عشرة آلاف تصير ذَهَبًا خالصا.
ففعلتُ ذَلِكَ، فكان كما قَالَ. ثُمَّ إنّي لقيتهُ بعدُ فقلت: علّمني هذه الصّناعة. فقال: ما أعرفها، لكنه أعطاني رجلٌ صالحٌ خمسَة مثاقيل أعطيتُك مِثقالًا، ولملك الهند مثقالا، ولشخصين مثقالين، وبقي معي مثقال أعيش بِهِ.
ثُمَّ حدَّثني مجاهد الدّين قَالَ: عندي مِنْ يدّعي هذا العلم، وكنت أخليت لَهُ دارا عَلَى الشّطّ، وكان مُغْري بصيد السّمك، فأحضرت إِليْهِ مِنْ ذَلِكَ الذّهب، وحكيت لَهُ الصّورة، فقال: هذا الَّذِي قد أعجبك؟! وكان فِي يده شبكة يصطاد بها، فأخذ منها بلّاعة فولاذ، ووضع طرفها فِي نار، ثمّ أخرجها،
[1] في عيون التواريخ 20/ 164 «من صوته لما أشار به» .
[2]
في الأصل: «بالغالي» . والأبيات في ذيل المرآة، والمختار، وعيون التواريخ.
[3]
انظر عن (مجاهد الدين الدويدار) في: الحوادث الجامعة 187، وعيون التواريخ 20/ 134، والبداية والنهاية 13/ 203.
وأخرج مِنْ فمه شيئا، وذرّه عَلَى النّصف المحمّى، فصار ذهبا خالصا، وبقي النّصف الآخر فولاذا [1] .
ثُمَّ أراني مجاهد الدّين تِلْكَ البلّاعة، إلّا أنّ النّصف الفولاذ قد خالَطَهُ الذهَب شيئا يسيرا.
أَنْبَأَنَا الظّهير الكازرونيّ قَالَ: فقتل صبرا الخليفة. وسمّى جماعة منهم مجاهد الدّين أيبك الدّويدار الصّغير زوج بِنْت بدر الدّين صاحب المَوْصِل.
وقُتِل ابنا الخليفة وأعمامه عليّ وحَسَن وسليمان ويوسف وحبيب أولاد الطّاهر وابنا عمّهم حسين ويحيى ابنا عليّ النّاصر، وأمير الحاجّ فَلَك محمد بْن الدّويدار الكبير، والملك سليمان شاه ابن ترجم وله ثمانون سنة، وحُمِل رأسُه ورأسُ أمير الحاجّ والدّويدار فنُصِبوا بالموصل.
306-
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خَالِد بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن صغير.
المولى مَعِين الدّين أبو بَكْر ابن القيسرانيّ، الْقُرَشِيّ، المخزوميّ، الحلبيّ، الكاتب والد شيخنا الصّاحب فتح الدّين عَبْد الله.
روى عَنْ: أبي محمد بْن علوان الأَسَديّ، وغيره.
أَنَا عَنْهُ: أبو محمد الدّمياطيّ، وذكر أنّه سمع منه بعينتاب [2] ، وورّخ وفاته فِي هذه السَّنَة.
وفيها تُوُفّي ابن عمّه عزَّ الدّين بدمشق، رحمهما الله تَعَالَى.
307-
محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [3] بْن أَحْمَد بْن الحسين.
[1] في الأصل: «فولاذ» .
[2]
كذا، وهي: عين تاب، بلدة قرب حلب.
[3]
انظر عن (محمد بن أحمد بن محمد شعلة) في: الإعلام بوفيات الأعلام 274، وسير أعلام النبلاء 23/ 360 رقم 259، ودول الإسلام 2/ 161، والعبر 5/ 234، ومعرفة القراء الكبار 2/ 671، 672 رقم 639، والوافي بالوفيات 2/ 122 رقم 469، ومرآة الجنان 4/ 147، وتاريخ ابن الوردي 2/ 201، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 256، رقم 364، ومختصره 74، وغاية النهاية 2/ 80، 81، رقم 2780، ونهاية الغاية، ورقة 221، وطبقات النحاة واللغويّين لابن قاضي شهبة (مخطوط) 1/ ورقة 55، وشذرات الذهب 5/ 281، والمنهج
الإمام أبو عُبَيْد الله المَوْصِليّ، المقرئ، الحَنْبليّ، الملقّب بشُعْلة [1] .
ناظمُ: «الشّمعة فِي القراءات السّبعة» [2] .
كَانَ شابّا فاضلا، ومقرِئًا محقّقا، يتوقد ذكاء.
قرأ القراءات عَلَى: أَبِي الْحَسَن عليّ بْن عَبْد العزيز الإربليّ.
وصنّف فِي القراءات والفقه والتّاريخ، ونظمه فِي غاية الجودة ونهاية الاختصار. وعاش ثلاثا وثلاثين سنة، ومات بالموصل.
وكان مَعَ ما آتاه الله مِن الحِفظ والذّكاء وكثْرة العِلمِ صالحا، متواضعا، خيّرا، متعفّفا، جميل السّيرة، بارعا فِي العربيّة، بصيرا بعلَل القراءات.
سَمِعَ شيخنا أبو بَكْر المقصانيّ بحثه، وكان يصفه لي ويبالغ فِي الثّناء عَلَيْهِ، وقال لي: تُوُفّي فِي صَفَر.
وحدّثني أَنَّهُ دخل إِليْهِ مَعَ شيخه الَّذِي لقّنه القرآن.
وحدّثني قَالَ: سَمِعْتُ شيخنا أبا الحُسَيْن بْن عَبْد العزيز الإربليّ، وهو شيخ شُعْلة، قَالَ: كَانَ نائما بجنبي فاستيقظ فقال لي: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم السّاعة، وطلبت منه العِلْمَ، فأطعمني ثمرات.
قَالَ الإربليّ: فُتِح عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الوقت.
308-
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن هِبة اللَّه [3] بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن يحيى.
[ () ] الأحمد 384، والمقصد الأرشد، رقم 879، والدرّ المنضّد 1/ 395، 396 رقم 1079، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 302، وتاريخ الخلفاء 477، وكشف الظنون 647 وغيرها، وهدية العارفين 2/ 136، وديوان الإسلام 3/ 143، 144 رقم 1242، والأعلام 5/ 321، ومعجم المؤلفين 8/ 315.
[1]
في تاريخ الخلفاء 477 «شعبة» وهو غلط.
[2]
وهو «شرح الشاطبيّة» ، ونظم «عقود ابن جنّي» في العربية سمّاه «العنقود» ، ونظم اختلاف عدد الآي برموز الجمّل، وله «نظم العبارات من الخرقي» ، وله كتاب «الناسخ والمنسوخ في القرآن» ، وكتاب «فضائل الأئمّة الأربعة» (الدرّ المنضّد) .
[3]
انظر عن (محمد بن أحمد بن هبة الله) في: المقفّى الكبير 5/ 288 رقم 1864، والسلوك ج 1 ق 2/ 413، وعقد الجمان (1) 196، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 416 رقم 232.
الصّدر الجليل، محيي الدّين، أبو عَبْد الله ابن العديم العُقَيْليّ، الحلبيّ، الحنفيّ.
وُلِد سنة تسعين وخمسمائة.
وسمع مِنْ: أَبِيهِ، وعمّه أبي غانم، وعمر بْن طَبرزد، والافتخار الهاشميّ، وثابت بْن مُشَرف، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وجماعة.
وكان رئيسا محتشما مِنْ وجوه الحلبيّين، مِنْ بيت القضاء والجلالة.
وهو أخو الصّاحب كمال الدّين، ووالد قاضي حماة عزَّ الدّين عَبْد العزيز وأخيه عَبْد المحسن.
قَالَ الدّمياطيّ: قرأت عَلَيْهِ جميع «الغيلانيات» ، وتُوُفّي بحلب فِي ثاني عشر جُمَادَى الآخرة.
309-
مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي منصور.
أبو عَبْد الله الزَّنْجانيّ الأصل، الدّمشقيّ، الصُّوفيّ.
وُلِد بدمشق سنة أربع وتسعين.
وحدَّث عَنْ: حنبل، وابن طَبَرْزَد.
وروى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيره.
وتُوُفّي فِي ثامن ربيع الآخر.
310-
مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد.
أبو عَبْد الله بْن الشِرش، ويقال الجرج، الأنصاريّ، التّلمسانيّ، المالكيّ، نزيل الإسكندريّة.
شيخ صالح، عالِم، فقيه، قديم السَّماع، كبير السّنّ. ولد سنة أربع وستّين وخمسمائة.
وسمع بسَبْتة مِنْ أَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله الحجريّ الحافظ كتاب «الموطّأ»
[1] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: العبر 5/ 234، والوافي بالوفيات 1/ 357 رقم 246، وعيون التواريخ 20/ 202، وشذرات الذهب 5/ 283، والمقفى الكبير 5/ 101 رقم 1645.
سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وحجّ بعد السّتّمائة.
وسمع مِنْ: زاهر بْن رستم، وأحمد بْن الحافظ أبي العلاء، ويونس بْن يحيى الهاشميّ، ومحمد بن عبد الله الإشكيذبانيّ، وعليّ بْن الحَسَن الزَّنْجانيّ، ومحمد بْن علوان التّكريتيّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، ومعين الدّين عليّ بْن أبي العبّاس، وغيرهما.
وبالإجازة: أبو المعالي بْن البالِسي.
قَالَ لنا الدّمياطيّ: كَانَ ثقة عُدلًا، مُتَحريًا، ذا أصول. مولده بتلمسان، ومات فِي ثالث عشر ذي القِعْدة.
311-
محمد بْن إسماعيل [1] بْن أحمد بْن أبي الفتح.
الْفَقِيهُ أبو عَبْد الله المقدسيّ، النّابلسيّ، خطيب مَرَدا.
ولد بمردا [2] سنة ستّ وستّين وخمسمائة تقريبا. وكان أسنّ مِن الشَّيْخ الضّياء.
قِدم دمشق للاشتغال فِي صِباه، فتفقّه عَلَى مذهب أحمد، وحفظ القرآن.
وسمع مِنْ: يحيى الثَّقَفيّ، وابن صَدَقة الحرّانيّ، وأحمد بْن حمزة بْن الموازينيّ، وجماعة.
ورحل إلى مصر فسمع مِنْ: البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وعلي بن حمزة الكاتب، وفاطمة بِنْت سَعْد الخير.
وطال عُمُرُه واشتهر اسمُه. كتب عَنْهُ القدماء.
وقال ابن الحاجب: سَأَلت الحافظ الضّياء عَنْهُ فقال: ديّن، خيّر، ثقة،
[1] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 44، والعبر 5/ 235، والمعين في طبقات المحدّثين 208 رقم 2188، والإعلام بوفيات الأعلام 274، وسير أعلام النبلاء 23/ 325، 326 رقم 224، والإشارة إلى وفيات الأعيان 354، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 267 رقم 375، ومختصره 76، والوافي بالوفيات 2/ 219 رقم 613، وشذرات الذهب 5/ 283، والمنهج الأحمد 388، والمقصد الأرشد، رقم 903، والدرّ المنضّد 1/ 400 رقم 1091، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1438، وذيل التقييد للفاسي 1/ 97 رقم 112، والبداية والنهاية 13/ 213، 214، وعقد الجمان (1) 193، والسلوك ج 1 ق 2/ 414.
[2]
مردا: بالتحريك. قرية قرب نابلس. (معجم البلدان) .
كثير المروءة، تفقَّه عَلَى شيخنا الموفّق.
وقال الدّمياطيّ: كَانَ صالحا، صحيح السَّماع.
قلت: وخطب بمَرَدا مدّة طويلة. وقدم دمشقَ سنة ثلاثٍ وخمسين فروى بالبلد والجبل. وحدَّث بكْتُبٍ كبار ك «صحيح مُسْلِم» «والسّيرة» لابن إسحاق، «والمسند» لأبي يَعْلَى، والأجزاء الّتي لم يحدّث بها أحدٌ بعده بدمشق.
روى لنا عَنْهُ: ابن ابن أخته محمد بْن أحمد بْن منصور الوكيل، وأبو إِسْحَاق إبراهيم بْن محمد بْن سَنِي الدّولة، وأبو بَكْر بْن يوسف المقرئ، وعبد الله ومحمد ابنا الشَّيْخ شمس الدّين، وتقيّ الدّين سليمان بْن حمزة، وأخوه محمد، وعمّه الجمال عُبَيْد الله بْن أحمد، والشّمس محمد بن التاج، وابن عمه محمد بن عبد الله، وأبو بَكْر بْن أحمد بْن أبي الطّاهر، وأحمد بْن عليّ عمّي، وأبو العبّاس أحمد بْن جبارة، ومحمد بْن عليّ البابْشَرْقي، ويعقوب بْن أحمد الحنفيّ، وأحمد بْن الفخر البَعْلَبَكّيّ، وأحمد بْن جَوْشَن النمِري، وأبو العبّاس أحمد ابن الحلبيّة، وأبو العبّاس أحمد بْن إبراهيم الفَزَاري، وإبراهيم بْن حاتم الزّاهد، ومحمد بْن عليّ الشّروطيّ، وخلق سواهم.
ومن الأحياء فِي وقتنا نحوا مِنْ ستّين نفسا مِنْ أصحابه.
ثُمَّ رجع إلى مَرَدا فِي العام المذكور وبقي بها حيّا إلى هذا الوقت.
وتُوُفّي فِي أوائل ذي الحجّة وقد كمّل التّسعين.
312-
محمد بْن حسن [1] بْن محمد بْن يوسف.
[1] انظر عن (محمد بن حسن) في: ذيل الروضتين 199، والعبر 5/ 235، ودول الإسلام 2/ 121، 122، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1438، ومعرفة القراء الكبار 2/ 668، 669 رقم 636، وسير أعلام النبلاء 23/ 361 رقم 260، والمعين في طبقات المحدّثين 209 رقم 2189، والإشارة إلى وفيات الأعيان 354، وتاريخ ابن الوردي 2/ 201، والوافي بالوفيات 2/ 354 رقم 820، ومرآة الجنان 4/ 147، والجواهر المضيّة 2/ 45، 46 رقم 143، وغاية النهاية 2/ 122، 123 رقم 2942، ونهاية الغاية، ورقة 230، والنجوم الزاهرة 7/ 69، وشذرات الذهب 5/ 283، 284، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 302، والبداية والنهاية 13/ 217، والمقفّى الكبير 5/ 565، 566 رقم 2097، وعقد الجمان (1) 194، 195، وتاريخ الخلفاء 477، وكشف الظنون 647، وهدية العارفين 2/ 126، والأعلام 6/ 86، وديوان
أبو عَبْد الله الفاسيّ، المغربيّ، المقرئ، العلّامة جمال الدّين، نزيل حلب.
وُلِد بفاس بعد الثّمانين وخمسمائة، وقدم ديارَ مصر، فقرأ بها القراءات عَلَى: أبي موسى عيسى بْن يوسف بْن إسماعيل المقدِسي، وأبي القاسم عَبْد الواحد بْن سَعِيد الشّافعيّ. وعرض عليهما «الشّاطبيّة» عَنْ أحدهما، عَنْ أبي القاسم الشّاطبيّ.
وعرض «الرّائيّة في رسم المُصْحَف» عَلَى الجمال عليّ بْن أبي بَكْر الشّاطبيّ بروايته عَن المصنّف.
وقدم الشّام فاستوطن حلب، وروى بها القراءات، والعربيّة، والحديث.
وروى أيضا عَنْ: أَبِي القاسم عيسى بْن عَبْد العزيز بْن عيسى، وعبد العزيز بْن زيدان النَّحْويّ، ومحمد بْن أحمد بْن خلوص المراديّ، وأبي ذرّ بْن أبي ركب الخشنيّ، والقاضي بهاء الدّين يوسف بْن شدّاد، وقرأ عَلَيْهِ أكثر «صحيح مُسْلِم» من حِفْظه.
وتفقّه بحلب عَلَى مذهب أبي حنيفة. وكان بصيرا بالقراءات ووجوهها وعِلَلها، حاذقا بالعربيّة، عارفا باللّغة، مليح الخطّ إلى الغاية عَلَى طريقة المغاربة، كثير الفضائل، مُوَطأ الأكناف، وافر الدّيانة، ثقة فيما ينقله. تصدّر للإقراء بحلب، وأخذ عَنْهُ خلْق، منهم: بدر الدّين محمد بْن أيّوب التّادفيّ، وبهاءُ الدِّين مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن النَّحْاس النَّحْويّ، وجمال الدّين أحمد بْن الظّاهريّ، والشّيخ يحيى المنبجيّ، والنّاصح أبو بَكْر بْن يوسف الحرّانيّ، والشّريف أبو محمد الحُسَيْن بْن قَتَادَة الْمَدَنِيّ، وعبد الله بْن إبراهيم بْن رفيعا الْجَزَري.
وكان يتكلّم فِي الأصول عَلَى طريقة الأشْعري. وقد شرح «حرز الأماني» شرحا فِي غاية الجودة، أبان فيه عَنْ تضلّع مِن العلوم وتبحّر فِي القراءات وإسناده فِي القراءات نازل كما ترى، فلهذا لم أنشط للأخذ عن أصحابه.
[ () ] الإسلام 3/ 420 رقم 1618، ومعجم المؤلفين 9/ 220، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 415 رقم 230.
سَمِعْتُ أبا عَبْد الله محمد بْن أيّوب المقرئ يَقُولُ: سَمِعْتُ شيخنا أبا عَبْد الله الفاسيّ يقول: مررت ببلد مِنْ أعمال الدّيار المصريّة وبها طائفة يمتحنون الشّخص، فكلّ مِنْ لم يقُل إنّ الله تكلّم بحرفٍ وصوت آذوه وضربوه. فأتاني جماعة وقالوا: يا فقيه أيش تَقُولُ فِي الحرف والصّوت؟
فألهِمت أن قلت: كلّم الله مَوسى بحرفٍ وصوتٍ عَلَى طور سَيناء.
قَالَ: فأكرموني تِلْكَ اللّيلة وأحضروا قصَب السّكّر ونحوه. وبكّرت.
بالغدوّ خوفا أن يشعروا بي فِي جعل موسى الفاعلَ.
قلت: الَّذِي أعتقده ما صحّ بِهِ النّصّ، وهو أنّ الله كلّم موسى تكليما، وسمع موسى كلامَ الله حقيقة بأذنه، وَمَا عدا هذا لَا أخوض فيه، ولا أكفّر مِنْ خاض فيه مِن الطّرفين.
قَالَ أبُو شامة [1] : فِي ربيع الآخر جاءنا الخبر مِنْ حلب بموت الشَّيْخ أبي عَبْد الله الفاسيّ، وكان عالِمًا فاضلا، شرح قصيدة الشّاطبيّ شرحا حَسَنًا [2] .
313-
مُحَمَّد بْن عَبْد الصّمد [3] بْن عَبْد اللَّه بْن حَيدَرة.
فتحُ الدّين السُّلَميّ، الزّبدانيّ، المعروف بابن العدل.
وُلّي حسبة دمشق مدّة، إلى أن توفّي.
وكان مَهِيبًا، جليلا، مشكورا، فيه عفّة.
تُوُفّي فِي أوّل جمادى الآخرة.
وقد روى لنا ولده يحيى عَن ابن الزّبيديّ العدل، وهو لَقَبُ جَدّه نجيب الدّين عَبْد الله الَّذِي عمل المدرسة بالزّبدانيّ. كَانَ ذا مكانةٍ عند السُّلطان صلاح الدّين.
314-
محمد بْن عَبْد العزيز [4] بْن عبد الرحيم بن رستم.
[1] في ذيل الروضتين 199.
[2]
وسمّى الشرح: «اللآلي الفريدة في شرح القصيدة» .
[3]
انظر عن (محمد بن عبد الصمد) في: البداية والنهاية 13/ 213، وعيون التواريخ 20/ 202، 203، وشذرات الذهب 5/ 284، وعقد الجمان (1) 190، والمنهل الصافي 3/ 257 رقم 1284.
[4]
انظر عن (محمد بن عبد العزيز) في: ذيل الروضتين 199، والمختار من تاريخ ابن الجزري
الأديب العالِم، نور الدين الإسعرديّ [1] الشّاعر.
وُلِد سنة تسع عشرة وستمائة، وقال الشعْر الرّائق. وكان من كبار شُعراء المُلْك النّاصر يوسف، وله بِهِ اختصاص. وديوانه مشهور [2] .
وكان شابّا خليعا، أجلسه نجم الدّين ابن سَنِي الدّولة تحت السّاعات [3] .
واتفق أَنَّهُ حضر عند المُلْك النّاصر فاصطفاه لمنادمته لمّا رَأَى مِنْ ظُرفه ولطف عِشرته. وخلع عَلَيْهِ قباء وعمامة بطرف ذَهَب، فأتى بها مِن الغد وجلس تحت السّاعات، وعمل ما رواه لنا عَنْهُ شيخنا شمس الدّين محمد بْن عَبْد العزيز الدّمياطيّ:
ولقد بُليتُ بشادنٍ إن [4] ألمْتُهُ
…
فِي قُبْح ما يأتيه لَيْسَ بسامع
مُتبذلًا [5] فِي خِسَّةٍ وجَهَالةٍ
…
ومجاعةٍ كشُهُود باب الجامعِ [6]
وله:
سَأَلت الوزير: أتهوى النّساء
…
أم المرد جاءوا [7] عَلَى مُهجتك
فقال وأبدى انخلاعا: معي
…
كذا وكذا. قلت: مِنْ زوجتك [8]
تُوُفّي- سامحه الله- فِي سادس عشر ربيع الأوّل بدمشق، وله سبع وثلاثون سنة.
[ () ] 253، ونكت الهميان 255- 257، والبداية والنهاية 13/ 212 وفيه:«أبو بكر بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز» وهو وهم، وعيون التواريخ 20/ 189- 193 وفيه:«نور الدين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن رستم» ، والسلوك ج 1 ق 2/ 414، وشذرات الذهب 5/ 284، والعسجد المسبوك 2/ 643، وعقد الجمان (1) 189 وفيه: «أبو بكر محمد بن محمد بن عبد العزيز
…
» .
وسيعاد مختصرا برقم (320) .
[1]
وقع في البداية والنهاية 13/ 212 «الأشعري» ، وهو تصحيف.
[2]
سمّاه «الزرجون في الخلاعة والجنون» وذكر فيه أشياء كثيرة من النظم والنثر والخلاعة.
[3]
باب الساعات باب الزيادة، وهو الباب القبلي للجامع الأموي بدمشق. (الدارس 1/ 114) .
[4]
في عيون التواريخ 20/ 190، وفوات الوفيات 2/ 330 «لو» .
[5]
في عيون التواريخ 20/ 190، وفوات الوفيات:«متبذّل» .
[6]
البيتان في: المختار من تاريخ ابن الجزري، وعيون التواريخ، وفوات الوفيات.
[7]
في المختار من تاريخ ابن الجزري: «صاروا» .
[8]
وله شعر غيره في المصادر.
315-
مُحَمَّد بْنِ مُحَمَّدِ [1] بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
الوزير الكبير، الخنزير، المُدْبِر، المُبير، مؤيّد الدّين ابن العَلْقَمِيّ، البغداديّ، الشّيعيّ، الرّافضيّ، وزير الخليفة الإمام المستعصم باللَّه.
وُلّي وزارة العراق أربعة عشر سنة، فأظهر الرّفض قليلا.
ذكره بهاء الدّين ابن الفَخْر عيسى الموقّع يوما فقال: كَانَ وزيرا كافيا، قادرا عَلَى النّظم، خبيرا بتدبير المُلْك، ولم يزل ناصحا لمخدومه حتّى وقع بينه وبين حاشية الخليفة وخَوَاصه مُنَازعة فيما يتعلّق بالأموال والاستبداد بالأمر دونه وقَوِيَت المنافسةُ بينه وبين الدّويدار الكبير، وضعُف جانبهُ حتّى قَالَ عَنْ نفسه:
وزير رضي مِنْ بأسه وانتقامه
…
بطيّ رقاع حشّوُها النَّظْمُ والنّثر
كما تسجع الورقاء وهي جماعة [2]
…
وليس لها نهي يُطاع ولا أمرُ
فلمّا فعل ما فعل كَانَ كثيرا ما يَقُولُ: وجرى القضاء بضدّ ما أملْتُهُ.
وقلت: وكان فِي قلبه غِل عَلَى الإسلام وأهله، فأخذ يكاتب التّتار، ويتّخذ عندهم يدا ليتمكّن مِنْ أغراضه الملعونة. وهو الَّذِي جرّأ هولاكو وقوّى عزمه عَلَى المجيء، وقرّر معه لنفسه أمورا انعكست عَلَيْهِ، وندم حيث لَا ينفع النّدم، وبقي يركب كديشا، فرأته امرأتُه فصاحت بِهِ: يا ابن العَلْقَمِيّ أهكذا كنتَ تركب فِي أيّام أمير المؤمنين؟
وولي الوزارة للتّتار عَلَى بغداد مشاركا لغيره، ثُمَّ مرض ولم تطُلْ مدّته، ومات غمّا وغبنا، فوا غبناه كونه مات موتا حتْف أنفه، وَمَا ذاك إلّا ليدّخر له النّكال في الآخرة [3] .
[1] انظر عن (محمد بن محمد ابن العلقميّ) في: العبر 5/ 235، 236، والحوادث الجامعة 162، ودول الإسلام 2/ 161، وتاريخ ابن الوردي 2/ 201، ومرآة الجنان 4/ 147، وعيون التواريخ 20/ 133 و 136 و 193، 194، والفخري في الآداب السلطانية 236، 237، والبداية والنهاية 13/ 212، 213 وفيه:«مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ» ، ومآثر الإنافة 2/ 90- 92، وتاريخ الخميس 2/ 421، 442، وشذرات الذهب 5/ 237، والعسجد المسبوك 2/ 640، 641، وجامع التواريخ ج 2 ق 1/ 262- 264، وعقد الجمان (1) 202، 203، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 247، 252، 267، 272، 278، وخلاصة الذهب المسبوك 283، 289.
[2]
في عيون التواريخ 20/ 194 «وهي حمامة» .
[3]
وقد هجاه بعض الشعراء فقال فيه:
وكان الَّذِي حمله عَلَى مكاتبة العدوّ عداوة الدّوَيْدار الصّغير وأبي بَكْر ابن الخليفة، وَمَا اعتمداه مِنْ نهْب الكَرْخ، وأذِية الرّوافض، وفيهم أقارب الوزير وأصدقاؤه وجماعة علويّين.
فكتب إلى نائب إربل تاج الدّين محمد بْن صَلايا العَلَويّ الرّسالة الّتي يَقُولُ فيها: كتب بها الخادم مِن النّيل إلى سامي مجدك الأثيل. ويقول فيها:
نُهِب الكَرْخُ المكرّم والعْترة العلويّة. وحسن التّمثّل بقول الشّاعر:
أمورٌ يضحكُ السفهاءُ منها
…
ويبكي مِنْ عواقبها اللّبيب
فلهم أسوةٌ بالحسين حيث نُهِب حُرَمُه وأريق دمُه ولم يعثر فمه:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوَى
…
فلم يستبينوا النّصح إلّا ضحى الغد
وقد عزموا- لَا أتمّ الله عزمهم، ولا أنفذ أمرهم- عَلَى نهب الحِلة والنّيل، بل سوّلت لهم أنفسُهم أمرا، فصبرٌ جميل. وإنّ الخادم قد أسلف الإنذار، وعَجل لهمُ الأعذار.
أرى تحت الرمادِ ومِيضَ نارٍ
…
ويوشك أنْ يكون لها ضِرامُ
وَإِنْ لَمْ يَطُفْهَا عُقَلاءُ قَوْمٍ
…
يَكُونُ وَقُودُهَا جُثَثٌ وهامُ
فقلتُ مِنَ التَّعَجُّبِ: لَيْتَ شِعْرِي
…
أَأَيْقَاظٌ أُمَيَّةُ أَمْ نِيامُ
فكان جوابي بعد خطابي: لَا بدّ مِن الشّنيعة ومن قُتِل جميع الشّيعة، ومن إحراق كتابي «الوسيلة» و «الذّريعة» ، فكن لما نقول سميعا، وإلّا جرّ عناك الحِمام تجريعا، فكلامك كلام، وجوابك سَلَّام، ولتتركنّ فِي بغداد أحمل مِن المشط عند الأصلع، والخاتم عند الأقطع، ولتنبذنّ نبذ الفلاسفة بحظورات الشّرائع، وتلقى لقاء أهل القرى أسرار الطّبائع، فلا فعلن يلبي كما قَالَ المتنبّي:
قومٌ إذا أحدّوا الأقلام مِنْ غضبٍ
…
ثُمَّ استمدّوا بها ماءَ المنِيات
نالوا بها مِنْ أعاديهم وإنْ بعُدُوا
…
ما لَا يُنال بحدّ المَشْرَفِيات
[ () ]
يا فرقة الإسلام نوحوا واندبوا
…
أسفا على ما حلّ بالمستعصم
دست الوزارة كان قبل زمانه
…
لابن الفرات فصار لابن العلقميّ
(البداية والنهاية 13/ 213) .
ولآتينّهم بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها 27: 37 ولأخرجنّهم مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ 27: 37 [1] .
ووديعة مِنْ سرّ آلِ محمدٍ
…
أودعتُها إذ كنتُ مِنْ أمَنَائها
فإذا رأيتُ الكوكبين تقاربا
…
فِي الْجَدْي عند صباحها ومسائها
فهناك يؤخذ ثأرُ آلِ محمدٍ
…
لطلابها بالتّرك مِنْ أعدائها
فكُن لهذا الأمر بالمرصاد، وترقّب أوّل النّحل وأخرَ صاد، والخير يكون إن شاء الله.
ومات بعد ابن العلقميّ بقليل ولدُه أبو الفَضْلِ محمد بْن محمد. وكان أبُو الفَضْلِ كاتبا منشئا بليغا، معظّما فِي دولة أَبِيهِ.
تُوُفّي عزَّ الدّين فِي ذي الحجّة عَنْ ستٌّ وستّين سنة.
وقال الكازرونيّ: بل مات فِي أوّل جمادى الآخرة، ومات قبله فِي ربيع الأوّل أخوه الصّاحب عَلَمُ الدّين أحمد بْن العَلْقَمِيّ، والصّدر تاج الدّين عليّ بْن الدّواميّ الحاجب.
316-
محمد بْن محمد بْن إبراهيم [2] بْن الخضِر.
الشّيخ مُهذب الدّين، أبو نصر الطَّبَريّ، الآمُلي، ثُمَّ الحلبيّ، الشّاعر، الحاسب.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ مِنْ شِعْره، وقَالَ: مات بصَرْخَد فِي المحرَّم.
تقدّمت ترجمته فِي سنة 55 [3] .
317-
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [4] بْن عَبْد المجيد.
الأجلّ نظامُ الدّين، ابن المولى الحلبيّ، البغداديّ الأصل.
وُلِد سنة خمسٍ وتسعين وخمسمائة.
[1] اقتباس من سورة النمل، الآية 37، والآية:«ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أذلّة وهم صاغرون.»
[2]
انظر عن (محمد بن محمد بن إبراهيم) في: ذيل مرآة الزمان 1/ 79، وعيون التواريخ 20/ 210، 211.
[3]
برقم (225) .
[4]
انظر عن (محمد بن محمد بن محمد) في: عيون التواريخ 20/ 203، والسلوك ج 1 ق 2/ 413، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 416، 417 رقم 233.
وتُوُفّي بدمشق فِي خامس جمادى الآخرة، ودُفِن بقاسيون.
وكان صاحب ديوان الإنشاء الَّذِي للملك النّاصر، والمقدّم عَلَى جماعة الكتّاب.
وكان فاضلا رئيسا محتشما، مليح الخطّ والتّرسّل، سافر إلى مصر رسولا مِنْ مخدومه.
روى عَنْهُ الدّمياطيّ مِنْ شِعْره.
318-
محمد ابن الشَّيْخ محيي الدّين محمد بْن عليّ بْن العربيّ [1] .
الأديب البارع، سَعْد الدّين.
وُلِد بملطية سنة ثمان عشرة وستّمائة فِي رمضان.
وكان شاعرا محسِنًا، لَهُ ديوان.
وتُوُفّي بدمشق فِي جمادى الآخرة، وقبروه عند أَبِيهِ، وله ثمان وثلاثون سنة.
ومن شِعْره:
أدمشق طال إلى رُباكِ تَشوقي
…
وحننت منك إلى المقرّ [2] المونق
وإذا ذكرتك أيّ قلب لم يطر
…
طربا، وأيّ جوانح لم تخفق؟
أعلمت أنّ القلب ظلّ مقيّدا
…
شغفا بذيّاك الجمال المطلق
واها لمنظرك البهيج وروضك
…
العبق الأريج وعرفك المستنشق
حكت الشّحارير الّتي بغصونها
…
خطباء في درج المنابر ترتقي
حكت الشّحارير الّتي بغصونها
…
خطباء فِي دَرَج المنابر ترتقي
حدَّث- فديتك- عَنْ مشيّد قصورها
…
لَا عَنْ سديرٍ دارسٍ وخورنق
وإذا رَأَيْت مشبّها بلدا بها
…
فارفق فخصمك فِي جنونٍ مطلق [3]
[1] انظر عن (محمد بن العربيّ) في: ذيل الروضتين 200، وفوات الوفيات 2/ 325- 329، وعيون التواريخ 20/ 194- 201، والبداية والنهاية 13/ 217، ونفح الطيب 2/ 269، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 302، وشذرات الذهب 5/ 283، والوافي بالوفيات 1/ 186 رقم 115، والمقفى الكبير 7/ 121 رقم 3210، والأعلام 7/ 257، والسلوك ج 1 ق 2/ 413، وتاريخ الخلفاء 477 وفيه «سعد الدّين بن العربيّ الشاعر» وهو غلط.
[2]
في عيون التواريخ 20/ 195 «وحننت دوما للمقر» .
[3]
الأبيات مع غيرها في: عيون التواريخ 20/ 195، 196 دون البيت الأخير.
ومن شِعْره:
عفا الله عَنْ عينيك كم سفكت دما
…
وكم فوّقت نحو الجوانح أسهما
أكلّ حبيبٍ حاز رِق محبّه
…
حرام عَلَيْهِ أن يرقّ ويرحما
هنيئا لطرفٍ بات فيك مُسَهدًا
…
وطوبى لقلب ظلّ فيك متيّما
حمى ثغره عنّي بصارم لحظه
…
فلو رمت تقبيلا لذاك اللّمالما
وقد درس سَعْد الدّين وسمع الحديث، ومات قبل الكهولة رحمه الله [1] .
319-
محمد بْن محمد بْن حسين.
مُخلِص الدّين، أبو البركات الحُسيني، الدّمشقيّ.
سَمِعَ مِنَ: الخُشُوعيّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وقال: تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
320-
محمد بْن محمد بْن رستم [2] .
النّور، الإسعرديّ، الشّاعر المشهور.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ مِنْ نظمه، وقال: تُوُفّي شابا.
[1] وقال أبو شامة: «وكان من الفضلاء العقلاء» . كتب إليّ من نظمه يستعير مني «الروضتين» الّذي صنّفته:
بك ملّة الإسلام عاد شبابها
…
يا من بفتياه استبان صوابها
هذي ثمار «الروضتين» زكاتها
…
وجبت عليك غداة ثم نصابها
فامنن عليّ بها لعليّ أجتلي
…
ثمرات علم واحتاك سحابها
وأنا الكفيل بحفظها وبحفظها
…
ويكون أسرع من نداك إيابها
وأجل قدرك أن أرى متحيرا
…
طلبا لها وتكون أنت شهابها
(ذيل الروضتين) .
ومن شعره:
لمّا تبدّى عارضاه في نمط
…
قيل: ظلام بضياء اختلط
وقيل: نمل فوق عاج قد سقط
…
وقال قوم: إنها اللام فقط
وقال:
سهري مع المحبوب أصبح مرسلا
…
وأراه متّصلا بفيض مدامعي
قال الحبيب بأنّ ريقي نافع
…
فاسمع رواية مالك عن نافع
(المقفى الكبير 7/ 122) .
[2]
هو محمد بن عبد العزيز الّذي تقدّمت ترجمته برقم (314) .
وسمّاه غيره محمد بْن عَبْد العزيز كما مرّ.
321-
محمد بْن محمد بْن خَالِد [1] بْن محمد بْن نصر بْن القيسرانيّ.
الصّدر الكبير الوزير، عزَّ الدّين الحلبيّ، الكاتب.
وُلِد سنة إحدى وتسعين وخمسمائة بحلب.
وسمع مِنَ: ابن طَبَرْزَد.
وكتب عَنْهُ: الدّمياطيّ، وغيّره.
وكان رئيسا مبجّلا لَهُ حرمة وافرة وتقدّم عند المُلْك النّاصر بْن العزيز وتوزّر لَهُ، وفي بيته جماعتهُ فضلاء وأكابر.
تُوُفّي فِي رمضان بدمشق.
322-
محمد بْن محمد بْن الشَّيْخ عَبْد الوهّاب بْن سكينة.
الإمام شرف الدّين شيخ رباط جَدّه شيخ الشّيوخ.
قاتل حتّى قُتِل فِي صَفَر، رحمه الله تَعَالَى.
323-
محمد بْن مظفّر بْن مختار.
الجذاميّ، أبو عَبْد القس وجيه الدّين الإسكندرانيّ، المعدّل، المعروف بابن المنيّر.
سَمِعَ مِنْ: أبي القاسم بْن الحرستانيّ.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ وقال: تُوُفّي- رحمه الله تَعَالَى- فِي شوّال.
324-
مُحَمَّد بْن مَنْصُور [2] بْن أبي القَاسِم بْن مختار.
القاضي الجليل، وجيهُ الدّين أبو المعالي ابن المنيّر الجذاميّ، الجرديّ، الإسكندرانيّ المعدّل.
وُلِد سنة ثمانٍ وسبعين وخمسمائة.
وسمع ببغداد مِنْ: أبي الفتح أحمد بْن عليّ الغزنويّ.
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن خالد) في: عيون التواريخ 20/ 179، والسلوك ج 1 ق 2/ 413.
[2]
انظر عن (محمد بن منصور) في: المقفّى الكبير 7/ 296 رقم 3367.
وبدمشق مِنْ: أبي القاسم عَبْد الصّمد بْن الحَرَسْتاني، وابن ملاعب.
وأجاز لَهُ الخليفة النّاصر.
كتب عَنْهُ الطّلبة، ومات فِي شوّال بالثّغر. وهو والد زين الدّين وناصر الدّين [1] .
325-
محمد بْن نصر [2] بنُ عَبْد الرّزّاق بْن الشَّيْخ عَبْد القادر.
الإمام محيي الدّين، مدرّس مدرسة جدّهم.
وكان صالحا ورعا. ناب فِي القضاء عَنْ والده يوما واحدا وعَزَل نفسه.
وعاش أشهرا بعد أخذ بغداد.
326-
محمد بْن نصر بْن يحيى [3] .
الصّاحب تاج الدّين، أبُو المكارم بْن صلايا، نائب إربل الهاشميّ، العَلَويّ، الشّيعيّ.
كَانَ نائب الخليفة بإربل، وكان مِنْ رجال العالم عقلا ورأيا وحزما وصرامة.
وكان سمحا، جوادا، ماجدا. بَلَغَنَا أنّ صدقاته وهباته كانت تبلغ فِي السَّنَة ثلاثين ألف دينار.
وكان بينه وبين صاحب المَوْصِل لؤلؤ منافسة، فلمّا استولى هولاوو على العراق أحضرهما عنده، فيقال إنّ لؤلؤ قَالَ لهولاوو: وهذا شريف علويّ، ونفسه تحدّثه بالخلافة، ولو قام لتبعه النّاس واستفحل أمره. فقتله هولاكو فِي شهر ربيع الأوّل، أوْ فِي ربيع الآخر، بقرب تبريز، وله أربع وستّون سنة على الأصحّ.
[1] وقال المقريزي: وكان وافر العقل، ظاهر النبل، فيه سيادة ورئاسة.
[2]
انظر عن (محمد بن نصر) في: المنهج الأحمد 387، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 265، ومختصره 76، والدرّ المنضّد 1/ 399، 400 رقم 1089.
[3]
انظر عن (محمد بن نصر بن علي) في: الحوادث الجامعة 137، وذيل مرآة الزمان 1/ 91، والمختار من تاريخ ابن الجزري 247، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 109- 112، والعبر 5/ 236، وعيون التواريخ 20/ 203، 204 وفيه:«محمد بن نصر بن علي» ، والنجوم الزاهرة 7/ 16، وشذرات الذهب 5/ 284.
وكان ذا فضيلةٍ تامّة، وأدبٍ وشعر. وكان يشدّد العقوبة عَلَى شارب الخمر بأن يقلع أضراسه.
ولقد داري التّتار حتّى انقادوا لَهُ، وكان مِنْ دخل منهم إلى حدود إربل بدّدوا ما معهم مِن الخمور رعاية لَهُ.
327-
محمد بْن هارون بْن محمد بْن هارون بْن عليّ بْن حُمَيْد.
الْفَقِيهُ الصّالح، موفّق الدّين، أبو عبد الله الثّعلبيّ، الشّيعيّ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ.
وُلِد بقرية أرزونا سنة تسعٍ وثمانين وخمسمائة.
وسمع الكثير بنفسه، وأسمع أولاده. وهو أخو المحدّث عَبْد الرَّحْمَن، ووالد الشَّيْخ عليّ القاري نزيل القاهرة.
سَمِعَ: الخُشُوعيّ، والقاسم بْن عليّ العلي، وحنبلا المكبّر، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابنه أبُو الحَسَن، وأبو العبّاس بْن الظّاهريّ، وأخوه إبراهيم، والتّقيّ عُبَيْد، ومحمد بْن محمد الكنجيّ، وتاج الدّين عَبْد الرَّحْمَن الشّافعيّ، وأخوه شرف الدّين الخطيب، وجماعة.
وكان مِنْ أهل العِلْم والصّلاح.
تُوُفّي فِي ثالث عشر رمضان بدمشق.
328-
محمد بْن أبي عَبْد الله بْن جبريل بْن عزاز.
المحدّث المفيد، رشيدُ الدّين الأنصاريّ، الْمَصْرِيّ، الشّافعيّ، المؤدّب.
ولد سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وسمع الكثير مِنْ: عَبْد العزيز بْن باقا، ومكرم، ومحمد بْن عماد، وطائفة.
وكتب الكثير، وصحب الحافظ عَبْد العظيم مدّة. ورافق ولده فِي السَّماع.
وعُني بالحديث. ومات فِي ذي القِعْدة.
329-
محمود بْن أَحْمَد [1] بْن محمود بْن بختيار.
[1] انظر عن (محمود بن أحمد) في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 2/ ورقة 35، والحوادث الجامعة 163، والإشارة إلى وفيات الأعيان 353، وسير أعلام النبلاء 23/ 245،
الْفَقِيهُ الإمام، أبو الثّناء [1] الزَّنْجانيّ، الشّافعيّ.
وُلِد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
وسمع عُبَيْد الله بْن محمد السّاوي، ودرّس وأفتى.
واستشهد ببغداد بسيف التّتار الكُفار. وكان مِنْ بحور العِلْم، لَهُ تصانيف.
وقد وُلّي قضاء القضاة بعد أبي صالح الجيلي مدة، وعزل.
وهو والد قاضي العراق عزَّ الدّين أحمد بْن محمود.
روى عَنْهُ: الدّمياطيّ، وقال: وُلِد بزنجان، ودرّس بالمستنصريّة.
330-
المرجّى بْن الحَسَن [2] بْن عليّ بن هبة الله بن غزال بن شُقُيْر [3] .
الشَّيْخ، المقرئ، المُعَمَّر، عفيف الدّين، أبو الفَضْلِ الواسطيّ، البزّاز، التّاجر السّفّار.
وُلِد يوم عرفة بواسط سنة إحدى وستّين وخمسمائة.
وسَمِعَ مِنْ: أَبِي طالبٍ مُحَمَّد بْن عَلِيّ الكتّانيّ، وهو آخر مِنْ روى عَنْهُ.
ومن: ابن نغوبا.
وقرأ القرآن بالرّوايات عَلَى أبي بكر بن الباقلّانيّ. وتفقّه للشّافعيّ على
[ () ] 246، رقم 241، وطبقات الشافعية الكبرى 8/ 368 رقم 1265، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 15 رقم 587، والنجوم الزاهرة 7/ 68، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 457 رقم 426، والأعلام 8/ 37، ومعجم المؤلّفين 12/ 148، ومعجم طبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 176 ب.، وعقد الجمان (1)197.
[1]
في طبقات الشافعية الكبرى كنيته: «أبو المناقب» .
[2]
انظر عن (المرجّى بن الحسن) في: تاريخ إربل 2/ 399- 404 رقم 302، وتكملة إكمال الإكمال 204، وتلخيص مجمع الآداب 4/ 531 رقم 775، والعبر 5/ 236، ومعرفة القراء الكبار 2/ 656، 657 رقم 625، والمعين في طبقات المحدّثين 209 رقم 2190، وتذكرة الحفاظ 4/ 1441، وسير أعلام النبلاء 23/ 329، 330 رقم 228، ونكت الهميان 212، 213، وغاية النهاية 2/ 293 رقم 3586، ونهاية الغاية، ورقة 156، وحسن المحاضرة 1/ 501، 502، وشذرات الذهب 5/ 285، وعلماء بغداد للفاسي 232، وذيل التقييد له 2/ 278 رقم 1620، والدليل الشافي 2/ 732.
[3]
في معرفة القراء الكبار 2/ 656، وسير أعلام النبلاء 23/ 329 «شقيرا» . وفي تلخيص مجمع الآداب، وغاية النهاية:«شقيرة» . والمثبت يتفق مع بقية المصادر.
يحيى بْن الرّبيع الْفَقِيهُ.
وحدَّث وأقرأ، وسافر فِي التّجارة [1] . وكان صحيح الرّواية مقبولا.
روى عنه: أبو محمد الدمياطي، وأبو علي بن الخلّال، وأبو المحاسن بْن الخِرَقي، ومحمد بْن يوسف الذّهبيّ، والإمام عزَّ الدّين الفاروثيّ، وأبو المعالي بْن البالِسي، ومحمد ابن خطيب بيت الأبّار، ومحمد بْن المهتار، وآخرون.
ولا أعلم مَتَى مات، لكنّ عزَّ الدّين الفاروثيّ ذكر أَنَّهُ عاش إلى هذه السَّنَة أوْ نحوها.
331-
مظفّر بْن عليّ بْن رافع.
أبُو المنصور الزُّهْرِيّ، الإسكندرانيّ، الكاتب.
قِدم دمشق، وسمع مِنْ: الكِنْديّ، وابن الحَرَسْتاني.
وحدَّث.
روى عَنْهُ جماعة كالدّمياطيّ.
ومات فِي المحرَّم.
332-
مكّيّ بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الوهّاب بْن إِسْمَاعِيل بْن مكّيّ.
الإمام، المفتي، المصنّف، أبُو الحرم، ابن الإمام أبي الفَضْلِ بْن الْفَقِيهُ أبي محمد بْن العلّامة أبي الطّاهر بْن عوف الزُّهْرِيّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ، العدل.
لَهُ حلقة إشغال وإفادة.
توفّي يوم النّحر بالإسكندريّة.
[1] وقال ابن المستوفي: تاجر يحفظ الكتاب العزيز، له ثروة. ورد إربل مرّات. اجتمعت به في ثاني المحرّم من سنة أربع وعشرين وستمائة
…
وكنت وجدت في ثبته في نسبه، مرّة يقدّم فيها «غزال» على «شقيرة» ومرّة يقدّم «شقيرة» على «غزال» ، فسألته عن ذلك، فقال: هو شقيرة بن غزال. أنشدنا من لفظه وحفظه:
ونار لو نفخت بها أضاءت
…
ولكن أنت تنفخ في رماد
لقد أسمعت لو ناديت حيّا
…
ولكن لا حياة لمن تنادي