المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَذَكَرَ فِي - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٦

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[سَبَب الْأُضْحِيَّة وَشَرَائِطهَا]

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[مَا يُضَحَّى بِهِ]

- ‌[ مِمَّا تَكُون الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كَيْفِيَّة التَّصَرُّف فِي لَحْم الْأُضْحِيَّة]

- ‌[ التَّصَدُّق بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[يذبح المضحي بِيَدِهِ]

- ‌[ذبح الْكِتَابِيّ لِلْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[أَخْطِئَا وَذَبَحَ كُلٌّ أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ)

- ‌(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌(مَسَائِلُ الشِّرْبِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌{فَصْلٌ فِي طَبْخِ الْعَصِيرِ}

- ‌{كِتَابُ الصَّيْدِ}

- ‌[الِاصْطِيَاد بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّم وَالْفَهْد وَالْبَازِي]

- ‌[ التَّسْمِيَة عِنْد الإرسال للصيد]

- ‌[رَمَى صَيْدًا فَقَطَعَ عُضْو مِنْهُ]

- ‌ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌{بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ}

- ‌{بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ}

- ‌(بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌[فَصْلٌ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ بِعَشْرَةٍ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ]

- ‌(كِتَابُ الْجِنَايَاتِ)

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ)

- ‌[بَابُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ صُولِحَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ حَالًّا وَسَقَطَ الْقَوَدُ]

- ‌[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّفْسِ وَالْمَارِنِ وَاللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ]

- ‌(بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ)

- ‌[فَصْلٌ قُتِلَ عَبْدٌ خَطَأً]

- ‌[بَابُ غَصْبِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالصَّبِيِّ وَالْجِنَايَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ الْقَسَامَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ)

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الدِّيَة فِي الْمَعَاقِلِ]

- ‌(وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ)

- ‌لَا يَعْقِلُ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ

- ‌[ لَا يَعْقِل أَهْل مِصْر عَنْ أَهْل مِصْر آخِر]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَة فَعَلَى مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[وَصِيَّة الْمُسْلِم لِلذِّمِّيِّ والذمي لِلْمُسْلِمِ]

- ‌ وَصِيَّةُ الْمَدْيُونِ

- ‌ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ

- ‌ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ

- ‌[الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة]

- ‌[ وَصِيَّة الْمُكَاتَب]

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ]

- ‌[بَابُ وَصِيَّةِ الذِّمِّيِّ لِلذِّمِّيِّ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَّهَادَةِ الْوَصِيَّانِ]

- ‌(كِتَابُ الْخُنْثَى)

- ‌[لَبِسَ الْخُنْثَى لِلْحَرِيرِ وَالْحِلِّي]

- ‌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِيهِ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى

- ‌[مَاتَ الْخُنْثَى قَبْل أَنْ يستبين أمره]

- ‌[قَبَلَ رَجُل الْخُنْثَى الْمُشْكِل بشهوة]

- ‌[تَزَوَّجَ الْخُنْثَى مِنْ خُنْثَى]

- ‌(مَسَائِلُ شَتَّى)

- ‌(إيمَاءُ الْأَخْرَسِ، وَكِتَابَتُهُ

- ‌[ مِيرَاث الْخُنْثَى]

- ‌[حَدّ قاذف الْخُنْثَى]

- ‌[لف ثَوْب نجس فِي آخِر طَاهِر]

- ‌[غنم مذبوحة وميتة حُكْم الْأَكْل مِنْهَا]

- ‌[سُلْطَان جَعَلَ الخراج لِرَبِّ الْأَرْض]

- ‌ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ

- ‌ ابْتَلَعَ الصَّائِمُ رِيقَ غَيْرِهِ

- ‌[ الْعَقَار الْمُتَنَازِع فِيهِ لَا يَخْرَج مِنْ يَد ذَوِي الْيَد]

- ‌[بَاعَ ضيعة ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَاده]

- ‌[قَالَ لِآخِرِ وكلتك ببيع هَذَا فسكت]

- ‌[ وهبت مهرها لزوجها فَمَاتَتْ فطالب ورثتها بِهِ وقالوا كَانَتْ الْهِبَة فِي مَرَض موتها]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[أحوال الْأَب فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْأُمّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[للجدات أحوال فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْج فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْجَة فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْبِنْت فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ أحوال الْجَدّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[الأخوات لِأَب وَأُمّ أحوالهن فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْعُصُبَات فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْفُرُوض المقدرة فِي الْمَوَارِيث]

- ‌[التصحيح فِي الْفَرَائِض]

- ‌[ خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَذَكَرَ فِي

أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ فَقَالَ ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ لَا يَتَوَلَّى صَاحِبُ الْأُضْحِيَّةِ ذَبْحَهَا بِنَفْسِهِ بَلْ يُفَوِّضُ إلَى غَيْرِهِ فَصَارَ مَأْذُونًا لَهُ دَلَالَةً كَالْقَصَّابِ إذَا شَدَّ رِجْلَ شَاتِهِ لِلذَّبْحِ فَذَبَحَهَا إنْسَانٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ بَاعَ أُضْحِيَّتَهُ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا غَيْرَهَا فَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ تَصَدَّقَ بِمَا فَضْلَ، وَمَنْ غَصَبَ شَاةً فَضَحَّى بِهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَجَازَ عَنْ أُضْحِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالْغَصْبِ السَّابِقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ وَدِيعَةً فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا بِالذَّبْحِ فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْمِلْكُ إلَّا بَعْدَهُ، وَلَوْ ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ ضَمَّنَهُ الْمَالِكُ قِيمَتَهَا تَجُوزُ عَنْ الذَّابِحِ دُونَ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الْإِرَاقَةَ حَصَلَتْ عَلَى مِلْكِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الْمَغْصُوبَةِ، وَإِنْ أَخَذَهَا مَذْبُوحَةً أَجْزَأَتْ الْمَالِكَ عَنْ التَّضْحِيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَوَاهَا فَلَا يَضُرُّهُ ذَبْحُهَا غَيْرُهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ)

هِيَ ضِدُّ الْإِرَادَةِ وَالرِّضَا فِي اللُّغَةِ قَالَ رحمه الله: (الْمَكْرُوهُ إلَى الْحَرَامِ أَقْرَبُ، وَنَصَّ مُحَمَّدُ رحمه الله أَنَّ كُلَّ مَكْرُوهٍ حَرَامٌ)، وَإِنَّمَا لَمْ يُطْلَقْ عَلَيْهِ لَفْظُ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِيهِ نَصًّا، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إلَى الْحَرَامِ أَقْرَبُ لَقَّبَهُ بِبَابِ الْكَرَاهِيَةِ، وَفِيهِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ؛ لِأَنَّ بَيَانَ الْمَكْرُوهِ أَهَمُّ لِوُجُوبِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَالْقُدُورِيُّ لَقَّبَهُ بِالْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْحَظْرَ الْمَنْعُ وَالْإِبَاحَةَ الْإِطْلَاقُ، وَفِيهِ بَيَانُ مَا أَبَاحَ الشَّرْعُ، وَمَا مَنَعَ، وَلَقَّبَهُ بَعْضُهُمْ بِالِاسْتِحْسَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيَانَ مَا حَسَّنَهُ الشَّرْعُ وَقَبَّحَهُ، وَلَفْظُ الِاسْتِحْسَانِ أَحْسَنُ فَلُقِّبَ بِهِ أَوْ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَسَائِلِهِ اسْتِحْسَانٌ لَا مَجَالَ لِلْقِيَاسِ فِيهَا وَبَعْضُهُمْ لَقَّبَهُ بِكِتَابِ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ مَسَائِلِهِ أَطْلَقَهُ الشَّرْعُ وَالزُّهْدُ وَالْوَرَعُ تَرَكَهَا.

وَهَذَا الْكِتَابُ يَشْتَمِلُ عَلَى فُصُولٍ. (فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ) قَالَ رحمه الله: (كُرِهَ لَبَنُ الْأَتَانِ)؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ اللَّحْمِ فَصَارَ مِثْلَهُ، وَكَذَا لَبَنُ الْخَيْلِ يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله كَلَحْمِهِ عِنْدَهُ ذَكَرَهُ قَاضِيخَانْ فِي فَتَاوَاهُ، وَلَا تُؤْكَلُ الْجَلَّالَةُ، وَلَا يُشْرَبُ لَبَنُهَا؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «نَهَى عَنْ أَكْلِهَا وَشُرْبِ لَبَنِهَا» وَالْجَلَّالَةُ هِيَ الَّتِي تَعْتَادُ أَكْلَ الْجِيَفِ وَالنَّجَاسَاتِ، وَلَا تَخْلِطُ فَيَتَغَيَّرُ لَحْمُهَا فَيَكُونُ مُنْتِنًا، وَلَوْ حُبِسَتْ حَتَّى يَزُولَ النَّتْنُ حَلَّتْ، وَلَمْ تُقَدَّرْ لِذَلِكَ مُدَّةٌ فِي الْأَصْلِ، وَقَدَّرَهُ فِي النَّوَادِرِ بِشَهْرٍ، وَقِيلَ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي الْإِبِلِ وَبِعِشْرِينَ يَوْمًا فِي الْبَقَرِ وَبِعَشَرَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّاةِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الدَّجَاجَةِ أَمَّا الَّتِي تَخْلِطُ بِأَنْ تَتَنَاوَلَ النَّجَاسَةَ وَالْجِيَفَ، وَتَتَنَاوَلَ غَيْرَهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِي لَحْمِهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلِهَذَا يَحِلُّ أَكْلُ لَحْمِ جَدْيٍ غُذِّيَ بِلَبَنِ الْخِنْزِيرِ؛ لِأَنَّ لَحْمَهُ لَا يَتَغَيَّرُ، وَمَا غُذِّيَ بِهِ يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الدَّجَاجِ؛ لِأَنَّهُ يَخْلِطُ، وَلَا يَتَغَيَّرُ لَحْمُهُ وَرُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يَأْكُلُ الدَّجَاجَ» ، وَمَا رُوِيَ أَنَّ الدَّجَاجَ يُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يُذْبَحُ فَذَاكَ عَلَى سَبِيلِ التَّنَزُّهِ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ، وَلَوْ سُقِيَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ خَمْرًا فَذُبِحَ مِنْ سَاعَتِهِ حَلَّ أَكْلُهُ، وَيُكْرَهُ.

قَالَ رحمه الله: (وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْإِدْهَانُ وَالتَّطَيُّبُ مِنْ إنَاءِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، وَلَا الدِّيبَاجَ، وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَأَحْمَدُ، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ مُطْلَقًا)، وَقَدْ ذَكَرَ فِي إمْلَاءِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رِوَايَةَ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ الرَّازِيّ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ ذَبَحَ الْأُضْحِيَّةَ مُتَعَمِّدًا عَنْ صَاحِبِهَا يَوْمَ النَّحْرِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ أَجْزَأَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا هُيِّئَتْ لِلذَّبْحِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ. اهـ غَايَةٌ.

[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]

(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ) الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ وَكِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ أَنَّ الْكَرَاهِيَةَ تُوجَدُ فِي عَامَّةِ مَسَائِلِ الْأُضْحِيَّةِ أَيْضًا أَلَا تَرَى أَنَّ التَّضْحِيَةَ فِي لَيَالِي أَيَّامِ النَّحْرِ مَكْرُوهَةٌ، وَكَذَا جَزُّ صُوفِهَا وَحَلْبُ لَبَنِهَا، وَإِبْدَالُ غَيْرِهَا مَكَانَهَا، وَكَذَلِكَ ذَبْحُ الْكِتَابِيِّ ثُمَّ عِبَارَاتُ الْكُتُبِ اخْتَلَفَتْ فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْكِتَابِ، وَقَدْ سَمَّاهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ كِتَابُ الِاسْتِحْسَانِ، وَعَلَيْهِ كَتَبَ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا كَمُخْتَصَرِ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَسَمَّاهُ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِاسْمِ الْكَرَاهِيَةِ، وَعَلَيْهِ وَضَعَ الطَّحَاوِيُّ مُخْتَصَرَهُ وَالشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ سَمَّاهُ فِي مُخْتَصَرِهِ كِتَابَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، وَتَبِعَهُ الْقُدُورِيُّ وَغَيْرُهُ فِي هَذِهِ التَّسْمِيَةِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ كِتَابُ الِاسْتِحْسَانِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَسْتَحْسِنُهَا الْعَقْلُ وَالشَّرْعُ. اهـ أَتْقَانِيٌّ.

(فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ)(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ كُرِهَ لَبَنُ الْأَتَانِ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُكْرَهُ لُحُومُ الْأُتُنِ وَأَلْبَانُهَا، وَأَبْوَالُ الْإِبِلِ. اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَبَنُ الْخَيْلِ يُكْرَهُ) وَجَعَلَ فِي الْهِدَايَةِ شُرْبَهُ حَلَالًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَشْرِبَةِ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَالتَّطَيُّبُ مِنْ إنَاءِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ إلَخْ)، وَأَمَّا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي الْإِنَاءِ الْمُفَضَّضِ فَسَيَجِيءُ مَتْنًا وَشَرْحًا فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) إلَخْ، وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا غَسْلُ قَلْبِهِ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمَ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِ الذَّهَبِ أَوْ يُقَالُ التَّحْرِيمُ فِي اسْتِعْمَالِ ذَهَبِ الدُّنْيَا لَا ذَهَبِ الْجَنَّةِ أَوْ يُقَالُ اسْتِعْمَالُهُ حَرَامٌ عَلَى الْبَشَرِ لَا عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَالْمُسْتَعْمِلُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جِبْرِيلُ عليه السلام لَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. اهـ

ص: 10

- صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنَّ الَّذِي يَشْرَبُ فِي إنَاءِ الْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الَّذِي يَشْرَبُ فِي إنَاءِ فِضَّةٍ كَأَنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّهُ قَالَ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الشُّرْبِ فِي إنَاءِ الْفِضَّةِ فَإِنَّهُ مَنْ شَرِبَ فِيهَا فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْ فِيهَا فِي الْآخِرَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الشُّرْبِ وَالْأَكْلِ فَكَذَا فِي التَّطَيُّبِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ فَيَكُونُ الْوَارِدُ فِيهِمَا وَارِدًا فِيمَا هُوَ بِمَعْنَاهَا دَلَالَةً لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَلِأَنَّهُ تَنَعُّمٌ بِتَنَعُّمِ الْمُتْرَفِينَ وَالْمُشْرِفِينَ، وَتَشَبُّهٌ بِهِمْ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: 20].

وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كُرِهَ التَّحْرِيمُ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا، وَكَذَا الْأَكْلُ بِمِلْعَقَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالِاكْتِحَالُ بِمِيلِهِمَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ، وَمَعْنَى يُجَرْجِرُ يُرَدِّدُ مِنْ جَرْجَرَ الْفَحْلُ إذَا رَدَّدَ صَوْتَهُ فِي حَنْجَرَتِهِ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: قِيلَ صُورَةُ الْإِدْهَانِ الْمُحَرَّمِ هُوَ أَنْ يَأْخُذَ آنِيَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَيَصُبَّ الدُّهْنَ عَلَى الرَّأْسِ أَمَّا إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، وَأَخَذَ الدُّهْنَ ثُمَّ صَبَّهُ عَلَى الرَّأْسِ مِنْ الْيَدِ لَا يُكْرَهُ قَالَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

قَالَ رحمه الله: (لَا مِنْ رَصَاصٍ وَزُجَاجٍ وَبَلُّورٍ وَعَقِيقٍ) أَيْ لَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ الْأَوَانِي مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي التَّفَاخُرِ بِهِ. قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ، وَلَئِنْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ جَارِيَةً بِالتَّفَاخُرِ فِي غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي مَعْنَاهُمَا فَامْتَنَعَ الْإِلْحَاقُ بِهِمَا، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْأَوَانِي مِنْ الصُّفْرِ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ «أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ فَتَوَضَّأَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى إبَاحَةِ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ بَلْ عَيْنُهُ.

قَالَ رحمه الله (وَحَلَّ الشُّرْبُ مِنْ إنَاءٍ مُفَضَّضٍ وَالرُّكُوبُ عَلَى سَرْجٍ مُفَضَّضٍ وَالْجُلُوسُ عَلَى كُرْسِيٍّ مُفَضَّضٍ، وَيَتَّقِي مَوْضِعَ الْفِضَّةِ) أَيْ يَتَّقِي مَوْضِعَهَا بِالْفَمِ، وَقِيلَ بِالْفَمِ وَالْيَدِ فِي الْأَخْذِ، وَفِي الشُّرْبِ، وَفِي السَّرِيرِ وَالسَّرْجِ وَالْكُرْسِيِّ مَوْضِعَ الْجُلُوسِ، وَكَذَا الْإِنَاءُ الْمُضَبَّبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْكُرْسِيُّ الْمُضَبَّبُ بِهِمَا، وَكَذَا لَوْ جَعَلَ ذَلِكَ فِي نَصْلِ السَّيْفِ وَالسِّكِّينِ أَوْ فِي قَبْضَتِهِمَا، وَلَمْ يَضَعْ يَدَهُ فِي مَوْضِعِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَكَذَا إذَا جَعَلَ ذَلِكَ فِي الْمِشْحَذِ أَوْ فِي حَلْقَةِ الْمِرْآةِ أَوْ جَعَلَ الْمُصْحَفَ مُذَهَّبًا أَوْ مُفَضَّضًا، وَكَذَا الْمُفَضَّضُ مِنْ اللِّجَامِ وَالرِّكَابِ وَالثَّفْرِ لَا يُكْرَهُ، وَكَذَا الثَّوْبُ إذَا كَانَ فِيهِ كِتَابَةٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُكْرَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ يُرْوَى مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَعَ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله عَلَيْهِمْ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا يَخْلُصُ، وَأَمَّا التَّمْوِيهُ الَّذِي لَا يَخْلُصُ فَلَا بَأْسَ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلَكٌ فَلَا عِبْرَةَ بِبَقَائِهِ لَوْنًا لِأَبِي يُوسُفَ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «مَنْ شَرِبَ فِي إنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ إنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.

وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْأَخْبَارِ؛ لِأَنَّهَا مُطْلَقَةٌ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ مَنْ اسْتَعْمَلَ إنَاءً كَانَ مُسْتَعْمِلًا لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ فَيُكْرَهُ كَمَا إذَا اسْتَعْمَلَ مَوْضِعَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ «قَدَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم انْكَسَرَ فَاِتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَحْمَدَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ رَأَيْت عِنْدَ أَنَسٍ قَدَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ ضَبَّةُ فِضَّةٍ؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ قَصْدًا لِلْجُزْءِ الَّذِي يُلَاقِيهِ الْعُضْوُ، وَمَا سِوَاهُ تَبَعٌ لَهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ فَلَا يُكْرَهُ فَصَارَ كَالْجُبَّةِ الْمَكْفُوفَةِ بِالْحَرِيرِ وَالْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ، وَمِسْمَارُ الذَّهَبِ فِي فَصِّ الْخَاتَمِ، وَكَالْعِمَامَةِ الْمُعَلَّمَةِ بِالذَّهَبِ وَرُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَعَتْ فِي مَجْلِسِ أَبِي جَعْفَرٍ الدَّوَانِيقِيِّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَئِمَّةُ عَصْرِهِ حَاضِرُونَ فَقَالَتْ الْأَئِمَّةُ يُكْرَهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ سَاكِتٌ فَقِيلَ لَهُ مَا تَقُولُ فَقَالَ إنْ وَضَعَ فَاهُ فِي مَوْضِعِ الْفِضَّةِ يُكْرَهُ، وَإِلَّا فَلَا فَقِيلَ لَهُ مِنْ أَيْنَ لَك فَقَالَ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ فِي أُصْبُعِهِ خَاتَمُ فِضَّةٍ فَشَرِبَ مِنْ كَفِّهِ أَيُكْرَهُ ذَلِكَ فَوَقَفَ الْكُلُّ، وَتَعَجَّبَ أَبُو جَعْفَرٍ مِنْ جَوَابِهِ.

قَالَ رحمه الله: (وَيُقْبَلُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: الْمُتْرَفِينَ) أَيْ الْمُتَنَعِّمِينَ يُقَالُ أَتْرَفَهُ أَيْ نَعَّمَهُ، وَأَتْرَفَتْهُ النِّعْمَةُ أَيْ أَطْغَتْهُ كَذَا فِي الدِّيوَانِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) أَيْ كَالْمُكْحُلَةِ وَالْمِرْآةِ وَالْمِجْمَرَةِ

(قَوْلُهُ: فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ) التَّوْرُ إنَاءٌ صَغِيرٌ يُشْرَبُ فِيهِ، وَيُتَوَضَّأُ مِنْهُ. اهـ. مُغْرِبٌ.

ص: 11

قَوْلُ الْكَافِرِ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ)، وَهَذَا سَهْوٌ؛ وَلِأَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ مِنْ الدِّيَانَاتِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِي الدِّيَانَاتِ، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ خَاصَّةً لِلضَّرُورَةِ؛ وَلِأَنَّ خَبَرَهُ صَحِيحٌ لِصُدُورِهِ عَنْ عَقْلٍ وَدِينٍ يَعْتَقِدُ فِيهِ حُرْمَةَ الْكَذِبِ، وَالْحَاجَةُ مَاسَةٌ إلَى قَبُولِ قَوْلِهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ الْمُعَامَلَاتِ، وَلَا يُقْبَلُ فِي الدِّيَانَاتِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَّا إذَا كَانَ قَبُولُهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ يَتَضَمَّنُ قَبُولَهُ فِي الدِّيَانَاتِ فَحِينَئِذٍ تَدْخُلُ الدِّيَانَاتُ فِي ضَمِنَ الْمُعَامَلَاتِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا ضَرُورَةً، وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَصِحُّ ضِمْنًا، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ قَصْدًا أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَ الشُّرْبِ وَحْدَهُ لَا يَجُوزُ، وَتَبَعًا لِلْأَرْضِ يَجُوزُ فَكَذَا هُنَا يَدْخُلُ حَتَّى إذَا كَانَ لَهُ خَادِمٌ أَوْ أَجِيرٌ مَجُوسِيٌّ فَأَرْسَلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ لَحْمًا فَقَالَ اشْتَرَيْته مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ وَسِعَهُ أَكْلُهُ، وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْته مِنْ مَجُوسِيٍّ لَا يَسَعُهُ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَبِلَ فِي حَقِّ الشِّرَاءِ مِنْهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ فِي حَقِّ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ ضَرُورَةً لِمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ قَصْدًا بِأَنْ قَالَ هَذَا حَلَالٌ، وَهَذَا حَرَامٌ.

قَالَ رحمه الله: (وَالْمَمْلُوكِ وَالصَّبِيُّ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ وَالْفَاسِقِ فِي الْمُعَامَلَاتِ) أَيْ خَبَرُ هَؤُلَاءِ يُقْبَلُ فِيمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْمُعَامَلَاتِ يُقْبَلُ فِيهَا خَبَرُ كُلِّ مُمَيِّزٍ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا لِعُمُومِ الضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى سُقُوطِ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَلَّمَا يَجِدُ الْمُسْتَجْمِعَ لِشَرَائِطِ الْعَدَالَةِ لِيُعَامِلَهُ أَوْ يَسْتَخْدِمَهُ، وَيَبْعَثَهُ إلَى وُكَلَائِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا دَلِيلَ مَعَ السَّامِعِ يَعْمَلُ بِهِ سِوَى الْخَبَرِ فَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ لَامْتَنَعَ بَابُ الْمُعَامَلَاتِ وَوَقَعُوا فِي حَرَجٍ عَظِيمٍ وَبَابُهُ مَفْتُوحٌ؛ وَلِأَنَّ الْمُعَامَلَاتِ لَيْسَ فِيهَا إلْزَامٌ وَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ لِلْإِلْزَامِ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِهَا فِيهَا؛ لِأَنَّ الْحَالَ فِيهَا حَالُ مُسَالَمَةٍ لَا حَالُ مُنَازَعَةٍ حَتَّى يُخَافُ فِيهَا التَّزْوِيرُ وَالِاشْتِغَالُ بِالْأَبَاطِيلِ؛ وَلِأَنَّ الْمُعَامَلَاتِ أَكْثَرُ وُقُوعًا فَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا التَّمْيِيزُ لَا غَيْرُ فَإِذَا قُبِلَ فِيهَا قَوْلُ الْمُمَيِّزِ، وَكَانَ فِي ضِمْنِ قَبُولِ قَوْلِهِ فِيهَا قَبُولُهُ فِي الدِّيَانَاتِ، يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدِّيَانَاتِ ضِمْنًا لِمَا ذَكَرْنَا حَتَّى إذَا قَالَ مُمَيِّزٌ هَذَا أَهْدَى إلَيْك فُلَانٌ أَوْ قَالَتْ جَارِيَةٌ لِرَجُلٍ بَعَثَنِي مَوْلَايَ إلَيْك هَدِيَّةً وَسِعَهُ الْأَخْذُ، وَالِاسْتِعْمَالُ حَتَّى جَازَ لَهُ الْوَطْءُ بِذَلِكَ الْخَبَرِ.

؛ لِأَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الدِّيَانَاتِ صَارَتْ تَبَعًا لِلْمُعَامَلَاتِ فَيَثْبُتُ بِثُبُوتِ الْمُعَامَلَاتِ؛ وَلِأَنَّ كُلَّ مُعَامَلَةٍ لَا تَخْلُو عَنْ دِيَانَةٍ فَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ فِيهَا فِي ضِمْنِ الْمُعَامَلَاتِ لَأَدَّى إلَى الْحَرَجِ، وَكَانَ يَنْسَدُّ بَابُ الْمُعَامَلَاتِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ مَفْتُوحٌ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُمَيِّزِ فِيهَا ضَرُورَةً بِخِلَافِ الدِّيَانَاتِ الْمَقْصُودَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا يَكْثُرُ وُقُوعُهَا كَالْمُعَامَلَاتِ فَلَا حَرَجَ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولِ قَوْلِ الْفَاسِقِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيهَا، وَكَذَا الْكَافِرُ وَالصَّغِيرُ مُتَّهَمَانِ؛ وَلِأَنَّهُمَا لَا يَلْتَزِمَانِ الْحُكْمَ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يُلْزِمَا غَيْرَهُمَا بِخِلَافِ الْمُعَامَلَةِ؛ لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ مَعَهُمَا، وَمِنْ ضَرُورَةِ جَوَازِهَا مَعَهُمَا قَبُولُ قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَهَيَّأُ إلَّا بِقَبُولِ قَوْلِهِمَا، وَلَا يُقْبَلُ فِي الدِّيَانَاتِ قَوْلُ الْمَسْتُورِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا بِنَاءً عَلَى مَا شَاهَدَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاحَ كَانَ غَالِبًا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: وَكَذَا الْإِنَاءُ الْمُضَبَّبُ بِالذَّهَبِ) أَيْ الْمَشْدُودُ بِهِ يُقَالُ بَابٌ مُضَبَّبٌ أَيْ مَشْدُودٌ بِالضَّبَّاتِ جَمْعُ ضَبَّةٍ، وَهِيَ حَدِيدَتُهُ الْعَارِضَةُ الَّتِي يُضَبَّبُ بِهَا. اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ، وَمِنْهُ ضَبَّبَ أَسْنَانَهُ إذَا شَدَّهَا بِالْفِضَّةِ. اهـ.، وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالضَّبَّةُ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ صُفْرٍ أَوْ نَحْوِهِ يُشَعَّبُ بِهَا الْإِنَاءُ وَجَمْعُهَا ضَبَّاتٌ مِثْلُ جَنَّةٍ وَجَنَّاتٍ وَضَبَّبْتُهُ بِالتَّثْقِيلِ عَمِلْت لَهُ ضَبَّةً. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالثَّفْرِ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ فِي فَصْلِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مِنْ بَابِ الرَّاءِ وَالثَّفْرُ بِالتَّحْرِيكِ ثَفَرُ الدَّابَّةِ، وَقَدْ أَثْفَرْتهَا أَيْ شَدَدْت عَلَيْهَا الثَّفْرَ وَدَابَّةٌ مِثْفَارٌ يُرْمَى بِسَرْجِهِ إلَى مُؤَخَّرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُكْرَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ)، وَكَذَلِكَ الِاخْتِلَافُ إذَا جَعَلَ ذَلِكَ فِي السَّقْفِ جَازَ عِنْدَهُ، وَكَرِهَهُ أَبُو يُوسُفَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَعَ أَبِي يُوسُفَ) فَصَارَ عَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ قَصْدًا إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ هَذَا تَابِعٌ فَلَا يُكْرَهُ كَالْجُبَّةِ الْمَكْفُوفَةِ بِالْحَرِيرِ وَالْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِالشُّرْبِ مِنْ الْكَفِّ عَلَى خِنْصَرِهِ خَاتَمُ فِضَّةٍ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَصَارَ مِنْ جِنْسِ التَّحَمُّلِ، وَفَرَّقَ أَبُو يُوسُفَ، وَقَالَ الْخَاتَمُ لَمْ يَصِرْ جُزْءًا مِنْ الْكَفِّ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: وَكَلَامُ أَبِي يُوسُفَ بَاطِلٌ بِالْمِسْمَارِ. اهـ. فَرْعٌ: قَالَ فِي سَيْرِ الْعُيُونِ قَالَ مُحَمَّدٌ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِهِ شَيْءٌ مِنْ الدِّيبَاجِ، وَفُرُشِ الدِّيبَاجِ لَا يَقْعُدُ عَلَيْهَا، وَلَا يَنَامُ، وَأَوَانِي الذَّهَبِ لِلتَّجَمُّلِ لَا يَشْرَبُ فِيهِ. اهـ غَايَةٌ

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي الْمُعَامَلَاتِ خَاصَّةً لِلضَّرُورَةِ) قُلْت هَذَا لَيْسَ بِسَهْوٍ، وَهَذَا الْمِقْدَارُ لَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْحِلِّ الْحِلَّ الضِّمْنِيَّ وَبِالْحُرْمَةِ الْحُرْمَةَ الضِّمْنِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِهَذَا الْكَلَامِ حَاصِلَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ، وَمَنْ أَرْسَلَ أَجِيرًا لَهُ مَجُوسِيًّا أَوْ خَادِمًا فَاشْتَرَى لَحْمًا فَقَالَ اشْتَرَيْته مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ وَسِعَهُ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْكَافِرِ مَقْبُولٌ فِي الْمُعَامَلَاتِ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ صَحِيحٌ لِصُدُورِهِ عَنْ عَقْلٍ وَدِينٍ يَعْتَقِدُ فِيهِ حُرْمَةَ الْكَذِبِ وَالْحَاجَةُ مَاسَةٌ إلَى قَبُولِهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ الْمُعَامَلَاتِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَسْعَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ ذَبِيحَةَ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ وَالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قُبِلَ قَوْلُهُ: فِي الْحِلِّ أَوْلَى أَنْ يُقْبَلَ فِي الْحُرْمَةِ، وَمُرَادُ الشَّيْخِ رحمه الله مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ هُوَ هَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ لَمَّا قُبِلَ قَوْلُهُ: فِي الْحِلِّ أَوْلَى أَنْ يُقْبَلَ فِي الْحُرْمَةِ فَافْهَمْ. اهـ عَيْنِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَكَذَا هُنَا يَدْخُلُ) قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ كَانَ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمَ عَبِيدٌ مِنْ الْعُلُوجِ، وَكَانُوا يُسْتَعْلَمُونَهُمْ، وَيُصَدِّقُونَهُمْ عَلَى مَقَالَتِهِمْ. اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قُبِلَ فِي حَقِّ الشِّرَاءِ مِنْهُ) وَالشِّرَاءُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ. اهـ غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَصْلُهُ أَنَّ الْمُعَامَلَاتِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ، وَأَصْلُهُ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ حُجَّةٌ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ خَبَرَ الْوَاحِدِ حُجَّةً فِي كِتَابِهِ قَالَ تَعَالَى {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} [يس: 20]، وَقَالَ تَعَالَى {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: 19]، وَقَدْ تَوَارَثْنَا السُّنَّةَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُقْبَلَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا قَوْلٌ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا تَرَكُوا الْقِيَاسَ لِلْعَادَةِ الْجَارِيَةِ أَنَّهُمْ يَقْبَلُونَ قَوْلَهُمَا فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ اعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ خَبَرَ الْحُرِّ الْبَالِغِ لَشَقَّ عَلَى النَّاسِ فَجُوِّزَ لِذَلِكَ، وَقَدْ قَالُوا يَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ فِي ذَلِكَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ مِنْ السَّامِعِ مِنْ صِفَةِ الْمُخْبِرِ فَإِذَا رَأَى الْعَبْدَ يَبِيعُ شَيْئًا لَمْ يَشْتَرِ مِنْهُ حَتَّى يَسْأَلَهُ فَإِذَا ذَكَرَ أَنَّ مَوْلَاهُ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ ثِقَةً فَلَا بَأْسَ بِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ هَذَا أَهْدَاهُ إلَيْك مَوْلَايَ فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ لَمْ يَعْتَرِضْ لِشَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَالْإِذْنُ طَارِئٌ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِالشَّكِّ، وَإِذَا قَبِلْنَا قَوْلَ الْعَبْدِ إذَا كَانَ ثِقَةً فِي الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَخْبَارِ الْمُعَامَلَاتِ، وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ أَخْبَارِ الدَّيَّانَاتِ فَإِذَا قُبِلَ قَوْلُهُ: فِي أَخْبَارِ الدِّينِ فَفِي أَخْبَارِ الْمُعَامَلَاتِ أَوْلَى. اهـ. (قَوْلُهُ: وَسِعَهُ الْأَخْذُ وَالِاسْتِعْمَالُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا أَخْبَرَتْ بِإِهْدَاءِ الْمَوْلَى غَيْرَهَا أَوْ نَفْسَهَا. اهـ. ع (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الدَّيَّانَاتِ الْمَقْصُودَةِ) أَيْ الَّتِي لَمْ تَكُنْ تَبَعًا لِلْمُعَامَلَاتِ. اهـ

ص: 12

فِيهِ وَلِهَذَا جَازَ الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْفَاسِقِ حَتَّى يُعْتَبَرَ فِي خَبَرِهِ فِي الدِّيَانَاتِ أَكْبَرُ الرَّأْيِ كَمَا فِي خَبَرِ الْفَاسِقِ لِظُهُورِ الْفَسَادِ فِي زَمَانِنَا.

وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ إذَا كَانُوا عُدُولًا لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الصِّدْقِ كَخَبَرِ الْحُرِّ إذَا كَانَ عَدْلًا، وَمِنْ الْمُعَامَلَاتِ التَّوْكِيلُ وَالْإِذْنُ فِي التِّجَارَةِ، وَكُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ إلْزَامٌ، وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَى النِّزَاعِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ فِيهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي فَصْلِ الْبَيْعِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، وَمِنْ الدِّيَانَاتِ الْإِخْبَارُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ حَتَّى إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلٌ أَنَّهُ نَجَسٌ تَيَمَّمَ، وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا تَحَرَّى فِيهِ، وَكَذَا إذَا كَانَ مَسْتُورًا فِي الصَّحِيحِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ صَادِقٌ تَيَمَّمَ، وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، وَإِنْ أَرَاقَهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ كَانَ أَحْوَطَ؛ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ مُجَرَّدُ ظَنٍّ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ احْتِمَالُ الْكَذِبِ فِيهِ بِخِلَافِ خَبَرِ الْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِرَاقَةِ مَعَهُ، وَلَوْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ يَتَوَضَّأُ بِهِ، وَلَا يَتَيَمَّمُ لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الْكَذِبِ، وَهَذَا جَوَابُ الْحُكْمِ.

وَأَمَّا الِاحْتِيَاطُ فَأَنْ يَتَيَمَّمَ؛ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ مُجَرَّدُ ظَنٍّ فَلَا يَمْنَعُ احْتِمَالَ ضِدِّهِ، وَمِنْ الدِّيَانَةِ الْحِلُّ وَالْحُرْمَةُ الْمَقْصُودَانِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمَا زَوَالُ الْمِلْكِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخَبَرِ أَنْوَاعٌ أَحَدُهُمَا خَبَرُ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام فِيمَا لَيْسَ فِيهِ عُقُوبَةٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ لَا غَيْرُ وَالثَّانِي خَبَرُهُ عليه الصلاة والسلام فِيمَا فِيهِ عُقُوبَةٌ فَهُوَ كَالْأَوَّلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْجَصَّاصِ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ حَيْثُ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّوَاتُرُ عِنْدَهُ وَشَهْرُ رَمَضَانَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَالثَّالِثُ: حُقُوقُ الْعِبَادِ فِيمَا فِيهِ إلْزَامٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَالْعَدَدُ وَالْحُرِّيَّةُ، وَلَفْظَةُ الشَّهَادَةِ، وَالرَّابِعُ حُقُوقُ الْعِبَادِ: فِيمَا فِيهِ إلْزَامٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا أَحَدُ شَرْطَيْ الشَّهَادَةِ إمَّا الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا حَيْثُ يُقْبَلُ فِيهَا عِنْدَهُمَا خَبَرُ كُلِّ مُمَيِّزٍ، وَالْخَامِسُ الْمُعَامَلَاتُ فَيُقْبَلُ فِيهَا خَبَرُ كُلِّ مُمَيِّزٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَقَدْ بَيَّنَّا أَمْثِلَةَ كُلِّ قِسْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ، وَمِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَالشَّهَادَةِ.

قَالَ رحمه الله (وَمَنْ دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ وَثَمَّةَ لَعِبٌ وَغِنَاءٌ يَقْعُدُ، وَيَأْكُلُ) أَيْ إذَا حَدَثَ اللَّعِبُ وَالْغِنَاءُ هُنَاكَ بَعْدَ حُضُورِهِ يَقْعُدُ وَيَأْكُلُ، وَلَا يَتْرُكُ، وَلَا يَخْرُجُ؛ لِأَنَّ إجَابَةَ الدَّعْوَةِ سُنَّةٌ قَالَ عليه الصلاة والسلام «مَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ» فَلَا يَتْرُكُهَا لِمَا اقْتَرَنَتْ الْبِدْعَةُ مِنْ غَيْرِهِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ لَا يَتْرُكُهَا لِأَجْلِ النَّائِحَةِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَنْعِ مَنَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ يَصْبِرُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ اُبْتُلِيتُ بِهَذَا مَرَّةً هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُقْتَدًى بِهِ فَإِنْ كَانَ مُقْتَدًى بِهِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهِمْ يَخْرُجُ، وَلَا يَقْعُدُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ شَيْنَ الدِّينِ، وَفَتْحَ بَابِ الْمَعْصِيَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالْمَحْكِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله كَانَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مُقْتَدًى بِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْمَائِدَةِ فَلَا يَقْعُدُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68]، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ لَعِبٌ وَغِنَاءٌ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَهَا فَلَا يَحْضُرُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إجَابَةُ الدَّعْوَةِ إذَا كَانَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ.

«، وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه صَنَعْتُ طَعَامًا فَدَعَوْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ فَرَأَى فِي الْبَيْتِ تَصَاوِيرَ فَرَجَعَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَطْعَمَيْنِ عَنْ الْجُلُوسِ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ، وَأَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ مُنْبَطِحٌ» رَوَاهُ دَاوُد وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْمَلَاهِيَ كُلَّهَا حَرَامٌ حَتَّى التَّغَنِّي بِضَرْبِ الْقَضِيبِ، وَكَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ اُبْتُلِيتُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ يَكُونُ بِالْمُحَرَّمِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْحِرَ وَالْمَعَازِفَ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي لَفْظٍ لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ وَالْمُغَنِّيَاتِ يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ، وَيَجْعَلُ مِنْهُمْ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمَا زَوَالٌ) أَيْ كَإِخْبَارِ الْعَدْلِ الزَّوْجَيْنِ بِأَنَّهُمَا ارْتَضَعَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَشَهْرُ رَمَضَانَ) أَيْ الشَّهَادَةُ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ إذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا يَتْرُكُهَا لِأَجْلِ النَّائِحَةِ) لَا يُقَالُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَاجِبَةٌ فَلَا يَدُلُّ عَدَمُ تَرْكِهَا لِاقْتِرَانِ الْمَعْصِيَةِ عَلَى عَدَمِ تَرْكِ إجَابَةِ الدَّعْوَةِ لِاقْتِرَانِ الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ، وَهِيَ أَضْعَفُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَإِنْ كَانَتْ سُنَّةً إلَّا أَنَّهَا فِي قُوَّةِ الْوَاجِبِ لِمَا رَوَى صَاحِبُ السُّنَنِ بِإِسْنَادِهِ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيرًا» وَرُوِيَ فِي السُّنَنِ أَيْضًا مُسْنَدًا إلَى ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ» وَرُوِيَ فِي السُّنَنِ أَيْضًا مُسْنَدًا إلَى جَابِرٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ دُعِيَ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» ، ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ. اهـ أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالْمَحْكِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله كَانَ) أَيْ حَالَ شَبَابِهِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْمَائِدَةِ فَلَا يَقْعُدُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ، وَقَالُوا هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ عَلِمَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ كَانَ مُحْتَرَمًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ يَتْرُكُونَ ذَلِكَ احْتِرَامًا لَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْهَبَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ الْمَعْصِيَةِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ لَا يَتْرُكُونَ فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ. اهـ أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْعَبَّاسِ النَّاطِفِيُّ فِي الْأَجْنَاسِ قَالَ فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ امْرَأَةٌ سَأَلَتْ أَبَا يُوسُفَ عَنْ الدُّفِّ أَتَكْرَهُهُ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ مِثْلُ الْمَرْأَةِ فِي مَنْزِلِهَا وَالصَّبِيِّ قَالَ فَلَا أَكْرَهُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَجِيءُ مِنْهُ اللَّعِبُ الْفَاحِشُ وَالْغِنَاءُ فَإِنِّي أَكْرَهُهُ. اهـ أَتْقَانِيٌّ

ص: 13