المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[كيفية التصرف في لحم الأضحية] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٦

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[سَبَب الْأُضْحِيَّة وَشَرَائِطهَا]

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[مَا يُضَحَّى بِهِ]

- ‌[ مِمَّا تَكُون الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كَيْفِيَّة التَّصَرُّف فِي لَحْم الْأُضْحِيَّة]

- ‌[ التَّصَدُّق بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[يذبح المضحي بِيَدِهِ]

- ‌[ذبح الْكِتَابِيّ لِلْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[أَخْطِئَا وَذَبَحَ كُلٌّ أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ)

- ‌(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌(مَسَائِلُ الشِّرْبِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌{فَصْلٌ فِي طَبْخِ الْعَصِيرِ}

- ‌{كِتَابُ الصَّيْدِ}

- ‌[الِاصْطِيَاد بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّم وَالْفَهْد وَالْبَازِي]

- ‌[ التَّسْمِيَة عِنْد الإرسال للصيد]

- ‌[رَمَى صَيْدًا فَقَطَعَ عُضْو مِنْهُ]

- ‌ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌{بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ}

- ‌{بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ}

- ‌(بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌[فَصْلٌ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ بِعَشْرَةٍ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ]

- ‌(كِتَابُ الْجِنَايَاتِ)

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ)

- ‌[بَابُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ صُولِحَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ حَالًّا وَسَقَطَ الْقَوَدُ]

- ‌[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّفْسِ وَالْمَارِنِ وَاللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ]

- ‌(بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ)

- ‌[فَصْلٌ قُتِلَ عَبْدٌ خَطَأً]

- ‌[بَابُ غَصْبِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالصَّبِيِّ وَالْجِنَايَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ الْقَسَامَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ)

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الدِّيَة فِي الْمَعَاقِلِ]

- ‌(وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ)

- ‌لَا يَعْقِلُ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ

- ‌[ لَا يَعْقِل أَهْل مِصْر عَنْ أَهْل مِصْر آخِر]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَة فَعَلَى مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[وَصِيَّة الْمُسْلِم لِلذِّمِّيِّ والذمي لِلْمُسْلِمِ]

- ‌ وَصِيَّةُ الْمَدْيُونِ

- ‌ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ

- ‌ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ

- ‌[الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة]

- ‌[ وَصِيَّة الْمُكَاتَب]

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ]

- ‌[بَابُ وَصِيَّةِ الذِّمِّيِّ لِلذِّمِّيِّ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَّهَادَةِ الْوَصِيَّانِ]

- ‌(كِتَابُ الْخُنْثَى)

- ‌[لَبِسَ الْخُنْثَى لِلْحَرِيرِ وَالْحِلِّي]

- ‌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِيهِ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى

- ‌[مَاتَ الْخُنْثَى قَبْل أَنْ يستبين أمره]

- ‌[قَبَلَ رَجُل الْخُنْثَى الْمُشْكِل بشهوة]

- ‌[تَزَوَّجَ الْخُنْثَى مِنْ خُنْثَى]

- ‌(مَسَائِلُ شَتَّى)

- ‌(إيمَاءُ الْأَخْرَسِ، وَكِتَابَتُهُ

- ‌[ مِيرَاث الْخُنْثَى]

- ‌[حَدّ قاذف الْخُنْثَى]

- ‌[لف ثَوْب نجس فِي آخِر طَاهِر]

- ‌[غنم مذبوحة وميتة حُكْم الْأَكْل مِنْهَا]

- ‌[سُلْطَان جَعَلَ الخراج لِرَبِّ الْأَرْض]

- ‌ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ

- ‌ ابْتَلَعَ الصَّائِمُ رِيقَ غَيْرِهِ

- ‌[ الْعَقَار الْمُتَنَازِع فِيهِ لَا يَخْرَج مِنْ يَد ذَوِي الْيَد]

- ‌[بَاعَ ضيعة ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَاده]

- ‌[قَالَ لِآخِرِ وكلتك ببيع هَذَا فسكت]

- ‌[ وهبت مهرها لزوجها فَمَاتَتْ فطالب ورثتها بِهِ وقالوا كَانَتْ الْهِبَة فِي مَرَض موتها]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[أحوال الْأَب فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْأُمّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[للجدات أحوال فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْج فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْجَة فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْبِنْت فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ أحوال الْجَدّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[الأخوات لِأَب وَأُمّ أحوالهن فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْعُصُبَات فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْفُرُوض المقدرة فِي الْمَوَارِيث]

- ‌[التصحيح فِي الْفَرَائِض]

- ‌[ خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[كيفية التصرف في لحم الأضحية]

وَاخْتِلَافُ الْجِهَاتِ فِيهَا لَا يَضُرُّ كَالْقِرَانِ وَالْمُتْعَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ لِاتِّحَادِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ الْقُرْبَةُ، وَقَدْ وُجِدَ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ التَّضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ عُرِفَتْ قُرْبَةً؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى عَنْ أُمَّتِهِ، وَلَمْ تُوجَدْ الْقُرْبَةُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ النَّصْرَانِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَكَذَا قَصْدُ اللَّحْمِ مِنْ الْمُسْلِمِ يُنَافِيهَا، وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْبَعْضُ قُرْبَةً خَرَجَ الْكُلُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً؛ لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ لَا تَتَجَزَّأُ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ يُنْزَعُ بِالْإِتْلَافِ فَلَا يَجُوزُ عَنْ غَيْرِهِ كَالْإِعْتَاقِ عَنْ الْمَيِّتِ قُلْنَا الْقُرْبَةُ تَقَعُ عَنْ الْمَيِّتِ كَالتَّصَدُّقِ لِمَا رَوَيْنَا بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إلْزَامَ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ صَغِيرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ بِأَنْ ضَحَّى عَنْ الصَّغِيرِ أَبُوهُ، وَعَنْ أُمِّ الْوَلَدِ مَوْلَاهَا، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا جَازَ؛ لِأَنَّ كُلَّهَا وَقَعَتْ قُرْبَةً، وَلَوْ ذَبَحُوهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ فِيمَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ لَا يُجْزِئُهُمْ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا لَمْ يَقَعْ قُرْبَةً بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ لِوُجُودِ الْإِذْنِ مِنْ الْوَرَثَةِ.

قَالَ رحمه الله: (وَيَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ، وَيُؤَكِّلُ غَنِيًّا، وَيَدَّخِرُ) لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ كُلُوا، وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام فِيهِ بَعْدَ النَّهْيِ عَنْ الِادِّخَارِ «كُلُوا، وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا» الْحَدِيثَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ، وَأَحْمَدُ وَالنُّصُوصُ فِيهِ كَثِيرَةٌ، وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ هُوَ، وَهُوَ غَنِيٌّ فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ لَهُ إطْعَامُ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا.

قَالَ رحمه الله: (وَنُدِبَ أَنْ لَا يَنْقُصَ الصَّدَقَةَ مِنْ الثُّلُثِ)؛ لِأَنَّ الْجِهَاتِ ثَلَاثَةٌ الْإِطْعَامُ وَالْأَكْلُ وَالِادِّخَارُ لِمَا رَوَيْنَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] أَيْ السَّائِلَ وَالْمُعْتَرِضَ لِلسُّؤَالِ فَانْقَسَمَ عَلَيْهَا أَثْلَاثًا، وَهَذَا فِي الْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ وَالسُّنَّةِ سَوَاءٌ إذَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً بِالنَّذْرِ، وَإِنْ وَجَبَتْ بِالنَّذْرِ فَلَيْسَ لِصِحَابِهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا شَيْئًا، وَلَا أَنْ يُطْعِمَ غَيْرَهُ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ سَوَاءٌ كَانَ النَّاذِرُ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا؛ لِأَنَّ سَبِيلَهَا التَّصَدُّقُ، وَلَيْسَ لِلْمُتَصَدِّقِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ صَدَقَتِهِ، وَلَا أَنْ يُطْعِمَ الْأَغْنِيَاءَ.

قَالَ رحمه الله: (وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا أَوْ يَعْمَلُ مِنْهُ نَحْوَ غِرْبَالٍ وَجِرَابٍ)؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَكَانَ لَهُ التَّصَدُّقُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَهَا، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ مَعَ بَقَائِهِ اسْتِحْسَانًا، وَذَلِكَ مِثْلُ مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ لِلْبَدَلِ حُكْمَ الْمُبْدَلِ، وَلَا يَشْتَرِي بِهِ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ نَحْوَ اللَّحْمِ وَالطَّعَامِ، وَلَا يَبِيعُهُ بِالدَّرَاهِمِ لِيُنْفِقَ الدَّرَاهِمَ عَلَى نَفْسِهِ، وَعِيَالِهِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ عَلَى قَصْدِ التَّمَوُّلِ، وَاللَّحْمُ بِمَنْزِلَةِ الْجِلْدِ فِي الصَّحِيحِ حَتَّى لَا يَبِيعَهُ بِمَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا بَعْدَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: كَالْقِرَانِ إلَخْ)، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ الْعَقِيقَةَ عَنْ وَلَدٍ وُلِدَ لَهُ مِنْ قَبْلُ جَازَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جِهَةُ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ بِالشُّكْرِ عَلَى مَا أَنْعَمَ مِنْ الْوَلَدِ كَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي نَوَادِرِ الضَّحَايَا، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ الْوَلِيمَةَ، وَهِيَ ضِيَافَةُ التَّزْوِيجِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُقَامُ شُكْرًا عَلَى نِعْمَةِ النِّكَاحِ، وَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». اهـ. بَدَائِعُ فَرْعٌ: فِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ أَرَادُوا الْقُرْبَةَ بِالْأُضْحِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْقُرَبِ أَجْزَأَهُمْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقُرْبَةُ وَاجِبَةً أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ وَجَبَ عَلَى الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ جِهَاتُ الْقُرْبَةِ أَوْ اخْتَلَفَتْ بِأَنْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ الْأُضْحِيَّةَ وَبَعْضُهُمْ جَزَاءَ الصَّيْدِ وَبَعْضُهُمْ هَدْيَ الْإِحْصَارِ وَبَعْضُهُمْ هَدْيَ التَّطَوُّعِ وَبَعْضُهُمْ دَمَ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ، وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا اتَّفَقَتْ جِهَاتُ الْقُرْبَةِ وَجْهُ قَوْلِ زُفَرَ أَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى الِاشْتِرَاكَ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ فِعْلٌ وَاحِدٌ لَا يَتَجَزَّأُ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَقَعَ بَعْضُهُ عَنْ جِهَةٍ وَبَعْضُهُ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَا بَعْضَ لَهُ إلَّا أَنَّ عِنْدَ الِاتِّحَادِ جُعِلَتْ الْجِهَاتُ كَجِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَعِنْدَ الِاخْتِلَافِ لَا يُمْكِنُ فَبَقِيَ الْأَمْرُ فِيهِ مَرْدُودًا إلَى الْقِيَاسِ، وَلَنَا أَنَّ الْجِهَاتِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ صُورَةً فَهِيَ فِي الْمَعْنَى وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكُلِّ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ الْعَقِيقَةَ عَنْ وَلَدٍ وُلِدَ لَهُ مِنْ قَبْلُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جِهَةُ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالشُّكْرِ عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ مِنْ الْوَلَدِ كَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رحمه الله فِي نَوَادِرِ الضَّحَايَا، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ الْوَلِيمَةَ، وَهِيَ ضِيَافَةُ التَّزَوُّجِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُقَامُ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى نِعْمَةِ النِّكَاحِ، وَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «أَوْلِمْ، وَلَوْ بِشَاةٍ» فَإِذَا أَرَادَ بِهَا الشُّكْرَ أَوْ إقَامَةَ السُّنَّةِ فَقَدْ أَرَادَ بِهَا التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَرِهَ الِاشْتِرَاكَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إذَا كَانَ هَذَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ فَكَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَهَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ. اهـ. بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ صَغِيرًا إلَخْ)، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ عَبْدًا أَوْ مُدَبَّرًا، وَهُوَ يُرِيدُ الْأُضْحِيَّةَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقُرْبَةِ. اهـ بَدَائِعُ.

[كَيْفِيَّة التَّصَرُّف فِي لَحْم الْأُضْحِيَّة]

(قَوْلُهُ: كُلُوا، وَتَزَوَّدُوا إلَخْ) رَوَى الْبُخَارِيُّ بِسَنَدِهِ إلَى سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصَبِّحْنَ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ، وَفِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا الْعَامَ الْمَاضِي قَالَ كُلُوا، وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ فَأَرَدْت أَنْ تُعِينُوا فِيهَا» قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ الدِّمَاءِ إلَّا مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَدَمِ الْمُتْعَةِ وَدَمِ الْقِرَانِ وَدَمِ التَّطَوُّعِ إذَا بَلَغَ مَحَلَّهُ، وَهُوَ الْحَرَمُ يَعْنِي لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ دِمَاءِ الْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ، وَهَدْيِ الْإِحْصَارِ، وَهَدْيِ التَّطَوُّعِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ مَحَلَّهُ، وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْقَانِعُ السَّائِلُ مِنْ قَنَعْت إلَيْهِ إذَا خَضَعْت لَهُ وَسَأَلْته قَنُوعًا وَالْمُعْتَرُّ الْمُتَعَرِّضُ بِغَيْرِ سُؤَالٍ أَوْ الْقَانِعُ الرَّاضِي بِمَا عِنْدَهُ وَبِمَا يُعْطَى بِغَيْرِ سُؤَالٍ مِنْ قَنَعْت قَنَعًا، وَقَنَاعَةً وَالْمُعْتَرُّ الْمُتَعَرِّضُ لِلسُّؤَالِ كَذَا فِي الْكَشَّافِ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي نَصَائِحِهِ الْكِبَارِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ اقْنَعْ مِنْ الْقَنَاعَةِ لَا مِنْ الْقُنُوعِ تَسْتَغْنِ عَنْ كُلِّ مِعْطَاءٍ، وَمَنُوعٍ. اهـ.

ص: 8