المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الأخوات لأب وأم أحوالهن في الميراث] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٦

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[سَبَب الْأُضْحِيَّة وَشَرَائِطهَا]

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[مَا يُضَحَّى بِهِ]

- ‌[ مِمَّا تَكُون الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كَيْفِيَّة التَّصَرُّف فِي لَحْم الْأُضْحِيَّة]

- ‌[ التَّصَدُّق بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[يذبح المضحي بِيَدِهِ]

- ‌[ذبح الْكِتَابِيّ لِلْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[أَخْطِئَا وَذَبَحَ كُلٌّ أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ)

- ‌(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌(مَسَائِلُ الشِّرْبِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌{فَصْلٌ فِي طَبْخِ الْعَصِيرِ}

- ‌{كِتَابُ الصَّيْدِ}

- ‌[الِاصْطِيَاد بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّم وَالْفَهْد وَالْبَازِي]

- ‌[ التَّسْمِيَة عِنْد الإرسال للصيد]

- ‌[رَمَى صَيْدًا فَقَطَعَ عُضْو مِنْهُ]

- ‌ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌{بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ}

- ‌{بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ}

- ‌(بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌[فَصْلٌ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ بِعَشْرَةٍ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ]

- ‌(كِتَابُ الْجِنَايَاتِ)

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ)

- ‌[بَابُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ صُولِحَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ حَالًّا وَسَقَطَ الْقَوَدُ]

- ‌[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّفْسِ وَالْمَارِنِ وَاللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ]

- ‌(بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ)

- ‌[فَصْلٌ قُتِلَ عَبْدٌ خَطَأً]

- ‌[بَابُ غَصْبِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالصَّبِيِّ وَالْجِنَايَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ الْقَسَامَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ)

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الدِّيَة فِي الْمَعَاقِلِ]

- ‌(وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ)

- ‌لَا يَعْقِلُ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ

- ‌[ لَا يَعْقِل أَهْل مِصْر عَنْ أَهْل مِصْر آخِر]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَة فَعَلَى مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[وَصِيَّة الْمُسْلِم لِلذِّمِّيِّ والذمي لِلْمُسْلِمِ]

- ‌ وَصِيَّةُ الْمَدْيُونِ

- ‌ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ

- ‌ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ

- ‌[الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة]

- ‌[ وَصِيَّة الْمُكَاتَب]

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ]

- ‌[بَابُ وَصِيَّةِ الذِّمِّيِّ لِلذِّمِّيِّ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَّهَادَةِ الْوَصِيَّانِ]

- ‌(كِتَابُ الْخُنْثَى)

- ‌[لَبِسَ الْخُنْثَى لِلْحَرِيرِ وَالْحِلِّي]

- ‌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِيهِ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى

- ‌[مَاتَ الْخُنْثَى قَبْل أَنْ يستبين أمره]

- ‌[قَبَلَ رَجُل الْخُنْثَى الْمُشْكِل بشهوة]

- ‌[تَزَوَّجَ الْخُنْثَى مِنْ خُنْثَى]

- ‌(مَسَائِلُ شَتَّى)

- ‌(إيمَاءُ الْأَخْرَسِ، وَكِتَابَتُهُ

- ‌[ مِيرَاث الْخُنْثَى]

- ‌[حَدّ قاذف الْخُنْثَى]

- ‌[لف ثَوْب نجس فِي آخِر طَاهِر]

- ‌[غنم مذبوحة وميتة حُكْم الْأَكْل مِنْهَا]

- ‌[سُلْطَان جَعَلَ الخراج لِرَبِّ الْأَرْض]

- ‌ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ

- ‌ ابْتَلَعَ الصَّائِمُ رِيقَ غَيْرِهِ

- ‌[ الْعَقَار الْمُتَنَازِع فِيهِ لَا يَخْرَج مِنْ يَد ذَوِي الْيَد]

- ‌[بَاعَ ضيعة ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَاده]

- ‌[قَالَ لِآخِرِ وكلتك ببيع هَذَا فسكت]

- ‌[ وهبت مهرها لزوجها فَمَاتَتْ فطالب ورثتها بِهِ وقالوا كَانَتْ الْهِبَة فِي مَرَض موتها]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[أحوال الْأَب فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْأُمّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[للجدات أحوال فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْج فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْجَة فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْبِنْت فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ أحوال الْجَدّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[الأخوات لِأَب وَأُمّ أحوالهن فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْعُصُبَات فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْفُرُوض المقدرة فِي الْمَوَارِيث]

- ‌[التصحيح فِي الْفَرَائِض]

- ‌[ خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[الأخوات لأب وأم أحوالهن في الميراث]

فَرْضٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الْغُلَامُ مَعَ السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ عَصَبَهَا وَعَصَبَ الْوُسْطَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي وَالْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ، وَسَقَطَتْ السُّفْلَيَاتُ، وَلَوْ كَانَ الْغُلَامُ مَعَ السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي عَصَبَهَا وَعَصَبَ الْوُسْطَى مِنْهُ وَالْوُسْطَى وَالْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ وَالسُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ مَعَ السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ عَصَبَ الْجَمِيعَ غَيْرَ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ، وَالْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْعُلْيَا تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْبِنْتِ، وَالْبَوَاقِي مَنَازِلَ بَنَاتِ الِابْنِ.

وَلَوْ كَانَ الِابْنُ مَعَ الْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ عَصَبَ أُخْتَهُ، وَسَقَطَتْ الْبَوَاقِي كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْأَوْلَادِ فَصَارَ لِبَنَاتِ الِابْنِ أَحْوَالٌ سِتٌّ النِّصْفُ لِلْوَاحِدَةِ وَالثُّلُثَانِ لِلَّاثْتَيْنِ فَصَاعِدًا، وَالْمُقَاسَمَةُ مَعَ ابْنِ الِابْنِ وَالسُّدُسُ مَعَ الصُّلْبِيَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَالسُّقُوطُ بِالِابْنِ وبالصلبيتين إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ غُلَامٌ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْمَسَائِلِ يُسَمَّى فِي عُرْفِ الْفَرْضِيَّيْنِ تَشْبِيبُ بَنَاتِ الِابْنِ إذَا ذُكِرْنَ مَعَ اخْتِلَافِ الدَّرَجَاتِ.

وَهُوَ إمَّا مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِهِمْ شَبَّبَ فُلَانٌ بِفُلَانَةَ إذَا أَكْثَرَ ذِكْرَهَا فِي شِعْرِهِ، وَتَشْبِيبُ الْقَصِيدَةِ تَحْسِينُهَا وَتَزْيِينُهَا بِذِكْرِ النِّسَاءِ أَوْ مَنْ شَبَّ النَّارَ إذَا أَوْقَدَهَا لِأَنَّ فِيهِ تَذْكِيَةً لِلْخَوَاطِرِ أَوْ مِنْ شَبَّ الْفَرَسُ يَشِبُّ وَيَشُبُّ شَبَابًا إذَا رَفَعَ يَدَيْهِ جَمِيعًا، وَأَشْبَبْتُه أَنَا إذَا هَيَّجْته لِذَلِكَ لِأَنَّهُ خُرُوجُ وَارْتِفَاعٌ مِنْ دَرَجَةٍ إلَى أُخْرَى كَحَالِ الْفَرَسِ فِي نَزَوَاتِهِ أَيْ وَثَبَاتِهِ فَصَارَ لِبَنَاتِ الِابْنِ أَحْوَالٌ سِتٌّ: الثَّلَاثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَنَاتِ وَالسُّدُسُ مَعَ الصُّلْبِيَّةِ، وَالسُّقُوطُ بِالِابْنِ وبالصلبيتين إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ غُلَامٌ. .

[الأخوات لِأَب وَأُمّ أحوالهن فِي الْمِيرَاث]

قَالَ رحمه الله (وَالْأَخَوَاتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ كَبَنَاتِ الصُّلْبِ عِنْدَ عَدَمِهِنَّ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْبَنَاتِ وَبَنَاتُ الِابْنِ حَتَّى يَكُونَ لِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ، وَلِلثِّنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ، وَمَعَ الْإِخْوَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176].

قَالَ رحمه الله (وَلِأَبٍ كَبَنَاتِ الِابْنِ مَعَ الْصُلْبِيَّاتِ) أَيْ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ مَعَ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ كَبَنَاتِ الِابْنِ مَعَ الْصُلْبِيَّاتِ حَتَّى يَكُونَ لِلْوَاحِدَةِ مِنْ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ النِّصْفُ عِنْدَ عَدَمِ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَلِلثِّنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ فَصَاعِدًا، وَمَعَ الْإِخْوَةِ لِأَبٍ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَمَعَ الْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَيَسْقُطْنَ بِالْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ لِأَبٍ فَيَعْصِبُهُنَّ لِمَا تَلَوْنَا وَبَيَّنَّا.

وَيَأْتِي فِيهِنَّ خِلَافُ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي مُقَاسَمَةِ الْإِخْوَةِ بَعْدَ فَرْضِ الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ أُخْتٍ وَاحِدَةٍ لَهُمَا أَيْ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّاهُ فِي بَنَاتِ الِابْنِ مَعَ الْبَنَاتِ وَضِرَارِهِ لَهُنَّ مَعَ الْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ إذْ الْكَلَامُ فِي الْأَخَوَاتِ كَالْكَلَامِ فِي الْبَنَاتِ، وَالنَّصُّ الْوَارِدُ فِيهِنَّ كَالنَّصِّ الْوَارِدِ فِي الْبَنَاتِ فَاسْتَغْنَيْنَا عَنْ الْبَحْثِ فِيهِنَّ بِالْبَحْثِ فِي الْبَنَاتِ إذْ طَرِيقُ الْبَحْثِ فِيهِمَا وَاحِدٌ قَالَ رحمه الله (وَعَصَبَهُنَّ إخْوَتُهُنَّ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ) أَيْ عَصَبَ الْأَخَوَاتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ إخْوَتُهُنَّ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ.

أَمَّا تَعْصِيبُ الْإِخْوَةِ لَهُنَّ فَظَاهِرٌ لِمَا تَلَوْنَا، وَأَمَّا تَعْصِيبُ الْبِنْتِ لَهُنَّ وَبِنْتِ الِابْنِ فَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «اجْعَلُوا الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةً» «وَوَرَّثَ مُعَاذٌ رضي الله عنه فِي الْيَمَنِ بِنْتًا وَأُخْتًا فَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ يَوْمَئِذٍ» وَرُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَضَى فِي ابْنَةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسَ وَالْبَاقِيَ لِلْأُخْتِ» وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله الْبِنْتَ مِمَّنْ يَعْصِبُ الْأَخَوَاتِ، وَهُوَ مَجَازٌ.

وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا تَعْصِبُهُنَّ، وَإِنَّمَا يَصِرْنَ عَصَبَةً مَعَهَا لَا بِهَا، وَالْبِنْتُ بِنَفْسِهَا لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَكَيْفَ تَعْصِبُ غَيْرَهَا بِخِلَافِ الْإِخْوَةِ عَلَى مَا يَجِيءُ مِنْ قَرِيبٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ أَسْقَطَ الْأَخَوَاتِ بِالْبِنْتِ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مَعَ الْبِنْتِ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ الْبَاقِي كُلُّهُ لِلْإِخْوَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ الْبَاقِي بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ قِيلَ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعَ الْبِنْتِ أُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فِي رِوَايَةٍ الْبَاقِي لِلْأَخِ وَحْدَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بَيْنَ الْجَمِيعِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ هُوَ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] فَإِرْثُهَا مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْوَلَدِ، وَاسْمُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَيَعْصِبُهُنَّ لِمَا تَلَوْنَا وَبَيَّنَّا) وَيَسْقُطْنَ أَيْضًا بِالْأَخِ لِأَبَوَيْنِ لِقَوْلِهِ «عليه الصلاة والسلام إنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي الْعَلَّاتِ» اهـ

ص: 236

الْوَلَدِ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى.

أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَجَبَ الزَّوْجَ مِنْ النِّصْفِ إلَى الرُّبُعِ، وَالزَّوْجَةَ مِنْ الرُّبُعِ إلَى الثُّمُنِ بِالْوَلَدِ، وَالْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ فَاسْتَوَى فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَلِلْجُمْهُورِ مَا رَوَيْنَا، وَاشْتِرَاطُ عَدَمِ الْوَلَدِ فِيمَا تَلَا إنَّمَا كَانَ لِإِرْثِهَا النِّصْفَ أَوْ الثُّلُثَيْنِ بِطَرِيقِ الْفَرْض، وَنَحْنُ نَقُولُ إنَّهَا لَا تَرِثُ مَعَ الْبِنْتِ فَرْضًا، وَإِنَّمَا تَرِثُ عَلَى أَنَّهَا عَصَبَةٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْوَلَدِ هُنَا الذَّكَرُ، وَقَدْ قَامَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى ذَلِكَ.

وَهُوَ قَوْلُهُ {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] يَعْنِي أَخَاهَا يَرِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ذَكَرٌ لِأَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَى أَنَّ الْأَخَ يَرِثُ تَعْصِيبًا مَعَ الْأُنْثَى مِنْ الْأَوْلَادِ أَوْ نَقُولُ اشْتِرَاطُ عَدَمِ الْوَلَدِ إنَّمَا كَانَ لِإِرْثِ الْأَخِ جَمِيعَ مَالِهَا، وَذَلِكَ يَمْتَنِعُ بِالْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى قَالَ رحمه الله (وَلِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ السُّدُسُ، وَلِلْأَكْثَرِ الثُّلُثُ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ سَوَاءٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12].

الْمُرَادُ بِهِ أَوْلَادُ الْأُمِّ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ الْأَبُ مَذْكُورُونَ فِي آيَةِ النِّصْفِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ، وَلِهَذَا قَرَأَهَا بَعْضُهُمْ، وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ لِأُمٍّ، وَاطَلَاقُ الشَّرِكَةِ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ كَمَا إذَا قَالَ شَرِيكِي فُلَانٌ فِي هَذَا الْمَالِ أَوْ قَالَ لَهُ شَرِكَةً فِيهِ، وَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ قُضِيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالنِّصْفِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا سَوَّى بَيْنَهُمَا حَالَةَ الِانْفِرَادِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى اسْتِوَائِهِمَا حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ.

قَالَ رحمه الله (وَحُجِبْنَ بِالِابْنِ وَابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَبِالْأَبِ وَالْجَدِّ) أَيْ الْأَخَوَاتُ كُلُّهُنَّ حُجِبْنَ بِهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ، وَهُمْ الِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَ، وَالْأَبُ وَالْجَدُّ وَإِنْ عَلَا، وَكَذَا الْإِخْوَةُ يُحْجَبُونَ بِهِمْ لِأَنَّ مِيرَاثَهُمْ مَشْرُوطٌ بِالْكَلَالَةِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْكَلَالَةِ هَلْ هِيَ صِفَةٌ لِلْمَيِّتِ أَوْ لِلْوَرَثَةِ أَوْ لِلتَّرِكَةِ، وَقُرِئَ {يُورَثُ} [النساء: 12] بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا، وَأَيَّامَا كَانَ يُشْتَرَطُ لِتَسْمِيَتِهِ عَدَمُ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ لِلْمَيِّتِ فَيَسْقُطُونَ بِهِمْ.

وَالْكَلَالَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْإِحَاطَةِ، وَمِنْهُ الْإِكْلِيلُ لِإِحَاطَتِهِ بِالرَّأْسِ، وَلَفْظَةُ كُلٍّ لِإِحَاطَتِهَا بِمَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْكَلَالَةُ مَنْ أَحَاطَ بِالشَّخْصِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، وَقِيلَ أَصْلُهَا مِنْ الْبُعْدِ يُقَالُ كَلَّتْ الرَّحِمُ بَيْنَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ إذَا تَبَاعَدَتْ، وَيُقَالُ حَمَلَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ كَلَّ عَنْهُ أَيْ تَرَكَهُ وَبَعُدَ عَنْهُ، وَغَيْرُ قَرَابَةِ الْوِلَادِ بَعِيدٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوِلَادِ قَالَ الْفَرَزْدَقُ

وَرِثْتُمْ قَنَاةَ الْمَجْدِ لَا عَنْ كَلَالَةٍ

عَنْ ابْنَيْ مَنَافٍ عَبْدِ شَمْسٍ وَهَاشِمٍ

يُرِيدُ وَرِثْتُمْ مَجْدَكُمْ عَنْ أُصُولِكُمْ لَا عَنْ الْفُرُوعِ كَالْأَعْمَامِ وَالْإِخْوَةِ وَوَلَدِ الِابْنِ وَلَدٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ.

فَلَا تَكُونُ كَلَالَةً مَعَهُ قَالَ رحمه الله (وَالْبِنْتُ تَحْجُبُ وَلَدَ الْأُمِّ فَقَطْ) أَيْ بِنْتُ الْمَيِّتِ تَحْجُبُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأُمِّ وَحْدَهُمْ وَلَا تَحْجُبُ الْإِخْوَةَ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مِنْ الْأَبِ لِمَا أَنَّ شَرْطَ إرْثِهِمْ الْكَلَالَةُ، وَلَا كَلَالَةَ مَعَ الْوَلَدِ وَالْبِنْتُ وَلَدٌ فَتَحْجُبُهُمْ، وَكَذَا بِنْتُ الِابْنِ لِمَا أَنَّ وَلَدَ الِابْنِ وَلَدٌ فَإِنْ قِيلَ وَجَبَ أَنْ لَا تَرِثَ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مِنْ الْأَبِ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ لِأَنَّ إرْثَهُمْ مَشْرُوطٌ بِالْكَلَالَةِ.

قُلْنَا الْكَلَالَةُ شُرِطَتْ فِي حَقِّهِمْ لِإِرْثِ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثَيْنِ أَوْ لِإِرْثِ الْكُلِّ بِالْعُصُوبَةِ فَإِذَا انْتَفَتْ الْكَلَالَةُ انْتَفَى هَذَا الْإِرْثُ الْمَشْرُوطُ بِهَا لَا مُطْلَقُ الْإِرْثِ فَيَسْتَحِقُّونَ الْإِرْثَ بِالْعُصُوبَةِ مَعَ الْبِنْتِ بِنَصٍّ آخَرَ عَلَى مَا بَيَّنَّا بِخِلَافِ إرْثِ أَوْلَادِ الْأُمِّ فَإِنَّ جَمِيعَ إرْثِهِمْ مَشْرُوطٌ بِالْكَلَالَةِ فَيَنْتَفِي بِعَدَمِهَا فَصَارَ لِلْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ خَمْسُ أَحْوَالٍ النِّصْفُ لِلْوَاحِدَةِ وَالثُّلُثَانِ لِأَكْثَرَ مِنْهَا وَالتَّعْصِيبُ بِأَخِيهِنَّ، وَمَعَ الْبَنَاتِ وَالسُّقُوطُ مَعَ الِابْنِ.

وَلِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ سَبْعُ أَحْوَالٍ ذِي الْخَمْسَةُ وَالسُّدُسُ مَعَ الْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالسُّقُوطُ بِالِاثْنَتَيْنِ مِنْ الْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَصَارَ لِأَوْلَادِ الْأُمِّ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ السُّدُسُ لِلْوَاحِدِ وَالثُّلُثُ لِأَكْثَرَ مِنْهُ وَالسُّقُوطُ بِمَا ذَكَرْنَا.

قَالَ رحمه الله (وَعَصَبَةٌ) وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ ذُو فَرْضٍ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ بَعْدَ ذِكْرِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ يُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، وَهُمْ ذُو فَرْضٍ وَعَصَبَةٍ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْخَبَرِ فَيَكُونُ خَبَرًا قَالَ رحمه الله (أَيْ مَنْ أَخَذَ الْكُلَّ إنْ انْفَرَدَ، وَالْبَاقِي مَعَ ذِي سَهْمٍ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْعَصَبَةِ أَيْ الْعَصَبَةُ مَنْ يَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَالِ عِنْدَ انْفِرَادِهِ، وَمَا أَبْقَتْهُ الْفَرَائِضُ عِنْدَ وُجُودِ مَنْ لَهُ الْفَرْضُ الْمُقَدَّرُ، وَهَذَا رَسْمٌ، وَلَيْسَ بِحَدٍّ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُعْرَفَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ، وَلَكِنْ لَا يُعْرَفُ مَنْ هُوَ الْعَصَبَةُ مِنْهُمْ فَيَكُونُ تَعْرِيفًا بِالْحُكْمِ، وَالْمَقْصُودُ مَعْرِفَةُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَرَأَهَا بَعْضُهُمْ) أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. اهـ. (قَوْلُهُ قُضِيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالنِّصْفِ) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَوْ بِشِرْكٍ فِي عَبْدٍ يُجْعَلُ لَهُ النِّصْفُ وَأَمَرَهُ بِالْبَيَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ مِيرَاثَهُمْ مَشْرُوطٌ بِالْكَلَالَةِ) بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} [النساء: 176] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً} [النساء: 12]. اهـ. (قَوْلُهُ وَقُرِئَ يُورَثُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا) الَّذِي قَرَأَ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ فَمَنْ قَرَأَ بِالْكَسْرِ جَعَلَ الْكَلَالَةَ الْوَرَثَةَ وَمَنْ قَرَأَ بِالْفَتْحِ جَعَلَ الْكَلَالَةَ الْمَيِّتَ. اهـ.

ص: 237