المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ لم يكن له عاقلة فعلى من تجب الدية] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٦

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[سَبَب الْأُضْحِيَّة وَشَرَائِطهَا]

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[مَا يُضَحَّى بِهِ]

- ‌[ مِمَّا تَكُون الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كَيْفِيَّة التَّصَرُّف فِي لَحْم الْأُضْحِيَّة]

- ‌[ التَّصَدُّق بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[يذبح المضحي بِيَدِهِ]

- ‌[ذبح الْكِتَابِيّ لِلْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[أَخْطِئَا وَذَبَحَ كُلٌّ أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ)

- ‌(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌(مَسَائِلُ الشِّرْبِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌{فَصْلٌ فِي طَبْخِ الْعَصِيرِ}

- ‌{كِتَابُ الصَّيْدِ}

- ‌[الِاصْطِيَاد بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّم وَالْفَهْد وَالْبَازِي]

- ‌[ التَّسْمِيَة عِنْد الإرسال للصيد]

- ‌[رَمَى صَيْدًا فَقَطَعَ عُضْو مِنْهُ]

- ‌ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌{بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ}

- ‌{بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ}

- ‌(بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌[فَصْلٌ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ بِعَشْرَةٍ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ]

- ‌(كِتَابُ الْجِنَايَاتِ)

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ)

- ‌[بَابُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ صُولِحَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ حَالًّا وَسَقَطَ الْقَوَدُ]

- ‌[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّفْسِ وَالْمَارِنِ وَاللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ]

- ‌(بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ)

- ‌[فَصْلٌ قُتِلَ عَبْدٌ خَطَأً]

- ‌[بَابُ غَصْبِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالصَّبِيِّ وَالْجِنَايَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ الْقَسَامَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ)

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الدِّيَة فِي الْمَعَاقِلِ]

- ‌(وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ)

- ‌لَا يَعْقِلُ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ

- ‌[ لَا يَعْقِل أَهْل مِصْر عَنْ أَهْل مِصْر آخِر]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَة فَعَلَى مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[وَصِيَّة الْمُسْلِم لِلذِّمِّيِّ والذمي لِلْمُسْلِمِ]

- ‌ وَصِيَّةُ الْمَدْيُونِ

- ‌ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ

- ‌ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ

- ‌[الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة]

- ‌[ وَصِيَّة الْمُكَاتَب]

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ]

- ‌[بَابُ وَصِيَّةِ الذِّمِّيِّ لِلذِّمِّيِّ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَّهَادَةِ الْوَصِيَّانِ]

- ‌(كِتَابُ الْخُنْثَى)

- ‌[لَبِسَ الْخُنْثَى لِلْحَرِيرِ وَالْحِلِّي]

- ‌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِيهِ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى

- ‌[مَاتَ الْخُنْثَى قَبْل أَنْ يستبين أمره]

- ‌[قَبَلَ رَجُل الْخُنْثَى الْمُشْكِل بشهوة]

- ‌[تَزَوَّجَ الْخُنْثَى مِنْ خُنْثَى]

- ‌(مَسَائِلُ شَتَّى)

- ‌(إيمَاءُ الْأَخْرَسِ، وَكِتَابَتُهُ

- ‌[ مِيرَاث الْخُنْثَى]

- ‌[حَدّ قاذف الْخُنْثَى]

- ‌[لف ثَوْب نجس فِي آخِر طَاهِر]

- ‌[غنم مذبوحة وميتة حُكْم الْأَكْل مِنْهَا]

- ‌[سُلْطَان جَعَلَ الخراج لِرَبِّ الْأَرْض]

- ‌ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ

- ‌ ابْتَلَعَ الصَّائِمُ رِيقَ غَيْرِهِ

- ‌[ الْعَقَار الْمُتَنَازِع فِيهِ لَا يَخْرَج مِنْ يَد ذَوِي الْيَد]

- ‌[بَاعَ ضيعة ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَاده]

- ‌[قَالَ لِآخِرِ وكلتك ببيع هَذَا فسكت]

- ‌[ وهبت مهرها لزوجها فَمَاتَتْ فطالب ورثتها بِهِ وقالوا كَانَتْ الْهِبَة فِي مَرَض موتها]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[أحوال الْأَب فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْأُمّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[للجدات أحوال فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْج فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْجَة فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْبِنْت فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ أحوال الْجَدّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[الأخوات لِأَب وَأُمّ أحوالهن فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْعُصُبَات فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْفُرُوض المقدرة فِي الْمَوَارِيث]

- ‌[التصحيح فِي الْفَرَائِض]

- ‌[ خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[ لم يكن له عاقلة فعلى من تجب الدية]

مِنْ أَيْسَرِ الْأَمْوَالِ أَدَاءً وَالْأَدَاءُ مِنْ الْعَطَاءِ أَيْسَرُ إذَا صَارُوا مِنْ أَهْلِ الْعَطَاءِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَالُ الْعَطَاءِ مِنْ جِنْسِ مَا قَضَى بِهِ عَلَيْهِمْ بِأَنْ كَانَ الْقَضَاءُ بِالْإِبِلِ وَالْعَطَاءُ دَرَاهِمَ فَحِينَئِذٍ لَا يَتَحَوَّلُ إلَى الدَّرَاهِمِ أَبَدًا لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الْقَضَاءِ الْأَوَّلِ لَكِنْ يَقْضِي بِالْإِبِلِ مِنْ مَالِ الْعَطَاءِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ.

قَالَ عُلَمَاؤُنَا رحمهم الله إنَّ الْقَاتِلَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ هُمْ أَهْلُ نُصْرَتِهِ وَلَيْسَ بَعْضُهُمْ أَخَصَّ مِنْ بَعْضٍ بِذَلِكَ وَلِهَذَا إذَا مَاتَ كَانَ مِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَكَذَا مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْغَرَامَةِ يَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ أَنَّهَا تَجِبُ فِي مَالِهِ، وَوَجْهُهَا أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ عَلَى الْجَانِي وَهُوَ الْقَاتِلُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْمُتْلَفِ وَالْإِتْلَافُ مِنْهُ إلَّا أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَتَحَمَّلُهَا تَحْقِيقًا لِلتَّخْفِيفِ عَلَى مَا عُرِفَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ عَادَ الْحُكْمُ إلَى الْأَصْلِ.

وَابْنُ الْمُلَاعَنَةِ يَعْقِلُهُ عَاقِلَةُ أُمِّهِ؛ لِأَنَّ نَسَبَهُ ثَابِتٌ مِنْهَا دُونَ الْأَبِ فَإِذَا عَقَلُوا عَنْهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْأَبُ رَجَعَتْ عَاقِلَةُ الْأُمِّ بِمَا أَدَّتْ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ قَضَى لَهُمْ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الدِّيَةَ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِكْذَابِ ظَهَرَ أَنَّ النَّسَبَ كَانَ ثَابِتًا مِنْ الْأَبِ حَيْثُ بَطَلَ اللِّعَانُ بِالْإِكْذَابِ وَمَتَى ظَهَرَ أَنَّ النَّسَبَ كَانَ ثَابِتًا مِنْهُ مِنْ الْأَصْلِ فَقَوْمُ الْأُمِّ تَحَمَّلُوا مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى قَوْمِ الْأَبِ فَيَرْجِعُونَ بِهَا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مُضْطَرُّونَ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ وَلَهُ وَلَدٌ مُسْلِمٌ حُرٌّ فَلَمْ تُؤَدَّ كِتَابَتُهُ حَتَّى جَنَى ابْنُهُ جِنَايَةً وَعَقَلَ عَنْهُ قَوْمُ أُمِّهِ ثُمَّ أُدِّيَتْ الْكِتَابَةُ تَرْجِعُ عَاقِلَةُ الْأُمِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ عِنْدَ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ يَتَحَوَّلُ وَلَاؤُهُ إلَى قَوْمِ أَبِيهِ مِنْ وَقْتِ ثَبَتَتْ الْحُرِّيَّةُ لِلْأَبِ وَهُوَ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْمَ الْأُمِّ عَقَلُوا عَنْهُمْ فَيَرْجِعُونَ عَلَيْهِمْ.

، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ أَمَرَ صَبِيًّا بِقَتْلِ رَجُلٍ فَقَتَلَهُ فَضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ الدِّيَةَ رَجَعَتْ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ إنْ كَانَ الْأَمْرُ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَفِي مَالِ الْآمِرِ إنْ كَانَ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يَقْضِي بِهَا عَلَى الْآمِرِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ مُؤَجَّلَةً بِطَرِيقِ التَّيْسِيرِ عَلَيْهِمْ فَكَذَا الرُّجُوعُ بِهَا تَحْقِيقًا لِلْمُمَاثِلَةِ ثُمَّ مَسَائِلُ الْمَعَاقِلِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ كَثِيرَةٌ وَأَجْوِبَتُهَا مُخْتَلِفَةٌ وَالضَّابِطُ الَّذِي يَرُدُّ كُلَّ جِنْسٍ إلَى أَصْلِهِ أَنْ يُقَالَ أَنَّ حَالَ الْقَاتِلِ إنْ تَبَدَّلَ حُكْمًا بِسَبَبِ حَادِثٍ فَانْتَقَلَ مِنْ وَلَاءٍ إلَى وَلَاءٍ لَمْ تَنْتَقِلْ جِنَايَتُهُ عَنْ الْأُولَى قَضَى بِهَا أَوْ لَمْ يَقْضِ، وَذَلِكَ كَالْوَلَدِ الْمَوْلُودِ بَيْنَ حُرَّةٍ وَعَبْدٍ إذَا جَنَى ثُمَّ أَعْتَقَ الْأَبُ يَجُرُّ وَلَاءَ الْوَلَدِ إلَى قَوْمِهِ وَلَا تَتَحَوَّلُ الْجِنَايَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ قَضَى بِهَا أَوْ لَمْ يَقْضِ، وَكَذَا لَوْ حَفَرَ هَذَا الْغُلَامُ بِئْرًا ثُمَّ أَعْتَقَ أَبُوهُ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ يُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِحَالَةِ الْحَفْرِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَبَاعَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ بَعْدَ الْحَفْرِ وَلَمْ يَبِعْهُ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْمَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَا.

وَمِنْ نَظِيرِهِ حَرْبِيٌّ أَسْلَمَ وَوَالَى رَجُلًا فَجَنَى جِنَايَةً ثُمَّ أَعْتَقَ أَبُوهُ جَرَّ وَلَاءَهُ؛ لِأَنَّ الْعَتَاقَةَ أَقْوَى وَجِنَايَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ وَالَاهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِوَقْتِ الْجِنَايَةِ وَتَحَوُّلِ الْوَلَاءِ بِسَبَبٍ حَادِثٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ تِلْكَ الْجِنَايَةِ فَلَا تَبَدُّلَ وَإِنْ لَمْ يَتَبَدَّلْ حَالُ الْقَاتِلِ وَلَكِنْ ظَهَرَتْ حَالَةٌ خَفِيَّةٌ فِيهِ تَحَوَّلَتْ الْجِنَايَةُ إلَى الْأُخْرَى وَقَعَ الْقَضَاءُ بِهَا أَوْ لَمْ يَقَعْ، وَذَلِكَ مِثْلُ دَعْوَةِ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ وَوَلَدِ الْمُكَاتَبِ إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ وَأَمَرَ الرَّجُلُ الصَّبِيَّ بِالْجِنَايَةِ، وَلَوْ لَمْ يَتَبَدَّلْ حَالُ الْجَانِي وَلَمْ تَظْهَرْ فِيهِ الْحَالَةُ الْخَفِيَّةُ وَلَكِنَّ الْعَاقِلَةَ تَبَدَّلَتْ كَانَ الِاعْتِبَارُ فِي ذَلِكَ لِوَقْتِ الْقَضَاءِ لَا غَيْرُ فَإِنْ قَضَى بِهَا عَلَى الْأُولَى لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى الثَّانِيَةِ وَإِلَّا قَضَى بِهَا عَلَى الثَّانِيَةِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ دِيوَانِ أَهْلِ الْكُوفَةِ ثُمَّ جُعِلَ مِنْ دِيوَانِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا وَلَكِنْ لَحِقَ الْعَاقِلَةَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ اشْتَرَكُوا فِي حُكْمِ الْجِنَايَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَبَعْدَهُ إلَّا فِيمَا سَبَقَ أَدَاؤُهُ فَمَنْ أَحْكَمَ هَذَا الْأَصْلَ وَتَأَمَّلَ فِيهِ أَمْكَنَهُ تَخْرِيجُ الْمَسَائِلِ وَرَدُّ كُلِّ وَاقِعَةٍ مِنْ النَّظَائِرِ وَالْأَضْدَادِ إلَى أَصْلِهَا، وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى الرَّشَادِ وَهُوَ الْمُوَفِّقُ لِلْعِبَادِ وَيَشْرَحُ صُدُورَهُمْ لِلسَّدَادِ.

[كِتَابُ الْوَصَايَا]

(كِتَابُ الْوَصَايَا) الْإِيصَاءُ لُغَةً طَلَبُ شَيْءٍ مِنْ غَيْرِهِ لِيَفْعَلَهُ عَلَى غَيْبٍ مِنْهُ حَالَ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ وَفِي الشَّرْعِ مَا ذَكَرَهُ فِي.

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

[ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَة فَعَلَى مِنْ تجب الدِّيَة]

قَوْلُهُ قَضَى بِهَا أَوْ لَمْ يَقْضِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ مَوْلًى لِقَوْمِ أَبِيهِ عِنْدَ عِتْقِ أَبِيهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَارَ الْأَبُ مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ يَوْمَئِذٍ وَالْجِنَايَةُ قَدْ تَقَدَّمَتْ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا يَسْتَقِيمُ إلْزَامُهَا عَلَى قَوْمِ الْأَبِ وَلَمْ يَكُنْ مَوْلًى لَهُمْ وَقْتَ الْجِنَايَةِ. اهـ. غَايَةٌ

(كِتَابُ الْوَصَايَا).

ص: 181

الْمُخْتَصَرِ فَقَالَ (الْوَصِيَّةُ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ) يَعْنِي بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً قَالَ رحمه الله (وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ) أَيْ الْوَصِيَّةُ مُسْتَحَبَّةٌ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مُسْتَحَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ لِلَّهِ كَالزَّكَاةِ أَوْ الصِّيَامِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الصَّلَاةِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا فَهِيَ وَاجِبَةٌ وَالْقِيَاسُ يَأْبَى جَوَازَهَا؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى حَالِ زَوَالِ الْمِلْكِ، وَلَوْ أَضَافَهُ إلَى حَالِ قِيَامِهِ بِأَنْ قَالَ مَلَّكْتُك غَدًا كَانَ بَاطِلًا فَهَذَا أَوْلَى إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ أَجَازَهَا

لِحَاجَةِ

النَّاسِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَغْرُورٌ بِأَمَلِهِ مُقَصِّرٌ فِي عَمَلِهِ فَإِذَا عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ وَخَافَ الْهَلَاكَ يَحْتَاجُ إلَى تَلَافِي مَا فَاتَهُ مِنْ التَّقْصِيرِ بِمَالِهِ عَلَى وَجْهٍ لَوْ تَحَقَّقَ مَا كَانَ يَخَافُهُ يَحْصُلُ مَقْصُودُهُ الْمَآلِيّ، وَلَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَأَحْوَجَهُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ صَرَفَهُ إلَى حَاجَتِهِ الْحَالِيِّ فَشَرَعَهَا الشَّارِعُ تَمْكِينًا مِنْهُ جَلَّ وَعَلَا مِنْ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَقَضَاءً لِحَاجَتِهِ عِنْدَ احْتِيَاجِهِ إلَى تَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ، وَمِثْلُهُ الْإِجَارَةُ لَا تَجُوزُ قِيَاسًا لِمَا فِيهَا مِنْ إضَافَةِ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ إلَى مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الزَّمَانِ وَأَجَازَهَا الشَّارِعُ

لِلضَّرُورَةِ

وَقَدْ يَبْقَى الْمِلْكُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ كَمَا بَقِيَ فِي قَدْرِ التَّجْهِيزِ وَالدَّيْنِ وَقَدْ نَطَقَ بِهَا الْكِتَابُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] وَالسُّنَّةُ وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ لِيَجْعَلَهَا لَكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ» وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ.

ثُمَّ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْأَجْنَبِيِّ بِالثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ الْوَارِثِ وَلَا تَجُوزُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِمَا رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ «جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَلَغَ بِي مِنْ الْوَجَعِ مَا تَرَى وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إلَّا ابْنَةٌ لِي أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي قَالَ لَا قُلْت فَالشَّطْرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا قُلْت فَالثُّلُثَ قَالَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ إنَّكَ إنْ تَذَرْ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ لَك مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَ بِمَالِهِ لِانْعِقَادِ سَبَبِ الزَّوَالِ إلَيْهِمْ وَهُوَ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ الْمَالِ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُظْهِرْهُ فِي حَقِّ الْأَجَانِبِ بِقَدْرِ الثُّلُثِ لِيَتَدَارَكَ تَقْصِيرَهُ وَأَظْهَرُهُ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِمْ تَحَرُّزًا عَمَّا يَتَّفِقُ لَهُمْ مِنْ التَّأَذِّي بِالْإِيثَارِ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «الْحَيْفُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ» وَفَسَّرُوهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ وَبِالْوَصِيَّةِ لِلْوَرَثَةِ.

قَالَ رحمه الله (وَلَا تَصِحُّ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَا لِقَاتِلِهِ وَوَارِثِهِ إنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا بَيَّنَّا وَأَمَّا الثَّانِي فَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا وَصِيَّةَ لِقَاتِلٍ» وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُ الْقَاتِلَ مُبَاشَرَةً عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً بِخِلَافِ التَّسْبِيبِ؛ لِأَنَّ التَّسْبِيبَ لَيْسَ بِقَتْلٍ حَقِيقَةً فَلَا يَتَنَاوَلُهُ، وَلِأَنَّهُ اسْتَعْجَلَ مَا أَخَّرَهُ اللَّهُ فَيُحْرَمُ الْوَصِيَّةَ كَالْمِيرَاثِ سَوَاءٌ أَوْصَى لَهُ قَبْلَ الْقَتْلِ ثُمَّ قَتَلَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بَعْدَ الْجُرْحِ لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَاهُ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» ، وَلِأَنَّ الْبَعْضَ يَتَأَذَّى بِإِيثَارِ الْبَعْضِ فَفِي تَجْوِيزِهِ قَطِيعَةُ الرَّحِمِ.

وَلِأَنَّهُ حَيْفٌ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا وَقْتَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُعْتَبَرُ وَقْتَ التَّمْلِيكِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَهُوَ وَارِثٌ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ ابْنٌ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ وَعَكْسُهُ لَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَلَهُ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ لِمَا ذَكَرْنَا وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ مِنْ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ فِي هَذَا نَظِيرُ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ حُكْمًا حَتَّى يُعْتَبَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِقْرَارُ الْمَرِيضِ لِلْوَارِثِ عَلَى عَكْسِهِ فَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ عِنْدَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْحَالِ فَيُعْتَبَرُ حَالُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ وَهُوَ لَيْسَ بِوَارِثٍ لَهُ جَازَ الْإِقْرَارُ لَهُ.

وَإِنْ صَارَ وَارِثًا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ لِابْنِهِ وَهُوَ عَبْدٌ ثُمَّ أُعْتِقَ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ جَازَ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ إرْثَهُ بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ، وَلِأَنَّ إقْرَارَهُ لِمَوْلَاهُ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا يَبْطُلُ إقْرَارُهُ لَهَا وَأَمَّا إذَا وَرِثَ بِسَبَبٍ قَائِمٍ عِنْدَ الْإِقْرَارِ لَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ أَقَرَّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَلَا يَرِثُنِي) أَيْ بِالْفَرْضِ وَإِلَّا فَلَهُ عَصَبَةٌ كَثِيرَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ قُلْت فَالشَّطْرَ) الشَّطْرُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ أَفَأُوصِي بِالشَّطْرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَضْبُوطٌ بِالْجَرِّ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ إذْ هُوَ الظَّاهِرُ. اهـ. (قَوْلُهُ قَالَ الثُّلُثُ) قَالَ النَّوَوِيُّ يَجُوزُ رَفْعُ الثُّلُثِ وَنَصْبُهُ فَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ أَيْ يَكْفِيك الثُّلُثُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ أَوْ عَكْسُهُ وَالنَّصْبُ عَلَى الْإِغْرَاءِ أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ أَعْطِ الثُّلُثَ. اهـ. (قَوْلُهُ إنْ تَذَرْ) مُبْتَدَأٌ وَخَيْرٌ خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ إنَّ مِنْ إنَّكَ فَالتَّقْدِيرُ تَرْكُك أَوْلَادَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ التَّسْبِيبِ) أَيْ كَمَا فِي حَافِرِ الْبِئْرِ وَوَاضِعِ الْحَجَرِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) مُقْتَضَى الْحَدِيثِ وَعِبَارَتُهُ فِي الْمَتْنِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَصِحُّ لِلْوَارِثِ بِالثُّلُثِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ رحمه الله فِي آخِرِ الْمَقَالَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَ بِمَالِهِ إلَخْ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ بِالثُّلُثِ وَبِغَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ رحمه الله فِي فَتَاوَاهُ مَا نَصُّهُ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا أَنْ تُجِيزَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَمَّا عَدَمُ الْجَوَازِ عِنْدَ عَدَمِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَلِمَا رُوِيَ عَنْ «سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ قَالَ لَا قَالَ بِنِصْفِهِ قَالَ لَا قَالَ بِثُلُثِهِ قَالَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» أَمَّا الْجَوَازُ عِنْدَ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِأَنَّ الْمَنْعَ كَائِنٌ لِحَقِّهِمْ وَقَدْ أَسْقَطُوا حَقَّهُمْ فَيَزُولُ الْمَنْعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لِوَارِثِهِ وَإِنْ قَلَّ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُجِيزَ أَصْحَابُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي أَمَّا عَدَمُ الْجَوَازِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَأَمَّا الْجَوَازُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ لِمَا قُلْنَا اهـ.

ص: 182