الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعَانِي.
قَالَ رحمه الله (وَحَرُمَ
صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ
وَالْمُرْتَدِّ)؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ فَكَذَا فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ وَكَذَا الْمُحْرِمُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ فِي حَقِّ الصَّيْدِ فَكَذَا لَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ ذَكَاةِ الِاضْطِرَارِ فِيهِ وَيُؤْكَلُ صَيْدُ الْكِتَابِيِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ اخْتِيَارًا فَكَذَا اضْطِرَارًا.
[صَيْد الْمَجُوسِيّ وَالْوَثَنِيّ]
قَالَ رحمه الله (، وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَلَمْ يُثْخِنْهُ فَرَمَاهُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلثَّانِي وَحَلَّ)؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْآخِذُ لَهُ وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «الصَّيْدُ لِمَنْ أَخَذَهُ» ، وَإِنَّمَا حَلَّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ بِالْأَوَّلِ مِنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ كَانَ ذَكَاتُهُ ذَكَاةَ الِاضْطِرَارِ وَهُوَ الْجُرْحُ أَيَّ مَوْضِعٍ كَانَ، وَقَدْ وُجِدَ قَالَ رحمه الله (، وَإِنْ أَثْخَنَهُ فَلِلْأَوَّلِ وَحَرُمَ)؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَثْخَنَهُ الْأَوَّلُ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ وَصَارَ قَادِرًا عَلَى ذَكَاتِهِ الِاخْتِيَارِيَّةِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ ذَكَاتُهُ لِمَا بَيَّنَّا وَلَمْ يُذَكِّهِ وَصَارَ الثَّانِي قَاتِلًا لَهُ فَيَحْرُمُ، وَهُوَ لَوْ تَرَكَ ذَكَاتَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ يَحْرُمُ فَبِالْقَتْلِ أَوْلَى أَنْ يَحْرُمَ بِخِلَافِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا إذَا كَانَ بِحَالٍ يَسْلَمُ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ يُضَافُ إلَى الثَّانِي أَمَّا إذَا كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ الصَّيْدُ بِأَنْ لَا يَبْقَى فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَبْقَى فِي الْمَذْبُوحِ كَمَا إذَا أَبَانَ رَأْسَهُ يَحِلُّ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ لَا يُضَافُ إلَى الرَّمْيِ الثَّانِي فَلَا اعْتِبَارَ بِوُجُودِهِ لِكَوْنِهِ مَيِّتًا حُكْمًا؛ وَلِهَذَا لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَحْرُمُ كَوُقُوعِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ لَا يَعِيشُ مِنْهُ الصَّيْدُ لَكِنَّ حَيَاتَهُ فَوْقَ حَيَاةِ الْمَذْبُوحِ بِأَنْ كَانَ يَبْقَى يَوْمًا أَوْ دُونَهُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله لَا يَحْرُمُ بِالرَّمْيَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الْحَيَاةِ لَا يُعْتَبَرُ عِنْدَهُ
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رحمه الله يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الْحَيَاةِ مُعْتَبَرٌ عِنْدَهُ فَصَارَ حُكْمُهُ كَحُكْمِ مَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ يَسْلَمُ مِنْهُ فَلَا يَحِلُّ قَالَ رحمه الله (وَضَمِنَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ) أَيْ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَةِ الصَّيْدِ غَيْرَ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَةُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ صَيْدًا مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْإِثْخَانِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَ وَقِيمَتُهُ وَقْتَ إتْلَافِهِ كَانَ نَاقِصًا بِجِرَاحَةِ الْأَوَّلِ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْمُتْلَفِ تُعْتَبَرُ وَقْتَ الْإِتْلَافِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ عَبْدًا مَرِيضًا أَوْ شَاةً مَجْرُوحَةً، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ مَنْقُوصًا بِالْمَرَضِ أَوْ الْجُرْحِ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ تَأْوِيلُهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِالثَّانِي بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَسْلَمُ مِنْهُ وَالثَّانِي بِحَالٍ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ لِيَكُونَ الْقَتْلُ كُلُّهُ مُضَافًا إلَى الثَّانِي، وَقَدْ قَتَلَ حَيَوَانًا مَمْلُوكًا لِلْأَوَّلِ مَنْقُوصًا بِالْجِرَاحَةِ فَلَا يَضْمَنُهُ كَمَلًا كَمَا إذَا قَتَلَ عَبْدًا مَرِيضًا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ مِنْ الْجِرَاحَتَيْنِ أَوْ لَا يَدْرِي قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ يَضْمَنُ الثَّانِي مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ ثُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِجِرَاحَتَيْنِ ثُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ لَحْمِهِ
أَمَّا الْأَوَّلُ، وَهُوَ ضَمَانُ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ؛ فَلِأَنَّهُ جَرَحَ حَيَوَانًا مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ، وَقَدْ نَقَصَهُ فَيَضْمَنُهُ أَوَّلًا، وَأَمَّا الثَّانِي، وَهُوَ ضَمَانُ نِصْفِ قِيمَتِهِ حَيًّا؛ فَلِأَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ بِالْجِرَاحَتَيْنِ فَيَكُونُ هُوَ مُتْلِفًا نِصْفَهُ، وَهُوَ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ فَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجِرَاحَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى مَا كَانَتْ بِصُنْعِهِ يَعْنِي الْجِرَاحَةَ الْأُولَى مَا كَانَتْ بِصُنْعِ الثَّانِي فَلَا يَضْمَنُهَا وَالثَّانِيَةُ ضَمِنَهَا مَرَّةً فَلَا يَضْمَنُهَا ثَانِيًا أَيْ الْجِرَاحَةُ الثَّانِيَةُ وَمُرَادُهُ مَا نَقَصَ بِجِرَاحَتِهِ ضَمِنَهَا مَرَّةً، وَهُوَ مَا ضَمِنَهُ مِنْ النُّقْصَانِ بِجِرَاحَتِهِ أَوَّلًا، وَأَمَّا الثَّالِثُ، وَهُوَ ضَمَانُ نِصْفِ اللَّحْمِ فَلِأَنَّ بِالرَّمْيَةِ الْأُولَى صَارَ بِحَالٍ يَحِلُّ بِذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ لَوْلَا رَمْيُ الثَّانِي، فَهَذَا بِالرَّمْيِ الثَّانِي أَفْسَدَ عَلَيْهِ نِصْفَ اللَّحْمِ فَيَضْمَنُهُ وَلَا يَضْمَنُ النِّصْفَ الْآخَرَ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَهُ مَرَّةً حَيْثُ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ حَيًّا فَدَخَلَ ضَمَانُ اللَّحْمِ فِيهِ
وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَرْقًا أَعْنِي بَيْنَ مَا إذَا حَصَلَ الْقَتْلُ بِالثَّانِي وَحْدَهُ أَوْ بِهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَضْمَنُ الثَّانِي جَمِيعَ قِيمَتِهِ غَيْرَ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَةُ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ بَيَّنَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى جَمِيعَ الْحَاصِلِ وَفِي الثَّانِيَةِ بَيَّنَ طَرِيقَ الضَّمَانِ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ قَاضِيخَانْ أَيْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَيَانُهُ أَنَّ الرَّامِيَ الْأَوَّلَ إذَا رَمَى صَيْدًا يُسَاوِي عَشَرَةً فَنَقَصَهُ دِرْهَمَيْنِ ثُمَّ رَمَاهُ الثَّانِي فَنَقَصَهُ دِرْهَمَيْنِ ثُمَّ مَاتَ فَعَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى يَضْمَنُ الثَّانِي ثَمَانِيَةً وَيَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ قِيمَتِهِ دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَلِفَ بِجُرْحِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ غَيْرَ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ يَضْمَنُ دِرْهَمَيْنِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ النُّقْصَانِ حَصَلَ بِفِعْلِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الزِّيَادَاتِ يَضْمَنُ الثَّانِي مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ سِتَّةٌ فَيَضْمَنُ نِصْفَهَا، وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِجِرَاحَتَيْنِ يَعْنِي بِهِ نِصْفَ قِيمَتِهِ حَيًّا ثُمَّ إذَا مَاتَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَحَرُمَ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ) وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ سَمَكَةٍ يَصِيدُهَا مَجُوسِيٌّ؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ إذَا أَخَذَ سَمَكَةً وَتَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَلَيْهَا تَحِلُّ وَمَا يَحِلُّ بِدُونِ التَّسْمِيَةِ فَالْمَجُوسِيُّ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ اهـ نِهَايَةٌ فِي الذَّبَائِحِ.
(قَوْلُهُ، وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ حَرُمَ اهـ
يَضْمَنُ النِّصْفَ الْآخَرَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ اللَّحْمَ فَلَا يَضْمَنُ النِّصْفَ الْآخَرَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَ تَفْوِيتُ اللَّحْمِ فِيهِ مَوْجُودًا بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ ذَلِكَ النِّصْفَ حَيَاةً فَلَوْ ضَمِنَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَانَ يَتَكَرَّرَ الضَّمَانُ بِأَنْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ حَيًّا ثُمَّ يَضْمَنُ قِيمَةَ لَحْمِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ حَيَاتُهُ بَيِّنَةً عِنْدَ رَمْيِ الثَّانِي وَكَانَ الرَّمْيُ الثَّانِي بَعْدَ مَا أَثْخَنَهُ الْأَوَّلُ أَمَّا إذَا كَانَتْ حَيَاتُهُ خَفِيَّةً بِقَدْرِ الْمَذْبُوحِ فَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي وَيُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ لَا يُضَافُ إلَى الثَّانِي؛ وَلِهَذَا لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَحْرُمُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَعَنْهُ وَقَعَ الِاحْتِرَازُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ مِنْ الْجِرَاحَتَيْنِ أَوْ لَا يَدْرِي، وَلَوْ رَمَيَاهُ مَعًا فَأَصَابَهُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ فَأَثْخَنَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ الْآخَرُ أَوْ رَمَاهُ أَحَدُهُمَا أَوَّلًا ثُمَّ رَمَاهُ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ الْأَوَّلُ أَوْ بَعْدَ مَا أَصَابَهُ قَبْلَ أَنْ يُثْخِنَهُ فَأَصَابَهُ الْأَوَّلُ وَأَثْخَنَهُ أَوْ أَثْخَنَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَيُؤْكَلُ
وَقَالَ زُفَرُ رحمه الله لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ حَالَةَ إصَابَةِ الثَّانِي غَيْرُ مُمْتَنِعٍ فَلَا يَحِلُّ بِذَكَاةِ الِاضْطِرَارِ فَصَارَ كَمَا إذَا رَمَاهُ الثَّانِي بَعْدَ مَا أَثْخَنَهُ الْأَوَّلُ قُلْنَا عِنْدَ رَمْيِ الثَّانِي هُوَ صَيْدٌ مُمْتَنِعٌ فَوَقَعَ رَمْيُهُ ذَكَاةً؛ وَلِهَذَا تُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الرَّمْيِ فَكَذَا الِامْتِنَاعُ يُعْتَبَرُ عِنْدَهُ إلَّا أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ سَهْمَهُ أَخْرَجَهُ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ فَمَلَكَهُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَّصِلَ سَهْمُ الثَّانِي بِهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي حَقِّ الْحِلِّ وَالضَّمَانِ وَقْتُ الرَّمْيِ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ إلَى صَيْدٍ مُبَاحٍ فَلَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِوُجُوبِ الضَّمَانِ فَلَا يَنْقَلِبُ مُوجِبًا بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ ذَكَاةٌ فَيَحِلُّ الْمُصَابُ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ يَحْصُلُ بِفِعْلِهِ وَفِعْلُهُ هُوَ الرَّمْيُ وَالْإِرْسَالُ فَيُعْتَبَرُ وَقْتُهُ، وَفِي حَقِّ الْمِلْكِ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْإِثْخَانِ؛ لِأَنَّ بِهِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ وَزُفَرُ يَعْتَبِرُ وَقْتَ الْإِثْخَانِ فِيهِمَا وَلَوْ رَمَيَاهُ مَعًا وَأَصَابَاهُ فَمَاتَ مِنْهُمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي السَّبَبِ وَالْبَازِي وَالْكَلْبُ فِي هَذَا كَالسَّهْمِ حَتَّى يَمْلِكَهُ بِإِثْخَانِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ إمْسَاكُهُ بِدُونِ الْإِثْخَانِ حَتَّى لَوْ أَرْسَلَ بَازِيَهُ فَأَمْسَكَ الصَّيْدَ بِمِخْلَبِهِ وَلَمْ يُثْخِنْهُ فَأَرْسَلَ آخَرُ بَازِيَهُ فَقَتَلَ ذَلِكَ الصَّيْدَ كَانَ الصَّيْدُ لِلثَّانِي وَحَلَّ لِأَنَّ يَدَ الْبَازِي الْأَوَّلِ لَيْسَتْ بِيَدٍ حَافِظَةٍ لِتُقَامَ مَقَامَ يَدِ الْمَالِكِ أَمَّا الْقَتْلُ فَهُوَ إتْلَافٌ وَالْبَازِي مِنْ أَهْلِ الْإِتْلَافِ فَيُنْقَلُ إلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ رَمَى سَهْمًا فَأَصَابَ الصَّيْدَ فَأَثْخَنَهُ ثُمَّ رَمَاهُ ثَانِيًا فَقَتَلَهُ حَرُمَ لِمَا بَيَّنَّا وَلَوْ رَمَى سَهْمًا فَأَصَابَ سَهْمًا مَوْضُوعًا عَلَى حَائِطٍ فَدَفَعَهُ وَمَضَى السَّهْمُ الثَّانِي وَأَصَابَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ حَلَّ؛ لِأَنَّ انْدِفَاعَ السَّهْمِ الثَّانِي بِوَاسِطَةِ الْأَوَّلِ فَأُضِيفَ إلَى رَامِيهِ كَأَنَّهُ رَمَاهُ بِهِ وَلَوْ رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ وَرَمَى رَجُلٌ آخَرُ إلَى ذَلِكَ الصَّيْدِ أَوْ غَيْرِهِ فَأَصَابَ السَّهْمُ الثَّانِي السَّهْمَ الْأَوَّلَ وَأَمْضَاهُ حَتَّى أَصَابَ الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ جَرْحًا يُنْظَرُ إنْ كَانَ السَّهْمُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ إلَى الصَّيْدِ بِدُونِ دَفْعِ الثَّانِي فَالصَّيْدُ لِلثَّانِي لِأَنَّهُ هُوَ الْآخِذُ لَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الثَّانِي مَجُوسِيًّا أَوْ مُحْرِمًا لَا يَحِلُّ
وَإِنْ كَانَ السَّهْمُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَبْلُغُ الصَّيْدَ بِدُونِ السَّهْمِ الثَّانِي فَالصَّيْدُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ السَّابِقُ فِي الْأَخْذِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مَجُوسِيًّا أَوْ مُحْرِمًا لَا يَحِلُّ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ زِيَادَةَ قُوَّةٍ فِي السَّهْمِ الْأَوَّلِ فَأَوْجَبَ الْحُرْمَةَ احْتِيَاطًا مَجُوسِيٌّ رَمَى صَيْدًا أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ فَأَقْبَلَ الصَّيْدُ هَارِبًا مِنْ سَهْمِهِ أَوْ كَلْبِهِ فَرَمَاهُ مُسْلِمٌ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ قَبْلَ وُقُوعِ سَهْمِ الْمَجُوسِيِّ عَلَى الْأَرْضِ وَقَبْلَ رُجُوعِ كَلْبِهِ كُرِهَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَجُوسِيِّ إعَانَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا فِعْلُهُ لَمَا قَدَرَ الْمُسْلِمُ عَلَى قَتْلِهِ بِهَذَا الرَّمْيِ وَالشَّرِكَةُ تُوجِبُ الْحُرْمَةَ وَالْإِعَانَةُ تُوجِبُ الْكَرَاهَةَ أَمَّا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ وُقُوعِ سَهْمِ الْمَجُوسِيِّ فِي الْأَرْضِ أَوْ بَعْدَ رُجُوعِ كَلْبِهِ فَلَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَجُوسِيِّ لَمْ يَبْقَ حَالَ رَمْيِ الْمُسْلِمِ وَإِرْسَالِهِ وَلَوْ رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ فَصَرَفَتْهُ الرِّيحُ عَنْ سَنَنِهِ حَلَّ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَصَابَ السَّهْمُ حَائِطًا أَوْ صَخْرَةً فَارْتَدَّ وَأَصَابَ صَيْدًا حَيْثُ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ قَدْ انْقَطَعَ بِالِارْتِدَادِ إلَى وَرَاءَ وَكَذَا إذَا رَدَّتْهُ الرِّيحُ إلَى وَرَاءَ لَا يَحِلُّ لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ إلَى وَرَاءَ بِضَرْبِ رَجُلٍ آخَرَ بِسَهْمِهِ حَيْثُ يَحِلُّ إذَا كَانَ يَرْمِيهِ بِقَصْدِ الِاصْطِيَادِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ انْقَطَعَ فَكَانَ مُضَافًا إلَى الثَّانِي فَيَحِلُّ وَلَوْ انْحَرَفَ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً بِإِصَابَةِ الْحَائِطِ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى وَرَاءَ حَلَّ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الرِّيحِ؛ وَلِأَنَّ قُوَّةَ الرَّمْيِ لَمْ تَنْقَطِعْ فَيُضَافُ إلَى الرَّامِي وَلَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ فَضَرَبَتْ السَّهْمَ فَزَادَتْ فِي ذَهَابِهِ فَأَصَابَ الصَّيْدَ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الرِّيحِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ فِعْلِ الرَّامِي فَلَمْ يَتَحَقَّقْ بِهَذِهِ الْإِعَانَةِ شُبْهَةُ الشَّرِكَةِ فَبَقِيَتْ الْإِصَابَةُ مُضَافَةً إلَى الرَّمْيِ.
قَالَ رحمه الله (وَحَلَّ اصْطِيَادُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ أَوْ أَثْخَنَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ الثَّانِي) لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الرَّمْيِ قَبْلَ الْإِثْخَانِ، وَهُوَ شَرْطٌ لِلْحِلِّ اهـ.