المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[من تجب عليه الأضحية] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٦

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[سَبَب الْأُضْحِيَّة وَشَرَائِطهَا]

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[مَا يُضَحَّى بِهِ]

- ‌[ مِمَّا تَكُون الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كَيْفِيَّة التَّصَرُّف فِي لَحْم الْأُضْحِيَّة]

- ‌[ التَّصَدُّق بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[يذبح المضحي بِيَدِهِ]

- ‌[ذبح الْكِتَابِيّ لِلْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[أَخْطِئَا وَذَبَحَ كُلٌّ أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ)

- ‌(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌(مَسَائِلُ الشِّرْبِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌{فَصْلٌ فِي طَبْخِ الْعَصِيرِ}

- ‌{كِتَابُ الصَّيْدِ}

- ‌[الِاصْطِيَاد بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّم وَالْفَهْد وَالْبَازِي]

- ‌[ التَّسْمِيَة عِنْد الإرسال للصيد]

- ‌[رَمَى صَيْدًا فَقَطَعَ عُضْو مِنْهُ]

- ‌ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌{بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ}

- ‌{بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ}

- ‌(بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌[فَصْلٌ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ بِعَشْرَةٍ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ]

- ‌(كِتَابُ الْجِنَايَاتِ)

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ)

- ‌[بَابُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ صُولِحَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ حَالًّا وَسَقَطَ الْقَوَدُ]

- ‌[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّفْسِ وَالْمَارِنِ وَاللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ]

- ‌(بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ)

- ‌[فَصْلٌ قُتِلَ عَبْدٌ خَطَأً]

- ‌[بَابُ غَصْبِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالصَّبِيِّ وَالْجِنَايَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ الْقَسَامَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ)

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الدِّيَة فِي الْمَعَاقِلِ]

- ‌(وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ)

- ‌لَا يَعْقِلُ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ

- ‌[ لَا يَعْقِل أَهْل مِصْر عَنْ أَهْل مِصْر آخِر]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَة فَعَلَى مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[وَصِيَّة الْمُسْلِم لِلذِّمِّيِّ والذمي لِلْمُسْلِمِ]

- ‌ وَصِيَّةُ الْمَدْيُونِ

- ‌ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ

- ‌ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ

- ‌[الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة]

- ‌[ وَصِيَّة الْمُكَاتَب]

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ]

- ‌[بَابُ وَصِيَّةِ الذِّمِّيِّ لِلذِّمِّيِّ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَّهَادَةِ الْوَصِيَّانِ]

- ‌(كِتَابُ الْخُنْثَى)

- ‌[لَبِسَ الْخُنْثَى لِلْحَرِيرِ وَالْحِلِّي]

- ‌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِيهِ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى

- ‌[مَاتَ الْخُنْثَى قَبْل أَنْ يستبين أمره]

- ‌[قَبَلَ رَجُل الْخُنْثَى الْمُشْكِل بشهوة]

- ‌[تَزَوَّجَ الْخُنْثَى مِنْ خُنْثَى]

- ‌(مَسَائِلُ شَتَّى)

- ‌(إيمَاءُ الْأَخْرَسِ، وَكِتَابَتُهُ

- ‌[ مِيرَاث الْخُنْثَى]

- ‌[حَدّ قاذف الْخُنْثَى]

- ‌[لف ثَوْب نجس فِي آخِر طَاهِر]

- ‌[غنم مذبوحة وميتة حُكْم الْأَكْل مِنْهَا]

- ‌[سُلْطَان جَعَلَ الخراج لِرَبِّ الْأَرْض]

- ‌ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ

- ‌ ابْتَلَعَ الصَّائِمُ رِيقَ غَيْرِهِ

- ‌[ الْعَقَار الْمُتَنَازِع فِيهِ لَا يَخْرَج مِنْ يَد ذَوِي الْيَد]

- ‌[بَاعَ ضيعة ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَاده]

- ‌[قَالَ لِآخِرِ وكلتك ببيع هَذَا فسكت]

- ‌[ وهبت مهرها لزوجها فَمَاتَتْ فطالب ورثتها بِهِ وقالوا كَانَتْ الْهِبَة فِي مَرَض موتها]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[أحوال الْأَب فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْأُمّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[للجدات أحوال فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْج فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْجَة فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْبِنْت فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ أحوال الْجَدّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[الأخوات لِأَب وَأُمّ أحوالهن فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْعُصُبَات فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْفُرُوض المقدرة فِي الْمَوَارِيث]

- ‌[التصحيح فِي الْفَرَائِض]

- ‌[ خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[من تجب عليه الأضحية]

(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

، وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُضَحَّى بِهِ كَالْأُرْوِيَّةِ، وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْوُعُولِ، وَتُجْمَعُ عَلَى أَضَاحِيَّ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى أَفَاعِيلَ كَالْأَرَاوِيِّ فِي جَمْعِ الْأُرْوِيَّةِ، وَيُقَالُ ضَحِيَّةٌ وَضَحَايَا كَهَدِيَّةٍ، وَهَدَايَا، وَيُقَالُ أَضْحَاةٌ، وَتُجْمَعُ عَلَى أَضْحَى كَأَرْطَاةٍ، وَأَرْطَى، وَهِيَ فِي الشَّرْعِ اسْمٌ لِحَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ بِسِنٍّ مَخْصُوصٍ يُذْبَحُ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ فِي يَوْمٍ مَخْصُوصٍ عِنْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهَا وَسَبَبِهَا: وَشَرَائِطُهَا الْإِسْلَامُ وَالْوَقْتُ وَالْيَسَارُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَرُكْنُهَا ذَبْحُ مَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ، اعْلَمْ أَنَّ الْقُرْبَةَ الْمَالِيَّةَ نَوْعَانِ نَوْعٌ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ كَالصَّدَقَاتِ وَنَوْعٌ بِطَرِيقِ الْإِتْلَافِ كَالْإِعْتَاقِ وَالْأُضْحِيَّةِ، وَفِي الْأُضْحِيَّةِ اجْتَمَعَ الْمَعْنَيَانِ فَإِنَّهَا تَقَرُّبٌ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ، وَهُوَ إتْلَافٌ ثُمَّ بِالتَّصَرُّفِ فِي اللَّحْمِ يَكُونُ تَمْلِيكًا وَإِبَاحَةً.

قَالَ رحمه الله: (تَجِبُ عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ مُقِيمٍ مُوسِرٍ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ طِفْلِهِ، شَاةٌ أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى آخِرِ أَيَّامِهِ)، وَفِي الْجَوَامِعِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَهَكَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا. وَوَجْهُ السُّنَّةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ، وَأَظْفَارِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَأَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ أُخْرَى وَالتَّعْلِيقُ بِالْإِرَادَةِ يُنَافِي الْوُجُوبَ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْمُقِيمِ لَوَجَبَتْ عَلَى الْمُسَافِرِ كَالزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْعِبَادَةِ الْمَالِيَّةِ فَصَارَ كَالْعَتِيرَةِ. وَوَجْهُ الْوُجُوبِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

[ كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

[سَبَب الْأُضْحِيَّة وَشَرَائِطهَا]

(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ) أَوْرَدَ الْأُضْحِيَّةَ بَعْدَ الذَّبْحِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ الذَّبْحِ إلَّا أَنَّ الذَّبْحَ أَعَمُّ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَالْخُصُوصُ يَكُونُ بَعْدَ الْعُمُومِ. اهـ، وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ وَالْأُضْحِيَّةُ فِيهَا لُغَاتٌ ضَمُّ الْهَمْزَةِ فِي الْأَكْثَرِ، وَهِيَ فِي تَقْدِيرِ أُفْعُولَةٍ، وَكَسْرُهَا اتِّبَاعًا لِكِسْرَةِ الْحَاءِ وَالْجَمْعُ أَضَاحِيَّ وَالثَّالِثَةُ ضَحِيَّةٌ وَالْجَمْعُ ضَحَايَا مِثْلُ عَطِيَّةٍ، وَعَطَايَا وَالرَّابِعَةُ أَضْحَاةٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْجَمْعُ أَضْحَى مِثْلُ أَرْطَاةَ، وَأَرْطَى، وَمِنْهُ عِيدُ الْأَضْحَى وَالْأَضْحَى مُؤَنَّثَةٌ، وَقَدْ تُذَكَّرُ ذَهَابًا إلَى الْيَوْمِ قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَضَحَّى تَضْحِيَةً إذَا ذَبَحَ الْأُضْحِيَّةَ وَقْتَ الضُّحَى هَذَا أَصْلُهُ ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى قِيلَ ضَحَّى فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيَتَعَدَّى بِالْحَرْفِ فَيُقَالُ ضَحَّيْتُ بِشَاةٍ. اهـ. وَقَالَ فِي الْمُغْرِبِ، وَيُقَالُ ضَحَّى بِكَبْشٍ أَوْ غَيْرِهِ إذَا ذَبَحَهُ وَقْتَ الضُّحَى مِنْ أَيَّامِ الْأَضَاحِيّ ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ، وَلَوْ ذَبَحَ آخِرَ النَّهَارِ، وَمَنْ قَالَ هِيَ مِنْ التَّضْحِيَةِ بِمَعْنَى الرِّفْقِ فَقَدْ أَبْعَدَ اهـ قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي تَقْدِيرِ أُفْعُولَةٍ قَالَ الْعَيْنِيُّ، وَهِيَ عَلَى وَزْنِ أَفْعِلَةٍ. اهـ. يَعْنِي وَزْنَهَا الْآنَ أَفْعِلَةٍ وَوَزْنُهَا الْأَصْلُ أُفْعُولَةٌ كَمَا قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ فَأُعِلَّ، وَإِعْلَالُهُ ظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْوُعُولِ) الْوَعْلُ قَالَ ابْنُ فَارِسٍ هُوَ ذَكَرُ الْأُرْوِيَّةِ، وَهُوَ الشَّاةُ الْجَبَلِيَّةُ. اهـ مِصْبَاحٌ.

[مِنْ تجب عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّة]

(قَوْلُهُ: وَفِي الْجَوَامِعِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْجَوَامِعُ اسْمُ كِتَابٍ فِي الْفِقْهِ صَنَّفَهُ أَبُو يُوسُفَ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَصَارَ كَالْعَتِيرَةِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَالْعِتَرُ أَيْضًا الْعَتِيرَةُ، وَهِيَ شَاةٌ كَانُوا يَذْبَحُونَهَا فِي رَجَبٍ لِآلِهَتِهِمْ مِثَالُ ذَبْحٍ، وَذَبِيحَةٍ

ص: 2

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَمِثْلُ هَذَا الْوَعِيدِ لَا يُلْحَقُ بِتَرْكِ غَيْرِ الْوَاجِبِ؛ وَلِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَمَرَ بِإِعَادَتِهَا بِقَوْلِهِ «مَنْ ضَحَّى قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ» وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ فَلَوْلَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ لَمَا وَجَبَ إعَادَتُهَا؛ وَلِأَنَّهَا قُرْبَةٌ يُضَافُ إلَيْهَا، وَقْتُهَا يُقَالُ يَوْمُ الْأَضْحَى، وَذَلِكَ يُؤْذِنُ بِالْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلِاخْتِصَاصِ، وَيَحْصُلُ الِاخْتِصَاصُ بِالْوُجُودِ وَالْوُجُوبُ هُوَ الْمُفْضِي إلَى الْوُجُودِ ظَاهِرًا بِالنَّظَرِ إلَى جِنْسِ الْمُكَلَّفِينَ لِجَوَازِ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى تَرْكِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَلَا يَجْتَمِعُوا عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ، وَلَا تَصِحُّ الْإِضَافَةُ بِاعْتِبَارِ جَوَازِ الْأَدَاءِ فِيهِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّوْمَ يَجُوزُ فِي سَائِرِ الشُّهُورِ وَالْمُسَمَّى بِشَهْرِ الصَّوْمِ رَمَضَانُ وَحْدَهُ، وَكَذَا الْجَمَاعَةُ تَجُوزُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَالْمُسَمَّى بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ يَوْمٌ وَاحِدٌ؛ وَلِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى الْوَقْتِ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا إذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فِيهِ بِلَا شَكٍّ، وَلَا تَكُونُ مَوْجُودَةً فِيهِ بِيَقِينٍ إلَّا إذَا كَانَتْ وَاجِبَةً، وَإِنَّمَا لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَهَا يَخْتَصُّ بِأَسْبَابٍ تَشُقُّ عَلَى الْمُسَافِرِ، وَتَفُوتُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِدَفْعِ الْحَرَجِ عَنْهُ كَالْجُمُعَةِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ فَإِنَّهُمَا لَا يَفُوتَانِ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ فَلَا يُحْرَجُ.

وَالْمُرَادُ بِالْإِرَادَةِ فِيمَا رُوِيَ مَا هُوَ ضِدُّ السَّهْوِ لَا التَّخْيِيرُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَيَّرٍ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ يَقَعُ فِي الْمُبَاحِ، وَالْعَتِيرَةُ مَنْسُوخَةٌ، وَهِيَ شَاةٌ كَانَتْ تُذْبَحُ فِي رَجَبٍ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، وَالْأُضْحِيَّةُ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ فِيهَا الْحُرِّيَّةُ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مَالِيَّةٌ فَلَا تَتَأَدَّى إلَّا بِالْمِلْكِ، وَالْمَالِكُ هُوَ الْحُرُّ وَالْإِسْلَامُ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ لَا تَتَأَدَّى إلَّا مِنْ الْمُسْلِمِ، وَالْإِقَامَةُ لِمَا بَيَّنَّا، وَالْيَسَارُ لِمَا رَوَيْنَا؛ وَلِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَجِبُ إلَّا عَلَى الْقَادِرِ، وَهُوَ الْغَنِيُّ دُونَ الْفَقِيرِ، وَمِقْدَارُهُ مَا يَجِبُ فِيهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَالْوَقْتُ، وَهُوَ أَيَّامُ النَّحْرِ؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا فَأَيْسَرَ فِيهَا تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ، وَقْتَهَا، وَهُوَ غَنِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي بَعْضِ الْوَقْتِ كَالْمَوْجُودِ فِي أَوَّلِهِ، وَقِيلَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَلَّقُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَالْفَقِيرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فَجَعَلَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ نَظِيرَ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَقَوْلُهُ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي الْوُجُوبِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ لَا عَنْ طِفْلِهِ أَيْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ،

وَالْأَصْلُ فِي الْعِبَادَاتِ أَنْ لَا تَجِبَ عَلَى أَحَدٍ بِسَبَبِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمُؤْنَةِ، وَالسَّبَبُ فِيهَا رَأْسٌ يُمَوِّنُهُ، وَيَلِي عَلَيْهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ الْوَلَدِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ دُونَ الْأُضْحِيَّةِ وَلِهَذَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ عَبْدِهِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ تَجِبُ عَلَيْهِ عَنْهُ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ تَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى نَفْسِهِ فَيُلْحَقُ بِهِ كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ ثُمَّ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي الْيَسَارِ فِيهَا وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَهُ، وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ يُضَحِّي عَنْهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: يُضَحِّي عَنْهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ وَالْخِلَافُ فِي الْأُضْحِيَّةِ كَالْخِلَافِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَقِيلَ لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ تَتَأَدَّى بِالْإِرَاقَةِ، وَالصَّدَقَةُ بَعْدَهُ تَطَوُّعٌ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ وَلِأَنَّ الْإِرَاقَةَ إتْلَافٌ وَالْأَبُ لَا يَمْلِكُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ كَالْإِعْتَاقِ، وَكَذَا التَّصَدُّقُ بِهِ، وَلَا يُمْكِنُ الصَّغِيرُ أَنْ يَأْكُلَ اللَّحْمَ كُلَّهُ

وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُضَحِّي مِنْ مَالِهِ، وَيَأْكُلُ مِنْهُ مَا أَمْكَنَ، وَيَبْتَاعُ بِمَا بَقِيَ مَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ، كَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَفِي الْكَافِي الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ مَالِهِ أَيْ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ، وَقَوْلُهُ شَاةٌ أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ بَيَانٌ لِلْقَدْرِ الْوَاجِبِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ الْبَدَنَةُ كُلُّهَا إلَّا عَنْ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ قُرْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ لَا تَتَجَزَّأُ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَاهُ بِالْأَثَرِ، وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ «جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» ، وَلَا نَصَّ فِي الشَّاةِ فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ، وَتَجُوزُ عَنْ سِتَّةٍ أَوْ خَمْسَةٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ عَنْ السَّبْعَةِ فَعَمَّنْ دُونَهُ أَوْلَى، وَلَا تَجُوزُ عَنْ ثَمَانِيَةٍ لِعَدَمِ النَّقْلِ فِيهِ فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ، وَكَذَا إذَا كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ أَقَلَّ مِنْ السُّبْعِ، وَلَا يَجُوزُ عَنْ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ إذَا خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً يَخْرُجُ كُلُّهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

وَقَدْ عَتَرَ الرَّجُلُ يَعْتِرُ عَتْرًا بِالْفَتْحِ إذَا ذَبَحَ الْعَتِيرَةَ يُقَالُ هَذِهِ أَيَّامُ تَرْجِيبٍ، وَتِعْتَارٍ وَرُبَّمَا كَانَ الرَّجُلُ مِنْ الْجَاهِلِيَّةِ يُنْذِرُ نَذْرًا إنْ رَأَى مَا يُحِبُّ يَذْبَحُ كَذَا، وَكَذَا مِنْ غَنَمِهِ فَإِذَا وَجَبَ ضَاقَتْ نَفْسُهُ عَنْ ذَلِكَ فَيَعْتِرُ بَدَلَ الْغَنَمِ ظِبَاءً. اهـ. وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمُغْرِبِ وَالْعَتِيرَةُ ذَبِيحَةٌ كَانَتْ تُذْبَحُ فِي رَجَبٍ يَتَقَرَّبُ بِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْمُسْلِمُونَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ فَنُسِخَتْ. اهـ. (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِأَسْبَابٍ تَشُقُّ عَلَى الْمُسَافِرِ) مِثْلُ تَحْصِيلِ شَاةٍ تَجُوزُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَرِعَايَةِ فَرَاغِ الْإِمَامِ. اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَيَّرٍ إجْمَاعًا) فَلَمْ يَدُلَّ الْقَصْدُ عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» أَيْ مَنْ قَصَدَ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ التَّخْيِيرَ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ) فَإِنْ فَعَلَ الْأَبُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَيَضْمَنُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ، وَإِنْ فَعَلَ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَضْمَنُ كَمَا لَا يَضْمَنُ الْأَبُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَأْكُلُ لَا يَضْمَنُ، وَإِلَّا يَضْمَنُ. اهـ قَاضِيخَانْ، وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي الْوَصِيِّ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ بَعْضُهُمْ قَالُوا إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَأْكُلُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ، وَإِنْ كَانَ لَا يَأْكُلُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ أَقَلَّ مِنْ السُّبْعِ) أَيْ لَا تَجُوزُ مِنْ صَاحِبِ الْكَثِيرِ كَمَا لَا تَجُوزُ مِنْ صَاحِبِ الْقَلِيلِ كَمَا إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَخَلَّفَ امْرَأَةً وَابْنًا، وَتَرَكَ بَقَرَةً فَضَحَّيَا

ص: 3

عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْهَدْيِ، وَقَالَ مَالِكٌ تَجُوزُ الْوَاحِدَةُ عَنْ أَهْلِ بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ، وَلَا تَجُوزُ عَنْ أَهْلِ بَيْتَيْنِ، وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أَضْحَاةٌ وَعَتِيرَةٌ» قُلْنَا الْمُرَادُ مِنْهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - قَيِّمُ أَهْلِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ لَهُ حَذَفَ الْمُضَافَ، وَأَقَامَ الْمُضَافَ إلَيْهِ مَقَامَهُ.

يُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ عَامٍ أَضْحَاةٌ وَعَتِيرَةٌ» ، وَلَوْ كَانَتْ الْبَدَنَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ نِصْفَانِ يَجُوزُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ نِصْفَ السُّبْعِ يَكُونُ تَبَعًا لِثَلَاثَةِ الْأَسْبَاعِ، وَإِذَا جَازَ عَلَى الشَّرِكَةِ فَقِسْمَةُ اللَّحْمِ بِالْوَزْنِ؛ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ، وَلَوْ اقْتَسَمُوهُ جُزَافًا لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَكَارِعِ وَالْجِلْدِ كَالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهَا مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ اشْتَرَكَ مَعَهُ سِتَّةٌ أَجْزَأَهُ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ رحمه الله؛ لِأَنَّهُ أَعَدَّهَا لِلْقُرْبَةِ فَيُمْنَعُ عَنْ بَيْعِهَا تَمَوُّلًا، وَفِي الِاشْتِرَاكِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ قَدْ يَجِدُ بَقَرَةً سَمِينَةً، وَقَدْ لَا يَظْفَرُ بِالشُّرَكَاءِ، وَقْتَ الشِّرَاءِ فَيَشْتَرِيهَا ثُمَّ يَطْلُبُ الشُّرَكَاءَ، وَلَوْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَحَرَجُوا، وَهُوَ مَدْفُوعٌ شَرْعًا وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَلَا يَشْتَرِي حَتَّى يَجْتَمِعُوا قَدْرَ مَا يُرِيدُ مِنْ الشُّرَكَاءِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ، وَعَنْ صُورَةِ الرُّجُوعِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلُ قَوْلِ زُفَرَ.

قَالَ رحمه الله (وَلَا يَذْبَحُ مِصْرِيٌّ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَذَبَحَ غَيْرُهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْمِصْرِ أَنْ يَذْبَحُوا الْأُضْحِيَّةَ قَبْلَ أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ يَوْمَ الْأَضْحَى، وَذَبْحُ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ أَهْلِ الْمِصْرِ يَجُوزُ لَهُمْ ذَبْحُهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ صَلَاةَ الْعِيدِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ ذَبِيحَتَهُ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ» .

وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «إنَّ أَوَّلَ نُسُكِنَا فِي هَذَا الْيَوْمِ الصَّلَاةُ ثُمَّ الْأُضْحِيَّةُ» قَالَ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْعِيدِ كَيْ لَا يَشْتَغِلَ بِهَا عَنْهَا فَلَا مَعْنَى لِلتَّأْخِيرِ عَنْ الْقَرَوِيِّ إذْ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي نَفْيِهِمَا الْجَوَازَ بَعْدَ الصَّلَاةِ قَبْلَ نَحْرِ الْإِمَامِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ مَكَانُ الْأُضْحِيَّةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ فِي السَّوَادِ وَالْمُضَحِّي فِي الْمِصْرِ يَجُوزُ كَمَا انْشَقَّ الْفَجْرُ، وَفِي الْعَكْسِ لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَحِيلَةُ الْمِصْرِيِّ إذَا أَرَادَ التَّعْجِيلَ أَنْ يَبْعَثَ بِهَا إلَى خَارِجِ الْمِصْرِ فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ فِيهِ فَيُضَحِّي فِيهِ كَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ؛ لِأَنَّ، وَقْتَهَا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ إلَى مَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْمِصْرِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَهَذَا؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الزَّكَاةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ كَالزَّكَاةِ تَسْقُطُ بِهَلَاكِ النِّصَابِ فَيُعْتَبَرُ فِي الْأَدَاءِ مَكَانُ الْمَحَلِّ، وَهُوَ الْمَالُ لِإِمْكَانِ الْفَاعِلِ اعْتِبَارًا بِهَا بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ فِيهَا مَكَانُ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ فِي الذِّمَّةِ، وَالْمَالُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لَهَا وَلِهَذَا لَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ بَعْدَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَلَوْ ضَحَّى بَعْدَمَا صَلَّى أَهْلُ الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ أَهْلُ الْجَبَّانَةِ أَجْزَأَهُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مُعْتَبَرَةٌ حَتَّى لَوْ اكْتَفَوْا بِهَا أَجْزَأَتْهُمْ فَيَكُونُ الذَّبْحُ عَقِيبَ صَلَاةٍ مُعْتَبَرَةٍ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَعَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ، وَقِيلَ يَجُوزُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْمَسْنُونَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ الْخُرُوجُ إلَى الْجَبَّانَةِ فَكَانَ أَصْلًا وَالْآخَرُ كَالْخَلَفِ عَنْهُ، وَلَوْ ذَبَحَ بَعْدَمَا قَعَدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لِلْحَسَنِ، وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ الْإِمَامُ الْعِيدَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَخَّرُوا التَّضْحِيَةَ إلَى الزَّوَالِ ثُمَّ ذَبَحُوا، وَلَا تُجْزِئُهُمْ التَّضْحِيَةُ مَا لَمْ يُصَلِّ الْإِمَامُ الْعِيدَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِخُرُوجِ وَقْتِهَا، وَكَذَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَا يُجْزِئُهُمْ قَبْلَ الزَّوَالِ إلَّا إذَا كَانُوا لَا يَرْجُونَ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ فَحِينَئِذٍ تُجْزِئُهُمْ قَبْلَ الزَّوَالِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ، وَذَكَرَ فِيهِ أَيْضًا أَنَّ التَّضْحِيَةَ فِي الْغَدِ أَوْ بَعْدَ الْغَدِ تَجُوزُ قَبْلَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ، وَقْتُ الصَّلَاةِ بِزَوَالِ الشَّمْسِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَالصَّلَاةُ فِي الْغَدِ تَقَعُ قَضَاءً لَا أَدَاءً فَلَا يَظْهَرُ هَذَا فِي حَقِّ التَّضْحِيَةِ، وَقَالَ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ.

وَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ تُعَادُ الصَّلَاةُ دُونَ الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ إلَّا الْإِمَامُ وَحْدَهُ فَكَانَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَسَاغًا فَجَعَلْنَاهُ عُذْرًا فِي جَوَازِ التَّضْحِيَةِ تَحَرِّيًا لِلْجَوَازِ وَصِيَانَةً لِأَضَاحِيِّهِمْ عَنْ الْفَسَادِ، وَلَوْ وَقَعَتْ فِي الْبَلَدِ فِتْنَةٌ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا وَالٍ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ الْعِيدَ فَضَحَّوْا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُمْ؛ لِأَنَّ الْبَلْدَةَ صَارَتْ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَالسَّوَادِ، وَلَوْ شَهِدُوا عِنْدَ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَوْمُ الْعِيدِ فَصَلَّى ثُمَّ انْكَشَفَ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ أَجْزَأَتْهُمْ الصَّلَاةُ وَالتَّضْحِيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْخَطَأِ فَيُحْكَمُ بِالْجَوَازِ صِيَانَةً لِجَمْعِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

لَمْ تَجُزْ عَنْهُمَا أَصْلًا؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمَرْأَةِ أَقَلُّ مِنْ السُّبْعِ. اهـ غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: يَكُونُ تَبَعًا لِثَلَاثَةِ الْأَسْبَاعِ)، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ وَنِصْفُ سُبْعٍ، وَنِصْفُ السُّبْعِ لَا يَجُوزُ فِي الْأُضْحِيَّةِ فَإِذَا صَارَ لَحْمًا صَارَ الْبَاقِي لَحْمًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ، وَلَا يَذْبَحُ مِصْرِيٌّ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ شَرْحَ قَوْلِهِ فَجْرَ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى آخِرِ أَيَّامِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ مَكَانُ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ لَا مَكَانُ الْمَالِكِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِحْسَانِ) أَيْ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَبَحَ بَعْدَمَا قَعَدَ الْإِمَامُ إلَخْ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ فَإِذَا ذَبَحَ بَعْدَمَا قَعَدَ الْإِمَامُ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ جَازَ. اهـ

ص: 4