الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّى بِغَيْرِ شَهَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ التَّحَرُّزُ عَنْ مِثْلِهِ، وَوَقْتُهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوَّلُهَا أَفْضَلُهَا يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِمْ، وَهُوَ كَالْمَرْفُوعِ فِي مِثْلِهِ مِنْ الْمَقَادِيرِ؛ لِأَنَّ الرَّأْيَ لَا يُهْتَدَى إلَيْهِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ أَوَّلُهَا أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُسَارَعَةً إلَى الْخَيْرِ، وَيَجُوزُ الذَّبْحُ فِي لَيَالِيِهَا إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ فِي الظُّلْمَةِ، وَأَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيْضًا ثَلَاثَةٌ وَالْكُلُّ يَمْضِي بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوَّلُهَا نَحْرٌ لَا غَيْرُ وَآخِرُهَا تَشْرِيقٌ لَا غَيْرُ وَالْمُتَوَسِّطَانِ نَحْرٌ، وَتَشْرِيقٌ وَالتَّضْحِيَةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَقَعُ وَاجِبَةً إنْ كَانَ غَنِيًّا وَسُنَّةً إنْ كَانَ فَقِيرًا، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الْبَعْضِ وَسُنَّةٌ عِنْدَ الْبَعْضِ وَالتَّصَدُّقُ بِالثَّمَنِ تَطَوُّعٌ مَحْضٌ فَكَانَتْ هِيَ أَفْضَلَ؛ وَلِأَنَّهَا تَفُوتُ بِفَوَاتِ، وَقْتِهَا، وَالتَّصَدُّقُ لَا يَفُوتُ فَكَانَتْ أَفْضَلَ وَنَظِيرُهُ الطَّوَافُ لِلْآفَاقِيِّ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ بِالرُّجُوعِ يَفُوتُ بِخِلَافِ الْمَكِّيِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهَا خَيْرُ مَا وُضِعَ، وَلَوْ لَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ، وَكَانَ غَنِيًّا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَ اشْتَرَى أَوْ لَمْ يَشْتَرِ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ إلَّا بِالْأَدَاءِ كَالْجُمُعَةِ تُقْضَى ظُهْرًا، وَالصَّوْمُ بَعْدَ الْعَجْزِ فِدْيَةً
وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَإِنْ كَانَ اشْتَرَى الْأُضْحِيَّةَ أَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ بِالنَّذْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِذَلِكَ الَّذِي أَوْجَبَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ؛ لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ بِالشِّرَاءِ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ بِالنَّذْرِ فَلَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهَا إلَّا إذَا كَانَ قَدْرُ قِيمَتِهَا بِخِلَافِ الْغَنِيِّ؛ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ وَاجِبَةٌ فِي ذِمَّتِهِ فَيُجْزِئُهُ التَّصَدُّقُ بِالشَّاةِ عَنْهُ أَوْ بِقِيمَتِهَا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا إذَا الْتَزَمَ التَّضْحِيَةَ بِالنَّذْرِ، وَعَنَى بِهِ غَيْرَ الْوَاجِبِ فِي ذِمَّتِهِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْمَنْذُورِ كَمَا بَيَّنَّا فِي حَقِّ الْفَقِيرِ مَعَ الْوَاجِبِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ، وَهِيَ الشَّاةُ الَّتِي وَجَبَتْ بِسَبَبِ الْيَسَارِ، وَكَذَا إذَا أَطْلَقَ النَّذْرَ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْوَاجِبَ فِي ذِمَّتِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مَعَهُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْوَاجِبَ بِسَبَبِ الْغِنَى لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ إيجَابٌ وَالْإِيجَابُ يَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِ الْوَاجِبِ ظَاهِرًا، وَلَكِنْ يَحْتَمِلُ الصَّرْفَ إلَى الْوَاجِبِ تَأْكِيدًا لَهُ، وَنَظِيرُهُ النَّذْرُ بِالْحَجِّ، وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ حَجَّةٌ أُخْرَى إلَّا إذَا عَنَى بِهِ مَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ.
قَالَ رحمه الله (وَيُضَحِّي بِالْجَمَّاءِ)، وَهِيَ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْقَرْنَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَقْصُودٌ، وَكَذَا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ بَلْ أَوْلَى لِمَا قُلْنَا قَالَ رحمه الله:(وَالْخَصِيُّ)، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَطْيَبُ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ» الْأَمْلَحُ الَّذِي فِيهِ مُلْحَةٌ، وَهُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَشُقُّهُ شُعَيْرَاتٌ سُودٌ، وَهِيَ مِنْ لَوْنِ الْمِلْحِ وَالْمَوْجُوءُ الْمَخْصِيُّ الْوِجَاءُ هُوَ أَنْ يَضْرِبَ عُرُوقَ الْخُصْيَةِ بِشَيْءٍ قَالَ رحمه الله:(وَالثَّوْلَاءِ)، وَهِيَ الْمَجْنُونَةُ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ إذَا كَانَتْ تُعْتَلَفُ بِأَنْ كَانَتْ سَمِينَةً، وَلَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ السَّوْمِ وَالرَّعْيِ، وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُهَا مِنْهُ لَا يُجْزِئُهُ، وَالْجَرْبَاءُ إنْ كَانَتْ سَمِينَةً، وَلَمْ يُتْلَفْ جِلْدُهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ.
قَالَ رحمه الله: (لَا بِالْعَمْيَاءِ وَالْعَوْرَاءِ وَالْعَجْفَاءِ وَالْعَرْجَاءِ) أَيْ الَّتِي لَا تَمْشِي إلَى الْمَنْسَكِ أَيْ الْمَذْبَحِ لِمَا رُوِيَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَجْفَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَالْكَبِيرَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَجَمَاعَةٌ أُخَرُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ رحمه الله: (وَمَقْطُوعِ أَكْثَرِ الْأُذُنِ أَوْ الذَّنَبِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ الْأَلْيَةِ) لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ، وَأَنْ لَا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ، وَلَا مُدَابَرَةٍ وَلَا شَرْقَاءَ، وَلَا خَرْقَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ الْمُقَابَلَةُ قَطْعٌ مِنْ مُقَدَّمِ أُذُنِهَا وَالْمُدَابَرَةُ قَطْعٌ مِنْ مُؤَخَّرِ أُذُنِهَا وَالشَّرْقَاءُ أَنْ يَكُونَ الْخَرْقُ فِي أُذُنِهَا طُولًا وَالْخَرْقَاءُ أَنْ يَكُونَ عَرْضًا، وَإِنْ بَقِيَ أَكْثَرُ الْأُذُنِ جَازَ، وَكَذَا أَكْثَرُ الذَّنَبِ؛ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
( قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الذَّبْحُ فِي لَيَالِيِهَا)، وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ الذَّبْحُ فِي اللَّيْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَحْتَمِلُ الصَّرْفَ إلَخْ) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ، وَإِذَا اشْتَرَى شَاةً يُرِيدُ أُضْحِيَّةً فِي ضَمِيرِهِ فَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً حَتَّى يُوجِبَهَا بِلِسَانِهِ لَكِنْ الْمَذْهَبُ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنْ يَنْظُرَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَنِيًّا لَا يَصِيرُ وَاجِبًا فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّعْيِينِ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ أَنْ يَتَعَيَّنَ بِالْعَقْدِ فَإِنْ وَهَبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَنَوَى بِقَلْبِهِ لَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَصْلُحُ لِلتَّعَيُّنِ فِي الْإِيجَابِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الشَّاةُ عِنْدَهُ فَأَضْمَرَ بِقَلْبِهِ الْأُضْحِيَّةَ لَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَصِيرُ أُضْحِيَّةً لَا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَهَا؛ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَا تُبَاعُ فَإِنْ بَاعَهَا قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّهَا نَفَذَ الْبَيْعُ، وَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ، وَلَا الْهِبَة بَلْ يَتَصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَقْفِ عِنْدَهُ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَهُ، وَهِيَ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ حَجَّهُ وَعُمْرَتَهُ فَكَذَا هُنَا. اهـ.
[مَا يُضَحَّى بِهِ]
(قَوْلُهُ: يَشُقُّهُ) كَذَا عَبَّرَ فِي الْمُغْرِبِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْجُوءُ الْمَخْصِيُّ) سَيَجِيءُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْكَرَاهِيَةِ أَيْضًا أَنَّ الْمَوْجُوءَ هُوَ الْمَخْصِيُّ (قَوْلُهُ: هُوَ أَنْ يَضْرِبَ عُرُوقَ الْخُصْيَةِ بِشَيْءٍ) قُلْت الْمَخْصِيُّ مَنْزُوعُ الْخُصْيَتَيْنِ وَالْمَوْجُوءُ الَّذِي يَلْوِي عُرُوقَ الْخُصْيَةِ فَيَصِيرُ كَالْخَصِيِّ. اهـ عَيْنِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ لَا بِالْعَمْيَاءِ وَالْعَوْرَاءِ وَالْعَجْفَاءِ إلَخْ)، وَلَا الْجَدْعَاءِ، وَهِيَ مَقْطُوعَةُ الْأَنْفِ. اهـ. مَنَاسِكُ الْكَرْمَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ، وَلَا مُدَابَرَةٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُقَابَلَةُ عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ الشَّاةُ الَّتِي قُطِعَ مِنْ أُذُنِهَا قِطْعَةٌ، وَلَا تَبِينُ، وَتَبْقَى مُعَلَّقَةً مِنْ قُدُمٍ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ أُخُرٍ فَهِيَ الْمُدَابَرَةُ، وَقُدُمٌ بِضَمَّتَيْنِ بِمَعْنَى الْمُقَدَّمِ وَأُخُرٌ بِضَمَّتَيْنِ أَيْضًا بِمَعْنَى الْمُؤْخِرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا شَرْقَاءَ) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ، وَتَجُوزُ الشَّرْقَاءُ، وَهِيَ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ طُولًا، وَكَذَا الْمُقَابَلَةُ، وَهِيَ الَّتِي شُقَّتْ أُذُنَاهَا مِنْ قِبَلِ وَجْهِهَا، وَهِيَ مُتَدَلِّيَةٌ، وَكَذَا الْمُدَابَرَةُ، وَهِيَ الَّتِي شُقَّتْ أُذُنَاهَا مِنْ خَلْفِهَا، وَكَذَا الَّتِي عَلَى أُذُنِهَا كَيٌّ أَوْ سِمَةٌ. اهـ
حُكْمُ الْكُلِّ بَقَاءً وَذَهَابًا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ الْيَسِيرَ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَجُعِلَ عَفْوًا، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّ الثُّلُثَ إذَا ذَهَبَ وَبَقِيَ الثُّلُثَانِ يَجُوزُ، وَإِنْ ذَهَبَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ يَنْفُذُ فِيهِ الْوَصِيَّةُ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَاعْتُبِرَ قَلِيلًا، وَفِيمَا زَادَ لَا يَنْفُذُ إلَّا بِرِضَاهُمْ فَاعْتُبِرَ كَثِيرًا، وَيُرْوَى عَنْهُ الرُّبُعُ؛ لِأَنَّهُ يُحْكَى حِكَايَةَ الْكُلِّ، وَيُرْوَى أَنَّ ذَهَابَ الثُّلُثِ مَانِعٌ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي حَدِيثِ الْوَصِيَّةِ «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إذَا بَقِيَ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ أَجْزَأَهُ اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي اللَّيْثِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَخْبَرْت بِقَوْلِي أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ قَوْلِي قَوْلُك قِيلَ هُوَ رُجُوعٌ إلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ قَوْلِي قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِك، وَفِي كَوْنِ النِّصْفِ مَانِعًا رِوَايَتَانِ عَنْهُمَا.
وَتَأْوِيلُ مَا رَوَيْنَا إذَا كَانَ بَعْضُ الْأُذُنِ مَقْطُوعًا عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الشَّقِّ مِنْ غَيْرِ ذَهَابِ شَيْءٍ مِنْ الْأُذُنِ لَا يَمْنَعُ ثُمَّ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ الذَّاهِبِ وَالْبَاقِي مُتَيَسِّرٌ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ، وَفِي الْعَيْنِ قَالُوا يَشُدُّ عَيْنَهَا الْمَعِيبَةَ بَعْدَ أَنْ جَاعَتْ ثُمَّ يُقَرِّبُ الْعَلَفَ إلَيْهَا قَلِيلًا قَلِيلًا فَإِذَا رَأَتْهُ فِي مَوْضِعٍ عَلَّمَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ ثُمَّ يَشُدُّ عَيْنَهَا الصَّحِيحَةَ، وَيُقَرِّبُ الْعَلَفَ إلَيْهَا شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى إذَا رَأَتْهُ مِنْ مَكَان عَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَنْظُرُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ فَإِنْ كَانَ نِصْفًا أَوْ ثُلُثًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَالذَّاهِبُ هُوَ ذَلِكَ الْقَدْرُ، وَالْهَتْمَاءُ لَا تَجُوزُ، وَهِيَ الَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَنَّهُ يَعْتَبِرُ فِي الْأَسْنَانِ الْكَثْرَةَ وَالْقِلَّةَ كَالْأُذُنِ وَالذَّنَبِ، وَعَنْهُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ مَا يُمْكِنُ الِاعْتِلَافُ بِهِ أَجْزَأَهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَالسَّكَّاءُ، وَهِيَ الَّتِي لَا أُذُنَ لَهَا خِلْقَةً لَا تَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا يَجُوزُ، وَلَا تَجُوزُ الْجَلَّالَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ، وَلَا تَأْكُلُ غَيْرَهَا، وَلَا الْجَذَّاءُ، وَهِيَ الْمَقْطُوعَةُ ضَرْعُهَا، وَلَا الْمُصَرَّمَةُ، وَهِيَ الَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرْضِعَ فَصِيلَهَا، وَلَا الْجَدَّاءُ، وَهِيَ الَّتِي يَبِسَ ضَرْعُهَا، وَلَوْ اشْتَرَاهَا سَلِيمَةً ثُمَّ تَعَيَّبَتْ بِعَيْبٍ مَانِعٍ مِنْ التَّضْحِيَةِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهَا مَقَامَهَا إنْ كَانَ غَنِيًّا، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْغَنِيِّ بِالشَّرْعِ ابْتِدَاءً لَا بِالشِّرَاءِ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ بِالشِّرَاءِ.
وَالْفَقِيرُ لَيْسَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ شَرْعًا فَتَعَيَّنَتْ بِشِرَائِهِ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ نُقْصَانِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَتْ نِصَابَ الزَّكَاةِ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ «اشْتَرَيْت كَبْشًا أُضَحِّي بِهِ فَعَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ الْأَلْيَةَ قَالَ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ضَحِّ بِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا؛ لِأَنَّ الْغَنِيَّ لَا يُجْزِئُهُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
( قَوْلُهُ: وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ، وَقَطْعُ رُبُعِهَا أَوْ ثُلُثِهَا أَوْ الزَّائِدِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى النِّصْفِ وَبِهِ قَالَا مَانِعٌ. اهـ. قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ رحمه الله، وَلَا يَضُرُّ الشَّقُّ فِي الْأُذُنِ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ بِالشَّقِّ ثُلُثٌ أَوْ أَقَلُّ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ الْجَوَازِ، وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الْأُذُنَ أَوْ الْعَيْنَ الْوَاحِدَةَ أَوْ الْأَلْيَةَ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إذَا فَاتَ كُلُّهُ لَا تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ، وَإِذَا فَاتَ بَعْضُهُ إنْ كَانَ الْفَائِتُ كَثِيرًا لَا تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ، وَإِنْ كَانَ الْفَائِتُ قَلِيلًا تَجُوزُ تَكَلَّمُوا فِي حَدِّ الْكَثِيرِ فَالزِّيَادَةُ عَلَى النِّصْفِ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا النِّصْفُ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ رِوَايَتَانِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمَا أَنَّهُ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ لَكِنْ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّهُ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ، وَإِنْ كَانَ الْفَائِتُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّ الرُّبُعَ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ، وَإِنْ كَانَ الْفَائِتُ الثُّلُثَ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ، وَلَا فِقْهَ فِيهِ سِوَى أَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ كَثِيرًا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِلَّذِي سَأَلَهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ الْمَالِ قَالَ «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» هَذَا فِي الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ وَالْأَلْيَةِ وَالضَّرْعِ. اهـ.
وَقَالَ فِي فَتَاوَى قَاضِيخَانْ، وَلَا تَجُوزُ الْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَلَا الَّتِي يَبِسَ ضَرْعُهَا أَوْ قُطِعَ ضَرْعُهَا فَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُ ضَرْعِهَا فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْأُذُنِ وَالْعَيْنِ وَالْأَلْيَةِ إذَا كَانَ الذَّاهِبُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَأَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ إذَا كَانَ الذَّاهِبُ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ جَازَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَإِنْ كَانَ الذَّاهِبُ نِصْفًا فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الثُّلُثَ، وَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الثُّلُثَ فِي حَدِّ الْقَلِيلِ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فِي حَدِّ الْكَثِيرِ. اهـ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ فَإِنْ كَانَ الْفَائِتُ مِنْ الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ أَوْ الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ الثُّلُثَ أَوْ الْأَقَلَّ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْهَتْمَاءُ لَا تَجُوزُ، وَهِيَ الَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا) أَيْ سَوَاءٌ اعْتَلَفَتْ أَوْ لَمْ تُعْتَلَفْ؛ لِأَنَّ الْأَسْنَانَ بِمَنْزِلَةِ الْأُذُنَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَفِي رِوَايَةٍ تَجُوزُ إذَا كَانَتْ تُعْتَلَفُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحَةِ كَذَا فِي مَنَاسِكِ الْكَرْمَانِيِّ، وَفِي الْمَجْمَعِ، وَيُضَحِّي بِالْجَمَّاءِ وَالْخَصِيِّ وَالثَّوْلَاءِ وَالْهَتْمَاءِ الَّتِي تُعْتَلَفُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالسَّكَّاءُ، وَهِيَ الَّتِي لَا أُذُنَ لَهَا إلَخْ)؛ لِأَنَّهُ فَاتَ عَنْهُ عُضْوٌ كَامِلٌ. اهـ. مَنَاسِكُ الْكَرْمَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ، وَلَا تَأْكُلُ غَيْرَهَا)، وَيَجِيءُ مِنْهُ رِيحٌ مُنْتِنٌ، وَلَا يُشْرَبُ لَبَنُهَا، وَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا بَلْ تُحْبَسُ حَتَّى يَطِيبَ، وَيَذْهَبَ نَتْنُهَا. اهـ. كَرْمَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا الْجِدَاءُ) الْجِدَاءُ بِالْجِيمِ مَا لَا لَبَنَ لَهَا مِنْ كُلِّ حَلُوبَةٍ لِآفَةٍ أَيْبَسَتْ ضَرْعَهَا وَالْجِدَاءُ مِنْ النِّسَاءِ صَغِيرَةُ الثَّدْيِ. اهـ نِهَايَةُ ابْنِ الْأَثِيرِ.
فَرْعٌ وَلَا يُضَحِّي بِالْخُنْثَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إنْضَاجُ لَحْمِهَا هَكَذَا كَانَ يَحْكِي وَالِدِي عَنْ الشَّيْخِ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ يَذْكُرُ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَصْلًا، وَيَقُولُ كُلُّ عَيْبٍ يُزِيلُ الْمَنْفَعَةَ عَلَى الْكَمَالِ أَوْ الْجَمَالِ عَلَى الْكَمَالِ يَمْنَعُ، وَمَا لَا يَكُونُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا يَمْنَعُ. اهـ ظَهِيرِيَّةٌ.