المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌{باب الرهن يوضع على يد عدل} - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٦

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[سَبَب الْأُضْحِيَّة وَشَرَائِطهَا]

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[مَا يُضَحَّى بِهِ]

- ‌[ مِمَّا تَكُون الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كَيْفِيَّة التَّصَرُّف فِي لَحْم الْأُضْحِيَّة]

- ‌[ التَّصَدُّق بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[يذبح المضحي بِيَدِهِ]

- ‌[ذبح الْكِتَابِيّ لِلْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[أَخْطِئَا وَذَبَحَ كُلٌّ أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ)

- ‌(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌(مَسَائِلُ الشِّرْبِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌{فَصْلٌ فِي طَبْخِ الْعَصِيرِ}

- ‌{كِتَابُ الصَّيْدِ}

- ‌[الِاصْطِيَاد بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّم وَالْفَهْد وَالْبَازِي]

- ‌[ التَّسْمِيَة عِنْد الإرسال للصيد]

- ‌[رَمَى صَيْدًا فَقَطَعَ عُضْو مِنْهُ]

- ‌ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌{بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ}

- ‌{بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ}

- ‌(بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌[فَصْلٌ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ بِعَشْرَةٍ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ]

- ‌(كِتَابُ الْجِنَايَاتِ)

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ)

- ‌[بَابُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ صُولِحَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ حَالًّا وَسَقَطَ الْقَوَدُ]

- ‌[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّفْسِ وَالْمَارِنِ وَاللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ]

- ‌(بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ)

- ‌[فَصْلٌ قُتِلَ عَبْدٌ خَطَأً]

- ‌[بَابُ غَصْبِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالصَّبِيِّ وَالْجِنَايَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ الْقَسَامَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ)

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الدِّيَة فِي الْمَعَاقِلِ]

- ‌(وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ)

- ‌لَا يَعْقِلُ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ

- ‌[ لَا يَعْقِل أَهْل مِصْر عَنْ أَهْل مِصْر آخِر]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَة فَعَلَى مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[وَصِيَّة الْمُسْلِم لِلذِّمِّيِّ والذمي لِلْمُسْلِمِ]

- ‌ وَصِيَّةُ الْمَدْيُونِ

- ‌ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ

- ‌ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ

- ‌[الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة]

- ‌[ وَصِيَّة الْمُكَاتَب]

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ]

- ‌[بَابُ وَصِيَّةِ الذِّمِّيِّ لِلذِّمِّيِّ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَّهَادَةِ الْوَصِيَّانِ]

- ‌(كِتَابُ الْخُنْثَى)

- ‌[لَبِسَ الْخُنْثَى لِلْحَرِيرِ وَالْحِلِّي]

- ‌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِيهِ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى

- ‌[مَاتَ الْخُنْثَى قَبْل أَنْ يستبين أمره]

- ‌[قَبَلَ رَجُل الْخُنْثَى الْمُشْكِل بشهوة]

- ‌[تَزَوَّجَ الْخُنْثَى مِنْ خُنْثَى]

- ‌(مَسَائِلُ شَتَّى)

- ‌(إيمَاءُ الْأَخْرَسِ، وَكِتَابَتُهُ

- ‌[ مِيرَاث الْخُنْثَى]

- ‌[حَدّ قاذف الْخُنْثَى]

- ‌[لف ثَوْب نجس فِي آخِر طَاهِر]

- ‌[غنم مذبوحة وميتة حُكْم الْأَكْل مِنْهَا]

- ‌[سُلْطَان جَعَلَ الخراج لِرَبِّ الْأَرْض]

- ‌ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ

- ‌ ابْتَلَعَ الصَّائِمُ رِيقَ غَيْرِهِ

- ‌[ الْعَقَار الْمُتَنَازِع فِيهِ لَا يَخْرَج مِنْ يَد ذَوِي الْيَد]

- ‌[بَاعَ ضيعة ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَاده]

- ‌[قَالَ لِآخِرِ وكلتك ببيع هَذَا فسكت]

- ‌[ وهبت مهرها لزوجها فَمَاتَتْ فطالب ورثتها بِهِ وقالوا كَانَتْ الْهِبَة فِي مَرَض موتها]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[أحوال الْأَب فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْأُمّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[للجدات أحوال فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْج فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْجَة فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْبِنْت فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ أحوال الْجَدّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[الأخوات لِأَب وَأُمّ أحوالهن فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْعُصُبَات فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْفُرُوض المقدرة فِي الْمَوَارِيث]

- ‌[التصحيح فِي الْفَرَائِض]

- ‌[ خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌{باب الرهن يوضع على يد عدل}

الْعَبْدُ فِي أَيْدِيهمَا وَأَثْبَتَ كُلُّ وَاحِدٍ فِيهِ الرَّهْنَ وَالْقَبْضَ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلِهَذَا لَمْ تُذْكَرْ الْيَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى

{بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ}

قَالَ رحمه الله (وَضَعَا الرَّهْنَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ صَحَّ) وَقَالَ زُفَرُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ يَدَ الْعَدْلِ يَدُ الْمَالِكِ، وَلِهَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا اُسْتُحِقَّ الرَّهْنُ بَعْدَ الْهَلَاكِ وَبَعْدَ مَا ضَمِنَ الْعَدْلُ قِيمَتَهُ بِمَا ضَمِنَ لِلْمُسْتَحِقِّ فَانْعَدَمَ الْقَبْضُ. وَلَنَا أَنَّ يَدَهُ يَدُ الْمَالِكِ فِي الْحِفْظِ لِكَوْنِ الْعَيْنِ أَمَانَةً وَفِي حَقِّ الْمَالِيَّةِ يَدُ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ ضَمَانٍ وَالْمَضْمُونُ هُوَ الْمَالِيَّةُ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ شَخْصَيْنِ لِيَتَحَقَّقَ مَا قَصَدَاهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا آمِرُهُ فَصَارَتْ يَدُهُ كَيَدِهِمَا وَلِهَذَا لَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ عَلَى الْخُصُوصِ، وَلَوْ كَانَتْ يَدُهُ يَدَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْخُصُوصِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْيَدَ الْوَاحِدَةَ فِي حُكْمِ يَدَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّ السَّاعِيَ يَدُهُ جُعِلَتْ كَيَدِ الْفَقِيرِ وَيَدِ صَاحِبِ الْمَالِ حَتَّى إذَا هَلَكَتْ الزَّكَاةُ فِي يَدِهِ أَجْزَأَتْهُ، وَلَوْ قَدَّمَ الزَّكَاةَ قَبْلَ الْحَوْلِ فَانْتَقَصَ الْمَالُ وَتَمَّ الْحَوْلُ عَلَى النَّاقِصِ يَتِمُّ النِّصَابُ بِمَا فِي يَدِ السَّاعِي كَأَنَّهُ فِي يَدِ الْمَالِكِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَلَا يَمْلِكُ اسْتِرْدَادَهُ، وَلَوْ لَمْ يُجْعَلْ كَأَنَّهُ فِي يَدِ الْمَالِكِ لَمْ يَتِمَّ بِهِ النِّصَابُ

وَلَوْ لَمْ تُجْعَلْ يَدُهُ كَيَدِ الْفَقِيرِ لَمَلَكِ اسْتِرْدَادَهُ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ الْعَدْلُ عَلَى الْمَالِكِ بِمَا ضَمِنَ لِلْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّ هَذَا الضَّمَانَ ضَمَانُ الْغَصْبِ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِالنَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ وَوُجِدَ ذَلِكَ مِنْ الْعَدْلِ وَالرَّاهِنِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّفَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى وَضْعِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ عَدْلٍ حَيْثُ يَكُونُ يَدُهُ يَدَ الْبَائِعِ فَحَسْبُ؛ لِأَنَّ فِي جَعْلِهِ نَائِبًا عَنْ الْمُشْتَرِي تَغْيِيرَ مُوجِبِ الْعَقْدِ فَإِنَّ مُوجِبَ عَقْدِ الْبَيْعِ أَنْ تَكُونَ يَدُ الْبَائِعِ عَلَى الْمَبِيعِ يَدَ نَفْسِهِ فِي حَقِّ الْعَيْنِ وَالْمَالِيَّةِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَائِبٍ عَنْ الْمُشْتَرِي بِوَجْهٍ مَا وَمَتَى قَبَضَ الْمُشْتَرِي كَانَتْ يَدُهُ يَدَ نَفْسِهِ وَلَا تَكُونُ يَدَ الْبَائِعِ بِوَجْهٍ مَا بَلْ هِيَ يَدُ الْمُشْتَرِي فِي حَقِّ الْعَيْنِ وَالْمَالِيَّةِ فَإِذَا كَانَ فِي جَعْلِهِ نَائِبًا عَنْهُمَا تَغْيِيرُ حُكْمِ الْبَيْعِ اُعْتُبِرَ نَائِبًا عَنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ كَانَتْ لَهُ فِي الْأَصْلِ وَلَا كَذَلِكَ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ بَلْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا وَالْمَالِيَّةُ فِيهِ هِيَ الْمَضْمُونَةُ، وَهِيَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَأَمْكَنَ أَنْ يَقُومَ شَخْصٌ وَاحِدٌ مَقَامَهُمَا لِاخْتِلَافِ حَقِّهِمَا فِيهِ وَعَدَمِ تَغْيِيرِ مُوجِبِهِ قَالَ رحمه الله (وَلَا يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ يَدِ الْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الرَّاهِنِ تَعَلَّقَ فِي الْحِفْظِ بِيَدِهِ وَأَمَانَتِهِ وَحَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي الِاسْتِيفَاءِ فَلَا يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إبْطَالَ حَقِّ الْآخَرِ.

قَالَ رحمه الله (وَيَهْلِكُ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ)؛ لِأَنَّ يَدَهُ فِي حَقِّ الْمَالِيَّةِ يَدُ الْمُرْتَهِنِ وَالْمَالِيَّةُ هِيَ الْمَضْمُونَةُ، وَلَوْ دَفَعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ إلَى أَحَدِهِمَا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ مُودَعُ الرَّاهِنِ فِي حَقِّ الْعَيْنِ وَمُودَعُ الْمُرْتَهِنِ فِي حَقِّ الْمَالِيَّةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْآخَرِ وَالْمُودَعُ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَإِذَا ضَمِنَ الْعَدْلُ قِيمَةَ الرَّهْنِ بِالتَّعَدِّي فِيهِ إمَّا بِإِتْلَافِهِ أَوْ بِدَفْعِهِ إلَى أَحَدِهِمَا وَأَتْلَفَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ لَا يَقْدِرُ الْعَدْلُ أَنْ يَجْعَلَ الْقِيمَةَ رَهْنًا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَاجِبَةٌ فَلَوْ جَعَلَهَا رَهْنًا فِي يَدِهِ يَصِيرُ قَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ وَلَكِنْ يَأْخُذَانِهَا مِنْهُ وَيَجْعَلَانِهَا عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ اجْتِمَاعُهُمَا يَرْفَعُ أَحَدُهُمَا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَفْعَلَ ذَلِكَ فَإِذَا جُعِلَتْ الْقِيمَةُ رَهْنًا بِرَأْيِهِمَا أَوْ بِرَأْيِ الْقَاضِي عِنْدَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

[ بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ]

ٍ} لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ الرَّهْنِ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ذَكَرَ حُكْمَهُ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْعَدْلِ، وَهُوَ الَّذِي يَثِقُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ بِكَوْنِ الرَّهْنِ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْمُرْتَهِنِ وَالنَّائِبُ يَقْفُو الْمَنُوبَ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ يَدَ الْعَدْلِ إلَخْ) مَا أَحْسَنَ قَوْلَهُ فِي الْكَافِي؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ نَائِبٌ عَنْ الرَّاهِنِ لَا عَنْ الْمُرْتَهِنِ وَلِهَذَا لَوْ لَحِقَهُ ضَمَانٌ بِأَنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ وَالرَّهْنُ لَا يَتِمُّ بِقَبْضِ الرَّاهِنِ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَكَذَا بِقَبْضِ الْعَدْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ بِمَا ضَمِنَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قَبْلُ يَرْجِعُ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيَهْلِكُ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ) قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي مُخْتَصَرِ الْكَافِي: وَقَبْضُ الْعَدْلِ الرَّهْنَ بِمَنْزِلَةِ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ فِي حُكْمِ صِحَّتِهِ وَضَمَانِهِ بِالدَّيْنِ إذَا هَلَكَ بَلَغَنَا عَنْ إبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: إنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْعَدْلِ لَمْ يَبْطُلْ الدَّيْنُ وَإِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِيهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ فَقَدْ بَطَلَ الرَّهْنُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّهْنَ هَلْ يَنْعَقِدُ بِوَصْفِ الصِّحَّةِ وَاللُّزُومِ بِقَبْضِ الْعَدْلِ عِنْدَنَا يَنْعَقِدُ، وَعِنْدَهُ لَا يَنْعَقِدُ هُوَ يَقُولُ وُجُودُ الرَّهْنِ بِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يُوجَدْ لَا حَقِيقَةً وَلَا تَقْدِيرًا؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ نَائِبٌ عَنْ الرَّاهِنِ لَا عَنْ الْمُرْتَهِنِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَأَتْلَفَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ) أَوْ أُتْلِفَ فِي يَدِهِ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ يَصِيرُ قَاضِيًا) أَيْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ لِلتَّنَافِي بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ مُسَلِّمًا وَمُتَسَلِّمًا اهـ (قَوْلُهُ لِيَفْعَلَ ذَلِكَ) أَيْ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْعَدْلِ بِالضَّمَانِ مِنْهُ ثُمَّ يَضَعُهُ عِنْدَهُ رَهْنًا اهـ

فَرْعٌ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله: وَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ رَجُلَيْنِ وَالرَّهْنُ مِمَّا لَا يُقْسَمُ فَوَضَعَاهُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا كَانَ جَائِزًا وَلَا ضَمَانَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا أَتَيَا بِالْحِفْظِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ حِفْظَهُمَا لَا يَأْتِي فِي مِثْلِ هَذَا إلَّا بِالتَّهَايُؤِ زَمَانًا؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِمَا اجْتِمَاعُهُمَا عَلَى حِفْظِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَكَانَ الْحِفْظُ الْمُمْكِنُ مِنْهُمَا عَادَةً هَذَا وَقَدْ أَتَيَا بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُقْسَمُ فَاقْتَسَمَاهُ كَانَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَضَافَ الْحِفْظَ إلَيْهِمَا اقْتَضَى هَذَا انْقِسَامَ الْحِفْظِ عَلَيْهِمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ احْفَظَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا طَائِفَةً مِنْ الْعَيْنِ فَإِنْ وَضَعَاهُ عِنْدَ

ص: 80

الْعَدْلِ الْأَوَّلِ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ ثُمَّ قَضَى الرَّاهِنُ الدَّيْنَ، فَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ بِالدَّفْعِ إلَى الرَّاهِنِ فَالْقِيمَةُ سَالِمَةٌ لِلْعَدْلِ يَأْخُذُهَا مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ إنْ كَانَتْ عِنْدَ غَيْرِهِ أَوْ عِنْدَهُ لِوُصُولِ الْمَرْهُونِ إلَى الرَّاهِنِ بِالتَّسْلِيمِ الْأَوَّلِ إلَيْهِ وَوُصُولُ الدَّيْنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ بِدَفْعِ الرَّاهِنِ إلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اجْتِمَاعُ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ أَخَذَهُ الرَّاهِنُ لَاجْتَمَعَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ الْعَدْلُ ضَمِنَ الرَّهْنَ بِالدَّفْعِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَالرَّاهِنُ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ مِنْ الْعَدْلِ إنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إنْ كَانَتْ عِنْدَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً أَخَذَهَا مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ إذَا أَدَّى الدَّيْنَ فَكَذَلِكَ يَأْخُذُ مَا قَامَ مَقَامَهَا، وَلَا جَمْعَ فِيهِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ هَلْ لِلْعَدْلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْوَدِيعَةِ وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ مَلَكَ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعَارَ أَوْ أَوْدَعَ مِلْكَ نَفْسِهِ فَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ وَلَا الْمُودَعُ إلَّا بِالتَّعَدِّي وَكَذَا إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ بِحَقِّهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ خُذْهُ بِحَقِّك أَوْ احْبِسْهُ بِدَيْنِك؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ.

قَالَ رحمه الله (فَإِنْ وَكَّلَ الْمُرْتَهِنَ أَوْ الْعَدْلَ أَوْ غَيْرَهُمَا بِبَيْعِهِ عِنْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ صَحَّ)؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مَالِكٌ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْأَهْلِ بِبَيْعِ مَالِهِ مُعَلَّقًا أَوْ مُنَجَّزًا؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ لِكَوْنِهَا مِنْ الْإِسْقَاطَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ حَقُّ الْمَالِكِ وَبِالتَّسْلِيطِ عَلَى بَيْعِهِ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَالْإِسْقَاطَاتُ يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا بِالشُّرُوطِ، وَلَوْ أَمَرَ بِبَيْعِهِ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ فَبَاعَهُ بَعْدَ مَا بَلَغَ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَصِحُّ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَقْتَ الِامْتِثَالِ، وَهُوَ يَقُولُ إنَّ أَمْرَهُ وَقَعَ بَاطِلًا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ وَقْتَ الْأَمْرِ فَلَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا قَالَ رحمه الله (فَإِنْ شُرِطَتْ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ لَمْ يَنْعَزِلْ بِعَزْلِهِ وَبِمَوْتِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ)؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَمَّا شُرِطَتْ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ صَارَتْ وَصْفًا مِنْ أَوْصَافِهِ وَحَقًّا مِنْ حُقُوقِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لِزِيَادَةِ الْوَثِيقَةِ فَتَلْزَمُ بِلُزُومِ أَصْلِهِ؛ وَلِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَفِي الْعَزْلِ إبْطَالُ حَقِّهِ وَصَارَ كَالْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا حَتَّى مَلَكَ الْبَيْعَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ بِالنَّسِيئَةِ لَمْ يَعْمَلْ نَهْيُهُ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ بِأَصْلِهِ فَكَذَا بِوَصْفِهِ وَكَذَا لَا يَنْعَزِلُ بِالْعَزْلِ الْحُكْمِيِّ كَمَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَارْتِدَادِهِ وَلُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ، وَلَوْ بَطَلَ إنَّمَا كَانَ يَبْطُلُ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ كَمَا يَتَقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الرَّاهِنِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ الْمُفْرَدَةِ حَيْثُ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، وَهَذِهِ الْوَكَالَةُ تُخَالِفُ الْمُفْرَدَةَ مِنْ وُجُوهٍ: مِنْهَا فِيمَا ذَكَرْنَا وَمِنْهَا أَنَّ الْوَكِيلَ هُنَا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْبَيْعِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ الْمُفْرَدَةِ، وَمِنْهَا أَنَّ هَذَا يَبِيعُ الْوَلَدَ وَالْأَرْشَ بِخِلَافِ الْمُفْرَدَةِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ إذَا بَاعَ بِخِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى جِنْسِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْمُفْرَدَةِ، وَمِنْهَا أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ عَبْدًا وَقَتَلَهُ عَبْدٌ خَطَأً فَدُفِعَ الْقَاتِلُ بِالْجِنَايَةِ كَانَ لِهَذَا الْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ بِخِلَافِ الْمُفْرَدَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْعَزِلْ بِعَزْلِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ فَكَانَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَكَالَةِ، وَهُوَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

أَحَدِهِمَا ضَمِنَ الَّذِي وَضَعَ حِصَّتَهُ عِنْدَ صَاحِبِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ أَنَّهُمَا هَلْ يَمْلِكَانِ التَّهَايُؤَ فِي الْحِفْظِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَمْلِكَانِ وَعِنْدَهُمَا يَمْلِكَانِ، وَالدَّلَائِلُ ذُكِرَتْ ثَمَّةَ وَلَكِنْ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا دَفَعَ لَا بِمَا أَخَذَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُودَعُ الْمُودَعِ فِيمَا أَخَذَ وَمُودَعُ الْمُودَعِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ سَلَامَتِهَا لِلْعَدْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا جَمْعَ فِيهِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ إلَخْ)؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ زَالَتْ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ إلَى الْعَدْلِ وَبِهَذَا يُحْتَرَزُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَإِنَّ هُنَاكَ لَمَّا قَضَى الرَّاهِنُ دَيْنَهُ لَوْ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْعَدْلِ كَانَ جَامِعًا بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ عَيْنُ حَقِّهِ، وَهُوَ الرَّهْنُ، وَأَمَّا هُنَا فَلَا جَمْعَ بَيْنَهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ يَرْجِعُ الْعَدْلُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ اسْتَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ هَلَكَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَمْ يَنْعَزِلْ بِعَزْلِهِ) أَيْ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ جَازَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَمَّا شُرِطَتْ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّ الْوَكَالَةَ غَيْرَ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْعَقْدِ كَالْمَشْرُوطَةِ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ صَارَتْ وَصْفًا) وَالْحُقُوقُ الْحَبْسُ وَالِاسْتِيفَاءُ وَالْوَكَالَةُ، وَالْأَوْصَافُ اللُّزُومُ وَجَبْرُ الْوَكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ إذَا أَبَى وَالْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ وَحَقُّ بَيْعِ الْوَلَدِ وَحَقُّ صَرْفِ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَتَلْزَمُ بِلُزُومِ أَصْلِهِ) أَيْ، وَهُوَ الرَّهْنُ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ التَّبَعِ لَا يُفَارِقُ حُكْمَ الْأَصْلِ وَالرَّهْنُ لَازِمٌ فَكَذَا مَا هُوَ تَبَعٌ لَهُ اهـ كَافِي (قَوْلُهُ وَصَارَ كَالْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ) أَيْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي)، فَإِنَّهُ إذَا أَرَادَ الْمُوَكِّلُ عَزْلَهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْخَصْمِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ

دَفْعًا لِلضَّرَرِ

عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُدَّعِي اهـ كَافِي (قَوْلُهُ فَكَذَا بِوَصْفِهِ)، وَهُوَ الْإِطْلَاقُ حَيْثُ لَمْ يَتَقَيَّدْ بِالنَّقْدِ بِالنَّهْيِ عَنْ النَّسِيئَةِ (قَوْلُهُ كَمَوْتِ الْمُوَكِّلِ)، وَهُوَ الرَّاهِنُ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْكَافِي، وَإِنْ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ فَالْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ مَتَى صَارَ لَازِمًا تَبَعًا لِلرَّهْنِ لَمْ يَنْعَزِلْ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ وَلَا بِمَوْتِ الْمُرْتَهِنِ وَلَا بِمَوْتِهِمَا كَمَا لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا بِمَوْتِهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْوَكَالَةُ تُخَالِفُ الْمُفْرَدَةَ)، وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُشْرَطْ فِي الْعَقْدِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى جِنْسِ الدَّيْنِ) وَالْوَكِيلُ الْمُفْرَدُ إذَا بَاعَ لَا يَصْرِفُهُ إلَى شَيْءٍ آخَرَ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَمْلِكَ مَا هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ، وَجَعْلُ الثَّمَنِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ مِنْ ضَرُورَاتِ قَضَاءِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ الْمُفْرَدِ فَإِنَّهُ كَمَا بَاعَ انْتَهَتْ الْوَكَالَةُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ كَانَ لِهَذَا الْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ) وَكَذَا إذَا قُتِلَ الرَّهْنُ فَغَرِمَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ الرَّهْنُ مَا دُفِعَ عَنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَهُ فَتَعَلَّقَ بِهِ مِنْ الْحَقِّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ. اهـ. غَايَةٌ

ص: 81

إذَا عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ لَا يَنْعَزِلُ فَبِعَزْلِ غَيْرِهِ أَوْلَى أَنْ لَا يَنْعَزِلَ.

قَالَ رحمه الله (وَلِلْوَكِيلِ بَيْعُهُ بِغَيْبَةِ وَرَثَةِ الرَّاهِنِ) كَمَا كَانَ لَهُ حَالَ حَيَاتِهِ أَنْ يَبِيعَهُ بِغَيْرِ حُضُورِهِ قَالَ رحمه الله (وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ) حَتَّى لَا يَقُومَ وَارِثُهُ وَلَا وَصِيُّهُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا يَجْرِي فِيهَا الْإِرْثُ؛ وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِرَأْيِهِ لَا بِرَأْيِ غَيْرِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَنَّ وَصِيَّ الْوَكِيلِ يَمْلِكُ بَيْعَهُ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَازِمَةٌ هُنَا فَيَمْلِكُ الْوَصِيُّ كَالْمُضَارِبِ إذَا مَاتَ وَالْمَالُ عُرُوضٌ يَمْلِكُ وَصِيُّ الْمُضَارِبِ بَيْعَهَا لِمَا أَنَّهُ لَازِمٌ بَعْدَ مَا صَارَ عُرُوضًا. قُلْنَا الْوَكَالَةُ حَقٌّ عَلَى الْوَكِيلِ فَلَا يُورَثُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ يَجْرِي فِي حَقٍّ لَهُ لَا فِي حَقٍّ عَلَيْهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِهَا بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهَا حَقُّ الْمُضَارِبِ فَيُورَثُ عَنْهُ فَيَقُومُ الْوَرَثَةُ مَقَامَهُ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْمُضَارِبَ لَهُ وِلَايَةُ التَّوْكِيلِ فِي حَيَاتِهِ، فَجَازَ أَنْ يَقُومَ وَصِيُّهُ مَقَامَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَالْأَبِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَالْوَكِيلُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ التَّوْكِيلِ فِي حَيَاتِهِ فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِبَيْعِهِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا إذَا كَانَ مَشْرُوطًا لَهُ فِي الْوَكَالَةِ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ بِوَصْفِهِ.

قَالَ رحمه الله (وَلَا يَبِيعُهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الرَّاهِنُ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ)؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ حَقٌّ فِيهِ أَمَّا الرَّاهِنُ فَمِلْكُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ، وَأَمَّا الْمُرْتَهِنُ؛ فَلِأَنَّهُ أَحَقُّ بِمَالِيَّتِهِ مِنْ الرَّاهِنِ فَلَا يَقْدِرُ الرَّاهِنُ عَلَى تَسْلِيمِهِ بِالْبَيْعِ قَالَ رحمه الله (فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَغَابَ الرَّاهِنُ أُجْبِرَ الْوَكِيلُ عَلَى بَيْعِهِ كَالْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ مِنْ جِهَةِ الْمَطْلُوبِ إذَا غَابَ مُوَكِّلُهُ أُجْبِرَ عَلَيْهَا)؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ بِالشَّرْطِ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ صَارَتْ وَصْفًا مِنْ أَوْصَافِ الرَّهْنِ فَلَزِمَتْ كَلُزُومِهِ؛ وَلِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ تَعَلَّقَ بِالْبَيْعِ، وَفِي الِامْتِنَاعِ إبْطَالُ حَقِّهِ فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ إذَا غَابَ مُوَكِّلُهُ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ فِي الِامْتِنَاعِ فِيهِمَا إبْطَالَ حَقِّهِمَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَبِيعُ بِنَفْسِهِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ، أَمَّا الْمُدَّعِي فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ وَالْمُرْتَهِنُ لَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ. وَكَيْفِيَّةُ الْإِجْبَارِ أَنْ يَحْبِسَهُ الْقَاضِي أَيَّامًا لِيَبِيعَ فَإِنْ لَحَّ بَعْدَ الْحَبْسِ أَيَّامًا فَالْقَاضِي يَبِيعُهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِمَا ظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ جِهَةٌ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ هُنَا؛ وَلِأَنَّ بَيْعَ الرَّهْنِ صَارَ مُسْتَحَقًّا لِلْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَوَاضِعِ، وَقِيلَ لَا يَبِيعُ الْقَاضِي عِنْدَهُ كَمَا لَا يَبِيعُ مَالَ الْمَدْيُونِ عِنْدَهُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، ثُمَّ إذَا أَجْبَرَهُ عَلَى الْبَيْعِ، وَبَاعَ لَا يَفْسُدُ هَذَا الْبَيْعُ بِهَذَا الْإِجْبَارِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِجْبَارَ وَقَعَ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ بِأَيِّ طَرِيقٍ شَاءَ حَتَّى لَوْ قَضَاهُ بِغَيْرِهِ صَحَّ

وَإِنَّمَا الْبَيْعُ طَرِيقٌ مِنْ طُرُقِهِ؛ وَلِأَنَّهُ إجْبَارٌ بِحَقٍّ وَبِمِثْلِهِ لَا يَكُونُ مُكْرَهًا فَلَا يَفْسُدُ اخْتِيَارُهُ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ التَّوْكِيلُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ، وَإِنَّمَا شَرَطَاهَا بَعْدَهُ قِيلَ لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ لَمْ يَصِرْ وَصْفًا مِنْ أَوْصَافِ الرَّهْنِ، فَكَانَتْ مُفْرَدَةً كَسَائِرِ الْوَكَالَاتِ، وَقِيلَ يُجْبَرُ كَيْ لَا يَتْوَى حَقُّهُ، وَهَذَا أَصَحُّ حَتَّى رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَنَّ الْجَوَابَ فِي الْفَصْلَيْنِ وَاحِدٌ فِي أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ نَصًّا وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ رحمه الله فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْأَصْلُ الْإِجْبَارُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ مَشْرُوطَةً فِي عَقْدِ الرَّهْنِ أَوْ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً فِيهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ بَاعَ الْعَدْلُ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا وَالثَّمَنُ قَائِمٌ مَقَامَهُ فَيَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ بَعْدُ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مَا كَانَ مَقْبُوضًا بِجِهَةِ الرَّهْنِ، وَإِذَا تَوَى كَانَ مِنْ مَالِ الْمُرْتَهِنِ لِبَقَاءِ عَقْدِ الرَّهْنِ فِي الثَّمَنِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمَبِيعِ الْمَرْهُونِ وَكَذَلِكَ إذَا قُتِلَ الْعَبْدُ الرَّهْنُ وَغَرِمَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةُ، وَإِنْ كَانَ بَدَلَ الدَّمِ فَأَخَذَ حُكْمَ ضَمَانِ الْمَالِ فِي حَقِّ الْمُسْتَحَقِّ فَبَقِيَ عَقْدُ الرَّهْنِ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَهُ عَبْدٌ فَدُفِعَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَوَّلِ لَحْمًا وَدَمًا فَيَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ.

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ بَاعَهُ الْعَدْلُ وَأَوْفَى مُرْتَهِنُهُ ثَمَنَهُ فَاسْتُحِقَّ الرَّهْنُ وَضَمِنَ فَالْعَدْلُ يُضَمِّنُ الرَّاهِنَ قِيمَتَهُ أَوْ الْمُرْتَهِنَ ثَمَنَهُ) وَكَشَفَ هَذَا أَنَّ الْمَرْهُونَ الْمَبِيعَ إذَا اُسْتُحِقَّ إمَّا أَنْ يَكُونَ هَالِكًا أَوْ قَائِمًا فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْمُسْتَحِقُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الرَّاهِنَ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ فِي حَقِّهِ بِالْأَخْذِ وَالتَّسْلِيمِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْعَدْلَ؛ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلِلْوَكِيلِ بَيْعُهُ إلَخْ)؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَتْ وَكَالَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ حَضْرَةُ وَرَثَتِهِ وَرِضَاهُمْ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ لَا بِرَأْيِ غَيْرِهِ) وَلَكِنَّ الرَّهْنَ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيطَ عَلَى الْبَيْعِ أَمْرٌ زَائِدٌ فِيهِ فَلَا يَبْطُلُ بِبُطْلَانِهِ الرَّهْنُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ مَشْرُوطًا لَهُ فِي الْوَكَالَةِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ فِي أَصْلِ الْوَكَالَةِ وَكَّلْتُك بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَأَجَزْتُ لَكَ مَا صَنَعْتَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِوَصِيِّهِ بَيْعُهُ، وَلَا يَجُوزُ لِوَصِيِّهِ أَنْ يُوصِيَ بِهِ إلَى ثَالِثٍ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ بِمَعْنَاهُ اهـ.

(قَوْلُهُ فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ) وَكَذَلِكَ رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا خُصُومَةٌ فَوَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَجُلًا بِخُصُومَتِهِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي فَغَابَ الْمُوَكِّلُ وَأَبَى الْوَكِيلُ أَنْ يُخَاصِمَهُ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ إنَّمَا خَلَّى سَبِيلَ الْخَصْمِ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّ وَكِيلَهُ يُخَاصِمُهُ، فَلَا يَكُونُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهُ وَيُلْحِقَ الضَّرَرَ بِالْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّهِ اهـ كَافِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ) أَيْ لَا يُجْبَرُ لَوْ امْتَنَعَ عَنْ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا امْتَنَعَ عَنْ الْبَيْعِ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُوَكِّلُ. اهـ. كَافِي وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي: وَلَيْسَ لِلْعَدْلِ بَيْعُ الرَّهْنِ مَا لَمْ يُسَلَّطْ عَلَى بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ فَحَسْبُ، وَإِنْ كَانَ رَهَنَ عَلَى أَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَى بَيْعِهِ فَأَبَى أَنْ يَبِيعَهُ فَرَفَعَهُ الْمُرْتَهِنُ إلَى الْقَاضِي جَبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى بَيْعِهِ بَعْدَ أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى خِلَافِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْوُكَلَاءِ بِالْبَيْعِ، فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ لَوْ امْتَنَعَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُعِينٌ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَذِهِ الْإِعَانَةِ حَقٌّ أَمَّا هَذَا فَإِنَّهُ مُعِينٌ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغَيْرِ بِهِ فَجَازَ أَنْ يُجْبَرَ عَلَيْهِ إيفَاءً لِحَقِّ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ قَدْ الْتَزَمَ ذَلِكَ وَصَارَ نَظِيرَ الْكَفَالَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْمُرْتَهِنُ لَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ) أَيْ لَوْ امْتَنَعَ الْعَدْلُ عَنْ بَيْعِهِ اهـ

ص: 82

مُتَعَدٍّ مِثْلَهُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ فَصَارَ غَاصِبًا بِذَلِكَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ نَفَذَ الْبَيْعُ وَصَحَّ الِاقْتِضَاءُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ يَمْلِكُهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِبَيْعِ مِلْكِ نَفْسِهِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الْعَدْلَ، وَهُوَ الْبَائِعُ نَفَذَ الْبَيْعُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ يَمْلِكُهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مِنْ جِهَتِهِ عَامِلٌ لَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا لَحِقَهُ مِنْ الْعُهْدَةِ بِالْغُرُورِ مِنْ جِهَتِهِ وَنَفَذَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَمَّا كَانَ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَضَمِنَهُ مَلَكَ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِبَيْعِ مِلْكِهِ فَصَحَّ اقْتِضَاءُ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ الْعَدْلُ رَجَعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الثَّمَنَ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ مَلَكَ الْعَبْدَ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ وَاسْتَقَرَّ مِلْكُهُ فِيهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ إلَى الرَّاهِنِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَا ضَمِنَ وَنَفَذَ بَيْعُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ فَصَارَ الثَّمَنُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مِلْكِهِ، وَإِنَّمَا أَدَّاهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ عَلَى حُسْبَانِ أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُ الرَّاهِنِ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكُهُ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ ثُمَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَدْلِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ فَتَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقُ الْعَقْدِ، وَهَذَا مِنْ حُقُوقِهِ حَيْثُ وَجَبَ بِالْبَيْعِ

وَإِنَّمَا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ لِيُسَلِّمَ لَهُ الْمَبِيعَ وَلَمْ يُسَلِّمْ ثُمَّ إذَا ضَمِنَ الْعَدْلُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي كَانَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَهُ فِي هَذِهِ الْعُهْدَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَخْلِيصُهُ، وَإِذَا رَجَعَ عَلَيْهِ صَحَّ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ وَسَلِمَ لَهُ الْمَقْبُوضُ وَبَرِيءَ الرَّاهِنُ عَنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ الْعَدْلُ رَجَعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ انْتَقَضَ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَبَطَلَ الثَّمَنُ وَقَدْ قَبَضَهُ ثَمَنًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ وَنَقَضَ قَبْضُهُ ضَرُورَةً فَإِذَا دَفَعَهُ إلَى الْعَدْلِ عَادَ حَقُّهُ فِي الدَّيْنِ عَلَى الرَّاهِنِ كَمَا كَانَ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ سَلَّمَ الثَّمَنَ بِنَفْسِهِ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْعَدْلِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ فِي الْبَيْعِ عَامِلٌ لِلرَّاهِنِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا قَبَضَ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا فَبَقِيَ ضَمَانُ الثَّمَنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالدَّيْنُ عَلَى الرَّاهِنِ عَلَى حَالِهِ، وَلَوْ كَانَ التَّوْكِيلُ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ غَيْرَ مَشْرُوطٍ فِي الْعَقْدِ فَمَا لَحِقَ الْعَدْلَ مِنْ الْعُهْدَةِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَذَا التَّوْكِيلِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ الْمُفْرَدَةِ عَنْ الرَّهْنِ إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَى مَنْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ ثُمَّ لَحِقَهُ عُهْدَةٌ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُقْتَضِي بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَيَكُونُ الْبَيْعُ لِحَقِّهِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ رحمه الله، وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ لَا يَرَى جَبْرَ هَذَا الْوَكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ رِضَا الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ بِدُونِ التَّوْكِيلِ قَدْ تَمَّ فَكَانَ التَّوْكِيلُ مُسْتَأْنَفًا لَا فِي ضِمْنِ عَقْدِ الرَّهْنِ فَكَانَ مُنْفَصِلًا عَنْهُ ضَرُورَةً إلَّا أَنَّ فَخْرَ الْإِسْلَامِ وَشَيْخَ الْإِسْلَامِ قَالَا: قَوْلُ مَنْ يَرَى جَبْرَ هَذَا الْوَكِيلِ أَصَحُّ لِإِطْلَاقِ مُحَمَّدٍ رحمه الله فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْأَصْلُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فَتَكُونُ الْوَكَالَةُ غَيْرَ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْعَقْدِ كَالْمَشْرُوطَةِ فِيهِ فِي حَقِّ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ هُنَاكَ.

قَالَ رحمه الله (، وَإِنْ مَاتَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَاسْتُحِقَّ وَضَمِنَ الرَّاهِنُ قِيمَتَهُ مَاتَ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِالْقِيمَةِ وَبِدَيْنِهِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ فِي حَقِّهِ الرَّاهِنُ بِالْأَخْذِ وَالتَّسْلِيمِ وَالْمُرْتَهِنُ بِالْقَبْضِ وَالتَّسَلُّمِ فَإِنْ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ صَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مَلَكَهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدًا إلَى مَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ رَهَنَ مِلْكَ نَفْسِهِ ثُمَّ صَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا بِهَلَاكِهِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ مِنْ الْقِيمَةِ وَبِدَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ أَمَّا بِالْقِيمَةِ فَلِأَنَّهُ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ وَأَمَّا بِالدَّيْنِ فَلِأَنَّهُ انْتَقَضَ اقْتِضَاؤُهُ فَيَعُودُ حَقُّهُ كَمَا كَانَ، فَإِنْ قِيلَ لَمَّا كَانَ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الرَّاهِنِ بِرُجُوعِ الْمُرْتَهِنِ عَلَيْهِ وَالْمِلْكُ فِي الْمَضْمُونِ يَثْبُتُ لِمَنْ عَلَيْهِ قَرَارُ الضَّمَانِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ رَهَنَ مِلْكَ نَفْسِهِ فَصَارَ كَمَا كَانَ إذَا ضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الرَّاهِنَ ابْتِدَاءً قُلْنَا هَذَا طَعْنُ أَبِي خَازِمٍ الْقَاضِي

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ وَصَحَّ الِاقْتِضَاءُ) أَيْ اقْتِضَاءُ الْمُرْتَهِنِ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ أَيْ اسْتِيفَاءُ الْمُرْتَهِنِ الثَّمَنَ بِدَيْنِهِ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ)، وَإِذَا رَجَعَ بَطَلَ الِاقْتِضَاءُ فَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِالْقِيمَةِ) تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ شَارِحِيهَا: الْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ الثَّمَنُ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ بِالْقِيمَةِ مَا نَصَّهُ بِالثَّمَنِ اهـ كَافِي.

(قَوْلُهُ فَلِأَنَّهُ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ) فَإِنَّهُ رَهَنَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ وَفِي قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ مَنْفَعَةٌ لِلرَّاهِنِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِهِ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ وَالْمَغْرُورُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ لِمَا لَحِقَهُ مِنْ الضَّمَانِ كَمَا يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَالْمُودَعُ عَلَى الْمُودِعِ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ قُلْنَا هَذَا طَعْنُ أَبِي خَازِمٍ الْقَاضِي) أَيْ هَذَا السُّؤَالُ طَعَنَ بِهِ أَبُو خَازِمٍ عَلَى مُحَمَّدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَبُو خَازِمٍ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ، وَهُوَ. أَبُو خَازِمٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ أَصْلُهُ مِنْ الْبَصْرَةِ وَسَكَنَ بَغْدَادَ وَكَانَ ثِقَةً دَيِّنًا وَرِعًا عَالِمًا بِمَذْهَبِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَالْفَرَائِضِ وَالْحِسَابِ وَالْقِسْمَةِ حَسَنَ الْعِلْمِ بِالْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ وَحِسَابِ الدُّورِ وَغَامِضِ الْوَصَايَا وَالْمُنَاسَخَاتِ قُدْوَةً فِي الْعِلْمِ، وَكَانَ أَحْذَقَ النَّاسِ بِعَمَلِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ وَكَانَ أَحَدَ فُقَهَاءِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَمَا كَانَ يَعْلَمُ أَحَدٌ رَآهُ أَنَّهُ رَأَى أَعْقَلَ مِنْهُ وَقَدْ أَخَذَ الْعِلْمَ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَحْيَى وَهُوَ هِلَالُ الرَّأْيِ الْبَصْرِيِّ وَهِلَالٌ أَخَذَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ وَمُحَمَّدٍ وَكَانَ أَبُو خَازِمٍ أُسْتَاذَ أَبِي طَالِبٍ الدَّبَّاسِ وَأَقْرَانِهِ وَكَانَ أَبُو حَازِمٍ وَلِيَ الْقَضَاءِ بِالشَّامِ وَالْكُوفَةِ وَالْكَرْخِ مِنْ مَدِينَةِ السَّلَامِ ثُمَّ اسْتَقْضَاهُ الْخَلِيفَةُ الْمُعْتَضِدُ بِاَللَّهِ عَلَى الشَّرْقِيَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَتُوُفِّيَ أَبُو خَازِمٍ فِي جُمَادَى الْأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعَةٍ وَمِائَتَيْنِ اهـ غَايَةٌ.

ص: 83