المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ أحوال الجد في الميراث] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٦

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[سَبَب الْأُضْحِيَّة وَشَرَائِطهَا]

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[مَا يُضَحَّى بِهِ]

- ‌[ مِمَّا تَكُون الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كَيْفِيَّة التَّصَرُّف فِي لَحْم الْأُضْحِيَّة]

- ‌[ التَّصَدُّق بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[يذبح المضحي بِيَدِهِ]

- ‌[ذبح الْكِتَابِيّ لِلْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[أَخْطِئَا وَذَبَحَ كُلٌّ أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ)

- ‌(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌(مَسَائِلُ الشِّرْبِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌{فَصْلٌ فِي طَبْخِ الْعَصِيرِ}

- ‌{كِتَابُ الصَّيْدِ}

- ‌[الِاصْطِيَاد بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّم وَالْفَهْد وَالْبَازِي]

- ‌[ التَّسْمِيَة عِنْد الإرسال للصيد]

- ‌[رَمَى صَيْدًا فَقَطَعَ عُضْو مِنْهُ]

- ‌ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌{بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ}

- ‌{بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ}

- ‌(بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌[فَصْلٌ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ بِعَشْرَةٍ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ]

- ‌(كِتَابُ الْجِنَايَاتِ)

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ)

- ‌[بَابُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ صُولِحَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ حَالًّا وَسَقَطَ الْقَوَدُ]

- ‌[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّفْسِ وَالْمَارِنِ وَاللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ]

- ‌(بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ)

- ‌[فَصْلٌ قُتِلَ عَبْدٌ خَطَأً]

- ‌[بَابُ غَصْبِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالصَّبِيِّ وَالْجِنَايَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ الْقَسَامَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ)

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الدِّيَة فِي الْمَعَاقِلِ]

- ‌(وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ)

- ‌لَا يَعْقِلُ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ

- ‌[ لَا يَعْقِل أَهْل مِصْر عَنْ أَهْل مِصْر آخِر]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَة فَعَلَى مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[وَصِيَّة الْمُسْلِم لِلذِّمِّيِّ والذمي لِلْمُسْلِمِ]

- ‌ وَصِيَّةُ الْمَدْيُونِ

- ‌ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ

- ‌ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ

- ‌[الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة]

- ‌[ وَصِيَّة الْمُكَاتَب]

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ]

- ‌[بَابُ وَصِيَّةِ الذِّمِّيِّ لِلذِّمِّيِّ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَّهَادَةِ الْوَصِيَّانِ]

- ‌(كِتَابُ الْخُنْثَى)

- ‌[لَبِسَ الْخُنْثَى لِلْحَرِيرِ وَالْحِلِّي]

- ‌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِيهِ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى

- ‌[مَاتَ الْخُنْثَى قَبْل أَنْ يستبين أمره]

- ‌[قَبَلَ رَجُل الْخُنْثَى الْمُشْكِل بشهوة]

- ‌[تَزَوَّجَ الْخُنْثَى مِنْ خُنْثَى]

- ‌(مَسَائِلُ شَتَّى)

- ‌(إيمَاءُ الْأَخْرَسِ، وَكِتَابَتُهُ

- ‌[ مِيرَاث الْخُنْثَى]

- ‌[حَدّ قاذف الْخُنْثَى]

- ‌[لف ثَوْب نجس فِي آخِر طَاهِر]

- ‌[غنم مذبوحة وميتة حُكْم الْأَكْل مِنْهَا]

- ‌[سُلْطَان جَعَلَ الخراج لِرَبِّ الْأَرْض]

- ‌ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ

- ‌ ابْتَلَعَ الصَّائِمُ رِيقَ غَيْرِهِ

- ‌[ الْعَقَار الْمُتَنَازِع فِيهِ لَا يَخْرَج مِنْ يَد ذَوِي الْيَد]

- ‌[بَاعَ ضيعة ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَاده]

- ‌[قَالَ لِآخِرِ وكلتك ببيع هَذَا فسكت]

- ‌[ وهبت مهرها لزوجها فَمَاتَتْ فطالب ورثتها بِهِ وقالوا كَانَتْ الْهِبَة فِي مَرَض موتها]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[أحوال الْأَب فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْأُمّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[للجدات أحوال فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْج فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْجَة فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْبِنْت فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ أحوال الْجَدّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[الأخوات لِأَب وَأُمّ أحوالهن فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْعُصُبَات فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْفُرُوض المقدرة فِي الْمَوَارِيث]

- ‌[التصحيح فِي الْفَرَائِض]

- ‌[ خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[ أحوال الجد في الميراث]

الْوَاحِدَةِ فَجَعَلَ لَهُمَا النِّصْفَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11].

عَلَّقَ اسْتِحْقَاقَ الثُّلُثَيْنِ بِكَوْنِهِنَّ نِسَاءً، وَهُوَ جَمْعٌ، وَصَرَّحَ بِقَوْلِهِ فَوْقَ اثْنَتَيْنِ، وَأَكَّدَهُ بِضَمِيرِ الْجَمْعِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] وَالْمُعَلَّقُ بِشَرْطٍ لَا يَثْبُتُ بِدُونِهِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلْبِنْتَيْنِ النِّصْفَ مَعَ الِابْنِ، وَهُوَ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ، وَحَظُّ الذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ حَظَّ الْبِنْتَيْنِ النِّصْفُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ.

وَلِلْجُمْهُورِ مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ «جَاءَتْ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِابْنَتَيْهَا مِنْ سَعْدٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَك فِي أُحُدٍ شَهِيدًا، وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالًا، وَلَا يُنْكَحَانِ إلَّا بِمَالٍ فَقَالَ يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى عَمِّهِمَا فَقَالَ أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ، وَأُمَّهُمَا الثُّمُنَ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَك» وَمَا تَلَا لَا يُنَافِي اسْتِحْقَاقَ الْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ.

لِأَنَّ تَخْصِيصَ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ لَا يَنْفِي الْحُكْمَ عَمَّا عَدَاهُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ فَعَرَفْنَا أَنَّ حُكْمَ الْجَمْعِ بِالْكِتَابِ، وَحُكْمَ الْمُثَنَّى بِالسُّنَّةِ، وَلِأَنَّ الْجَمْعَ قَدْ يُرَادُ بِهِ التَّثْنِيَةُ لَا سِيَّمَا فِي الْمَوَارِيثِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ فَيَكُونُ الْمُثَنَّى مُرَادًا بِالْآيَةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَاقِعَةَ كَانَتْ لِلْبِنْتَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الثُّلُثَيْنِ بِحُكْمِ الْآيَةِ، وَلَفْظَةُ {فَوْقَ} [آل عمران: 55] فِي الْآيَةِ صِلَةٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ} [الأنفال: 12] أَيْ اضْرِبُوا الْإِعْنَاقَ، وَحَمْلُهُ عَلَى هَذَا أَوْلَى مِمَّا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما لِحُصُولِ التَّوْفِيقِ بِهِ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْآيَةِ.

وَلِأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَأَدْنَى الِاخْتِلَاطِ أَنْ يَجْتَمِعَ ابْنٌ وَبِنْتٌ فَيَكُونُ لَهُ الثُّلُثَانِ، وَهُوَ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَعُلِمَ أَنَّ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِرْ هَذَا، وَهُوَ الثُّلُثَانِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَبَدًا، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَيَّنَ نَصِيبَ الْوَاحِدَةِ وَنَصِيبَ الْجَمْعِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ نَصِيبَ الْمُثَنَّى عَلَى مَا قَالَ فَلَا بُدَّ مِنْ إلْحَاقِ الْمُثَنَّى بِأَحَدِهِمَا.

فَإِلْحَاقُهُمَا بِالْجَمْعِ أَوْلَى لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي مَعْنَى الضَّمِّ، وَلِأَنَّ الْمُثَنَّى لَهُ حُكْمُ الْجَمْعِ فِي الْمِيرَاثِ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ الْفَرْدِ وَحُكْمَ الْمُثَنَّى جَعَلَ حُكْمَ الْمُثَنَّى كَحُكْمِ الْجَمْعِ فِي الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ فِي اسْتِحْقَاقِ الثُّلُثَيْنِ أَوْ الثُّلُثِ، وَقَوْلُهُ إنَّ الْبِنْتَيْنِ يَسْتَحِقَّانِ النِّصْفَ مَعَ الِابْنِ قُلْنَا اسْتِحْقَاقُهُمَا ذَلِكَ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ لَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِمَا إيَّاهُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّلَاثَ مِنْهُنَّ يَأْخُذْنَ مَعَ الِابْنِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الْمَالِ، وَعِنْدَ الِانْفِرَادِ الثُّلُثَيْنِ، وَالْوَاحِدَةِ تَأْخُذُ الثُّلُثَ مَعَ الِابْنِ وَالنِّصْفَ عِنْدَ الِانْفِرَادِ قَالَ رحمه الله (، وَعَصَبَهَا الِابْنُ، وَلَهُ مِثْلَا حَظِّهَا) مَعْنَاهُ إذَا اخْتَلَطَ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ عَصَبَ الْبَنُونَ الْبَنَاتِ فَيَكُونُ لِلِابْنِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] فَصَارَ لِلْبَنَاتِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ النِّصْفُ لِلْوَاحِدَةِ وَالثُّلُثَانِ لِلِاثْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا، وَالتَّعْصِيبُ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ بِالذُّكُورِ.

قَالَ رحمه الله (وَوَلَدُ الِابْنِ كَوَلَدِهِ عِنْدَ عَدَمِهِ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ حَتَّى يَكُونَ بَنُو الِابْنِ عَصَبَةً كَالْبَنِينَ وَبَنَاتُ الِابْنِ كَالْبَنَاتِ حَتَّى يَكُونَ لِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ وَلِلْبِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ فَيَعْصِبُهُنَّ الذُّكُورُ عِنْدَ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالذُّكُورِ فَيَكُونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.

قَالَ رحمه الله (وَيُحْجَبُ بِالِابْنِ) أَيْ وَلَدُ الِابْنِ يُحْجَبُ بِالِابْنِ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ لِأَنَّ الِابْنَ أَقْرَبُ، وَهُوَ عَصَبَةٌ فَلَا يَرِثُونَ مَعَهُ بِالْعُصُوبَةِ، وَكَذَا بِالْفَرْضِ لِأَنَّ بَنَاتِ الِابْنِ يُدْلِينَ بِهِ فَلَا يَرِثْنَ مَعَ أَصْلِهِنَّ، وَإِنْ كُنَّ لَا يُدْلِينَ بِهِ بِأَنْ كَانَ عَمَّهُنَّ فَهُوَ مُسَاوٍ لِأَصْلِهِنَّ فَيَحْجُبُهُنَّ كَمَا يَحْجُبُ أَوْلَادَهُ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ لِأَحَدِ الْمِثْلَيْنِ ثَبَتَ لِمُسَاوِيهِ ضَرُورَةً قَالَ رحمه الله (وَمَعَ الْبِنْتِ لِأَقْرَبِ الذُّكُورِ الْبَاقِي) أَيْ إذَا كَانَ مَعَ بِنْتِ الْمَيِّتِ لِصُلْبِهِ أَوْلَادُ الِابْنِ أَوْ أَوْلَادُ ابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ أَوْ الْمَجْمُوعُ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الْبِنْتِ الصُّلْبِيَّةِ لِأَقْرَبِ الذُّكُورِ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ فَيَحْجُبُ الْأَبْعَدَ، وَهَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ إذَا لَمْ تَكُنْ فِي دَرَجَتِهِ بِنْتُ ابْنٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي دَرَجَتِهِ بِنْتُ ابْنٍ فَتُشَارِكُهُ فَلَا يَكُونُ الْبَاقِي مِنْ فَرْضِ الْبِنْتِ لَهُ وَحْدَهُ.

قَالَ رحمه الله (وَلِلْإِنَاثِ السُّدُسُ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ) أَيْ لِبَنَاتِ الِابْنِ مَعَ الْوَاحِدَةِ الصُّلْبِيَّةِ السُّدُسُ، وَمُرَادُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِنَّ ابْنُ ابْنٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُنَّ ابْنُ ابْنٍ يَكُنَّ عَصَبَةً مَعَهُ فَلَا يَرِثْنَ السُّدُسَ، وَإِنَّمَا كَانَ لَهُنَّ السُّدُسُ عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ «لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي بِنْتٍ، وَبِنْتِ ابْنٍ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

[ أحوال الْجَدّ فِي الْمِيرَاث]

(قَوْلُهُ وَمَا تَلَا) أَيْ ابْنُ عَبَّاسٍ. اهـ.

ص: 234

وَأُخْتٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ»

وَقَوْلُهُ «تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُنَّ يَدْخُلْنَ فِي لَفْظِ الْأَوْلَادِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلْأَوْلَادِ الْإِنَاثِ ثُلُثَيْنِ فَإِذَا أَخَذَتْ الصُّلْبِيَّةُ النِّصْفَ بَقِيَ مِنْهُ سُدُسٌ فَيُعْطَى لَهَا تَكْمِلَةً لِذَلِكَ فَلَوْلَا أَنَّهُنَّ دَخَلْنَ فِي الْأَوْلَادِ وَفَرْضُهُنَّ وَاحِدٌ لَمَا صَارَ تَكْمِلَةً لَهُ إلَّا أَنَّ الصُّلْبِيَّةَ أَقْرَبُ إلَى الْمَيِّتِ فَتُقَدَّمُ عَلَيْهِنَّ بِالنِّصْفِ، وَدُخُولُهُنَّ عَلَى أَنَّهُ عُمُومُ الْمَجَازِ أَوْ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ رحمه الله (وَحُجِبْنَ بِبِنْتَيْنِ) أَيْ تُحْجَبُ بَنَاتُ الِابْنِ بِبِنْتَيْنِ صُلْبِيَّتَيْنِ.

لِأَنَّ إرْثَهُنَّ كَانَ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ، وَقَدْ كَمُلَ بِبِنْتَيْنِ فَسَقَطْنَ إذْ لَا طَرِيقَ لِتَوْرِيثِهِنَّ فَرْضًا وَتَعْصِيبًا قَالَ رحمه الله (إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُنَّ ذَكَرٌ فَيَعْصِبُ مَنْ كَانَتْ بِحِذَائِهِ، وَمَنْ كَانَتْ فَوْقَهُ مِمَّنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ سَهْمٍ، وَتَسْقُطُ مَنْ دُونَهُ) أَرَادَ بِقَوْلِهِ مَعَهُنَّ أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ فِي دَرَجَتِهِنَّ سَوَاءٌ كَانَ أَخًا لَهُنَّ أَوْ لَمْ يَكُنْ.

وَهَذَا مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنهما، وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ يَسْقُطْنَ بَنَاتُ الِابْنِ بِبِنْتَيْ الصُّلْبِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ غُلَامٌ، وَلَا يُقَاسِمُهُنَّ، وَإِنْ كَانَتْ الْبِنْتُ الصُّلْبِيَّةُ وَاحِدَةً، وَكَانَ مَعَهُنَّ غُلَامٌ كَانَ لِبَنَاتِ الِابْنِ أَسْوَأَ الْحَالَيْنِ مِنْ السُّدُسِ وَالْمُقَاسَمَةِ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَقَلَّ أُعْطِينَ، وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَسَائِلُ الْإِضْرَارِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.

، وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ بَنَاتِ الِابْنِ بَنَاتٌ، وَمِيرَاثَهُنَّ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا الْفَرْضُ أَوْ الْمُقَاسَمَةُ، وَفَرْضُهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَالْمُقَاسَمَةُ ظَاهِرَةٌ، وَلَيْسَ لَهُنَّ أَنْ يَجْمَعْنَ بَيْنَهُمَا فَإِذَا اسْتَكْمَلَتْ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ فَلَوْ قَاسَمْنَ لَزِمَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَلَا يَجُوزُ، وَإِذَا كَانَتْ الصُّلْبِيَّةُ وَاحِدَةً أَخَذَتْ النِّصْفَ، وَبَقِيَ مِنْ فَرْضِ الْبَنَاتِ السُّدُسُ فَيَأْخُذْنَهُ إنْ كُنَّ مُنْفَرِدَاتٍ، وَإِنْ كُنَّ مُخْتَلِطَاتٍ مَعَ الذُّكُورِ كَانَ لَهُنَّ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ السُّدُسِ وَالْمُقَاسَمَةِ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ، وَلِئَلَّا يَأْخُذَ الْبَنَاتُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ.

وَلِأَنَّهُنَّ لَا مِيرَاثَ لَهُنَّ مَعَ الصُّلْبِيَّتَيْنِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ لِأَنَّ مَنْ لَمْ تَكُنْ وَارِثَةً عِنْدَ الِانْفِرَادِ مِنْ الْإِنَاثِ فَلَا يَعْصِبُهَا أَخُوهَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ كَالْعَمِّ مَعَ الْعَمَّةِ وَابْنِ الْأَخِ مَعَ أُخْتِهِ وَلِلْجُمْهُورِ قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وَأَوْلَادُ الِابْنِ أَوْلَادٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ فَتَنْتَظِمُهُمْ الْآيَةُ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مَقْسُومًا بَيْنَ الْكُلِّ إلَّا أَنَّا عَلِمْنَا فِي حَقِّ أَوْلَادِ الِابْنِ بِأَوَّلِ الْآيَةِ، وَفِي حَقِّ الصُّلْبِيَّتَيْنِ أَوْ الصُّلْبِيَّةِ الْوَاحِدَةِ بِمَا بَعْدَهَا.

وَلَيْسَ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَلَا شُبْهَتُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عَمَلٌ بِمُقْتَضَى كُلِّ لَفْظٍ عَلَى حِدَةٍ، وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ الْبَنَاتِ الْصُلْبِيَّاتِ ذَوَاتُ فَرْضٍ، وَبَنَاتُ الِابْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَصَبَاتٌ مَعَ أَخِيهِنَّ، وَصَاحِبُ الْفَرْضِ إذَا أَخَذَ فَرْضَهُ خَرَجَ مِنْ الْبَيْنِ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَصَارَ الْبَاقِي مِنْ الْفَرْضِ كَجَمِيعِ الْمَالِ فِي حَقِّ الْعَصَبَةِ فَيُشَارِكْنَهُ، وَلَا يَخْرُجْنَ مِنْ الْعُصُوبَةِ كَمَا لَوْ انْفَرَدُوا أَلَا تَرَى أَنَّ صَاحِبَ الْفَرْضِ لَوْ كَانَ غَيْرَ الْبَنَاتِ كَالْأَبَوَيْنِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ كَانَ كَذَلِكَ فَكَذَا مَعَ الْبَنَاتِ بِخِلَافِ الْعَمَّةِ مَعَ الْعَمِّ وَبِنْتِ الْأَخِ مَعَ أَخِيهَا.

لِأَنَّهُمَا لَا يَصِرْنَ عَصَبَةً مَعَهُمَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُمَا صَاحِبُ فَرْضٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الْعُصُوبَةِ فِي مَحِلٍّ لَا يَقْبَلُهَا انْتِفَاؤُهَا فِي مَحِلٍّ يَقْبَلُهَا، وَأَخْذُهُنَّ زِيَادَةً عَلَى الثُّلُثَيْنِ لَيْسَ بِمَحْظُورٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُنَّ يَأْخُذْنَهُ بِالْمُقَاسَمَةِ عِنْدَ كَثْرَتِهِنَّ بِأَنْ تَرَكَ أَرْبَعِينَ بِنْتًا وَابْنًا، ثُمَّ الْأَصْلُ فِي بَنَاتِ الِابْنِ عِنْدَ عَدَمِ بَنَاتِ الصُّلْبِ أَنَّ أَقْرَبَهُنَّ إلَى الْمَيِّتِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْبِنْتِ الصُّلْبِيَّةِ، وَاَلَّتِي تَلِيهَا فِي الْقُرْبِ مَنْزِلَةَ بَنَاتِ الِابْنِ.

وَهَكَذَا يُفْعَلُ وَإِنْ سَفَلْنَ، مِثَالُهُ لَوْ تَرَكَ ثَلَاثَ بَنَاتِ ابْنٍ بَعْضُهُنَّ أَسْفَلُ مِنْ بَعْضٍ، وَثَلَاثَ بَنَاتِ ابْنِ ابْنٍ آخَرَ بَعْضُهُنَّ أَسْفَلُ مِنْ بَعْضٍ، وَثَلَاثَ بَنَاتِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ آخَرَ بَعْضُهُنَّ أَسْفَلُ مِنْ بَعْضٍ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مَيِّت فَالْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ لَا يُوَازِيهَا أَحَدٌ فَيَكُونُ لَهَا النِّصْفُ، وَالْوُسْطَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ تُوَازِيهَا الْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي فَيَكُونُ لَهُمَا السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ.

وَلَا شَيْءَ لِلسُّفْلِيَّاتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامُ فَيَعْصِبُهَا، وَمَنْ بِحِذَائِهَا وَمَنْ فَوْقَهَا إنْ لَمْ تَكُنْ صَاحِبَةَ.

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 235