المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[للجدات أحوال في الميراث] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٦

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[سَبَب الْأُضْحِيَّة وَشَرَائِطهَا]

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[مَا يُضَحَّى بِهِ]

- ‌[ مِمَّا تَكُون الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كَيْفِيَّة التَّصَرُّف فِي لَحْم الْأُضْحِيَّة]

- ‌[ التَّصَدُّق بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[يذبح المضحي بِيَدِهِ]

- ‌[ذبح الْكِتَابِيّ لِلْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[أَخْطِئَا وَذَبَحَ كُلٌّ أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ)

- ‌(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌(مَسَائِلُ الشِّرْبِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌{فَصْلٌ فِي طَبْخِ الْعَصِيرِ}

- ‌{كِتَابُ الصَّيْدِ}

- ‌[الِاصْطِيَاد بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّم وَالْفَهْد وَالْبَازِي]

- ‌[ التَّسْمِيَة عِنْد الإرسال للصيد]

- ‌[رَمَى صَيْدًا فَقَطَعَ عُضْو مِنْهُ]

- ‌ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌{بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ}

- ‌{بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ}

- ‌(بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌[فَصْلٌ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ بِعَشْرَةٍ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ]

- ‌(كِتَابُ الْجِنَايَاتِ)

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ)

- ‌[بَابُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ صُولِحَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ حَالًّا وَسَقَطَ الْقَوَدُ]

- ‌[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّفْسِ وَالْمَارِنِ وَاللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ]

- ‌(بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ)

- ‌[فَصْلٌ قُتِلَ عَبْدٌ خَطَأً]

- ‌[بَابُ غَصْبِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالصَّبِيِّ وَالْجِنَايَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ الْقَسَامَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ)

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الدِّيَة فِي الْمَعَاقِلِ]

- ‌(وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ)

- ‌لَا يَعْقِلُ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ

- ‌[ لَا يَعْقِل أَهْل مِصْر عَنْ أَهْل مِصْر آخِر]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَة فَعَلَى مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[وَصِيَّة الْمُسْلِم لِلذِّمِّيِّ والذمي لِلْمُسْلِمِ]

- ‌ وَصِيَّةُ الْمَدْيُونِ

- ‌ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ

- ‌ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ

- ‌[الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة]

- ‌[ وَصِيَّة الْمُكَاتَب]

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ]

- ‌[بَابُ وَصِيَّةِ الذِّمِّيِّ لِلذِّمِّيِّ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَّهَادَةِ الْوَصِيَّانِ]

- ‌(كِتَابُ الْخُنْثَى)

- ‌[لَبِسَ الْخُنْثَى لِلْحَرِيرِ وَالْحِلِّي]

- ‌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِيهِ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى

- ‌[مَاتَ الْخُنْثَى قَبْل أَنْ يستبين أمره]

- ‌[قَبَلَ رَجُل الْخُنْثَى الْمُشْكِل بشهوة]

- ‌[تَزَوَّجَ الْخُنْثَى مِنْ خُنْثَى]

- ‌(مَسَائِلُ شَتَّى)

- ‌(إيمَاءُ الْأَخْرَسِ، وَكِتَابَتُهُ

- ‌[ مِيرَاث الْخُنْثَى]

- ‌[حَدّ قاذف الْخُنْثَى]

- ‌[لف ثَوْب نجس فِي آخِر طَاهِر]

- ‌[غنم مذبوحة وميتة حُكْم الْأَكْل مِنْهَا]

- ‌[سُلْطَان جَعَلَ الخراج لِرَبِّ الْأَرْض]

- ‌ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ

- ‌ ابْتَلَعَ الصَّائِمُ رِيقَ غَيْرِهِ

- ‌[ الْعَقَار الْمُتَنَازِع فِيهِ لَا يَخْرَج مِنْ يَد ذَوِي الْيَد]

- ‌[بَاعَ ضيعة ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَاده]

- ‌[قَالَ لِآخِرِ وكلتك ببيع هَذَا فسكت]

- ‌[ وهبت مهرها لزوجها فَمَاتَتْ فطالب ورثتها بِهِ وقالوا كَانَتْ الْهِبَة فِي مَرَض موتها]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[أحوال الْأَب فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْأُمّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[للجدات أحوال فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْج فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْجَة فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْبِنْت فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ أحوال الْجَدّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[الأخوات لِأَب وَأُمّ أحوالهن فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْعُصُبَات فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْفُرُوض المقدرة فِي الْمَوَارِيث]

- ‌[التصحيح فِي الْفَرَائِض]

- ‌[ خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[للجدات أحوال في الميراث]

يَقْطَعُ النَّسَبَ إذْ النَّسَبُ إلَى الْآبَاءِ لِأَنَّ النَّسَبَ لِلتَّعْرِيفِ وَالشُّهْرَةِ، وَذَلِكَ يَكُونُ بِالْمَشْهُورِ، وَهُوَ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ، وَقَوْلُهُ كَالْأَبِ يَعْنِي عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ لِأَنَّ الْجَدَّ يُسَمَّى أَبًا.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ يُوسُفَ عليه الصلاة والسلام {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [يوسف: 38] وَكَانَ إِسْحَاقُ جَدَّهُ، وَإِبْرَاهِيمُ جَدَّ أَبِيهِ، وَقَالَ تَعَالَى {يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 27] وَهُوَ آدَم وَحَوَّاءُ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِذَا كَانَ أَبًا دَخَلَ فِي النَّصِّ إمَّا بِطَرِيقِ عُمُومِ الْمَجَازِ أَوْ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْوَلَدِ فَكَانَ لَهُ الْأَحْوَالُ الثَّلَاثُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْأَبِ، وَلَهُ حَالَةٌ رَابِعَةٌ، وَهُوَ السُّقُوطُ بِالْأَبِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ، وَيُدْلِي بِهِ فَلَا يَرِثُ مَعَهُ.

وَإِنَّمَا يَقُومُ مَقَامَهُ عِنْدَ عَدَمِهِ، وَقَوْلُهُ فَيَحْجُبُ الْإِخْوَةَ أَيْ الْجَدُّ يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ كَالْأَبِ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ، وَهَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه عَلَى مَا يَجِيءُ بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

[أحوال الْأُمّ فِي الْمِيرَاث]

قَالَ رحمه الله (وَلِلْأُمِّ)(الثُّلُثُ) وَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ لِمَا تَلَوْنَا، وَعِنْدَ عَدَمِ الِاثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ قَالَ رحمه الله (وَمَعَ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ أَوْ الِاثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لَا) أَيْ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ لَا تَرِثُ الثُّلُثَ، وَإِنَّمَا تَرِثُ السُّدُسَ لِمَا تَلَوْنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11].

فَاسْمُ الْوَلَدِ فِي الْمَتْلُوِّ أَوَّلًا يَتَنَاوَلُ الْوَلَدَ وَوَلَدَ الِابْنِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَكَذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى.

وَلَفْظُ الْجَمْعِ فِي الْإِخْوَةِ يُطْلَقُ عَلَى اثْنَيْنِ فَتُحْجَبُ بِهِمَا مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَا أَوْ مِنْ جِهَتَيْنِ.

لِأَنَّ لَفْظَ الْإِخْوَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْكُلِّ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ لَمْ تُحْجَبْ الْأُمُّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ إلَّا بِثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْآيَةِ فَإِنَّ الْإِخْوَةَ جَمْعٌ، وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ.

وَلِلْجُمْهُورِ أَنَّ الْجَمْعَ يُطْلَقُ عَلَى الْمُثَنَّى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: 21]{إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} [ص: 22].

فَأَعَادَ ضَمِيرَ الْجَمْعِ فِي تَسَوَّرُوا وَدَخَلُوا وَفِي مِنْهُمْ وَقَالُوا عَلَى اثْنَيْنِ، وَهُمَا الْمَلَكَانِ اللَّذَانِ دَخَلَا عَلَيْهِ فِي صُورَةِ مُتَحَاكِمَيْنِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى {خَصْمَانِ} [الحج: 19] وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ شَائِعٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ قَالَ رحمه الله (وَمَعَ الْأَبِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِهِمَا) فَيَكُونُ لَهَا السُّدُسُ مَعَ الزَّوْجِ وَالْأَبِ وَالرُّبُعُ، مَعَ الزَّوْجَةِ وَالْأَبِ.

لِأَنَّهُ هُوَ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَصَارَ لِلْأُمِّ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ ثُلُثُ الْكُلِّ، وَثُلُثُ مَا يَبْقَى بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَالسُّدُسُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْكُلَّ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما لَا يَرَى ثُلُثَ الْبَاقِي بَلْ يُوَرِّثُهَا ثُلُثَ الْكُلِّ، وَالْبَاقِي لِلْأَبِ، وَخَالَفَ فِيهِ جُمْهُورَ الصَّحَابَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى فَرْضَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالسُّدُسُ فَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُ فَرْضٍ ثَالِثٍ بِالْقِيَاسِ.

وَكَذَا قَالَ عليه الصلاة والسلام «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا» وَالْأُمُّ صَاحِبَةُ فَرْضٍ، وَالْأَبُ عَصَبَةٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلْأُمِّ ثُلُثَ مَا تَرِثُهُ هِيَ وَالْأَبُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ وَالْإِخْوَةِ لَا ثُلُثَ الْكُلِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] أَيْ ثُلُثُ مَا يَرِثَانِهِ، وَاَلَّذِي يَرِثَانِهِ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ هُوَ الْبَاقِي مِنْ فَرْضِهِ، وَلِأَنَّهَا لَوْ أَخَذَتْ ثُلُثَ الْكُلِّ يَكُونُ نَصِيبُهَا ضِعْفَ نَصِيبِ الْأَبِ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ نَصِيبِهِ مَعَ الزَّوْجَةِ، وَالنَّصُّ يَقْتَضِي تَفْضِيلَهُ عَلَيْهَا بِالضِّعْفِ إذَا لَمْ يُوجَدْ الْوَلَدُ وَالْإِخْوَةُ.

وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ مَا أَرَانِي اللَّهُ تَفْضِيلَ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ، وَقَالَ زَيْدٌ رضي الله عنه لَا أُفَضِّلُ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ، وَمُرَادُهُمَا عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقَرَابَةِ وَالْقُرْبِ، وَأَمَّا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فَلَا يَمْتَنِعُ تَفْضِيلُ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ كَانَ لِلْأُمِّ ثُلُثُ الْجَمِيعِ فَلَا يُبَالَى بِتَفْضِيلِهَا عَلَيْهِ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ مِنْهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله لَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي أَيْضًا مَعَ الْجَدِّ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما فَإِنَّهُمَا مَا كَانَا يُفَضِّلَانِ الْأُمَّ عَلَى الْجَدِّ قَالَ رحمه الله.

[للجدات أحوال فِي الْمِيرَاث]

(وَلِلْجَدَّاتِ، وَإِنْ كَثُرْنَ السُّدُسُ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ جَدٌّ فَاسِدٌ فِي نِسْبَتِهَا إلَى الْمَيِّتِ) وَكُنَّ مُتَحَاذِيَاتٍ فِي الدَّرَجَةِ، وَالْكَلَامُ فِي الْجَدَّاتِ فِي مَوَاضِعَ فِي تَرْتِيبِهِنَّ، وَمَعْرِفَةِ الصَّحِيحَةِ مِنْ الْفَاسِدَةِ مِنْهُنَّ، وَفِي قَدْرِ مِيرَاثِهِنَّ، وَفِيمَا يَسْقُطْنَ بِهِ فَالْأَوَّلُ كُلُّ شَخْصٍ لَهُ جَدَّتَانِ أُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ أَبٍ وَلِأَبِيهِ وَأُمِّهِ كَذَلِكَ، وَهَكَذَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأُصُولِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى آدَمَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

هَكَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ وَفِي بَعْضِهَا السُّدُسُ بَدَلَ لَفْظِ لَا وَفِي بَعْضِهَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَالْأَخَوَاتُ لَا أَوْلَادُهُمْ السُّدُسُ اهـ كَتَبَهُ مُصَحِّحُهُ

ص: 231

وَحَوَّاءَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَالصَّحِيحَةُ مِنْهُنَّ مَنْ لَا يَتَخَلَّلُ فِي نِسْبَتِهَا إلَى الْمَيِّتِ ذَكَرٌ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ، وَالْفَاسِدَةُ مَنْ يَتَخَلَّلُ فِي نِسْبَتِهَا ذَلِكَ إذْ كُلُّ أَبٍ يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِأُنْثَى جَدٌّ فَاسِدٍ فَمَنْ يُدْلَى بِهِ يَكُونُ فَاسِدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى.

وَعِنْدَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه الْفَاسِدَةُ مَنْ تُدْلِي بِذَكَرٍ مُطْلَقًا، وَإِذَا أَرَدْت تَنْزِيلَ عَدَدٍ مِنْ الْجَدَّاتِ الْوَارِثَاتِ الْمُتَحَاذِيَاتِ فَاذْكُرْ أَوَّلًا لَفْظَةَ أُمِّ أُمِّ بِمِقْدَارِ الْعَدَدِ الَّذِي تُرِيدُهُ ثُمَّ تَقُولُ ثَانِيًا أُمُّ أُمِّ، وَتَجْعَلُ مَكَانَ الْأُمِّ الْأَخِيرَةِ أَبًا ثُمَّ فِي كُلِّ مَرَّةٍ تُبَدِّلُ مَكَانَ الْأُمِّ أَبًا عَلَى الْوَلَاءِ إلَى أَنْ تَبْقَى لَفْظَةُ أُمٍّ مَرَّةً مِثَالُهُ إذَا سُئِلْت عَنْ أَرْبَعِ جَدَّاتٍ وَارِثَاتٍ مُتَحَاذِيَاتٍ فَقُلْ أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ بِقَدْرِ عَدَدِهِنَّ لِإِثْبَاتِ الدَّرَجَةِ الَّتِي يُتَصَوَّرُ أَنْ يَجْتَمِعْنَ فِيهَا فَإِنَّهُنَّ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَجْتَمِعْنَ فِيهَا إلَّا إذَا ارْتَفَعْنَ قَدْرَ عَدَدِهِنَّ مِنْ الدَّرَجَاتِ فَأَرْبَعُ جَدَّاتٍ وَارِثَاتٍ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُنَّ إلَّا فِي الدَّرَجَةِ الرَّابِعَةِ.

فَتَقُولُ أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَهَذِهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، وَهِيَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْ جِهَتِهَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ ثُمَّ تَأْتِي بِوَاحِدَةٍ أُخْرَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فِي دَرَجَتِهَا فَنَقُولُ أُمُّ أُمِّ أُمِّ الْأَبِ ثُمَّ تَأْتِي بِأُخْرَى مِنْ جِهَةِ الْجَدِّ فَتَقُولُ أُمُّ أُمِّ أَبِي الْأَبِ ثُمَّ تَأْتِي بِأُخْرَى مِنْ جِهَةِ جَدِّ الْأَبِ فَتَقُولُ أُمُّ أَبِي أَبِي الْأَبِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَجْتَمِعَ الْوَارِثَاتُ فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ جَدٍّ صَحِيحٍ أُمُّهُ وَارِثَةٌ وَكَذَا أُمُّ أُمِّهِ وَإِنْ عَلَتْ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ جَدَّةٌ وَارِثَةً مِنْ كُلِّ أَبٍ إلَّا وَاحِدَةً فَتَحْتَاجُ أَنْ تَأْتِيَ مِنْ الْآبَاءِ قَدْرَهُنَّ عَدَدًا إلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَإِنَّهَا لَا تُدْلِي بِذَكَرٍ.

وَالثَّانِيَةُ تُدْلِي بِالْأَبِ فَلِهَذَا حُذِفَتْ فِي النِّسْبَةِ الثَّانِيَةِ أُمًّا وَاحِدَةً، وَأَبْدَلْت مَكَانَهَا أَبًا، وَالثَّالِثَةُ تُدْلِي بِالْجَدِّ فَلِهَذَا أَسْقَطْت أُمَّيْنِ، وَأَبْدَلْت مَكَانَهُمَا أَبَوَيْنِ، وَالرَّابِعَةُ تُدْلِي بِجَدِّ الْأَبِ فَلِهَذَا أَسْقَطْت ثَلَاثَ أُمَّهَاتٍ، وَأَبْدَلْت مَكَانَهُنَّ ثَلَاثَةَ آبَاءٍ فَهَذَا طَرِيقُهُ فِي أَكْثَرَ مِنْهُنَّ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى هَذَا لِمَعْرِفَةِ الصَّحِيحَاتِ فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ، وَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ مَا بِإِزَاءِ الصَّحِيحَاتِ مِنْ الْفَاسِدَاتِ فَخُذْ عَدَدَ الصَّحِيحَاتِ، وَاجْعَلْهُ بِيَمِينِك، وَاطْرَحْ مِنْهُ اثْنَيْنِ، وَاجْعَلْهُمَا بِيَسَارِك ثُمَّ ضَعِّفْ مَا فِي يَسَارِك بَعْدَ مَا بَقِيَ فِي يَمِينِك فَالْمَبْلَغُ عَدَدُ الْجَدَّاتِ الصَّحِيحَاتِ وَالْفَاسِدَاتِ جَمِيعًا فَإِذَا أَسْقَطْت مِنْهُ عَدَدَ الصَّحِيحَاتِ فَالْبَاقِيَاتُ هِيَ الْفَاسِدَاتُ.

مِثَالُهُ إذَا سُئِلْت عَنْ أَرْبَعِ جَدَّاتٍ صَحِيحَاتٍ كَمْ بِإِزَائِهِنَّ مِنْ الْفَاسِدَاتِ فَخُذْ أَرْبَعَةً بِيَمِينِك، وَاطْرَحْ مِنْهَا اثْنَيْنِ فَخُذْهُمَا بِيَسَارِك فَإِذَا ضَعَّفْت هَذَا الْمَطْرُوحَ بِعَدَدِ مَا بَقِيَ فِي يَمِينِك صَارَ ثَمَانِيَةً، وَهُوَ عَدَدُ مَبْلَغِ الْجَدَّاتِ أَجْمَعَ فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ فَإِذَا أَسْقَطْت عَدَدَ الصَّحِيحَاتِ، وَهُنَّ أَرْبَعٌ بَقِيَتْ أَرْبَعٌ، وَهُنَّ الْفَاسِدَاتُ، وَمِيرَاثُهُنَّ السُّدُسُ، وَإِنْ كَثُرْنَ يَشْتَرِكْنَ فِيهِ لِمَا رَوَى عُبَادَةَ بْنُ الصَّامِتِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بَيْنَ الْجَدَّتَيْنِ إذَا اجْتَمَعَتَا بِالسُّدُسِ بِالسَّوِيَّةِ» وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه شَرَكَ بَيْنَ الْجَدَّتَيْنِ فِي السُّدُسِ.

وَسَنَذْكُرُ مَا يَسْقُطْنَ بِهِ قَالَ رحمه الله (وَذَاتُ جِهَتَيْنِ كَذَاتِ جِهَةٍ) أَيْ إذَا تَرَكَ جَدَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا ذَاتُ جِهَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى ذَاتُ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُمَا سَوَاءٌ حَتَّى يُقْسَمَ السُّدُسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَسْتَحِقُّ بِالْجِهَتَيْنِ فَيُقْسَمُ السُّدُسُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِذَاتِ الْجِهَتَيْنِ، وَثُلُثُهُ لِذَاتِ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ اخْتِلَافَ جِهَةِ الْقَرَابَةِ كَاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فِي حُكْمِ الْمِيرَاثِ أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَيْ الْعَمِّ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَخًا مِنْ أُمٍّ يُجْعَلُ الْأَخُ كَشَخْصَيْنِ حَتَّى يَأْخُذَ السُّدُسَ بِالْأُخُوَّةِ، وَخَمْسَةُ الْأَسْدَاسِ بَيْنَهُمَا بِالْعُصُوبَةِ، وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا زَوْجًا أَخَذَ بِالْجِهَتَيْنِ.

وَكَذَا إذَا اجْتَمَعَ فِي الْمَجُوسِيِّ قَرَابَتَانِ وَرِثَ بِهِمَا وَلِأَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَنَّ تَوْرِيثَ الْجَدَّاتِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَلَا يَتَعَدَّدُ السَّبَبُ بِتَعَدُّدِ الْجِهَةِ كَالْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُ بِاعْتِبَارِ الْقَرَابَتَيْنِ لِاتِّحَادِ الْجِهَتَيْنِ، وَهِيَ قَرَابَةُ الْأُخُوَّةِ حَتَّى لَا تَأْخُذَ النِّصْفَ بِجِهَةِ الْأَبِ وَالسُّدُسَ بِجِهَةِ الْأُمِّ بَلْ تَأْخُذَ النِّصْفَ لَا غَيْرُ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ النَّظِيرِ لِأَنَّ جِهَةَ الْإِرْثِ هُنَاكَ مُخْتَلِفَةٌ.

وَمِثَالُ مَا تَكُونُ الْوَاحِدَةُ ذَاتَ قَرَابَتَيْنِ أَنْ تَكُونَ أُمَّ أُمِّ الْأُمِّ، وَهِيَ أَيْضًا أُمُّ أَبِي الْأَبِ، وَالْأُخْرَى ذَاتَ قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ كَأُمِّ أُمِّ الْأَبِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مَيِّت قَالَ رحمه الله (وَالْبُعْدَى تُحْجَبُ بِالْقُرْبَى) سَوَاءٌ كَانَا أُمٍّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مِنْ جِهَتَيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْقُرْبَى أُمَّ أَبِ أُمِّ وَارِثِهِ أَوْ مَحْجُوبَةً بِالْأَبِ أَوْ بِالْجَدِّ.

وَفِي رِوَايَةٍ أُمَّ أُمٍّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 232