المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ العقار المتنازع فيه لا يخرج من يد ذوي اليد] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٦

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[سَبَب الْأُضْحِيَّة وَشَرَائِطهَا]

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[مَا يُضَحَّى بِهِ]

- ‌[ مِمَّا تَكُون الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كَيْفِيَّة التَّصَرُّف فِي لَحْم الْأُضْحِيَّة]

- ‌[ التَّصَدُّق بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[يذبح المضحي بِيَدِهِ]

- ‌[ذبح الْكِتَابِيّ لِلْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[أَخْطِئَا وَذَبَحَ كُلٌّ أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ)

- ‌(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌(مَسَائِلُ الشِّرْبِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌{فَصْلٌ فِي طَبْخِ الْعَصِيرِ}

- ‌{كِتَابُ الصَّيْدِ}

- ‌[الِاصْطِيَاد بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّم وَالْفَهْد وَالْبَازِي]

- ‌[ التَّسْمِيَة عِنْد الإرسال للصيد]

- ‌[رَمَى صَيْدًا فَقَطَعَ عُضْو مِنْهُ]

- ‌ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌{بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ}

- ‌{بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ}

- ‌(بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌[فَصْلٌ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ بِعَشْرَةٍ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ]

- ‌(كِتَابُ الْجِنَايَاتِ)

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ)

- ‌[بَابُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ صُولِحَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ حَالًّا وَسَقَطَ الْقَوَدُ]

- ‌[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّفْسِ وَالْمَارِنِ وَاللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ]

- ‌(بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ)

- ‌[فَصْلٌ قُتِلَ عَبْدٌ خَطَأً]

- ‌[بَابُ غَصْبِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالصَّبِيِّ وَالْجِنَايَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ الْقَسَامَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ)

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الدِّيَة فِي الْمَعَاقِلِ]

- ‌(وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ)

- ‌لَا يَعْقِلُ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ

- ‌[ لَا يَعْقِل أَهْل مِصْر عَنْ أَهْل مِصْر آخِر]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَة فَعَلَى مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[وَصِيَّة الْمُسْلِم لِلذِّمِّيِّ والذمي لِلْمُسْلِمِ]

- ‌ وَصِيَّةُ الْمَدْيُونِ

- ‌ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ

- ‌ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ

- ‌[الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة]

- ‌[ وَصِيَّة الْمُكَاتَب]

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ]

- ‌[بَابُ وَصِيَّةِ الذِّمِّيِّ لِلذِّمِّيِّ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَّهَادَةِ الْوَصِيَّانِ]

- ‌(كِتَابُ الْخُنْثَى)

- ‌[لَبِسَ الْخُنْثَى لِلْحَرِيرِ وَالْحِلِّي]

- ‌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِيهِ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى

- ‌[مَاتَ الْخُنْثَى قَبْل أَنْ يستبين أمره]

- ‌[قَبَلَ رَجُل الْخُنْثَى الْمُشْكِل بشهوة]

- ‌[تَزَوَّجَ الْخُنْثَى مِنْ خُنْثَى]

- ‌(مَسَائِلُ شَتَّى)

- ‌(إيمَاءُ الْأَخْرَسِ، وَكِتَابَتُهُ

- ‌[ مِيرَاث الْخُنْثَى]

- ‌[حَدّ قاذف الْخُنْثَى]

- ‌[لف ثَوْب نجس فِي آخِر طَاهِر]

- ‌[غنم مذبوحة وميتة حُكْم الْأَكْل مِنْهَا]

- ‌[سُلْطَان جَعَلَ الخراج لِرَبِّ الْأَرْض]

- ‌ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ

- ‌ ابْتَلَعَ الصَّائِمُ رِيقَ غَيْرِهِ

- ‌[ الْعَقَار الْمُتَنَازِع فِيهِ لَا يَخْرَج مِنْ يَد ذَوِي الْيَد]

- ‌[بَاعَ ضيعة ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَاده]

- ‌[قَالَ لِآخِرِ وكلتك ببيع هَذَا فسكت]

- ‌[ وهبت مهرها لزوجها فَمَاتَتْ فطالب ورثتها بِهِ وقالوا كَانَتْ الْهِبَة فِي مَرَض موتها]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[أحوال الْأَب فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْأُمّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[للجدات أحوال فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْج فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْجَة فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْبِنْت فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ أحوال الْجَدّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[الأخوات لِأَب وَأُمّ أحوالهن فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْعُصُبَات فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْفُرُوض المقدرة فِي الْمَوَارِيث]

- ‌[التصحيح فِي الْفَرَائِض]

- ‌[ خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[ العقار المتنازع فيه لا يخرج من يد ذوي اليد]

مُقْتَضَى لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَثْبُتَ الْمُقْتَضِي فَيَثْبُتَ فِي ضِمْنِهِ الْمُقْتَضِي، وَثُبُوتُ الْمُقْتَضَى، وَهُوَ الْمِلْكُ مُتَعَذَّرٌ لِمَا ذَكَرْنَا فَلَا يَثْبُتُ الْمُقْتَضَى بِدُونِهِ.

قَالَ رحمه الله (الْعَقَارُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ لَا يَخْرُجُ مِنْ يَدِ ذِي الْيَدِ مَا لَمْ يُبَرْهِنْ الْمُدَّعِي) أَيْ إذَا ادَّعَى عَقَارًا لَا يُكْتَفَى بِذِكْرِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَبِتَصْدِيقِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ دَعْوَاهُ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّ يَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْهُ لِتَصِحَّ الدَّعْوَى عَلَيْهِ إذْ هُوَ شَرْطٌ فِيهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَبِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ تَنْتَفِي تُهْمَةُ الْمُوَاضَعَةِ فَأَمْكَنَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ يَدِهِ لِتَحْقِيقِ يَدِهِ بِخِلَافِ الْمَنْقُولِ لِأَنَّ الْيَدَ فِيهِ مُشَاهَدَةٌ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا بِالْبَيِّنَةِ قَالَ رحمه الله (عَقَارٌ لَا فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ فِيهِ) لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ هَلْ يُعْتَبَرُ الْمَكَانُ أَوْ الْأَهْلُ فَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْمَكَانُ، وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْأَهْلُ حَتَّى لَا يَنْفُذَ قَضَاؤُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ عَلَى قَوْلِ مَنْ اعْتَبَرَ الْمَكَانَ، وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْأَهْلِ عَلَى قَوْلِ مَنْ اعْتَبَرَ الْأَهْلَ، وَإِنْ خَرَجَ الْقَاضِي مَعَ الْخَلِيفَةِ مِنْ الْمِصْرِ جَازَ قَضَاؤُهُ، وَإِنْ خَرَجَ وَحْدَهُ لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ فَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ اعْتَبَرَ الْمَكَانَ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مِنْ أَعْلَامِ الدَّيْنِ فَيَكُونُ الْمِصْرُ شَرْطًا فِيهِ كَالْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمِصْرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ أَيْضًا فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي فَقَالَ إنَّ الْمِصْرَ شَرْطٌ لِنُفُوذِ الْقَضَاءِ

قَالَ رحمه الله (إذَا قَضَى الْقَاضِي فِي حَادِثَةٍ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ قَالَ رَجَعْت عَنْ قَضَائِي أَوْ بَدَا لِي غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ وَقَعْتُ فِي تَلْبِيسِ الشُّهُودِ أَوْ أَبْطَلْتُ حُكْمِي، وَنَحْوُ ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ، وَالْقَضَاءُ مَاضٍ إنْ كَانَ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ) لِأَنَّ رَأْيَهُ الْأَوَّلَ قَدْ تَرَجَّحَ بِالْقَضَاءِ فَلَا يُنْقَضُ بِاجْتِهَادِ مِثْلِهِ، وَلَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ عَنْهُ، وَلَا إبْطَالَهُ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ وَهُوَ الْمُدَّعِي أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّاهِدَ لَمَّا اتَّصَلَ بِشَهَادَتِهِ الْقَضَاءُ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ، وَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهَا لِمَا ذَكَرْنَا فَكَذَا الْقَاضِي، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ رحمه الله «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْضِي بِالْقَضَاءِ ثُمَّ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ بَعْدَ الَّذِي قَضَى بِخِلَافِهِ فَلَا يَرُدُّ قَضَاءَهُ، وَيَسْتَأْنِفُ» ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى بِالِاجْتِهَادِ فِي حَادِثَةٍ لَا نَصَّ فِيهَا ثُمَّ تَحَوَّلَ عَنْ رَأْيِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِمَا هُوَ أَحْسَنُ عِنْدَهُ، وَلَا يُنْقَضُ مَا مَضَى مِنْ قَضَائِهِ لِأَنَّ حُدُوثَ الِاجْتِهَادِ وَالرَّأْيِ دُونَ نُزُولِ الْقُرْآنِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْقُضْ الْقَضَاءَ الَّذِي قَضَى بِالرَّأْيِ بِالْقُرْآنِ الَّذِي نَزَلَ بَعْدَهُ فَهَذَا أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا قَضَى بِاجْتِهَادِهِ فِي حَادِثَةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ نَصٌّ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ ذَلِكَ الْقَضَاءَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِاجْتِهَادِهِ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِخِلَافِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَنْقُضْ قَضَاءَهُ الْأَوَّلَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَاضِيَ حَالَ مَا قَضَى بِاجْتِهَادِهِ فَالنَّصُّ الَّذِي هُوَ مُخَالِفٌ لِاجْتِهَادِهِ كَانَ مَوْجُودًا مُنْزَلًا إلَّا أَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِ فَكَانَ الِاجْتِهَادُ فِي مَحِلِّ النَّصِّ فَلَا يَصِحُّ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَالَ مَا قَضَى بِاجْتِهَادِهِ كَانَ الِاجْتِهَادُ فِي مَحِلٍّ لَا نَصَّ فِيهِ فَصَحَّ، وَصَارَ ذَلِكَ شَرِيعَةً لَهُ فَإِذَا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِخِلَافِهِ صَارَ نَاسِخًا لِتِلْكَ الشَّرِيعَةِ.

قَالَ رحمه الله (خَبَّأَ قَوْمًا ثُمَّ سَأَلَ رَجُلًا عَنْ شَيْءٍ فَأَقَرَّ بِهِ، وَهُمْ يَرَوْنَهُ وَيَسْمَعُونَ كَلَامَهُ، وَهُوَ لَا يَرَاهُمْ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ) أَيْ إذَا خَبَّأَ رَجُلٌ جَمَاعَةً فِي مَكَان ثُمَّ سَأَلَ رَجُلًا آخَرَ عَنْ شَيْءٍ مِثْلِ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهِ الْمَسْئُولُ، وَالْجَمَاعَةُ يَرَوْنَهُ وَيَسْمَعُونَ كَلَامَهُ، وَالْمُقِرُّ لَا يَرَاهُمْ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مُوجِبٌ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ عَلِمُوهُ، وَهُوَ الرُّكْنُ فِي إطْلَاقِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] «وَقَالَ عليه الصلاة والسلام إذَا عَلِمْت مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ، وَإِلَّا فَدَعْ» قَالَ رحمه الله (وَإِنْ سَمِعُوا كَلَامَهُ، وَلَمْ يَرَوْهُ لَا) أَيْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّ النَّغْمَةَ تُشْبِهُ النَّغْمَةَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ غَيْرَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ مَعَ الِاحْتِمَالِ إلَّا إذَا كَانُوا دَخَلُوا الْبَيْتَ، وَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ سِوَاهُ ثُمَّ جَلَسُوا عَلَى الْبَابِ، وَلَيْسَ لِلْبَيْتِ مَسْلَكٌ غَيْرَهُ ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ فَسَمِعُوا إقْرَارَ الدَّاخِلِ، وَلَمْ يَرَوْهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْعِلْمَ حَصَلَ لَهُمْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَجَازَ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ

قَالَ رحمه الله (بَاعَ عَقَارًا، وَبَعْضُ أَقَارِبِهِ حَاضِرٌ يَعْلَمُ الْبَيْعَ ثُمَّ ادَّعَى لَا تُسْمَعُ) أَيْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لَمْ يُعَيِّنْ الْقَرِيبَ هُنَا، وَفِي الْفَتَاوَى لِأَبِي اللَّيْثِ رحمه الله عَيَّنَّهُ فَقَالَ لَوْ بَاعَ عَقَارًا، وَابْنُهُ أَوْ امْرَأَتُهُ حَاضِرٌ يَعْلَمُ بِهِ، وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

[ الْعَقَار الْمُتَنَازِع فِيهِ لَا يَخْرَج مِنْ يَد ذَوِي الْيَد]

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ عَقَارٌ لَا فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي إلَخْ) وَفِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِي لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ دَارًا فِي بَلْدَةٍ غَيْرِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُضِيَ بِهَا لِلْمُدَّعِي وَجَازَ قَضَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ فِي وِلَايَةِ هَذَا الْقَاضِي هَكَذَا ذَكَرَ فِي فَصْلِ دَعْوَى الدُّورِ وَالْأَرَاضِي مِنْ دَعْوَى فَتَاوَى قَاضِيخَانْ وَفِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ وَذَكَرَ عَلَاءُ الدِّينِ الدِّينَارِيُّ فِي مُتَفَرِّقَاتِ فَتَاوَاهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَالَ يَجُوزُ حُكْمُ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي وِلَايَةِ مَنْ قَلَّدَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ هَلْ يُعْتَبَرُ الْمَكَانُ أَوْ الْأَهْلُ) أَيْ أَهْلُ الْمَكَانِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ مَحِلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ لَوْ كَانَ الْعَقَارُ لَا فِي مَحِلِّ وِلَايَتِهِ وَالْأَهْلُ لَيْسُوا مِنْ مَحِلِّ وِلَايَتِهِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِكَاتِبِهِ حَالَ الْمُطَالَعَةِ اهـ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ رَأْيَهُ الْأَوَّلَ قَدْ تَرَجَّحَ بِالْقَضَاءِ فَلَا يُنْتَقَضُ) الْحَاصِلُ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي لَا يُنْتَقَضُ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ بِيَقِينٍ كَمَا لَوْ قَضَى بِمَوْتِ شَخْصٍ ثُمَّ جَاءَ حَيًّا وَنَصُّ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ فَلَوْ تَبَيَّنَ نَصُّ الْوَاقِفِ عَلَى خِلَافِ الْقَضَاءِ اُعْتُبِرَ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَلَزِمَ إبْطَالُهُ. اهـ. يَحْيَى

(قَوْلُهُ لَوْ بَاعَ عَقَارًا وَابْنُهُ أَوْ امْرَأَتُهُ حَاضِرٌ) قَالَ قَاضِيخَانْ رحمه الله فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي بَابِ مَا يُبْطِلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي.

وَفِيمَا إذَا بَاعَ الرَّجُلُ شَيْئًا بِحَضْرَةِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ سَاكِتَةٌ ثُمَّ ادَّعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَهَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تُسْمَعُ اهـ

ص: 222