المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ وصية المكاتب] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٦

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[سَبَب الْأُضْحِيَّة وَشَرَائِطهَا]

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[مَا يُضَحَّى بِهِ]

- ‌[ مِمَّا تَكُون الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كَيْفِيَّة التَّصَرُّف فِي لَحْم الْأُضْحِيَّة]

- ‌[ التَّصَدُّق بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[يذبح المضحي بِيَدِهِ]

- ‌[ذبح الْكِتَابِيّ لِلْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[أَخْطِئَا وَذَبَحَ كُلٌّ أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ)

- ‌(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌(مَسَائِلُ الشِّرْبِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌{فَصْلٌ فِي طَبْخِ الْعَصِيرِ}

- ‌{كِتَابُ الصَّيْدِ}

- ‌[الِاصْطِيَاد بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّم وَالْفَهْد وَالْبَازِي]

- ‌[ التَّسْمِيَة عِنْد الإرسال للصيد]

- ‌[رَمَى صَيْدًا فَقَطَعَ عُضْو مِنْهُ]

- ‌ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌{بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ}

- ‌{بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ}

- ‌(بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌[فَصْلٌ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ بِعَشْرَةٍ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ]

- ‌(كِتَابُ الْجِنَايَاتِ)

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ)

- ‌[بَابُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ صُولِحَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ حَالًّا وَسَقَطَ الْقَوَدُ]

- ‌[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّفْسِ وَالْمَارِنِ وَاللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ]

- ‌(بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ)

- ‌[فَصْلٌ قُتِلَ عَبْدٌ خَطَأً]

- ‌[بَابُ غَصْبِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالصَّبِيِّ وَالْجِنَايَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ الْقَسَامَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ)

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الدِّيَة فِي الْمَعَاقِلِ]

- ‌(وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ)

- ‌لَا يَعْقِلُ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ

- ‌[ لَا يَعْقِل أَهْل مِصْر عَنْ أَهْل مِصْر آخِر]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَة فَعَلَى مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[وَصِيَّة الْمُسْلِم لِلذِّمِّيِّ والذمي لِلْمُسْلِمِ]

- ‌ وَصِيَّةُ الْمَدْيُونِ

- ‌ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ

- ‌ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ

- ‌[الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة]

- ‌[ وَصِيَّة الْمُكَاتَب]

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ]

- ‌[بَابُ وَصِيَّةِ الذِّمِّيِّ لِلذِّمِّيِّ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَّهَادَةِ الْوَصِيَّانِ]

- ‌(كِتَابُ الْخُنْثَى)

- ‌[لَبِسَ الْخُنْثَى لِلْحَرِيرِ وَالْحِلِّي]

- ‌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِيهِ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى

- ‌[مَاتَ الْخُنْثَى قَبْل أَنْ يستبين أمره]

- ‌[قَبَلَ رَجُل الْخُنْثَى الْمُشْكِل بشهوة]

- ‌[تَزَوَّجَ الْخُنْثَى مِنْ خُنْثَى]

- ‌(مَسَائِلُ شَتَّى)

- ‌(إيمَاءُ الْأَخْرَسِ، وَكِتَابَتُهُ

- ‌[ مِيرَاث الْخُنْثَى]

- ‌[حَدّ قاذف الْخُنْثَى]

- ‌[لف ثَوْب نجس فِي آخِر طَاهِر]

- ‌[غنم مذبوحة وميتة حُكْم الْأَكْل مِنْهَا]

- ‌[سُلْطَان جَعَلَ الخراج لِرَبِّ الْأَرْض]

- ‌ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ

- ‌ ابْتَلَعَ الصَّائِمُ رِيقَ غَيْرِهِ

- ‌[ الْعَقَار الْمُتَنَازِع فِيهِ لَا يَخْرَج مِنْ يَد ذَوِي الْيَد]

- ‌[بَاعَ ضيعة ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَاده]

- ‌[قَالَ لِآخِرِ وكلتك ببيع هَذَا فسكت]

- ‌[ وهبت مهرها لزوجها فَمَاتَتْ فطالب ورثتها بِهِ وقالوا كَانَتْ الْهِبَة فِي مَرَض موتها]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[أحوال الْأَب فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْأُمّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[للجدات أحوال فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْج فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْجَة فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْبِنْت فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ أحوال الْجَدّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[الأخوات لِأَب وَأُمّ أحوالهن فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْعُصُبَات فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْفُرُوض المقدرة فِي الْمَوَارِيث]

- ‌[التصحيح فِي الْفَرَائِض]

- ‌[ خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[ وصية المكاتب]

ثُمَّ مَلَكَ عَبْدًا لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَمْلِكُهُ يَتَنَاوَلُ الْحَالَ وَهُوَ غَيْرُ قَابِلٍ لَهُ، وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا أَسْتَقْبِلُ فَهُوَ حُرٌّ يَعْتِقُ عِنْدَهُمَا مَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى مِلْكٍ قَابِلٍ لَهُ وَهُوَ مَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله؛ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْمِلْكِ الظَّاهِرِ.

وَهُوَ مَا قَبْلَ الْعِتْقِ كَمَا إذَا قَالَ لِلْمَنْكُوحَةِ نِكَاحًا فَاسِدًا إنْ طَلَّقْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ يَنْصَرِفُ إلَى الطَّلَاقِ فِي هَذَا النِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الظَّاهِرُ جَعَلَ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا قَالَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا أَسْتَقْبِلُ وَفِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ جَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الِاسْتِقْبَالِ، وَهَذَا ظَاهِرُهُ تَنَاقُضٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رِوَايَتَانِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ وَكَيْفَ يَخْتَلِفَانِ فِي الْجَوَابِ.

قَالَ رحمه الله (وَتَصِحُّ‌

‌ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ

وَبِهِ إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلِّ مُدَّتِهِ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ اسْتِخْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُهُ خَلِيفَةً فِي بَعْضِ مَالِهِ وَالْجَنِينُ يَصْلُحُ خَلِيفَةً فِي الْإِرْثِ فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ إذْ هِيَ أُخْتُهُ غَيْرَ أَنَّهَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ مَحْضٌ وَلَا وِلَايَةَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ حَتَّى يُمَلِّكَهُ شَيْئًا وَلَا يُقَالُ الْوَصِيَّةُ شَرْطُهَا الْقَبُولُ وَالْجَنِينُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فَكَيْفَ تَصِحُّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْوَصِيَّةُ تُشْبِهُ الْهِبَةَ وَتُشْبِهُ الْمِيرَاثَ فَلِشَبَهِهَا بِالْهِبَةِ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ إذَا أَمْكَنَ وَلِشَبَهِهَا بِالْمِيرَاثِ يَسْقُطُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ وَلِهَذَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا أَوْصَى بِالْحَمْلِ فَلِأَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ فَتَجْرِي فِيهِ الْوَصِيَّةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا أُخْتُهُ ثُمَّ شَرَطَ فِي الْهِدَايَةِ أَنْ يُولَدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِيهِمَا، مِثْلُ مَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ وَبِالْحَمْلِ إذَا وُضِعَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَيْ مِنْ وَقْتِ مَوْتِ الْمُوصِي لَا مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَذَكَرَ فِي الْكَافِي مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَوْصَى لَهُ يَعْتَبِرُ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ أَوْصَى بِهِ يَعْتَبِرُ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ.

قَالَ رحمه الله (وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ لَهُ) أَيْ لِلْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ مِنْ شَرْطِهَا الْقَبُولُ وَالْقَبْضُ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ مِنْ الْجَنِينِ وَلَا يَلِي عَلَيْهِ أَحَدٌ حَتَّى يَقْبِضَ عَنْهُ فَصَارَ كَالْبَيْعِ.

قَالَ رحمه الله (وَإِنْ أَوْصَى بِأَمَةٍ إلَّا حَمْلَهَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ)؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْجَارِيَةِ لَفْظًا، وَإِنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْإِطْلَاقِ تَبَعًا فَإِذَا أَفْرَدَ الْأُمَّ بِالْوَصِيَّةِ صَحَّ إفْرَادُهُ، وَلِأَنَّ الْحَمْلَ يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْوَصِيَّةِ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا جَازَ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ جَازَ إخْرَاجُهُ مِنْ الْعَقْدِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبُيُوعِ وَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا بِمَعْنَى لَكِنْ إذْ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ اللَّفْظِ.

[الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة]

قَالَ رحمه الله (وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ قَوْلًا وَفِعْلًا بِأَنْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ قَطَعَ الثَّوْبَ أَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ)؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبَرُّعٌ فَجَازَ الرُّجُوعُ عَنْهَا مُطْلَقًا كَمَا فِي الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلِأَنَّ قَبُولَ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَجَازَ الرُّجُوعُ عَنْهَا قَبْلَ الْقَبُولِ كَمَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ الرُّجُوعُ قَدْ يَثْبُتُ صَرِيحًا بِأَنْ يَقُولَ رَجَعْت عَنْ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ قَوْلًا وَقَدْ يَثْبُتُ دَلَالَةً بِأَنْ يَفْعَلَ بِالشَّيْءِ الْمُوصَى بِهِ فِعْلًا يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَفِعْلًا بِأَنْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ قَطَعَ الثَّوْبَ أَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ، وَنَظِيرُهُ الْبَيْعُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ الشِّرَاءُ بِهِ فَإِنَّ الْفَسْخَ أَوْ الْإِجَازَةَ تَكُونُ بِالصَّرِيحِ وَبِالدَّلَالَةِ ثُمَّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ لَوْ فَعَلَهُ الْإِنْسَانُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ فَإِذَا فَعَلَهُ الْمُوصِي بِالْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا كَانَ رُجُوعًا.

كَمَا إذَا اتَّخَذَ الْحَدِيدَ سَيْفًا أَوْ الصُّفْرَ آنِيَةً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَثَّرَ فِي قَطْعِ مِلْكِ الْمَالِكِ فَلَأَنْ يُؤَثِّرَ فِي الْمَنْعِ أَوْلَى.

وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ يُوجِبُ زِيَادَةً فِي الْمُوصَى بِهِ وَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهَا إلَّا بِهِ فَهُوَ رُجُوعٌ إذَا فَعَلَهُ فِيهِ، وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ أَوْجَبَ زَوَالَ الْمِلْكِ فَهُوَ رُجُوعٌ، وَكَذَا إذَا خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ إذَا أَوْصَى بِثَوْبٍ ثُمَّ قَطَعَهُ وَخَاطَهُ أَوْ بِقُطْنٍ ثُمَّ غَزَلَهُ أَوْ بِغَزْلٍ فَنَسَجَهُ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ إذَا وَجَدَ ذَلِكَ مِنْ الْغَاصِبِ فَتَبْطُلُ بِهِ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ تَبَدَّلَ اسْمُهُ وَصَارَ عَيْنًا آخَرَ غَيْرَ الْمُوصَى بِهِ، وَكَذَا أَوْصَى بِسَوِيقٍ فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ بِدَارٍ فَبَنَى فِيهَا أَوْ بِقُطْنٍ فَحَشَا بِهِ أَوْ بِبِطَانَةٍ فَبَطَّنَ بِهَا أَوْ بِظِهَارَةٍ فَظَهَّرَ بِهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ.

؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُ الْمُوصَى بِهِ وَحْدَهُ لِلِاخْتِلَاطِ بِغَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْعَيْنَ الْمُوصَى بِهَا أَوْ وَهَبَهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ حَتَّى لَوْ مَلَكَهَا بِالشِّرَاءِ أَوْ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ لَا تَعُودُ الْوَصِيَّةُ وَذَبْحُ الشَّاةِ الْمُوصَى بِهَا اسْتِهْلَاكٌ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

[ وَصِيَّة الْمُكَاتَب]

(قَوْلُهُ وَهَذَا ظَاهِرُهُ إلَخْ) لَا تَنَاقُضَ لِأَنَّ وَضْعَ الْوَصِيَّةِ لِلِاسْتِقْبَالِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ اهـ.

[الْوَصِيَّة لِلْحَمْلِ]

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ وَبِهِ إنْ وَلَدَتْ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ زَوْجُ الْحَامِلِ حَيًّا فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَالشَّرْطُ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَهُوَ حَيٌّ وَإِنْ أَتَتْ بِهِ مَيِّتًا لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهُ إذَا أَتَتْ بِهِ حَيًّا لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ يَثْبُتُ وُجُودُهُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ حُكْمًا لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ مِنْ الزَّوْجِ لِأَنَّ النَّسَبَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِاعْتِبَارِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْمَوْتِ لَا بِاعْتِبَارِ الْعُلُوقِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَمَّا حَكَمْنَا بِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ الزَّوْجِ فَقَدْ حَكَمْنَا بِوُجُودِهِ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي لِأَنَّ الْمُوصِيَ مَاتَ بَعْدَ الزَّوْجِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ حَيًّا فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الْمُوصِي لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ الْوَطْءَ إذَا كَانَ حَلَالًا وَالزَّوْجُ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْوَطْءِ فَإِنَّمَا يُحَالُ بِالْعُلُوقِ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ فَإِذَا أُحِيلَ بِالْعُلُوقِ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ لَا يَتَيَقَّنُ بِوُجُودِ الْحَبَلِ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي إلَّا إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَيِّتًا فَإِنَّهُ يُحَالُ بِالْعُلُوقِ إلَى أَبْعَدِ الْأَوْقَاتِ حَمْلًا لِأَمْرِهَا عَلَى الصَّلَاحِ. اهـ. مُحِيطٌ.

(قَوْلُهُ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِسَوِيقٍ) فِي الْهِدَايَةِ جَعَلَ هَذَا نَظِيرَ فِعْلٍ يُوجِبُ زِيَادَةً فِي الْمُوصَى بِهِ وَجَعَلَ فِي الْكِفَايَةِ هَذَا نَظِيرَ الْخَلْطِ بِغَيْرِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَذَبْحُ الشَّاةِ الْمُوصَى بِهَا اسْتِهْلَاكٌ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْغَاصِبُ لَا يَمْلِكُ الشَّاةَ بِالذَّبْحِ فَقَطْ وَجَعَلَ فِي الْكِفَايَةِ مِنْ أَنْوَاعِ الرُّجُوعِ دَلَالَةَ مَا إذَا نَقَصَ الْمُوصِي الْمُوصَى بِهِ حَتَّى خَرَجَ عَنْ هَيْئَةِ الِادِّخَارِ وَالْبَقَاءِ

ص: 186