المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل قتل عبد خطأ] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٦

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌[سَبَب الْأُضْحِيَّة وَشَرَائِطهَا]

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[مَا يُضَحَّى بِهِ]

- ‌[ مِمَّا تَكُون الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كَيْفِيَّة التَّصَرُّف فِي لَحْم الْأُضْحِيَّة]

- ‌[ التَّصَدُّق بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[يذبح المضحي بِيَدِهِ]

- ‌[ذبح الْكِتَابِيّ لِلْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[أَخْطِئَا وَذَبَحَ كُلٌّ أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ]

- ‌(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ)

- ‌(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)

- ‌(مَسَائِلُ الشِّرْبِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌{فَصْلٌ فِي طَبْخِ الْعَصِيرِ}

- ‌{كِتَابُ الصَّيْدِ}

- ‌[الِاصْطِيَاد بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّم وَالْفَهْد وَالْبَازِي]

- ‌[ التَّسْمِيَة عِنْد الإرسال للصيد]

- ‌[رَمَى صَيْدًا فَقَطَعَ عُضْو مِنْهُ]

- ‌ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌{بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالِارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ}

- ‌{بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ}

- ‌(بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌[فَصْلٌ رَهَنَ عَصِيرًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ بِعَشْرَةٍ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ]

- ‌(كِتَابُ الْجِنَايَاتِ)

- ‌(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ)

- ‌[بَابُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ صُولِحَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ حَالًّا وَسَقَطَ الْقَوَدُ]

- ‌[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ)

- ‌[بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّفْسِ وَالْمَارِنِ وَاللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ]

- ‌(بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ)

- ‌(بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ)

- ‌[فَصْلٌ قُتِلَ عَبْدٌ خَطَأً]

- ‌[بَابُ غَصْبِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالصَّبِيِّ وَالْجِنَايَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ الْقَسَامَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ)

- ‌[مِنْ تجب عَلَيْهِ الدِّيَة فِي الْمَعَاقِلِ]

- ‌(وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ)

- ‌لَا يَعْقِلُ كَافِرٌ عَنْ مُسْلِمٍ

- ‌[ لَا يَعْقِل أَهْل مِصْر عَنْ أَهْل مِصْر آخِر]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَة فَعَلَى مِنْ تجب الدِّيَة]

- ‌[وَصِيَّة الْمُسْلِم لِلذِّمِّيِّ والذمي لِلْمُسْلِمِ]

- ‌ وَصِيَّةُ الْمَدْيُونِ

- ‌ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ

- ‌ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ

- ‌[الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة]

- ‌[ وَصِيَّة الْمُكَاتَب]

- ‌(بَابُ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ]

- ‌[بَابُ وَصِيَّةِ الذِّمِّيِّ لِلذِّمِّيِّ]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَّهَادَةِ الْوَصِيَّانِ]

- ‌(كِتَابُ الْخُنْثَى)

- ‌[لَبِسَ الْخُنْثَى لِلْحَرِيرِ وَالْحِلِّي]

- ‌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِيهِ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى

- ‌[مَاتَ الْخُنْثَى قَبْل أَنْ يستبين أمره]

- ‌[قَبَلَ رَجُل الْخُنْثَى الْمُشْكِل بشهوة]

- ‌[تَزَوَّجَ الْخُنْثَى مِنْ خُنْثَى]

- ‌(مَسَائِلُ شَتَّى)

- ‌(إيمَاءُ الْأَخْرَسِ، وَكِتَابَتُهُ

- ‌[ مِيرَاث الْخُنْثَى]

- ‌[حَدّ قاذف الْخُنْثَى]

- ‌[لف ثَوْب نجس فِي آخِر طَاهِر]

- ‌[غنم مذبوحة وميتة حُكْم الْأَكْل مِنْهَا]

- ‌[سُلْطَان جَعَلَ الخراج لِرَبِّ الْأَرْض]

- ‌ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ

- ‌ ابْتَلَعَ الصَّائِمُ رِيقَ غَيْرِهِ

- ‌[ الْعَقَار الْمُتَنَازِع فِيهِ لَا يَخْرَج مِنْ يَد ذَوِي الْيَد]

- ‌[بَاعَ ضيعة ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَاده]

- ‌[قَالَ لِآخِرِ وكلتك ببيع هَذَا فسكت]

- ‌[ وهبت مهرها لزوجها فَمَاتَتْ فطالب ورثتها بِهِ وقالوا كَانَتْ الْهِبَة فِي مَرَض موتها]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[أحوال الْأَب فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْأُمّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[للجدات أحوال فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْج فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الزَّوْجَة فِي الْمِيرَاث]

- ‌[أحوال الْبِنْت فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ أحوال الْجَدّ فِي الْمِيرَاث]

- ‌[الأخوات لِأَب وَأُمّ أحوالهن فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْعُصُبَات فِي الْمِيرَاث]

- ‌[ الْفُرُوض المقدرة فِي الْمَوَارِيث]

- ‌[التصحيح فِي الْفَرَائِض]

- ‌[ خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[فصل قتل عبد خطأ]

لَمَّا عَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ كُلِّ قَتِيلٍ سَقَطَ حَقُّ الْعَافِيَيْنِ عَنْ الرَّقَبَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَخَلَا نَصِيبُهُمَا مِنْهُ عَنْ حَقِّهِمَا وَصَارَ ذَلِكَ لِلْمَوْلَى وَهُوَ النِّصْفُ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ حَقَّ وَلِيَّيْ الْخَطَأِ ثَابِتٌ فِي الْكُلِّ عَلَى حَالِهِ فَكَانَتْ الرَّقَبَةُ كُلُّهَا مُسْتَحَقَّةً لَهُمَا وَالنِّصْفُ لِغَيْرِ الْعَافِي مِنْ وَلِيَّيْ الْعَمْدِ فَلِهَذَا افْتَرَقَا فَيَقْتَسِمُونَ كُلَّهُ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ بِطَرِيقِ الْعَوْلِ فِيهِ أَوْ الْمُنَازَعَةِ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ وَأَضْدَادُ ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ بِأُصُولِهَا الَّتِي نَشَأَ مِنْهَا الْخِلَافُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا نُعِيدُهُ

. قَالَ رحمه الله (عَبْدُهُمَا قَتَلَ قَرِيبَهُمَا فَعَفَا أَحَدُهُمَا بَطَلَ الْكُلُّ) مَعْنَاهُ إذَا كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَتَلَ قَرِيبًا لَهُمَا كَأَبِيهِمَا أَوْ أَخِيهِمَا فَعَفَا أَحَدُهُمَا بَطَلَ الْجَمِيعُ فَلَا يَسْتَحِقُّ غَيْرُ الْعَافِي مِنْهُمَا شَيْئًا مِنْ الْعَبْدِ غَيْرَ نَصِيبِهِ الَّذِي كَانَ لَهُ مِنْ قَبْلُ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ لِقَرِيبٍ لَهُمَا أَوْ لِمُعْتِقِهِمَا فَقَتَلَ مَوْلَاهُ فَوَرِثَاهُ بَطَلَ الْكُلُّ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله يَدْفَعُ الَّذِي عَفَا نِصْفَ نَصِيبِهِ إلَى الْآخَرِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِرُبْعِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْقِصَاصِ ثَبَتَ لَهُمَا فِي الْعَبْدِ عَلَى الشُّيُوعِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يُنَافِي اسْتِحْقَاقَ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ لِلْمَوْلَى، فَإِذَا عَفَا أَحَدُهُمَا انْقَلَبَ نَصِيبُ الْآخَرِ وَهُوَ النِّصْفُ مَالًا غَيْرَ أَنَّهُ شَائِعٌ فِي كُلِّ الْعَبْدِ، فَيَكُونُ نِصْفُهُ فِي نَصِيبِهِ وَنِصْفُهُ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ فَمَا أَصَابَ نَصِيبَهُ سَقَطَ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ مَالًا وَمَا أَصَابَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ ثَبَتَ وَهُوَ نِصْفُ النِّصْفِ وَهُوَ الرُّبْعُ فَيَدْفَعُ نِصْفَ نَصِيبِهِ أَوْ يَفْدِيهِ بِرُبْعِ الدِّيَةِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّ مَا يَجِبُ مِنْ الْمَالِ يَكُونُ حَقَّ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ دَمِهِ وَلِهَذَا تُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ وَتُنَفَّذُ مِنْهُ وَصَايَاهُ، ثُمَّ الْوَرَثَةُ يَخْلُفُونَهُ فِيهِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ حَاجَتِهِ وَالْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ مَالًا فَلَا يَخْلُفُهُ الْوَرَثَةُ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ لَمَّا صَارَ مَالًا صَارَ بِمَعْنَى الْخَطَأِ وَفِيهِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ فَكَذَا مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

[فَصْلٌ قُتِلَ عَبْدٌ خَطَأً]

(فَصْلٌ) قَالَ رحمه الله (قُتِلَ عَبْدٌ خَطَأً تَجِبُ قِيمَتُهُ وَنَقَصَ عَشَرَةٌ لَوْ كَانَتْ عَشَرَةَ آلَافٍ أَوْ أَكْثَرَ وَفِي الْأَمَةِ عَشَرَةٌ مِنْ خَمْسَةِ آلَافٍ وَالْمَغْصُوبُ تَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ)، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَفِي الْغَصْبِ تَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ بِالْإِجْمَاعِ لَهُمَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا فِي قَتْلِ الْعَبْدِ قِيمَتَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ؛ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ بَدَلُ الْمَالِيَّةِ وَلِهَذَا يَجِبُ لِلْمَوْلَى وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إلَّا مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةُ، وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الدَّمِ لَكَانَ لِلْعَبْدِ إذْ هُوَ فِي حَقِّ الدَّمِ مُبْقًى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ بَدَلُ الْمَالِيَّةِ وَلِهَذَا لَوْ قُتِلَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ يَبْقَى عَقْدُ الْبَيْعِ وَبَقَاؤُهُ بِبَقَاءِ الْمَالِيَّةِ أَصْلًا أَوْ بَدَلًا فِي حَالِ قِيَامِهِ أَوْ هَلَاكِهِ فَصَارَ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَكَقَلِيلِ الْقِيمَةِ وَالْغَصْبِ؛ وَلِأَنَّ ضَمَانَ الْمَالِ بِالْمَالِ أَصْلٌ، وَضَمَانُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ بِالْمَالِ خِلَافُ الْأَصْلِ وَمَهْمَا أَمْكَنَ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى مُوَافَقَةِ الْقِيَاسِ لَا يُصَارُ إلَى إيجَابِهِ بِخِلَافِ الْأَصْلِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ قَوْله تَعَالَى {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] أَوْجَبَهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَالدِّيَةُ اسْمٌ لِلْوَاجِبِ بِمُقَابَلَةِ الْآدَمِيَّةِ وَهُوَ آدَمِيٌّ فَيَدْخُلُ تَحْتَ النَّصِّ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ حُكْمَانِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ وَالْعَبْدُ دَاخِلٌ فِيهَا فِي حَقِّ الْكَفَّارَةِ بِالْإِجْمَاعِ لِكَوْنِهِ آدَمِيًّا فَكَذَا فِي حَقِّ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

فَصْلٌ). لَمَّا فَرَغَ مِنْ جِنَايَةِ الْعَبْدِ عَلَى غَيْرِهِ شَرَعَ فِي أَحْكَامِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفَاعِلَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَفْعُولِ وُجُودًا فَوَجَبَ تَرْتِيبُهُ كَذَلِكَ لِلْمُنَاسَبَةِ اهـ أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: قُتِلَ عَبْدٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَمَنْ قَتَلَ عَبْدًا خَطَأً فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَا تُزَادُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ قُضِيَ لَهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً وَفِي الْأَمَةِ إذَا ازْدَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَى الدِّيَةِ خَمْسَةُ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً قَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَمُحَمَّدٍ وَذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ تَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَلَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ كَضَمَانِ الْأَمْوَالِ كَذَا ذَكَرَ عَلَاءُ الدِّينِ الْعَالِمُ فِي طَرِيقَةِ الْخِلَافِ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ قِيمَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَرَوَى أَصْحَابُ الْإِمْلَاءِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ قِيمَتُهُ عَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَلَا تَتَحَمَّلُ الْعَاقِلَةُ مِنْهَا شَيْئًا إلَى هُنَا لَفْظُ الطَّحَاوِيِّ وَأَجْمَعُوا فِي الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ إذَا هَلَكَ عِنْدَ الْغَاصِبِ تَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ رُوِيَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُبْلَغُ بِهِ دِيَةَ الْحُرِّ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ وَرَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ فِيهِ الْقِيمَةُ بَالِغًا مَا بَلَغَ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَرْخِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَبْدَ مَضْمُونٌ بِالْقَتْلِ بِالِاتِّفَاقِ لَكِنَّهُ مَضْمُونٌ عِنْدَنَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ آدَمِيٌّ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ قُتِلَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ إلَخْ) مَسْأَلَةُ مَا إذَا قُتِلَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلِأَبِي الْمَعْتُوهِ الْقَوَدُ فِي بَابِ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ.

(قَوْلُهُ: وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ قَوْله تَعَالَى {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ} [النساء: 92] وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ تَعَالَى سَمَّى الْوَاجِبَ فِي قَتْلِ الْمُؤْمِنِ خَطَأً دِيَةً وَالْعَبْدُ مُؤْمِنٌ قُتِلَ خَطَأً فَيَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ وَالدِّيَةُ اسْمٌ لِمَا يَجِبُ بِمُقَابَلَةِ الْآدَمِيِّ لَا بِمُقَابَلَةِ الْمَالِ وَمَا يَجِبُ بِمُقَابَلَةِ الْمَالِ يُسَمَّى قِيمَةً وَضَمَانًا وَهُوَ الْعُرْفُ فَثَبَتَ بِدَلَالَةِ الْآيَةِ أَنَّ الْعَبْدَ مَضْمُونٌ بِمُقَابَلَةِ الْآدَمِيِّ وَلَا يُزَادُ عَلَى تَقْدِيرِ الشَّرْعِ فِي الدِّيَةِ وَيُنْقَصُ عَنْهَا بِأَثَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لِنُقْصَانِ الرِّقِّ فِيهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ كَامِلِ الْحَالِ وَنَاقِصِ الْحَالِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْآدَمِيَّةِ رَاجِحٌ فِيهِ أَنَّ أَكْثَرَ تَكَالِيفِ الشَّرْعِ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ حَيْثُ الْآدَمِيَّةُ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا مِنْ

ص: 161

وَلِهَذَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَيَكُونُ مُكَلَّفًا، وَلَوْلَا أَنَّهُ آدَمِيٌّ لَمَا وَجَبَ الْقِصَاصُ وَلَا كُلِّفَ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنْ يُقَالَ فِيهِ مَعْنَى الْمَالِيَّةِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ اعْتِبَارَ الْآدَمِيَّةِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْمَالِيَّةِ وَالْآدَمِيَّةِ وَجَبَ اعْتِبَارُ أَعْلَاهُمَا وَهِيَ الْآدَمِيَّةُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِإِهْدَارِ الْأَدْنَى وَهِيَ الْمَالِيَّةُ؛ وَلِأَنَّ الْآدَمِيَّةَ أَسْبَقُ وَالرِّقُّ عَارِضٌ بِوَاسِطَةِ الِاسْتِنْكَافِ فَكَانَ اعْتِبَارُ مَا هُوَ الْأَصْلُ أَوْلَى أَلَا تَرَى أَنَّ الْقِصَاصَ يَجِبُ بِقَتْلِهِ عَمْدًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَالْمُتْلَفُ فِي حَالَةِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَاحِدٌ، فَإِذَا اُعْتُبِرَ فِي إحْدَى حَالَتَيْ الْقَتْلِ آدَمِيًّا وَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى كَذَلِكَ إذْ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ لَا يَتَبَدَّلُ جِنْسُهُ بِاخْتِلَافِ حَالَةِ إتْلَافِهِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ فِي الْعَكْسِ إهْدَارَ آدَمِيَّتِهِ وَإِلْحَاقَهُ بِالْبَهَائِمِ وَالْجَمَادِ وَمَا رَوَيَا مِنْ الْأَثَرِ مُعَارَضٌ بِأَثَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَصْبِ، وَضَمَانُ الْغَصْبِ بِمُقَابَلَةِ الْمَالِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُعَارِضَ لَهَا إذْ الْغَصْبُ لَا يَرِدُ إلَّا عَلَى الْمَالِ وَبَقَاءُ الْعَقْدِ لَا يَعْتَمِدُ الْمَالِيَّةَ وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُ الْفَائِدَةَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَبْقَى بَعْدَ قَتْلِهِ عَمْدًا أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقِصَاصُ مَالًا وَلَا بَدَلًا عَنْ الْمَالِيَّةِ وَفِي قَلِيلِ الْقِيمَةِ الْوَاجِبُ بِمُقَابَلَةِ الْآدَمِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ فِيهِ فَقَدَّرْنَاهُ بِقِيمَتِهِ رَأْيًا بِخِلَافِ كَثِيرِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ قَوْلَ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه لَا يُبْلَغُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ دِيَةَ الْحُرِّ وَيُنْقَصُ مِنْهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَالْأَثَرُ فِي الْمُقَدَّرَاتِ كَالْخَبَرِ إذْ لَا يُعْرَفُ إلَّا سَمَاعًا؛ وَلِأَنَّ آدَمِيَّتَهُ أَنْقَصُ، فَيَكُونُ بَدَلُهَا أَقَلَّ كَالْمَرْأَةِ وَالْجَنِينِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَنْقَصَ تَنَصَّفَتْ النِّعَمُ وَالْعُقُوبَاتُ فِي حَقِّهِ إظْهَارًا لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ فَكَذَا فِي هَذَا وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْأَمَةِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَّا خَمْسَةً؛ لِأَنَّ دِيَةَ الْأُنْثَى نِصْفُ دِيَةِ الذَّكَرِ، فَيَكُونُ النَّاقِصُ عَنْ دِيَةِ الْأُنْثَى نِصْفَ النَّاقِصِ عَنْ دِيَةِ الذَّكَرِ كَمَا فِي الْأَطْرَافِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَالٍ لَهُ خَطَرٌ فِي الشَّرْعِ عَشَرَةٌ كَنِصَابِ السَّرِقَةِ وَالْمَهْرِ وَمَا دُونَهُ لَا يُعْتَبَرُ بِخِلَافِ الْأَطْرَافِ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُ الدِّيَةِ فَيُنْقَصُ مِنْ كُلِّ جُزْءٍ بِحِسَابِهِ، وَلَوْ نَقَصَ مِنْ كُلِّ جُزْءٍ عَشَرَةٌ لَمَا وَجَبَ أَصْلًا. قَالَ (وَمَا قُدِّرَ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ قُدِّرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَفِي يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ)؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْعَبْدِ كَالدِّيَةِ فِي الْحُرِّ إذْ هُوَ بَدَلُ الدَّمِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، فَيَكُونُ فِي يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَا يُزَادُ عَلَى خَمْسَةِ آلَافٍ إلَّا خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ الْيَدَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ فَيُعْتَبَرُ بِكُلِّهِ وَيُنْقَصُ هَذَا الْمِقْدَارُ إظْهَارًا لِدُنُوِّ رُتْبَتِهِ، وَقِيلَ يَضْمَنُ فِي الْأَطْرَافِ بِحِسَابِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْأَطْرَافَ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ، وَهَذَا يُؤَدِّي إلَى أَمْرٍ شَنِيعٍ وَهُوَ أَنَّ مَا يَجِبُ فِي الْأَطْرَافِ أَكْثَرُ مِمَّا يَجِبُ فِي النُّفُوسِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مَثَلًا مِائَةَ أَلْفٍ فَإِنَّهُ بِقَطْعِ يَدِهِ يَجِبُ خَمْسُونَ أَلْفًا وَبِقَتْلِهِ عَشَرَةُ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً وَفِي لِحْيَتِهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ يَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَبْدِ الْخِدْمَةُ لَا الْجَمَالُ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجِبُ كَمَالُ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْجَمَالَ فِي حَقِّهِ مَقْصُودٌ أَيْضًا

. قَالَ رحمه الله (قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَحَرَّرَهُ سَيِّدُهُ فَمَاتَ مِنْهُ وَلَهُ وَرَثَةٌ غَيْرُهُ لَا يُقْتَصُّ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ) وَإِنَّمَا لَا يُقْتَصُّ فِي الْأَوَّلِ لِاشْتِبَاهِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَجِبُ عِنْدَ الْمَوْتِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْجَرْحِ فَعَلَى اعْتِبَارِ حَالَةَ الْجَرْحِ يَكُونُ الْحَقُّ لِلْمَوْلَى وَعَلَى اعْتِبَارِ الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ فَيَتَحَقَّقُ الِاشْتِبَاهُ فَيَتَعَذَّرُ فَلَا يَجِبُ عَلَى وَجْهٍ يُسْتَوْفَى إذْ الْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْعَبْدِ وَرَثَةٌ أُخَرُ سِوَى الْمَوْلَى وَاجْتِمَاعُهُمَا لَا يُزِيلُ الِاشْتِبَاهَ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي إحْدَى الْحَالَتَيْنِ وَلَا يَثْبُتُ عَلَى الدَّوَامِ فِيهِمَا فَلَا يَكُونُ الِاجْتِمَاعُ مُفِيدًا وَلَا يُقَالُ يَأْذَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ الْآذِنُ يَمْلِكُ ذَلِكَ بِخِلَافِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

حَيْثُ إنَّهُ آدَمِيٌّ وَلِهَذَا وَجَبَ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ بِالْإِجْمَاعِ) يَتَمَشَّى مُطْلَقًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَفِيمَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ عَبْدًا عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمَا رَوَيَا مِنْ الْأَثَرِ مُعَارَضٌ بِأَثَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ) وَأَثَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ سَيَأْتِي بَعْدَ أَسْطُرٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ، وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا دِيَةُ الْحُرِّ فَتُنْقَصُ مِنْهَا عَشَرَةٌ كَمَا تُنْقَصُ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا قَطَعَ يَدَ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَا يَتَجَاوَزُ خَمْسَةَ آلَافٍ إلَّا خَمْسَةً؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ فِي الْيَدِ جُزْءٌ مِمَّا يَجِبُ فِي الْجُمْلَةِ فَقُدِّرَ بِنِصْفِهَا وَمَا يَجِبُ فِي الْأُنْثَى لَيْسَ بِجُزْءٍ مِنْ دِيَةِ الذَّكَرِ وَإِنَّمَا هِيَ دِيَةٌ فِي نَفْسِهَا فَلِذَلِكَ قُدِّرَ النَّقْصُ فِيهَا بِعَشَرَةٍ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَتْلِ الْأَمَةِ خَطَأً إذَا زَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَى دِيَةِ الْحُرَّةِ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَّا خَمْسَةً قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي كِتَابِ الْعُيُونِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ هُوَ الْقِيَاسُ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ خَمْسَةُ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً اهـ.

(قَوْلُهُ: لِمَا وَجَبَ أَصْلًا) أَيْ فِي جِرَاحَةٍ يُسَاوِي أَرْشُهَا عَشَرَةً فَمَا دُونَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: إظْهَارًا لِدُنُوِّ رُتْبَتِهِ) هَكَذَا هُوَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ كَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحَيْهِ وَالِاخْتِيَارِ وَفَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ وَالْمُنْتَقَى وَفِي الْمُجْتَبَى عَنْ الْمُحِيطِ نُقْصَانُ الْخَمْسَةِ هُنَا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ بِخِلَافِ فَصْلِ الْأَمَةِ اهـ، وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ عِنْدَ قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لَا تُزَادُ عَلَى خَمْسَةِ آلَافٍ إلَّا خَمْسَةً هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَفِي الْمَبْسُوطِ يَجِبُ نِصْفُ قِيمَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْجَوَابِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجِبُ فِي قَطْعِ يَدِهِ خَمْسَةُ آلَافٍ إلَّا خَمْسَةً وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْعَبْدَ فِي حُكْمِ الْجِنَايَةِ عَلَى أَطْرَافِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِحَالٍ وَلَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا قَالَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْقَوْلُ بِهَذَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَجِبَ بِقَطْعِ طَرَفِ الْعَبْدِ فَوْقَ مَا يَجِبُ بِقَتْلِهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ أَلْفًا يَضْمَنُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَكَذَا ذَكَرَ فِي الْكِفَايَةِ وَحَكَاهُ الْأَكْمَلُ عَنْ النِّهَايَةِ وَعَلَيْهِ مَشَى عِزُّ الدِّينِ يُوسُفُ الرَّازِيّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. اهـ.

ص: 162

الْعَبْدِ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ؛ لِأَنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَائِمٌ فَصَارَا بِمَنْزِلَةِ الشَّرِيكَيْنِ فِيهِ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا فِيهِ دُونَ الْآخَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْآخَرِ فَيُقْتَلُ بِاجْتِمَاعِهِمَا لِلرِّضَا بِبُطْلَانِ حَقِّهِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ غَيْرُ الْمَوْلَى فَالْمَذْكُورُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْوِلَايَةِ قَدْ اخْتَلَفَ؛ لِأَنَّهُ الْمِلْكُ عَلَى اعْتِبَارِ حَالَةِ الْجَرْحِ وَالْوِرَاثَةُ بِالْوَلَاءِ عَلَى اعْتِبَارِ حَالَةِ الْمَوْتِ فَنُزِّلَ اخْتِلَافُ السَّبَبِ مَنْزِلَةَ اخْتِلَافِ الْمُسْتَحِقِّ فِيمَا لَا يَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ أَوْ فِيمَا يُحْتَاطُ فِيهِ فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ لِآخَرَ بِعْتنِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ، وَقَالَ لَا بَلْ زَوَّجْتهَا مِنْك لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ الْقَرْضِ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ وَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ تَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ فَلَا يُبَالَى بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ؛ وَلِأَنَّ الْإِعْتَاقَ قَاطِعٌ لِلسِّرَايَةِ وَبِانْقِطَاعِهَا يَبْقَى الْجَرْحُ بِلَا سِرَايَةٍ وَالسِّرَايَةُ بِلَا قَطْعٍ فَيَمْتَنِعُ الْقِصَاصُ وَلَهُمَا أَنَّا تَيَقَّنَّا بِثُبُوتِ الْوِلَايَةِ لِلْمَوْلَى فَيَسْتَوْفِيهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُقْضَى لَهُ مَعْلُومٌ وَالْحُكْمُ مُتَّحِدٌ فَأَمْكَنَ الْإِيجَابُ وَالِاسْتِيفَاءُ لِاتِّحَادِ الْمُسْتَوْفِي وَالْمُسْتَوْفَى وَلَا مُعْتَبَرَ بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَسْأَلَةِ الْإِقْرَاضِ بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُقْضَى لَهُ مَجْهُولٌ وَبِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مُخْتَلِفٌ إذْ مِلْكُ الْيَمِينِ يُغَايِرُ مِلْكَ النِّكَاحِ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُثْبِتُ الْحِلَّ مَقْصُودًا وَمِلْكُ الْيَمِينِ لَا يُثْبِتُهُ مَقْصُودًا، وَقَدْ لَا يُثْبِتُ الْحِلَّ أَصْلًا؛ وَلِأَنَّ مَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ السَّبَبِ لِلْحِلِّ انْتَفَى بِإِنْكَارِ الْآخَرِ فَبَقِيَ بِلَا سَبَبٍ فَلَا يَثْبُتُ الْحِلُّ بِدُونِهِ إذْ لَا يَجْرِي فِيهِ الْبَدَلُ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ مَوْجُودٌ بِيَقِينٍ وَلَا مُنْكِرَ لَهُ فَلَمْ يُوجَدْ مَا يُبْطِلُهُ وَلَا مَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ فَأَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ وَالْإِعْتَاقُ لَا يَقْطَعُ السِّرَايَةَ لِذَاتِهِ، بَلْ لِاشْتِبَاهِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَوْلَى عَلَى مَا بَيَّنَّا أَوْ فِي الطَّرَفِ أَوْ فِي الْقَتْلِ خَطَأً؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَصْلُحُ مَالِكًا لِلْمَالِ فَعَلَى اعْتِبَارِ حَالَةِ الْجَرْحِ يَكُونُ الْحَقُّ لِلْمَوْلَى وَعَلَى اعْتِبَارِ حَالَةِ الْمَوْتِ أَوْ زِيَادَةِ الْجَرْحِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ لِلْعَبْدِ لِحُرِّيَّتِهِ حَتَّى تُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ وَتُنَفَّذَ وَصَايَاهُ فَحَصَلَ الِاشْتِبَاهُ فِيمَنْ لَهُ الْحَقُّ فَيَسْقُطُ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْجَرْحِ، وَأَمَّا الْقَتْلُ عَمْدًا فَمُوجِبُهُ الْقِصَاصُ فَلَا اشْتِبَاهَ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سِوَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ عَلَى اعْتِبَارِ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ لِلْعَبْدِ فَالْمَوْلَى هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّاهُ فَلَا اشْتِبَاهَ فِيمَنْ لَهُ الْحَقُّ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا فِي الْخَطَأِ وَفِي الْعَمْدِ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ أَنَّ الْإِعْتَاقَ يَقْطَعُ السِّرَايَةَ فَلَا يَجِبُ إلَّا أَرْشُ الْقَطْعِ وَمَا يَنْقُصُ بِذَلِكَ إلَى الْإِعْتَاقِ وَتَسْقُطُ الدِّيَةُ وَالْقِصَاصُ، وَكَذَا فِي الْقَطْعِ إذَا لَمْ يَمُتْ مِنْهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ سِوَى أَرْشُ الْقَطْعِ وَمَا نَقَصَهُ إلَى الْإِعْتَاقِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَا حَدَثَ مِنْ النُّقْصَانِ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ بِالْإِجْمَاعِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ لَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ يَجِبُ فِيهِ أَرْشُ الْقَطْعِ وَمَا نَقَصَهُ إلَى الْإِعْتَاقِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ وَلَا مَا نَقَصَ مِنْهُ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ

. قَالَ رحمه الله (قَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَشُجَّا فَبَيَّنَ فِي أَحَدِهِمَا فَأَرْشُهُمَا لِلسَّيِّدِ) يَعْنِي إذَا قَالَ لِعَبْدَيْهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ، ثُمَّ شُجَّا فَبَيَّنَ الْعِتْقَ فِي أَحَدِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ الشَّجِّ فَأَرْشُهُمَا لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ غَيْرُ نَازِلٍ فِي الْمُعَيَّنِ وَالشَّجَّةُ تُصَادِقُ الْمُعَيَّنَ فَبَقِيَا مَمْلُوكَيْنِ فِي حَقِّ الشَّجَّةِ، وَلَوْ قَتَلَهُمَا رَجُلٌ وَاحِدٌ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ مَعًا تَجِبُ دِيَةُ حُرٍّ وَقِيمَةُ عَبْدٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيَانَ إنْشَاءٌ مِنْ وَجْهٍ وَإِظْهَارٌ مِنْ وَجْهٍ عَلَى مَا عُرِفَ وَبَعْدَ الشَّجَّةِ بَقِيَ مَحَلًّا لِلْبَيَانِ فَاعْتُبِرَ إنْشَاءً فِي حَقِّ الْمَحَلِّ وَبَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْبَيَانِ فَاعْتُبِرَ إظْهَارًا مَحْضًا، فَإِذَا قَتَلَهُمَا رَجُلٌ وَاحِدٌ مَعًا وَأَحَدُهُمَا حُرٌّ يَجِبُ عَلَيْهِ دِيَةُ حُرٍّ وَقِيمَةُ عَبْدٍ، فَيَكُونُ الْكُلُّ نِصْفَيْنِ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْوَرَثَةِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا يَجِبُ نِصْفُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَدِيَةُ حُرٍّ فَيُقْسَمُ مِثْلُ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِلْأَوَّلِ لِمَوْلَاهُ وَالدِّيَةُ لِلثَّانِي لِوَرَثَتِهِ لِتَعَيُّنِهِ لِلْعِتْقِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلٌ مَعًا حَيْثُ تَجِبُ قِيمَةُ الْمَمْلُوكَيْنِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ بِقَتْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُرًّا وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُنْكِرُ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى ثُبُوتَ الْعِتْقِ فِي الْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ فَائِدَتَهُ وَإِنَّمَا صَحَّحْنَاهُ ضَرُورَةَ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَأَثْبَتنَا لَهُ وِلَايَةَ النَّقْلِ مِنْ الْمَجْهُولِ إلَى الْمَعْلُومِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يَثْبُتُ الْحِلُّ أَصْلًا) أَيْ كَمَا إذَا مَلَكَ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ. اهـ. .

ص: 163

وَهِيَ النَّفْسُ دُونَ الْأَطْرَافِ وَالدِّيَةِ فَبَقِيَ مَمْلُوكًا فِي حَقِّهِمَا فَتَجِبُ الْقِيمَةُ فِيهِمَا فَتَكُونُ نِصْفَيْنِ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْوَرَثَةِ فَيَأْخُذُ هُوَ نِصْفَ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَتْرُكُ النِّصْفَ لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْعِتْقِ ثَابِتٌ فِي أَحَدِهِمَا فِي حَقِّ الْمَوْلَى فَلَا يَسْتَحِقُّ بَدَلَهُ فَيُوَزَّعُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ قَتَلَاهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ فَعَلَى الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ قِيمَتُهُ لِلْمَوْلَى لِتَعَيُّنِهِ لِلرِّقِّ وَعَلَى الْقَاتِلِ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ لِتَعَيُّنِهِ لِلْعِتْقِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا قُتِلَ أَوَّلًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَتُهُ وَلِلْمَوْلَى مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْقِيمَةِ كَالْأَوَّلِ لِعَدَمِ أَوْلَوِيَّةِ أَحَدِهِمَا بِالتَّقَدُّمِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ

قَالَ رحمه الله (فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ دَفَعَ سَيِّدُهُ عَبْدَهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ أَوْ أَمْسَكَهُ وَلَا يَأْخُذُ النُّقْصَانَ) أَيْ إذَا فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَيْ عَبْدٍ فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْعَبْدَ الْمَفْقُوءَ إلَى الْفَاقِئِ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ كَامِلًا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَقَالَا إنْ شَاءَ أَمْسَكَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ مَا نَقَصَهُ وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله يُضَمِّنُهُ كُلَّ الْقِيمَةِ وَيُمْسِكُ الْجُثَّةَ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ الضَّمَانَ مُقَابَلًا بِالْفَائِتِ فَبَقِيَ الْبَاقِي حِينَئِذٍ عَلَى مِلْكِهِ كَمَا إذَا قَطَعَ إحْدَى يَدَيْهِ وَفَقَأَ إحْدَى عَيْنَيْهِ وَنَحْنُ نَقُولُ الْمَالِيَّةُ قَائِمَةٌ فِي الذَّاتِ وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّ الْأَطْرَافِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْمَالِيَّةِ فِي الذَّاتِ دُونَ الْأَطْرَافِ سَاقِطٌ، بَلْ الْمَالِيَّةُ تُعْتَبَرُ فِي الْأَطْرَافِ أَيْضًا، بَلْ اعْتِبَارُ الْمَالِيَّةِ فِي الْأَطْرَافِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ، فَإِذَا كَانَتْ الْمَالِيَّةُ مُعْتَبَرَةً، وَقَدْ وُجِدَ أَيْضًا إتْلَافُ النَّفْسِ مِنْ وَجْهٍ بِتَفْوِيتِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ، وَهَذَا الضَّمَانُ مُقَدَّرٌ بِقِيمَةِ الْكُلِّ فَوَجَبَ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْجُثَّةَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَرِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا فَقَأَ عَيْنَيْ حُرٍّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْمَالِيَّةِ وَبِخِلَافِ عَيْنَيْ الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ وَفِي قَطْعِ إحْدَى الْيَدَيْنِ وَفَقْءِ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ لَمْ يُوجَدْ تَفْوِيتُ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا جِئْنَا إلَى تَعْلِيلِ مَذْهَبِ الْفَرِيقَيْنِ لَهُمَا أَنَّ الْعَبْدَ فِي حُكْمِ الْجِنَايَةِ عَلَى أَطْرَافِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ حَتَّى لَا يَجِبَ الْقَوَدُ فِيهَا وَلَا تَتَحَمَّلَهَا الْعَاقِلَةُ وَتَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فَكَانَ مُعْتَبَرًا بِالْمَالِ، فَإِذَا كَانَ مُعْتَبَرًا بِهِ وَجَبَ تَخْيِيرُ الْمَوْلَى عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَاهُ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ فَإِنْ خَرَقَ ثَوْبَ الْغَيْرِ خَرْقًا فَاحِشًا يُوجِبُ تَخْيِيرَ الْمَالِكِ إنْ شَاءَ دَفَعَ الثَّوْبَ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَلَهُ أَنَّ الْمَالِيَّةَ وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَبَرَةً فِي الذَّاتِ فَالْآدَمِيَّةُ أَيْضًا غَيْرُ مُهْدَرَةٍ فِيهِ وَفِي الْأَطْرَافِ أَلَا تَرَى أَنَّ عَبْدًا لَوْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ آخَرَ يُؤْمَرُ مَوْلَاهُ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ، وَهَذَا مِنْ أَحْكَامِ الْآدَمِيَّةِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَالِ أَنْ تُبَاعَ رَقَبَتُهُ فِيهَا، ثُمَّ مِنْ أَحْكَامِ الْآدَمِيَّةِ أَنْ لَا يَنْقَسِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْجُزْءِ الْفَائِتِ وَالْقَائِمِ، بَلْ يَكُونُ بِإِزَاءِ الْفَائِتِ لَا غَيْرُ وَلَا يَتَمَلَّكُ الْجُثَّةَ وَمِنْ أَحْكَامِ الْمَالِيَّةِ أَنْ يَنْقَسِمَ عَلَى الْجُزْءُ الْفَائِتِ وَالْقَائِمِ وَيَتَمَلَّكَ الْجُثَّةَ فَوَفَّرْنَا عَلَى الشَّبَهَيْنِ حَظَّهُمَا فَقُلْنَا بِأَنَّهُ لَا يَنْقَسِمُ اعْتِبَارًا لِلْآدَمِيَّةِ وَيَتَمَلَّكُ الْجُثَّةَ اعْتِبَارًا لِلْمَالِيَّةِ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا قَالَاهُ؛ لِأَنَّ فِيمَا قَالَاهُ اعْتِبَارَ جَانِبِ الْمَالِيَّةِ فَقَطْ وَهُوَ أَدْنَى، وَإِهْدَارُ جَانِبِ الْآدَمِيَّةِ وَهُوَ أَعْلَى وَمِمَّا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله أَيْضًا؛ لِأَنَّ فِيهِ اعْتِبَارَ الْآدَمِيَّةِ فَقَطْ وَالشَّيْءُ إذَا أَشْبَهَ شَيْئَيْنِ يُوَفِّرُ حَظَّهُمَا عَلَيْهِ

. قَالَ رحمه الله (جَنَى مُدَبَّرٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ ضَمِنَ السَّيِّدُ الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِنْ الْأَرْشِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَضَى بِجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ عَلَى الْمَوْلَى بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرًا بِالشَّامِ فَكَانَ إجْمَاعًا؛ وَلِأَنَّ الْمَوْلَى صَارَ مَانِعًا بِالتَّدْبِيرِ تَسْلِيمَهُ فِي الْجِنَايَةِ، وَكَذَا بِالِاسْتِيلَادِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِيرَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَا يَحْدُثُ فَصَارَ كَمَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْأَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِنْ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ فِي أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ وَلَا مَنْعَ مِنْ الْمَوْلَى فِي أَكْثَرَ مِنْ الْعَيْنِ وَقِيمَتُهَا تَقُومُ مَقَامَهَا وَلَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُهُ فِي جِنْسٍ وَاحِدٍ لِاخْتِيَارِهِ الْأَقَلَّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْجَانِي قِنًّا حَيْثُ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَلَا يَجِبُ الْأَقَلُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ فَائِدَةً لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَخْتَارُ دَفْعَ الْعَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُ دَفْعَ النَّقْدِ عَلَى مَا هُوَ الْأَيْسَرُ عِنْدَهُ أَوْ يُبْقِي مَا يَخْتَارُهُ عَلَى مِلْكِهِ وَيُخْرِجُ الْآخَرَ عَنْ مِلْكِهِ، ثُمَّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ جِنَايَاتِ الْمُدَبَّرِ لَا تُوجِبُ إلَّا قِيمَةً وَاحِدَةً وَإِنْ كَثُرَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْهُ إلَّا رَقَبَةً

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 164