الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر زيارة ملك العراق وما جرى بعدها
لمَّا كان في منتصف هذه السنة قدم ملك العراق فيصل الثاني وولي عهده عبد الإِله إلى المملكة العربية السعودية وحلَّا ضيفي شرف على حضرة صاحب الجلالة الملك سعود فأقاما في الرياض خمسة أيام ثم بعدها قدما إلى مطار الظهران وقد استقبلا في كل مدينة بالحفاوة والإِكرام وقد أدت ثلة من الجيش التحية العسكرية وأطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة تحية للقادم. وقام الملك فيصل أثناء زيارته بالتجول والزيارة للدمام وكان قد رافقه في تجولاته في المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي سعود بن جلوى وبعدما فرغ من تلك الزيارة عاد هو وولي عهده وحاشيتهما إلى العراق. ولمَّا أن كان بعد هذه الزيارة بأقل من شهر قام اتحاد عربي بين المملكة العراقية والمملكة الهاشمية الأردنية يوحد جيشهما وسياستهما الخارجية والثقافية والاقتصادية أسندت رئاسته إلى الملك فيصل الثاني ملك العراق ووكالته إلى الملك حسين بن طلال ملك المملكة الأردنية الهاشمية. وهذا رد على قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا واتحادهما مع اليمن وجرى من نتائج ذلك شر على بقية البيت الهاشمي وإليك ذلك.
ذكر مصرع الملك فيصل بن غازي 1377 هـ وقتل ولي عهده ونوري السعيد وإعلان العراق جمهورية
قال الله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاولُهَا بَينَ النَّاسِ} وقال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (26)} لمَّا أن قام الملك وولي عهده ونوري السعيد بهذه السياسة جعلت الأمة العراقية تبيت الغدر بهم ثم أن ضباط الجيش قاموا ضد هذه السياسة واشتركوا مع الأمة في القضاء على مبرميها لأنَّ هؤلاء كانوا يوالون الإِنجليز ولا ترضى الأمة
العراقية إلَّا بالتخلص من الإِنجليز أليس مصر قد ثار وطرد الإِنجليز أليس الإِنجليز لا يزالون مستعمرين للعراق فنجحت هذه الثورة العراقية السرية وغيرت مجرى التاريخ. فبينما فيصل بن غازي وولي عهده عبد الإِله بن علي بن الحسين ونوري السعيد يغزلون سياستهم إذا بالأمة تثور وتنفذ إرادتها في البيت الهاشمي ففي 27 ذي الحجة الموافق اليوم الاثنين نقل عبد الإِله وطبق به في الأسواق وأخذ الملك فيصل الثاني فصفد بالحديد وجعل يناشدهم بالله إذا ما كرهوا سياسته وملكه ورئاسته أن يخلوا سبيله يذهب إلى مشيئة الله له كما فعل بفاروق ملك مصر وجعل يطالب ويؤكد حتى أنَّه ألقى المصحف بينه وبينهم وسألهم بآياته ومعجزاته أن لا يمسوه بسوء غير أن ذلك لم يغن عنه شيئًا بل قتلوه ولم يرعوا له إلَّا ولا ذمة أولئك أهل العراق والذين قتلوا سلفه الحسين بن علي ولم يرهبوا في تلك الثورة أحدًا ثم أنَّهم طلبوا نوري السعيد ونسفوا قصره فأدركوه من الغد 27/ 12 الموافق 15 يونيه في بيت قد اختفي فيه ولبس ثياب امرأة وكان قد دلهم عليه صبي فطوقوا ذلك البيت ولمَّا رأى حروجة الموقف جعل يطلق عليهم النَّار وآخر ذلك أن قتل في ذلك اليوم وجر في الأسواق.
وما أغنى عنه ماله الذي جمعه شيئًا ثم أنَّها أعلنت الجمهورية في العراق وحدثت فظائع فيه وكثر القتل والهرج والفتن والزلازل والمحن. ولقد كان عبد الكريم قاسم رئيس الجمهورية يقوم بالعسف والبطش حتى دوخ كل من تسول له نفسه المعارضة وقضى على كل حركة. وتعتبر ثورة الجيش العراقي من أعجب ما روى التاريخ فإنَّ هذا الإقدام وهذه الثورة لم يسبق لها نظير حتى ذكر رجال المعرفة أنَّها قد فرغ منها وأبرم أمرها منذ زمن طويل.
فالله المستعان.