الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شاه ملك أفغانستان تقدير مجهودات جلالة الملك سعود التي بذلها في إتاحة الطريقة الودية بينه وبين باكستان الدّالة على أنَّه صديق مخلص وَفِيِّ. وفيها افتتاح مدينة الملك سعود وكان لها شأن عظيم لكثرة الذين التحقوا بها.
ثم دخلت سنة 1376 ه
ـ
استهلت هذه السنة وبريطانيا تغلي مراجلها على العرب فهذه مصر طردت الجنود البريطانيين وعيدت عيد الجلاء وتحررت وأصبحت تسيطر على نفسها وهذا الأردن طرد في السنة المتقدمة أبا فراس المستر كلوب (أبو حنيك) وكان لما جاء تميلر ليحمل الأردن على توقيع حلف بغداد وثارت ثائرة كلوب الذي كان صاحب الفكرة التي جاء تميلر لتحقيقها وأمر ضباطه بإطلاق الرصاص على جماهير الشعب البشائر فرفضوا وزجَّ العشرات منهم في السجون ووقع في حيرة لأنَّ خططه وبرامجه تقضي بتسليم جزء كبير من الصّفة الغربية لليهود حتَّى قام بإِشاعات هجوم الرَّبيع الذي ما زال ملك الأردن ينتظره والذي حار أهل الأردن وحارت معهم له وكالات الأنباء في العالم في معرفة المصدر الذي استقى منه الملك الحسين معلوماته. وبعد ذلك وردت رسالة الرؤساء لبلديات مدن جنين وطول كرم وقلقيلية بتوقيع ضابط حر يخطرهم فيها بأنَّ تسليم مدنهم قد تمَّ الاتفاق عليه في السابع عشر من آذار وعليهم الاهتمام بأمن مدنهم ومناطقهم وشك الرؤساء الثلاثة في إخبار هذا الضابط وظنوها أوهام مهوس. ثم حدث ما حدث في الأردن من مظاهرات ومصادمات يوم جاء تميلر ليحمل الأردن على ما تقدم. ولكن الملك حسين لم يوافق على خطط كلوب وأمره أن يدافع عن البلاد شبرًا شبرًا. ولمَّا لم يوافق لآراء كلوب أخذ يجهر في مجالسه وأحاديثه بانتقاد ملك البلاد وينعته بنعوت مختلفة واتفق مع رجاله على اعتقال الحسين وإجباره على توقيع حلف بغداد ووضع لذلك خطبة تقضي بالقيام بغارة وهمية على مدينة عثمان وخلالها يستطيع أن ينفذ برنامجه المقرر. فقام
الملك ودبر خطة معاكسة لطرد أبي حنيك واحتال بأن يبلغ أبا حنيك استعداده لتوقيع الحلف وأنَّه بانتظاره في القصر الملكي لتوقيع الحلف المذكور فطار الجنرال فرحًا وسار بلا حرس ولمَّا أن دخل على الملك دخول الظافر وقدم الأوراق لتوقيعها، وبينما هو في غطرسته إذ قام الضباط بالمسدسات مصوبة إلى رأسه ثم إنَّ الملك قدم له كتابًا يقضي بطرده من الجيش العربي وخروجه من البلاد في الصباح الباكر. وهذا مما يدل على نباهة العرب وسعة آرائهم ووفور حيلهم. فالتفت يمنة ويسرة فلم يرَ غير المسدسات مصوبة إلى رأسه، ومن هؤلاء الضباط ضابط يعلق عليه آماله فرآه أعظم أصحابه حماسة فوقع الكتاب القاضي بطرده وخروجه من البلاد في الصباح الباكر ثم أَنَّه أخرج إلى بيته تحت حراسة قوية. أمَّا أصحابه من الإِنكليز فقد كانوا في مدينة الزرقاء يعبون من الخمر التي أسكرت عقوبهم تلك الليلة وقد طلب من الحرس واستعطفهم أن يسمحوا له بالذهاب إلى الزرقاء لحضور حفلة وعد بحضورها وأكّد. غير أنَّهم لم يصغوا إلى توسلاتهم وفي تلك الليلة ذهب الملك إلى وزرائه المجتمعين وطلب منهم التوقيع على طرد كلوب ليصبح قانونيًا. فتردد الوزراء وظنوا أنَّ الملك مازح ولكنه غيرهم في حرم بين التوقيع على أمر الطرد أو على الاستقالة حالًا ولم يسمح لواحد منهم بالخروج من قاعة الاجتماع إلَّا بعد البت في الأمر. وهنا ظهرت لهم الحقيقة فوقعوا الأمر ولمَّا أن كان من الصباح أخرج هذا الصنم إلى مطار عمان تحت الحراسة الشديدة بصحبته غود فري وأم داود. ولم تغن عنه أمواله الطائلة التي أنفقها ولا دسائسه التي أحكم تدبيرها. وهذه الشجاعة وهذا الفلاح نتائج تحالف العرب وتكاتفهم وإن أولئك الرجال استطاعوا أن يباروا أجدادهم الذين حاربوا أجداده الصليبيين.