الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا لأول مرة تجهز الحكومة حجاجًا يحجون على نفقتها.
ولمَّا كان في 17/ 12 من هذه السنة الموافق للإِثنين أُقيم في مدينة جدة استعراض رائع للجيش وكان يرأس هذا الاستعراض القائد الأعلى للجيش العربي السعودي الملك بنفسه بلباس رسمي عسكري ونحن نذكر ذلك الاستعراض على حسب الرواية فنقول وبالله التوفيق.
ذكر استعراض الجيش السعودي
لمَّا كان في غسق الليل من اليوم المذكور إذا بالأمة تنتظر نور السماء لمشاهدة الجيش السعودي وقد بدا يتدفق جموع الأمة من هنا وهناك لمشاهدة فرق الجيش تتبدى كوكبًا فكوكبًا وكان الميدان المعد لذلك في شرق خزام بمدينة جدة وكان قد أعد للمدعوين من الأمراء والعلماء والسفراء وممثلي الدول العربية والإسلامية ورؤساء البعثات سرادق فخم كبير يسع لأكثر من ثلاثة آلاف من المدعوين ليشاهدوا الاعتزاز في رحاب السياسة وأروقة الفهم والإدراك أنَّ الجيش سند وعماد ودرع ترس ووقاء هو الذخر في ميدان النضال، وهو الجبروت في لغة الحروب. فكانت الموسيقى ترن في القلوب وتعصف بالعقول ليس فيها حنان وتلهب الشجاعة وتبعث الحركات الحربية بينما وزير الدفاع والطيران مشعل بن عبد العزيز الذي هو كأسمه يقوم بتوجيه الاستعراض والإشراف عليه إذا بالملك يتبدى على الجموع المحتشدة في تمام الساعة الحادية عشرة إلَاّ ربعًا من صباح اليوم المذكور ثم ابتدأ العرض.
وفي الساعة الحادية عشرة فاشرأبت الأعناق وازدحمت المناكب وشخصت العيون والتهبت الأكف وكان الملك يرد على هذه التحايا في فرحة وتواضع وقد أخذ الطبيب التونسي أحد ضباط الجيش يذيع على جموع الشعب الغفيرة تحركات العرض خطوة خطوة في إلقاء رائع جميل
على النحو الآتي: بينما تطلق المدفعية تحاياها بإحدى وعشرين طلقة.
أولًا: الفرق الموسيقية الثلاث وتأخذ مكانها في وسط الميدان حيث يستمر عرضها على نغمات مختلفة طويلة ساعات العرض المتواصل ثم مجموعة الأعلام يحملها الجنود البواسل وفي خطوهم معنى التضامن والإِخاء وتتبعها تلامذة المدارس مدرسة العسكرية مدرسة الطيران مدارس الجيش للأسلحة المختلفة وكذلك وحدة من وحدات الحرس الملكي يشعرون بمعنى التفاني والإِخلاص نحو قائدهم الأعلى ثم ثلاثي سلاح المشاة يحملون بنادقهم وفي خطوهم الأنفة. والصمود.
ثانيًا: الطائرات سرب يتلوه سرب تقارب تباعد ارتفاع وانقضاض أزيز ووعيد قصف وهلاك.
ثالثًا: البوليس الحربي بدراجاته يعطيك معنى من معاني الرقابة والحذر ثم الأسلحة المساعدة للمشاة إنَّها من طراز جميل ممتاز. أمَّا سلاح الإِشارة فهذه التلفونات الخاصة بالميدان وآلات اللاسلكي الضخمة أنَّها تعبر عن دقة الاستعداد لمستلزمات الصراع والتقدم والكفاح. أمَّا فوج الاستطلاع فكله يقظة وانتباه ثم عرضت المدرعات الثقيلة التي هي أجمل كل شيء وأجمل ما فيها فخامتها إلى جانب ما تحمله من ذكريات خالدة لشهداء فلسطين أولئك الذين بذلوا أرواحهم في سبيل الإِسلام والعروبة ضد الطغيان وتحمل أسماء الدول العربية الشقيقة واسم منصور الأول مؤسس الجيش العربي السعودي وزملائه أمراء البيت المالك الذين أدوا من خدماتهم ما جعلهم في سجل الخالدين. أمَّا المدفعية فهي سلاح الصمود في الميدان تدك في قسوة لا ترحم ولا تلين إنَّها الفناء للعدو والوفاء للعرين. ثم عرضت سرية النقل والتموين تلاحق الجوعان والعطشان وهو في جهاده قدما كما أنَّ الوحدات الصحية ترى في العرض تجبر الكسير وتضمد الجروح وتواسي
المألوم وتريح المكدود، ثم أسلحة الصيانة في ختام هذا العرض ورش ضخمة هائلة وجرارات سريعة متكاثرة وونشات وسيارات إسعاف. إنَّه سلاح كامل العدة والعدد وله مكانة مرموقة.
ثم يأتي دور أهل الرياض فيتقدمون في الميدان ويقول المذيع عنهم: تتقدم فرقة أهل الرياض الذين قال الله فيهم وأمثالهم: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} هؤلاء أخذوا طبولهم يقرعون والسيوف مسلولة في ميامنهم كأنَّها شعل النَّار يبلون واجب الوطن ويسعون في سبيل إنهاضه، ويدخل فيهم أهل القصيم يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود قائد حرس الخويا فشقت الحناجر بالهتاف وتقدم العرض الثاني سمو الأمير عبد الله الفيصل وزير الداخلية، فالتهبت الأكف بالتصفيق وهكذا جعلت الأمة تصفق ساعة في حماس بالغ ومعنوية كبيرة ثم أنَّه تقدم الإِخوان وجاء دور أهل الجهاد بملابسهم البيضاء وعمائمهم التقليدية الجميلة فبينما الجو هادئ إذا بالمذيع يقول عنهم: تتقدم فرقة الإِخوان الذين فضلهم لا ينكر يشهد لهم التاريخ بالفتوحات الإِسلامية والمقامات الدينية فتقدموا في ثيابهم الناصعة البراقة يحملون أمهات خمس القصار وقد شدوا على أوساطهم الحزم الخرطوشية مملوؤة بأمشاط الفشق وهؤلاء الجيش الأبيض يبلغ عددهم ثمانية عشرة ألفًا أنَّهم الجيش الغاشم الذين لا يوقف في طريقهم وكان لرؤيتهم روعة عظيمة فسمع لهم لجبه تنهدُّ لها الجبال كان الفوج الأول يتلو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} . أمَّا الفوج الثاني فينادي: خيال التوحيد أخو من أطاع الله، والفوج الثالث ينادي: هبت هبوب الجنة أين أنت يا باغيها. ولقد أحدث اعتزاؤهم هزة عظيمة وكانوا على استعداد تام فوري للبذل والتضحية والفداء وكان المجاهد منهم يرفع البندقية برؤوس أصابع يده اليمنى في وسطها فتكون دوارة. وقد أحدث استعراضهم هزة عظيمة في القلوب أولئك البدو الذين رعبت هيبتهم جميع