المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

سرى نعيه في الأرض حتى اقضها … وطاف بها لون - تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان - جـ ٥

[إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن]

فهرس الكتاب

- ‌ثم دخلت سنة 1373 ه

- ‌ذكر مرض عاهل الجزيرة وفقيد العروبة

- ‌مصاب أليم والبقاء لله وحده

- ‌بلاغ رقم (1):

- ‌الأمة الإِسلامية تنعي فقيدها الأعظم

- ‌بلاغ رقم (2):

- ‌الصلاة على صاحب الجلالة الملك الراحل

- ‌طاعته وعبادته

- ‌تجرده ونهضته

- ‌غزواته وجهاده

- ‌حلمه وعفوه

- ‌حزمه ومقدرته

- ‌شفقته على الرعية

- ‌ذكر عدلة وإنصافه

- ‌كرمه وجوده

- ‌أخلاقه وبراعته

- ‌سطوته وشجاعته

- ‌لباسه وسجيته

- ‌ذكر حالاته الزوجية

- ‌ذكرى أنجال الملك عبد العزيز

- ‌ذكر قواته وذخائره

- ‌مقدمة

- ‌بيعة أهل مكة

- ‌بيعة أهل القصيم

- ‌الوفود والتعازي

- ‌أمر ملكي كريم

- ‌مرسوم ملكي

- ‌مرسوم ملكي

- ‌وفاة عالم كبير

- ‌ذكر صبره واحتسابه

- ‌ذكر مشائخه وتلامذته

- ‌ذكر الوظائف التي نالها

- ‌مكانته في العلم

- ‌ذكر أخلاقه وشمائله

- ‌اشتراك مديرية المعارف السعودية في مؤتمر وزراء معارف الدول العربية

- ‌تأسيس المعهد العلمي ببريدة

- ‌المساواة في المراعي

- ‌عدوان اليهود وفسادهم

- ‌جمال عبد الناصر يعبر عن العرب

- ‌تبرعات الملك لتعمير قرية قبية المنكوبة

- ‌تتويج ملك العراق

- ‌وفود تفد على الملك

- ‌زيارة حاكم باكستان

- ‌افتتاح محطة الكهرباء في مكة المكرمة والمسجد الحرام

- ‌مجلة الرياض

- ‌مؤسسة النقد العربي السعودي

- ‌سياحة الملك وجولته

- ‌احتفال أهل القصيم

- ‌العناية بشؤون الدين

- ‌تحويل مديرية المعارف إلى وزارة

- ‌حوادث وأخبار

- ‌زيارة الملك للبحرين وباكستان

- ‌إعانة الملك للفقراء لأداء الحج

- ‌ذكر استعراض الجيش السعودي

- ‌ثم دخلت سنة 1374 ه

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌ذكر شيء من التعريف بجمال عبد الناصر وأخباره

- ‌جلاء الإنجليز عن مصر

- ‌جولة وكيل وزير المعارف الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن حسن آل الشيخ

- ‌سياحة الملك

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌حلف نوري السعيد

- ‌ذكر ما جرى في مشكلة البريمي

- ‌اعتداء أثيم

- ‌جواب الملك للشعب

- ‌ذكر استنكار العالم لسياسة بريطانيا

- ‌تحمس أهالي المنطقة الشرقية

- ‌ذكر المدارس والمعاهد ومراحل التعليم

- ‌فتح مدارس بالقصيم

- ‌حفل يقام بمدينة الرس من أعمال القصيم

- ‌ذكر الاحتفال لإِكمال عمارة مسجد المصطفى في المدينة المنورة صلوات الله وسلامه عليه

- ‌النهضة الثقافية في نجد

- ‌عمارة المسجد الحرام سنة 1375 ه

- ‌إسناد الرئاسة إلى جمال عبد الناصر

- ‌المهرجانات الكبرى بعيد الجلاء

- ‌إصلاح أخلاقي

- ‌جهاد الجزائر لفرنسا

- ‌مفاسد حلف نوري السعيد

- ‌الفيضان في الهند وباكستان

- ‌ثم دخلت سنة 1376 ه

- ‌ذكر قناة السويس وما نال مصر بشأنها

- ‌اجتماعات ومفاوضات

- ‌زيارة الشاب ملك العراق

- ‌زيارة البانديت جواهر لال نهرو

- ‌غدر اليهود وأمور تحاك في الباطن

- ‌ذكر ضرب مصر سنة 1956 ميلادي

- ‌قطع العلاقات السياسية مع بريطانيا وفرنسا

- ‌إمارة محمَّد بن بتال في القصيم

- ‌أمطار تجتاح القصيم وتهدم البيوت

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌ سليمان المشعلي

- ‌ذكر الوظائف التي نالها

- ‌أخلاقه وشمائله

- ‌وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ عبد الرحمن بن سعدي عالم عنيزة وفقيهها

- ‌أخلاقه وتواضعه

- ‌مؤلفات الشَّيخ

- ‌دور الأيتام

- ‌ممن توفي فيها من الأعيان الشيخ فيصل بن مبارك

- ‌مشائخه وتلقيه للعلم

- ‌مكانته في العلم ومؤلفاته

- ‌التضحية بالأموال

- ‌عيون تنبع في القصيم

- ‌عمارة المسجد الجامع ببريدة

- ‌ذكر تنازل الشيخ ابن حميد عن قضاء بريدة

- ‌ذكر زيارة ملك العراق وما جرى بعدها

- ‌ذكر مصرع الملك فيصل بن غازي 1377 هـ وقتل ولي عهده ونوري السعيد وإعلان العراق جمهورية

- ‌ذكر أشياء عن المملكة العربية السعودية

- ‌ذكر الأفعال الوحشية التي تعامل بها الجزائر من فرنسا

- ‌القمر الصناعي

- ‌عمارة الكعبة عام 1377 ه

- ‌الوحدة بين مصر وسوريا

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌وفاة رئيس القضاة

- ‌ذكر أخلاقه الزاهرة وصفاته الباهرة

- ‌سد وادي حنيفة

- ‌نشاط الحركة الزراعية

- ‌بريدة جنة فيحاء ولكنها مجهولة

- ‌استدراك:

- ‌بيان عن حج الماضي والحاضر

- ‌شركة كهرباء بريدة وضواحيها

- ‌زيارة ملك الحبشة

- ‌ذكر زيارة الملك سعود للقصيم في هذه السنة

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌بيان عن الصهاينة ومشكلة الشرق الأوسط

- ‌الحرب بين الجزائر وفرنسا

- ‌ثم دخلت سنة 1381 ه

- ‌وقف الحرب في الجزائر

- ‌استقلال الجزائر

- ‌تأسيس الجامعة الإِسلامية في المدينة

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌إضاءة مدينة بريدة بالكهرباء

- ‌وفاة رجل من الرجال والرجال قليل

- ‌سفر الملك سعود لأوروبا

- ‌ثم دخلت سنة 1382 ه

- ‌حادثة

- ‌خسف حوالي بلدة المذنب

- ‌ثورة في سوريا

- ‌ثورة العراق

- ‌هزة في إيران

- ‌البقاء لله وكل شيء هالك إلَّا وجهه

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌وممن توفي فيها من الأعيان في مدينة بريدة

- ‌تنبيه

- ‌ثورة السلال في اليمن

- ‌من هو عبد الله السلال

- ‌صفة الإنقلاب

- ‌ذكر تطويق القصر

- ‌محمد البدر حيّ يرزق

- ‌جلالته يشكر مجلس الوزراء السابق

- ‌تعبيد جبل كراء

- ‌تعبيد طريق الرياض

- ‌قدوم الملك سعود

- ‌وفاة أمير عفيف

- ‌صفاتة الخلقية

- ‌ثم دخلت سنة 1383 ه

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌حادثة من الحوادث

- ‌تكذيب خبر

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌خدمات الفقيد

- ‌زيارة الملك لمصر لحضور مؤتمر القمة العربي

- ‌إسناد الأمر إلى ولي العهد

- ‌ثم دخلت سنة 1384 ه

- ‌ولاية الملك فيصل بن عبد العزيز

- ‌حادثة غريبة

- ‌هزات أرضية

الفصل: سرى نعيه في الأرض حتى اقضها … وطاف بها لون

سرى نعيه في الأرض حتى اقضها

وطاف بها لون من الحزن يكمد

نعاه ضحى الاثنين لا كان من ضحى

فكل ضحى قد حالف الحزن أسود

فلم يبق من لم يحترق لوفاته

ولم يبق من لم يخترمه التوجد

سل الجود كم أعطى وصدق واثقى

وكم من يد أسدى تنافسها يد

سل العفوكم قد صير الخصم مخلصًا

وماتت به كل السخائم والحقد

وكم قد عفى وهو القدير على الأذى

ولكن نفس الحر بالعفو تسعد

وكم من صفات فيه كانت كريمة

سيذكرها في الخالدات له الغد

عليه من الرحمن رحماته التي

يفوز بها العبد الشكور الموحد

وقد أطنب في المديح ولما أن ذكر صفات الراحل أخذ في مديح اللاحق فقال:

وإنك أنت اليوم عاهل أمة

تناهت ولاء منك والله يشهد

تعهدتها بالصالحات ومن يكن

لامته يومًا يذبها التودد

لها منك عطف سابغ وتعهد

ومنها لك الحب الوطيد المؤكد

وما الملك إلَّا العطف والعفو والتقى

بذلك أوصانا النبي محمد

وكم أسر العطف القوب وكم عنا

له كل جبار فغيظ الهند

فسر نحو ما تصبو وأنت موفق

وشعبك للحب المقيم يجدد

يمينك في مسعاك فيصلك الذي

هو اليوم في دنيا السياسة سيد

ولدت مع الملك العظيم سعوده

وإنك أنت اليوم فيه المقلد

يباريك منَّا الحب فاستكمل الذي

بناه العصامي الفقيد المخلّد

‌مقدمة

وقال الأستاذ المعروف ضياء الدين رجب عضو مجلس الشورى هذه المرثية الرائعة التي جادت بها قريحته:

لا ينطوي المجد يا صمصامة العرب

ولا يقيم الهدى في غمرة الحقب

ص: 60

صنعتها أمل التاريخ ناطقة

عظائما أن تغب والله لم تغب

سباقة ركزت في الشهب رايتها

أعظم به موكبًا في داره الشهب

ست وسبعون قد أودعتها حقبًا

ضاقت بها سير الأجيال في الكتب

موصولة بالمعاني الغر واصلة

مجد العروبة والإسلام في النسب

توحدت هدفًا واستنجزت أملًا

كنت المناط له في وحدة العرب

هذي ظلال المنى في الخلد وارفة

زمرًا يقول لم أسلفت من قرب

وذي جموع الأسى أورثتها حرقًا

ما بين مضطرم واه ومضطرب

تلفتوا ولهول الرزء جلجلة

وللفجيعة فتك السمر والقضب

واستنطقوا مجدك الغالي فطمأنهم

منك الصدى في وريث الملك والحسب

شاموا محياك طلقًا في طليعته

شاموا النجابة في أعراقها النجب

تنوروك فما أقصتك قاصية

ولا دلجت بك عنهم غفوة الحجب

هذا سعودك هذا سر مُنَجّبُه

ابن نماه إلى الأمجاد خير أب

ورثته يقظة الراعي وحكمته

وإنها في الجهاد الحر والدأب

وفي العدالة والرحمن ما جمعت

لا في المظاهر والألقاب والرتب

فكان ما شئت آمالًا وتوصية

وذاك مرجي الأماني البيض عن كثب

والفيصل العضب قد كانت ولايته

للعهد أجمل مأمول ومرتقب

نجم السياسة لا زيف ولا ملق

الواصل الأرب المرموق بالإرب

فيا سعود عزاء العرب قاطبة

ما قد وليت من الأعباء والنصب

ومن يفز برضاء الله يكلؤه

رضاه ثم رضاء الوالد الحدب

فطيب الله مثواه ومرقده

بواكف الرحمات الهاطل السكب

وهذا آخر ما أردنا إيراده من القصائد التي رثي بها وقد تركنا غالبها خشية الإِطالة. ونرجع إلى ما نحن في صدده فنقول: لما كان في عصر يوم وفاة الراحل العظيم استقبل صاحب الجلالة الملك سعود بن عبد العزيز بالقصر الملكي بالطائف وفودًا كثيرة من مختلف الطبقات لتقديم تعازيها لوفاة

ص: 61

الرجل ورفع تهانيها لجلالة الملك الجديد ومبايعته على السمع والطاعة.

وفي صباح يوم الثلاثاء 3 ربيع الأول حضر إلى القصر الملكي العامر بالطائف قواد الجيش وضباطه وموظفوه وعلى رأسهم حضرة صاحب السمو الملكي الأمير وزير الدفاع والطيران حيث تشرفوا بمقابلة جلالته وأقسموا له يمين الولاء والإِخلاص والطاعة. وهذا نص اليمين التي أقسم بها مشعل "أقسم بالله العظيم أن أخلص في جميع أعمالي لجلالة الملك سعود ملك المملكة العربية وأن أكون مطيعًا في إنفاذ أوامر جلالته وصادقًا وأمينًا في واجباتي الرسمية. والله على ما أقول وكيل".

فأجابه جلالة الملك بهذا الجواب الموجه إليه وإلى ضباط الجيش: "إنَّ ثقتي بالله ثم بك يا مشعل. وأنا لا أعتبرك أخًا بل وابنًا من أبنائي. وكل ما يهمني هو أن أرى جيشنا العزيز بفضل مجهوداتك الموفقة ومجهودات هؤلاء الضباط ورجال الجيش السعودي الباسل على أحسن ما أرجوه في حياتي. سيروا على بركة الله. وسأذلل لكم بحول الله جميع الصعاب التي تصادفكم. والله ولي التوفيق".

ولمَّا كان في وقت شروق الشمس من يوم الأربعاء 4/ 3/ كان مطار جدة غاصًا بجموع المستقبلين الذين قدموا لاستقبال حضرة صاحب الجلالة الملك الجديد وكان في مقدمة المستقبلين صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن فيصل وسمو ولي عهد اليمن وكبار رجالات الدولة وكبار الشخصيات العربية والأجنبية وجماهير غفيرة من رجال الشعب. ثم إنَّه امتطى ومن معه الطائرات من مدينة الطائف وحلقت في الساعة الرابعة ونصف في سماء جدة الطائرات الملكية تقل حضرة صاحب الجلالة وصاحب السمو الملكي ولي العهد وأصحاب السمو الأمراء. وقوبل بالهتاف المدوي بحياة جلالته من الجماهير المحتشدة.

ص: 62

ولمَّا أن نزل من الطائرة تشرف المستقبلون بالسلام عليه ثم استقلَّ سيارته المكشوفة بين ترحيب وهتاف من الجميع من مطار جدة إلى قصره الملكي الذي كان زاخرًا بالأمة الذين قدموا للسلام والتعزية والتهنئة له بتوليه عرش المملكة. ولما كان في عصر ذلك اليوم قدم سماحة المفتي فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ على رأس وفد من الرياض يتقدم الوفد أصحاب الفضيلة العلماء للسلام على الملك سعود وتقديم مسنون التعزية له في فقيد البلاد وتهنئة جلالته بتقلده شرف إمامة المسلمين. وبعدما حصلت المقابلة في وقت كان المجلس فيه غاصًا بحضرات أصحاب السمو الملكي أمراء البيت المالك والعلماء ورؤساء القبائل والوزراء وكبار موظفي الدولة وقواد الجيش والأمن العام تكلم الشيخ محمد بن إبراهيم موجهًا الكلام إلى صاحب الجلالة فقال: بايعتك بيعة قبول ورضاء على أن أسمع لك وأطيع على دين الله ورسوله من حماية حوزة الدين وتحكيم الشرع المطهر وإقامة العدل وإنصاف المظلوم والقيام بحقوق الأمانة. والله على ما أقول وكيل.

ثم تلاه إخوته وأنجاله ثم بقية العلماء من بينهم الشيخ محمد بن الشيخ حمد بن فارس.

ثم تلاهم الجميع على مثل بيعة المفتي الأكبر.

وقد تقبل البيعة جلالته بالتقدير وعلق عليها بأنَّه يستعين بالله وحده في تحمل هذا العبأ الكبير لخدمة أمته وشعبه في دينهم ودنياهم وأنَّه يتشرف برعاية هذين الحرمين ورعاية الشعب السعودي في كل أنحاء هذا الوطن الشاسع. ووالى عليهم قوله: "بأنني أرجو وآمل من الله تعالى المطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور أن يوفقني لإحقاق الحق وإزهاق الباطل" إلى آخر كلامه.

فأقام في جدة حتى عصر الخميس 5/ 3 وقد كانت غاصة بالأمم على

ص: 63

اختلاف طبقاتها. ولما أن كان في الساعة العاشرة والنصف تحرك ركابه على السيارة الملكية الخاصة في موكب مهيب من جدة ميممًا مكة المكرمة تحف بسيارته دراجات الحرس النارية وسيارات الحرس العسكرية يرافقه ولي العهد وأمراء البيت الملك ويتبعهم رجال الديوان الملكي والحاشية الكريمة على رتل طويل من السيارات.

وقد ودع في جدة بحفاوة فخمة.

هذا وقد كانت الجماهير الحاشدة على جانبي الطريق من قصر جلالته بجدة إلى مكة المكرمة تحييه وتهتف بحياته. وكان قد وفد إلى القصر العالي بمكة في الساعة الثانية والنصف من صباح يوم الجمعة 6 ربيع الأول رئيس القضاة فضيلة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ وفي معيته معاونوه وأعضاء رئاسة القضاء ورئيس المحكمة الكبرى بمكة المكرمة والقضاة الشرعيون للسلام عليه مؤكدين لجلالته البيعة المسنونة.

فاستقبلهم بالترحيب والإِكرام وحادثهم بما هو معهود فيه من اللطف والبشر.

أمَّا ما كان من دخوله مكة المكرمة تلك الليلة فإنَّ أهالي مكة لما علموا بمسيره من جدة أقفلوا دكاكينهم وأبطلوا حركة الأعمال واندفعوا بجموعهم الحاشدة كالسيل المتدفق إلى ظاهر مكة المكرمة فاحتشدوا على جوانب الطريق التي يمر فيها إلى المسجد الحرام ومنه إلى القصر الملكي العامر بأعلى مكة بحيث لم يبق موضع شبر في جوانب هذا الطريق خاليًا من الجماهير.

ولمَّا أن دخل مكة بين ذلك التصفيق المدوي في الفضا مصحوبًا بالهتاف الذي يشق عنان السماء أدت الجنود المصطفة هناك التحية العسكرية وعزفت الموسيقى العسكرية وأطلقت مدفعية مكة إحدى وعشرين طلقة وكان حينئذٍ

ص: 64