الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعتبارًا من تاريخ تبليغه: ثم أذاعت المديرية العامة للإِذاعة والصحافة والنشر البيان الآتي: بالنظر للاعتداء الصارخ الذي قامت به إنجلترا وفرنسا على الشقيقة مصر بدون مبرر على الاطلاع في حالة كونها ضحية للاعتداء الإسرائيلي فإنَّ الحكومة العربيَّة السعودية أصدرت أوامرها إلى الجهات المختصة بمنع شحن وتموين جميع السفن الإنجليزية والفرنسية وأيضًا الأخرى التي تتجه بحمولتها إلى هذين البلدين من جميع منتجات البترول السعودي. كذلك أذاعت الإذاعة السعودية بلاغًا رسميًا من وزارة الدفاع السعودي أنَّه تحرك الجيش السعودي إلى الأردن وهو الآن على وشك الدخول إلى الحدود الأردنية.
إمارة محمَّد بن بتال في القصيم
لمَّا كان في يوم الخميس 20/ 3/ 1376 هـ قدم الأمير محمَّد بن عبد الله بن بتال المطيري أميرًا في منطقة القصيم ونقل صاحب السمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد إلى إمارة الحدود الشمالية. وقد صدر الأمر الملكي بتعيينه هناك بعد إلغاء محافظة خط الأنابيب وربط المراكز التي كانت مرتبطة بهذه الحدود به. وكان عبد الله بن عبد العزيز هو أمير بريدة قبل ذلك فقد قضى عشر سنين فيها فرحل إلى عرعر بعدما أدى واجبًا في أعماله، وقد اشتهر بالعدل والإنصاف فلا يطمع القوي بالتزلف إليه ولا الضعيف يخاف من حيفه هكذا وصفه بعض المواطنين فهو الأمير الأمين في نفسه والنزيه في أخلاقه ومعاملته وقد سجل له التَّاريخ صحيفة بيضاء ولأخلاقه الكريمة وأفعاله الحميدة فلا يحمل الحقد ولا يستطيع الواشي أن يوحي بكلمة نحوه تستثيره. وبكل حال فإنَّ مدينة بريدة قد خسرته فلا حول ولا قوة إلَّا بالله.
وفيها بعثت الحكومة إلى منطقة الظفير هيئة مكونة من ثلاثة أعضاء
للتفتيش على مدارس القرعاوي هناك وقد سبق في عام 1372 هـ مثل ذلك والباعث لهذا التفتيش هو أنَّه قد وشى به بعض الحساد المغرضين بإدعاء أن غالب هذه المدارس التي يزعمها ولا أساس لها وقد شوش عليه أعداؤه وحاولوا إبطال غالب هذه المدارس بشتى الحيل فرأت الحكومة أن تبعث إليها هيئة للكشف عنها والوقوف على حقيقتها: إن الشَّيخ عبد الله بن محمَّد القرعاوي والحقُّ يقال رجل طيب ومن المخلصين الناصحين لله ولرسوله ولحكومته وشعبه، وقد صبر على نشر دعوة الحق وصابر الأعداء محتسبًا لله تعالى فقد كان في بلدته عنيزة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويعلم ويرشد ثم سافر إلى الرياض لطلب العلم فمكث بها ما شاء الله أن يمكث ثم رحل إلى الهند لطلب العلم وأقام مدة هناك ثم قدر الله له أن يذهب إلى مقاطعة جيزان جنوب المملكة العربيَّة السعودية فقام هناك يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وأسس مدارس في صامطة والجرادية وبذل ما يملكه من المال في هذا السبيل ثم فرق من هذه المدارس المعلمين على بقية القرى التابعة لجيزان وجعلهم أئمة للمساجد ومعلمين في العقيدة ومرشدين بالأسواق ومجامع النَّاس.
وكانت الحكومة تسمع عن هذه المدارس وترسل المساعدات المالية متوالية إليها ولمَّا اتسعت المدارس وتحقق الملك سعود حفظه الله من معلوماتهم وكان إذ ذاك ولي عهد صرف لهم رواتب شهرية من مصروفه الخاص تسلم بيد الشَّيخ القرعاوي يوزعها على المعلمين والمتعلمين على حسب درجاتهم وحاجاتهم ويصرف منها على الطلبة الغرباء المحتاجين ويجهز المدارس بالأدوات المدرسية من دفاتر وأقلام وقد وافق عمله قبولًا من الأهالي ولمَّا أن تولى سعود وتوسع في نشر العلم ومساعدة المعلمين والمرشدين وبذل في ذلك المال الكثير فتح القرعاوي معهدًا علميًا بصامطة فرعًا لمعهد الرياض وفتح المدارس في القرى والبوادي من نجران إلى
الطائف ومن الموسم إلى جدة ما يزيد عن ألفي مدرسة ونثر المال على المعلمين والمتعلمين وبنى المدارس والمساجد واشترى الكتب والمصاحف وطبع بعض الرسائل النافعة على نفقته لتوزيعها عليهم وعين في كل جهة وكيلًا يراقب سير هذه المدارس ويوزع عليهم الرواتب وقد كان يشتري السيارات للمراقبين المتجولين وكان قبل ذلك يشرف بنفسه ممتطيًا الحمر. وقد حدثني الأخ الشَّيخ عبد الرحمن بنْ عبد الله بن طرباق وكان تولى الإِرشاد هناك في ضمن الذين بعثتهم الحكومة ثم تولى القضاء في إحدى مدن تلك الجهات قال: كان الشَّيخ يتجول على مدارسه ويتفقدها ويشرف عليها ممتطيًا الحمر ولا يمل الصعود والنزول في تلك الجبال حتَّى تكسرت حوافر الحمر ودبرت ظهورها أي أصابها دبر من كثرة الذهاب والإِياب، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا. وسيجد هذه الدعوة في ميزان حسناته. وجميع هذه المصروفات باشتراك مندوب من وزارة المالية وكان من ثمرة هذه النهضة أن قام عدد من المتعلمين بمؤازرة القرعاوي ومنهم من تولى القضاء والوعظ والإِرشاد ومنهم أئمة مساجد ومنهم رؤساء هيئات وكتاب محاكم. فقام أناس ضده يقولون: لا يمكن تصور هذا وكيف يزيد المعلمون عن ثلاثة آلاف والمتعلمون عن ستِّين ألفًا وأن هذا ليس بمعقول. وكثر القيل والقال وهذا البلاء قديم وجوده وهو الوقيعة وتشويه السمعة فرأت الحكومة بعث هيئة للكشف عن هذه الحقائق والنظر في تلك المشاكل وأقول أنا بصفتي أحسن الظن بالشَّيخ القرعاوي وأقدر أعماله وانظر إليها بعين الاحترام والتشجيع: أنَّه يستحق الشكر على أعماله التي قام بها وألوم الذين قاموا ضده وذلك نظرًا إلى ما يتطلبه الموقف من النفقات والأجور والخسائر، وكنت أظن أنَّ الهيئة بررت موقفه وظهرت فضائله والعاقبة للمتقين. وستأتي ترجمته في سنة وفاته إن شاء الله تعالى.