الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القمر الصناعي
في هذه السنة اخترعت روسيا قمرًا صناعيًّا يضاهون به القمر الدوار في السماء بزعمهم وكان إطلاقه في ليلة الجمعة 2 ربيع الثاني 1377 هـ 25 أكتوبر 1957 م. وهذا من آيات الله حيث تجد أناسًا في غاية المهارة والذكاء في المخترعات وعلوم الكيمياء والطبيعة ونظام الكون ومع ذلك لم ينتفعوا بعقولهم في أظهر الأشياء ولم يهتدوا بها إلى أجلِّ المعارف وهو معرفة الله بأسمائه وصفاته ومعرفة دينه ورسوله وعبوديته الظاهرة والباطنة التي علومهم كلها من أولها إلى آخرها لا نسبة لها بوجه من الوجوه. قال الله تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)} فمن تكبر على الله ورسوله وتاه بعقله وكل إلى نفسه وعقله فلم ينتفع إلَّا بأمور ضئيلة دنيوية. وهذا مصداق قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83)} .
ولله حكمة في إجراء هذه المستحدثات على يد أعدائه الدهرية الذين حاربوا الأديان السماوية وتمسكوا بقوانين اخترعوها من تلقاء أنفسهم ما أنزل الله بها من سلطان ولما ترقت معارف الناس في العلوم الطبيعية والكيماوية فوصلوا إلى علم الكهرباء واستخدامها من المواد الأرضية والمائية والنارية وغيرها من المواد المتنوعة والمخترعات الباهرة وحققوا علمها وفرعوا أعمالها ونتائجها بعدما اتقنوا أصولها وفرعوا أعمالها ونتائحها تارة بعد تارة ونجحت أنشأوا السيارات والطائرات والراديو واستخدموا الكهرباء للإِضاءة ودفع السفن البرية والفضائية وتبليغ الأصوات وإيصالها إلى المواضع البعيدة الشاسعة في أسرع من لمح البصر فمن العجائب اختراع الكهرباء تارة تستخدم للطبخ وتارة لتجميد الماء وتثليجه وتبريده وتارة لتسخينه وتارة لتبريد الجو وتارة لتدفئة الأمكنة والمواضع وتسخينها وتارة للتغسيل وأخرى لتسجيل الكلام وغير ذلك من تكبير الأصوات والمصالح
التي لم يتوصل إليها المتقدمون في غابر الزمان بل لم تزل حقيقة الكهرباء ونتائجها الباهرة وأعمالها العجيبة في طي الخفاء والكتمان حتى ظهر المتأخرون على هذا العلم العظيم والكنز الثمين وإنَّ هذه المخترعات الناشئة عن الكهرباء يخبر بها الرسل عليهم الصلاة والسلام وتظل الأفكار حائرة بها كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يطير الحديد". وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل فخده ونعله ويخبره عصاه بما فعل أهله". وقوله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس وحتى يكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله"(1). ويقول الله جلَّ ذكره: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42)} .
وأخبر عن تقارب البلدان في آخر الزمان وغير ذلك في أمور الغيب وقد تقاربت البلدان ووقع ما أخبر به الهادي الذي لا ينطق عن الهوى وذلك بواسطة التلغراف اللاسلكي وجهاز الراديو والتلفون الهوائي وأصبح من في مشارق الأرض يكلم من في مغاربها، ولا غرابة أن يعلم الناس بخروج الدجال إذا خرج في ساعة واحدة كما ثبت في الحديث الشريف وقد استبعد المتقدمون علم الناس بخروج الدجال في ساعة واحدة وها قد توفرت المخابرات ووسائل الإِعلام وتقاربت البلدان بهذه الطائرات والسيارات واستعملت الآلة المسجلة بهذه الأشرطة حتى تمكن الرجل من أن يخبره مسجلة ما فعل أهله.
ويروي لنا التاريخ عن رئيس الجمهورية السورية شكري القوتلي لما زار موسكو وجلس مع رئيس وزراء روسيا خروتشوف جرى في محادثاتهما أن قال رئيس وزراء روسيا: إنَّكم يا معشر العرب لم تعلموا ولم تظهر لديكم علوم وسأريك شيئًا عن معلوماتنا فكشف له عن بلاد سوريا حتى رآها بين
(1) أخرجه الترمذي رقم 2181.
يديه كأنها في مرآة فمرت سيارة في أحد شوارعها فدهست صبيًّا ثم فرت فقال له اضبط الدقيقة والساعة من اليوم والشهر فأخذها.
فلمَّا رجع الرئيس إلى بلده سأل عن الحوادث فذكروا له أن منها صبيًّا أصيب بحادث سيارة وفرَّ صاحبها ولم يتوصلوا إلى معرفته فسألهم عن وقت الحادث وأخرج الورقة من جيبه فيها رقم السيارة بعد مجيئه فوجدوها وألقوا القبض عليها وعلى صاحبها بعد تعذر الوصول إلى معرفتها في بلدها.
وكذلك التنقيب عن البترول واستخراجه من بطون الأرض فلم تتوصل إليه العقول البشرية إلَّا بعد مضي مئات الألوف من السنين أمَّا عن القمر الصناعي ومركبة الفضاء فلا تنكر أن يكون دوارًا باستعماله في الكهرباء فيكون كهيئة الطائرة تسير في الجو غير أنَّه لا ركاب فيه وتوصلت العقول البشرية إلى جعله على هذه الصفة ولا مانع من ذلك. أمَّا وزنه فقد قيل عن طريق الضبط بأنَّه 184.3 رطلًا ويدور على ارتفاع نحو 559 ميلًا من الأرض ويقول الخبراء: بأنَّه على بعد 65 درجة من خط الاستواء وهذا بزعمهم يجعله فوق كل المعمورة تقريبًا.
استطردت بعض الصحف في صفة إطلاقه بأنَّه لا يرى فوق أمريكا إلَّا في وضح النهار أو في ظلام الليل، وفي كلا الوقتين تكون رؤيته متعذرة ففي النهار بسبب وهج الشمس الذي يحول دون الرؤية على مثل هذ الارتفاع الكبير الذي يدور فيه القمر وهو أكثر من 500 ميل وفي الليل لا يمكن رؤيته أيضًا بسبب وقوعه في ظل الأرض والوقت المناسب لرؤيته هو عند الفجر فقط أو عند الغسق. أمَّا سرعته فنحو 18 ألف ميل في الساعة ويدور حول الأرض كما يقولون كل 96.2 دقيقة وكان من النَّاس من يقول: الفضل في ذلك للخبراء الألمانيين الذين كانوا قد استعملتهم روسيا لديها لأنَّ خبراء الألمان بعد الحرب الأخيرة كانوا قسمين قسمًا لدى الأمريكيين وقسمًا لدى
روسيا غير أنَّ روسيا تقول: إن معظم الخبراء الألمان الذين كانوا في روسيا قد عادوا إلى الآن إلى وطنهم ألمانيا ومن بقي منهم في روسيا فلا يعد وعمله القيام بالتدريس وأنَّ العلم في روسيا قد نضج واستوى وأصبح في روسيا جيل من العلماء الأفذاذ وقد قامت أمريكا تملأ الدنيا ضجيجًا ودعاية عن أبحاثها الجبارة لغزو الفضاء وأطلقت كذلك قمرًا صناعيًّا ويقدر أنَّ دوراته على ارتفاع 300 ميل فوق الأرض وأنَّه بهذا الارتفاع عرضه لئلا يدوم إلَّا قليلًا لاستهدافه للخطر بصفته لم يرتفع مثل القمر الروسي ولقد اهتزت أسلاك البرق تنشر ذلك الحدث الكبير إلى آذان الناس في كل مكان وتقبل النَّاس الخبر بين مصدقين ومكذبين وبكل حال فإنَّ ذلك واقعة تبلبلت لها الأفكار لأنَّ الدول الكبرى قد ركبها الغرور فأصبحت تنادي بأنَّها تمتلك من الأسلحة ما يجعل سلاح الدول الأخرى كل شيء عندها وهذا محفوف بالخطر الأكيد.
ولقد تأهبت الدول جميعها لتوحيد حركة القمر الصناعي وقياس سرعته وغير ذلك ثم أنَّها تكاثرت الأقمار الصناعية بعد ذلك ولقد طلب مني الشيخ سليمان بن عبد الله المشعلي الذي تقدمت ترجمته رحمة الله عليه في عام 1372 هـ أي قبل وفاته بأربع سنوات أن أتتبع كلام العلماء الموثوق بهم على حديث: "لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس وحتى يكلم الرجل عذبة سوطه". . . إلخ، وقد تقدم عن قريب ورجاني رجاء أن أنظر في كلام العلماء على شرحه والحديث رواه الترمذي وهل يصدق هذا التكليم على أشرطة التسجيلات التي حدثت أخيرًا.
وبما أنَّ الحديث رواه أيضًا الإمام أحمد والحاكم في مستدركه ورواية أحمد عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "آيات تكون قبل الساعة والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يخرج أحدكم من أهله فيخبره نعله أو سوطه أو عصاه بما أحدث أهله بعده". وفي رواية: "وتخبره فخذه بما أحدث أهله من بعده".