المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيان عن الصهاينة ومشكلة الشرق الأوسط - تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان - جـ ٥

[إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن]

فهرس الكتاب

- ‌ثم دخلت سنة 1373 ه

- ‌ذكر مرض عاهل الجزيرة وفقيد العروبة

- ‌مصاب أليم والبقاء لله وحده

- ‌بلاغ رقم (1):

- ‌الأمة الإِسلامية تنعي فقيدها الأعظم

- ‌بلاغ رقم (2):

- ‌الصلاة على صاحب الجلالة الملك الراحل

- ‌طاعته وعبادته

- ‌تجرده ونهضته

- ‌غزواته وجهاده

- ‌حلمه وعفوه

- ‌حزمه ومقدرته

- ‌شفقته على الرعية

- ‌ذكر عدلة وإنصافه

- ‌كرمه وجوده

- ‌أخلاقه وبراعته

- ‌سطوته وشجاعته

- ‌لباسه وسجيته

- ‌ذكر حالاته الزوجية

- ‌ذكرى أنجال الملك عبد العزيز

- ‌ذكر قواته وذخائره

- ‌مقدمة

- ‌بيعة أهل مكة

- ‌بيعة أهل القصيم

- ‌الوفود والتعازي

- ‌أمر ملكي كريم

- ‌مرسوم ملكي

- ‌مرسوم ملكي

- ‌وفاة عالم كبير

- ‌ذكر صبره واحتسابه

- ‌ذكر مشائخه وتلامذته

- ‌ذكر الوظائف التي نالها

- ‌مكانته في العلم

- ‌ذكر أخلاقه وشمائله

- ‌اشتراك مديرية المعارف السعودية في مؤتمر وزراء معارف الدول العربية

- ‌تأسيس المعهد العلمي ببريدة

- ‌المساواة في المراعي

- ‌عدوان اليهود وفسادهم

- ‌جمال عبد الناصر يعبر عن العرب

- ‌تبرعات الملك لتعمير قرية قبية المنكوبة

- ‌تتويج ملك العراق

- ‌وفود تفد على الملك

- ‌زيارة حاكم باكستان

- ‌افتتاح محطة الكهرباء في مكة المكرمة والمسجد الحرام

- ‌مجلة الرياض

- ‌مؤسسة النقد العربي السعودي

- ‌سياحة الملك وجولته

- ‌احتفال أهل القصيم

- ‌العناية بشؤون الدين

- ‌تحويل مديرية المعارف إلى وزارة

- ‌حوادث وأخبار

- ‌زيارة الملك للبحرين وباكستان

- ‌إعانة الملك للفقراء لأداء الحج

- ‌ذكر استعراض الجيش السعودي

- ‌ثم دخلت سنة 1374 ه

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌ذكر شيء من التعريف بجمال عبد الناصر وأخباره

- ‌جلاء الإنجليز عن مصر

- ‌جولة وكيل وزير المعارف الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن حسن آل الشيخ

- ‌سياحة الملك

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌حلف نوري السعيد

- ‌ذكر ما جرى في مشكلة البريمي

- ‌اعتداء أثيم

- ‌جواب الملك للشعب

- ‌ذكر استنكار العالم لسياسة بريطانيا

- ‌تحمس أهالي المنطقة الشرقية

- ‌ذكر المدارس والمعاهد ومراحل التعليم

- ‌فتح مدارس بالقصيم

- ‌حفل يقام بمدينة الرس من أعمال القصيم

- ‌ذكر الاحتفال لإِكمال عمارة مسجد المصطفى في المدينة المنورة صلوات الله وسلامه عليه

- ‌النهضة الثقافية في نجد

- ‌عمارة المسجد الحرام سنة 1375 ه

- ‌إسناد الرئاسة إلى جمال عبد الناصر

- ‌المهرجانات الكبرى بعيد الجلاء

- ‌إصلاح أخلاقي

- ‌جهاد الجزائر لفرنسا

- ‌مفاسد حلف نوري السعيد

- ‌الفيضان في الهند وباكستان

- ‌ثم دخلت سنة 1376 ه

- ‌ذكر قناة السويس وما نال مصر بشأنها

- ‌اجتماعات ومفاوضات

- ‌زيارة الشاب ملك العراق

- ‌زيارة البانديت جواهر لال نهرو

- ‌غدر اليهود وأمور تحاك في الباطن

- ‌ذكر ضرب مصر سنة 1956 ميلادي

- ‌قطع العلاقات السياسية مع بريطانيا وفرنسا

- ‌إمارة محمَّد بن بتال في القصيم

- ‌أمطار تجتاح القصيم وتهدم البيوت

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌ سليمان المشعلي

- ‌ذكر الوظائف التي نالها

- ‌أخلاقه وشمائله

- ‌وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ عبد الرحمن بن سعدي عالم عنيزة وفقيهها

- ‌أخلاقه وتواضعه

- ‌مؤلفات الشَّيخ

- ‌دور الأيتام

- ‌ممن توفي فيها من الأعيان الشيخ فيصل بن مبارك

- ‌مشائخه وتلقيه للعلم

- ‌مكانته في العلم ومؤلفاته

- ‌التضحية بالأموال

- ‌عيون تنبع في القصيم

- ‌عمارة المسجد الجامع ببريدة

- ‌ذكر تنازل الشيخ ابن حميد عن قضاء بريدة

- ‌ذكر زيارة ملك العراق وما جرى بعدها

- ‌ذكر مصرع الملك فيصل بن غازي 1377 هـ وقتل ولي عهده ونوري السعيد وإعلان العراق جمهورية

- ‌ذكر أشياء عن المملكة العربية السعودية

- ‌ذكر الأفعال الوحشية التي تعامل بها الجزائر من فرنسا

- ‌القمر الصناعي

- ‌عمارة الكعبة عام 1377 ه

- ‌الوحدة بين مصر وسوريا

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌وفاة رئيس القضاة

- ‌ذكر أخلاقه الزاهرة وصفاته الباهرة

- ‌سد وادي حنيفة

- ‌نشاط الحركة الزراعية

- ‌بريدة جنة فيحاء ولكنها مجهولة

- ‌استدراك:

- ‌بيان عن حج الماضي والحاضر

- ‌شركة كهرباء بريدة وضواحيها

- ‌زيارة ملك الحبشة

- ‌ذكر زيارة الملك سعود للقصيم في هذه السنة

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌بيان عن الصهاينة ومشكلة الشرق الأوسط

- ‌الحرب بين الجزائر وفرنسا

- ‌ثم دخلت سنة 1381 ه

- ‌وقف الحرب في الجزائر

- ‌استقلال الجزائر

- ‌تأسيس الجامعة الإِسلامية في المدينة

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌إضاءة مدينة بريدة بالكهرباء

- ‌وفاة رجل من الرجال والرجال قليل

- ‌سفر الملك سعود لأوروبا

- ‌ثم دخلت سنة 1382 ه

- ‌حادثة

- ‌خسف حوالي بلدة المذنب

- ‌ثورة في سوريا

- ‌ثورة العراق

- ‌هزة في إيران

- ‌البقاء لله وكل شيء هالك إلَّا وجهه

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌وممن توفي فيها من الأعيان في مدينة بريدة

- ‌تنبيه

- ‌ثورة السلال في اليمن

- ‌من هو عبد الله السلال

- ‌صفة الإنقلاب

- ‌ذكر تطويق القصر

- ‌محمد البدر حيّ يرزق

- ‌جلالته يشكر مجلس الوزراء السابق

- ‌تعبيد جبل كراء

- ‌تعبيد طريق الرياض

- ‌قدوم الملك سعود

- ‌وفاة أمير عفيف

- ‌صفاتة الخلقية

- ‌ثم دخلت سنة 1383 ه

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌حادثة من الحوادث

- ‌تكذيب خبر

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان

- ‌خدمات الفقيد

- ‌زيارة الملك لمصر لحضور مؤتمر القمة العربي

- ‌إسناد الأمر إلى ولي العهد

- ‌ثم دخلت سنة 1384 ه

- ‌ولاية الملك فيصل بن عبد العزيز

- ‌حادثة غريبة

- ‌هزات أرضية

الفصل: ‌بيان عن الصهاينة ومشكلة الشرق الأوسط

والمسلمين للصداقة والتضامن والمحبة وأن يجعل المسلمين يدًا واحدة على من سواهم.

وفيها عزمت الحكومة السعودية على فتح مدارس للبنات في بقية المدن السعودية ومن ضمنها مدينة بريدة وتقدم آل الراشد إلى مدير عام مدارس البنات بخطاب ضمنوه تقديم أحد بيوتهم فيها وتأثيثه ليكون مقرًا لمدرسة البنات المزمع افتتاحها. فشكر المدير لهم ذلك وهيأوا البيت المذكور الذي كان موقعه في قلب مدينة بريدة، ويعرف ببيت راشد الحميد.

وفيها نبعت في شمالي بريدة عين إرتوازية جديدة فوارة في موضع مزرعة سمو الأمير سعود بن هذلول. وتعتبر من أقوى الآبار الإرتوازية.

وفي هذه السنة قررت الاشتراكية في مصر عن أمر الرئيس جمال عبد الناصر واستمرَّ موضوعها هناك.

وفي هذه السنة اعترفت إيران بدولة إسرائيل وشق ذلك على العرب وعقد اجتماع في 11 صفر الموافق 4 أغسطس بمبنى الجامع الأزهر في مصر يضم علماء المسلمين للبحث في موقف الإِسلام نحو ذلك استنكارًا لاعتراف إيران بها بصفة أن العرب لم يرتضوا اتخاذ فلسطين موطنًا لليهود وأن يتخذ مهاجرًا لهم. وقد طال النقاش ونشر في الصحف والجرائد تركنا إيراده لأنَّه موجود.

‌بيان عن الصهاينة ومشكلة الشرق الأوسط

فنقول: إنَّ مقام اليهود في فلسطين ليهدد أمن العرب ويبعث الأحزان والهموم والغموم ذلك بأنَّها أمة مغتصبة وجبلت على البغي والكيد لأهل الإِسلام. قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيسَ عَلَينَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} . وقال تعالى وهو أصدق القائلين: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا

ص: 274

نَصَارَى}. كلمة صهيون اسم لليهود لأنَّها نسبة إلى جبل صهيون المشرف على مدينة القدس، ونسبتهم إلى الصهيونية فكرة لها اتجاه ديني واتجاه سياسي هدفها المباشر هو الاستيلاء على فلسطين وإعادة بناء معبدهم الديني المسمَّى هيكل سليمان وممارسة العبادة فيه وإقامة عرش داود في القدس ثانية. وأمَّا الهدف الآخر فهو الكيد للإِسلام والمسلمين والعمل على هدم كيان دين الإِسلام، فقد مزقوا المصاحف التي توصلت إليها أيديهم وهدموا منابر الخطب في المساجد التي هي بيوت الله وقد أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه وجرى منهم أذية للمسلمين كما في قصة بني قينقاع لما راود اليهودي الصائغ امرأة مسلمة على كشف وجهها فأبت فعمد إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها فلما قامت انكشفت سوأتها فصاحت فضحكوا منها فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، فحشدت اليهود على المسلم فقتلوه ووقع الشر بينهم وبين المسلمين والتجأوا إلى حصونهم. فسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن استخلف على المدينة أبا لبابة وسار معه المسلمون. فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم أشد الحصار 15 ليلة حتى نزلوا على حكمه بأنَّ له أموالهم ولهم النساء والذرية، وشفع فيهم عبد الله بن أبي بن سلول بعدما أمر الرسول بتكتيفهم

وَأَلَحَّ فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: "خلوهم لعنهم الله ولعنه معهم". فأجلاهم ولحقوا بأذرعات. وكما وقع عن يهود بني النضير لما أرادوا الكيد برسول الله صلى الله عليه وسلم حينما خرج إليهم في نفر من أصحابه ليستعين بهم في دية قتيلين منهم وقع القتل عليهما من بعض الصحابة خطأ. فكلموه كلامًا لينًا حُلْوًا وهم بخلاف ذلك وخلى بعضهم ببعض يقولون: إنَّكم لن تجدوه على مثل هذا الحال، وكان حوالي جانب جدار من بيوتهم، فعزم أحدهم على أن يلقي عليه صخرة من فوق السطح، فجاء الخبر من السماء وقام كأنَّه يريد أن يقضي حاجة فرجع إلى المدينة واستعمل عليها ابن أم مكتوم ثم سار بالنَّاس فحاصرهم وتحصنوا {وَظَنُّوا

ص: 275

أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ}. فوقع الصلح بعدما خضعوا لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يجليهم ويكف عن دمائهم وأن لهم ما حملت الإِبل من أموالهم إلَّا الحلقة وقاموا يهدمون بيوتهم حسدًا للمسلمين ويحملون أبوابها وأخشابها إلى الشام. وكذلك ما وقع من يهود بني قريظة لما انضموا إلى الأحزاب ونكثوا إيمانهم من بعد عهدهم وحاربوا الله ورسوله فحاصرهم صلى الله عليه وسلم بعدما انفك الأحزاب وهزمهم الله حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ بأن تقتل معَاملتهم وتُسْبى ذراريهم وتغنم أموالهم. فأبادهم صلى الله عليه وسلم بالسيف ودفنوا بأخاديد حُدَّثْ لهم في المدينة. وهكذا ما زالوا مشردين ومطرودين ولكنهم لا يزالون يسعون في الأرض بالفساد ويكيدون للإِسلام. وقد دخلوا فلسطين حينما كانت يسكنها الكنعانيون مع يوشع بن نون بعد أن عصوا نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم. ثم جاءهم عهد داود عليه الصلاة والسلام الذي انتصر على جالوت وجنوده الكنعانيين، وتلاه عهد نبي الله سليمان بن داود فأظهر القوة عليهم باستمرار. فهذه العادة في معاملة اليهود منذ أن وجدوا قوم لا يجدي معهم غير القوة وبها وحدها يمكن السيطرة عليهم.

وبعد وفاته دب الخلاف بينهم كما ذكره الله عنهم بقوله: {وَأَلْقَينَا بَينَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} . ولما زادوا في عصيانهم سخر الله عليهم الدول المجاورة كالأشوريين والكلدانيين وغيرهم فقضوا عليهم وشتتوا شملهم. وبعد زوال اليهود استولى الفرس على فلسطين ثم اليونان والرومان الذين طردوا بقيتهم من فلسطين وشتتوهم لسوء أعمالهم وخبث نواياهم. ولمَّا جاء الإِسلام وفتح الله الشام على يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الخليفة الراشد استسلمت اليهود ووضعت عليهم الجزية وسمح المسلمون لهم بأن يعيشوا في فلسطين رعايا مواطنين في ظل السيادة الإِسلامية. وهكذا

ص: 276

حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. ولقد كان الروس يقتلون اليهود نساء ورجالًا وأطفالًا وكانوا يشنقون الرجل وإلى جانبه رجل آخر ويشنقون بينهما كلبًا مبالغة في الاحتقار. ويروي لنا التاريخ ما صنعه بهم رئيس الحكومة الألمانية لما جمع ثلاثة ملايين من اليهود وصهرهم بأفران الغازات السامة حتى أعدم جزءًا منهم كبيرًا. ومن خبثهم ما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى في إغاثة اللهفان أنهم في العشر الأول من الشهر الأول في كل سنة يقولون في صلاتهم: (انتبه كم تنام يا رب استيقظ من رقدتك). فكيف تجرؤوا على الله عز وجل هذه الجرأة ويزعمون بأنَّ الله ندم على خلق البشر الذين في الأرض لما رأى فساد قوم نوح ويقولون: إنَّه بكى على الطوفان حتى رمد وعادته الملائكة وأنَّه عضَّ على أنامله حتى جرى الدم ولم يقبلوا التوراة ولم يخضعوا لأوامر الله استكبارًا وعتوًا حتى أمر الله عز وجل جبريل فقلع جبلًا من أصله ثم رفعه فوق رؤوسهم وقيل لهم: إن لم تقبلوها ألقيناه عليكم. وهذا مذكور في القرآن. وقد أتينا بكتابنا الدرر البهية في يوم السبت من شأنهم ما فيه كفاية. ولقد أكرمهم الخليفة العثماني عبد الحميد بن عبد المجيد لما وفدوا إلى الحكومة العثمانية ونزلوا بضيافته مطرودين من روسيا وغيرها وذلك بعدما قامت روسيا تسومهم سوء العذاب وأعملوا فيهم أشنع القتلات رجالًا ونساءً وأطفالًا. وفي سنة 1767 ميلادي حرقوهم بالنَّار وأعدموا بالحرق ألوفًا دون أن يرحموا صغيرًا أو كبيرًا ولقوا هناك الفضائع. وبهذا يتضح بطلان مزاعم ادعاءات اليهود في أحقيتهم بامتلاك فلسطين بل عاشوا مطرودين مشتتين. ذلك بأنَّهم لا يرتبطون بأي مجتمع يعيشون فيه بل كانوا دعاة فتن وأهل دسائس ومؤامرات جبلوا عليها وعاشوا طوال حياتهم بلا وطن، وتكرههم الشعوب وتنبذهم أينما حلوا. وقد انضموا إلى بريطانيا وحليفاتها خلال الحرب العالمية الأولى وقدموا لهم جميع إمكاناتهم المادية والعلمية والرشا مقابل تأسيس وطن قومي في فلسطين فوعدهم بلفور بإنشاء

ص: 277

وطن لهم في فلسطين وأخذت بريطانيا تنفذ مخططاتها لتحقيق وعد بلفور وعينت هربرت صموئيل اليهودي المتعصب كأول مندوب سامي بريطاني على فلسطين عام 1920 م فقام بإرغام الفلاحين العرب على بيع أراضيهم وأملاكهم لليهود، وبشتى الوسائل شجع اليهود من جميع أنحاء العالم للهجرة إلى فلسطين وعين عددًا كبيرًا من اليهود في المناصب الكبرى وبذلك كان بين الرماد وبيض جمر، وما أحسن ما قاله القائل:

أرى بين الرماد وبيض جمر

فيوشك أن يكون لها ضرام

فإن النَّار بالعيدان تذكى

وإن الحرب أولها كلام

فإن لم يطفها عقلاء قوم

يكون وقودها جثث وهام

فقلت من التعجب ليت شعري

ءَأَيْقَاظ أمية أم نيام

ولمَّا أن نزلوا في الدولة العثمانية جاؤوا إلى السلطان عبد الحميد بكل وسيلة واستعانوا بوزراء بريطانيا بأن يجعل لليهود موطنًا في فلسطين ولكنه رفض طلبهم واستعانوا أيضًا بسفيري بريطانيا وأمريكا على إقناع السلطان لتغيير موقفه ولكنه رفض وآخر ذلك أن منع في عام 1893 م من إقامة مملكة لليهود في فلسطين وكان لدهاء السلطان عبد الحميد لم ينخدع لتعطفات رجال بريطانيا واليهود وأصدر أوامر جديدة بمنع اليهود من شراء الأراضي في فلسطين، وحينما قال أحدهم: إنَّ عبيدك اليهود يا صاحب الجلالة مدينون لكم ولأجدادكم العظام وللشعب التركي المجيد بحسن الضيافة والمعاملة التي يلقونها، ولن ينسى التاريخ ما لقيه الشعب اليهودي من العطف والرعاية التي رأوها وهم يدعون لكم بطول العمر، لم يكترث ولم يعبأ بنفاقهم. وآخر ذلك أن قال أحدهم لما قال السلطان: هل لكم شكاية من معاملة غير عادلة كانت في مملكتنا، أجابه بخشوع ورهبة: استغفر الله يا صاحب الجلالة إن رعاياكم اليهود يتمتعون بكل طمأنينة وامتنان ولا يوجد لهم أي شكاية وكل ما هنالك أننا نسترحم منكم ولو قطعة

ص: 278

أرض رمزية تكون لهم مركزًا ويحجون إليه في ظل دولتكم وليقيموا فيه بالصلاة والدعاء والشكر لسدتكم، وآخر ذلك أن قالوا للسلطان: إنَّا نعرض على جلالتكم بأن تقدروا أن تحسبوا ما تستنسبونه من ثمن للأراضي التي تعود ملكيتها إلى جلالتكم يشرط أن يدفع اليهود بدلها نقدًا مع الزيادة مهما بلغ وارتفع الثمن من ملايين الليرات الذهبية. فثار الدم وغلا في عروق السلطان وصاح بالمتفاوضين: هل وصل بكم الأمر لتعرضا عليَّ ثمنًا لقطعة أرض عزيزة من الوطن. ولما أيسوا من مراودته ولم يخضع لمنحهم شيئًا ولم ينخدع لأطماعهم عدلوا إلى اللجوء إلى اغتياله والقيام بالمؤامرات ضده عليه. وهذا عندما فشلوا في محاولاتهم وسعوا بمؤازرة من استجاب لهم إلى خلع السلطان عبد الحميد. وفعلًا جرى خلعه بمؤامراتهم، وكانوا قد ألقوا قنبلة قبل ذلك في عربته للقضاء عليه، وذلك بعد ظهر يوم الجمعة 21 تموز عام 1905 م ولكنه قد توقف يتحدث مع أحد العلماء ويبادله بعض الحديث، فتأخر عن الوقت الذي انفجرت القنبلة فيه وسلم. ولمَّا لم يصلوا إلى غرضهم لفقوا حكايات وقصصًا يستميلون بها النَّاس وألصقوها به واستعانوا عليه بحزب الاتحاد والترقي حتى خلع وأبعد عن العرش بأن أوفد البرلمان العثماني في 14 نيسان 1909 م هيئة لإِبلاغه قرار الخلع. فأجاب عبد الحميد:{ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} . وكان قد علم بتمرد بعض الجيش وأخبره الصدر الأعظم وسألوه مقاومة المتمردين، ولكنه رفض. ولقد جدَّ اليهود واجتهدوا في أذية المسلمين وبالغوا بالعداوة. وهكذا فعل مستعمر خسيس عداوته في الدين كما قيل:

كل العداوة قد ترجى مودتها

إلَّا عداوة من عاداك في الدين

فيا أمة الإِسلام ويا أمناء العرب ويا فوارس محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه أمَّا فيكم من غيرة على وطن استلب من أربابه وتحكم فيه عدو الإِسلام أين شجاعتكم. أين شهامتكم. أين دفاع الأسود عن عرينها؟ أمَّا

ص: 279

كنتم أبناء التبابع. أما كنتم أمة العروبة؟ أما كنتم فوارس العرب المغاوير أبناء خالد بن الوليد وقتيبة بن مسلم ومحمد بن القاسم وموسى بن نصير؟ إنَّ العزة لله جميعًا ولرسوله وللمؤمنين، {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)} . ويا أيها الرجال البواسل يجب عليكم أن تفتكوا بالمستعمرين وتطردوهم عن أراضكم شر طردة وتستردوا كل ما أخذوه ثم عودوا عليهم فدكدكوا عروشهم واحتلوها وأقيموا فيها شرائع الله وعدالة دين الإِسلام. فلن يخرج هؤلاء المستعمرون إلَّا بحرب ضروس. ولن تقيموا دولة القرآن إلَّا بغزو طويل مرير. فكيف يكون وعد بلفور مسوغًا لأخذ فلسطين واستلابه من العرب فيكون ذلك الوطن السليب ملكًا لإِسرائيل نتيجة صك من إنجلترا قام به وزير خارجيتها بتصرف رجل أجنبي في أرض عربية. إنَّ هذا ليدعو إلى الدهشة على أن بريطانيا لتنظر بعين الرضا إلى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين العربية. أما كان اليهود يعرفون باليهود؟ فمن سماهم إسرائيل؟ أما كان أسطول بريطانيا يجول مياه العالم يرسو حيث شاء، فكل ميناء له مرسى، وكل بلد له تابع، وكل أمَّة له مستعبدة. واليوم هذا تحطم تاج الأسد البريطاني ونتف الزمان لبدته فتحررت الهند وعظمت الصين فصارت دولة عظمى ولم تعد بريطانيا بقادرة على شن الحرب عليها وتثاءبت إفريقيا بعد طول سبات فصارت تطارد بريطانيا. كما أن مصر قامت بزعامة الرئيس جمال عبد الناصر وأجلوا جيوش إنجلترا. وقامت العراق وتحررت منها. وتنفست الأردن الصعداء بعد طرد اجلوب والاستعمار عن ديارها. وهكذا تغير وجه الكون وحار الأسد البريطاني. وإذا كانت بقايا فلسطين مهددة من إسرائيل في اعتداءاتها على الأهالي بسفك الدماء وإخافة الآمنين وملئت السجون منهم فما هو المانع من إيقاف إسرائيل على حدها ولم لا يحل مجلس الأمن هذه المشكلة طيلة هذه الأزمان وآخر ذلك أخذ اليهود يذيقون العرب من سكان الأراضي المحتلة صنوف التعذيب والتنكيل

ص: 280