الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإحسانه وجعلهم في الوظائف الكبار وقال لهم: على ما تخسركم بلادكم وأمتكم كونوا متكاتفين ومتعاضدين فملكهم ملكًا عظيمًا بهذه الرأفة وهذا العطف وقاموا بالنصح والإِخلاص والدعاء والمديح لجلالته.
حزمه ومقدرته
كان يشرف بنفسه على كافة شؤون رعيته فكان رئيس ديوانه يعرض عليه كل صباح ومساء خلاصة القضايا وعرائض النَّاس، فلا يجرؤ أحد على ظلم أحد خوفًا من وصول الخبر إلى مسامعه وكان إذا تبين الخطأ فإنَّه يعاقب عقابًا أليمًا وكثيرًا ما يجيئه البدوي فيقول له: يا عبد العزيز اتقي الله وتراني في ذمتك فيبكي ويأمر بانتداب لجنة للتحقيق في أمر ظلامته. ولقد جعل مجلس الشورى الذي كان اسمه أول ما أقامه المجلس الاستشاري مرجعه إليه والقول الفصل فيه لجلالته وكان مهمة هذا المجلس أن يكون إلى جانب نجله فيصل ينظر في جميع شؤون الدولة صغيرها وكبيرها ويبدي رأيه فيما يجب اتباعه نحوها ثم سنَّ لهذا المجلس نظام خاص وقد نصَّ في هذا النظام أنَّ للمجلس الحق في أن يلفت نظر الحكومة إلى أي خطأ وقع في تطبيق القوانين والأنظمة وأنَّه إذا عرضت الحكومة مشروعًا على المجلس فرفضه أو عدل فيه تعديلًا لم توافق عليه الحكومة فللنائب العام أن يعيد المشروع إلى المجلس مع ملاحظات كافية لإِقناعه بوجهة نظر الحكومة فإن أصرَّ المجلس على الرفض أو التعديل السابق فالمرجع إلى الملك وحده وأنَّ للمجلس الحق في مراجعة جلالة الملك للتصديق على قراراته السابقة إذا مضت عليها مدة أشهر دون حصول الموافقة وقد أضيف إلى اختصاص المجلس بعد ذلك حق تمييز الصكوك التجارية وترقية الموظفين وتأديبهم والنظر في جميع ما تحيله إليه الحكومة من المعاملات الخاصة والشؤون الفردية الأمر الذي أثقل كاهل أعضائه حتى صار العمل فيه يوميًا. هذا من ناحية الأمور الإِدارية، أمَّا المعاملات والظلامات فمرجعها جميعًا إلى الشرع
الشريف يحكم فيه القضاة بكتاب الله وسنَّة رسوله وفق ما هو معتمد في مذهب الإِمام أحمد بن حنبل رحمه الله وكان لا يتساهل قط في الحدود فإذا علم بحادث قتل فإنَّه لا يهنأ له بال حتى يقيم حدَّ الله ويأخذ حق المقتول من القاتل وإذا حدث أمر لا يرضى الله استفتى العلماء فيه ونفذ في الفاعل له ما يفتي به العلماء فيقطع يد السارق ويحد من يتعاطى المسكرات فانتشرت مهابته في كل مكان ورفرفت ألوية الأمن في قلب الصحراء وأثبت للعالم مزية العمل بكتاب الله. ولقد أبلغ رجل في مكة المكرمة حكومة جلالته بأنَّ ابنه قد اختفى ولم يعلم مقره فأمر بإجراء تحريات شديدة عنه وأخذ مدير الأمن العام يجد في البحث حتى أوصله التحقيق إلى اكتشاف جثته وثبت أنَّ ثلاثة من أصدقائه قد اشتركوا في قتله فأمر بإعدامهم في الحال شنقًا وأن تسير جنازة القتيل من تحت جثمانهم فكان ذلك وكان منه أعظم رادع لارتكاب مثل هذا الحادث. وثبت أنَّ جماعة من كبار الأشقياء جلسوا في طريق جدة وهددوا الحجاج بالقتل إذا لم يدفعوا إليهم أتاوة فأمر بإحضارهم وشكل لهم محكمة خاصة لمحاكمتهم حتى ثبتت إدانتهم فصدر الحكم بتقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف لأنَّهم ممن يعيثون في الأرض فسادًا ونفذ الحكم فيهم بمكة المكرمة. واتصل بعلمه أن رجلًا من كبار قبيلة شمر كان مغترًا بنفسه يزعم أن لا سلطة للملك عليه وأنَّه يجاهر بهذا أمام النَّاس فأرسل إليه جلالة الملك يستدعيه ففرَّ إلى العراق وقد عمل جلالة الملك على إحضاره فأحضر رغم أنفه. ولما أن مثل أمام جلالته قال: أرأيت أني قدرت عليك وأحضرتك بين يدي قال: نعم. قال: ومن يمنعك مني الآن؟ قال: لا أحد، قال: لقد عفوت عنك وأنت مخير في أن تظل في مقرك أو تعود إلى العراق. فقال: بل لا أفارق ساحتك ولا أترك حماك. فأمر له بجائزة وأجرى عليه وافر النعم. وأمثال ذلك يطول ذكره.