الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والهتاف باسمه، فيستقبل الأهالي على اختلاف طبقاتهم ويجيب دعوة الوجهاء ويمنح الفقراء الكسوة والنقود ويبذل لكل تكرمة أضعاف ما تستحقه، فكان لذلك أثر عظيم في ازدحام الخلائق حواليه. ونحن نذكر زيارته لمقاطعة القصيم فنقول:
احتفال أهل القصيم
لما كان في 1/ 6 من هذه السنة هرع الأهالي في مدينة بريدة للاستعداد لزيارة جلالة الملك لأنهم ما كانوا ليعلموا بزيارته حتى قامت عاصمة القصيم مدينة بريدة وقراها ومدنها وضواحيها تستعد بالزينات وجُلب لذلك النجارون والخياطون لإعداد أقواس النصر، وعمل في كل مدخل وطريق دروازة جميلة مكسوة بستارات من القماش الأخضر الفاخر وأعمدة مزدانة وما إلى ذلك. فكان يومًا مشهودًا هو وما بعده من الأيام لعب فيه العمال دورًا في العمل، ومنهم المتبرع بعمل يده، ومنهم المشارك بتوجيهاته. وكان المهندسون والخياطون يدأبون هناك بعملهم الجاد. واستمروا كذلك عشرة أيام يعملون بعمل متواصل. وكان الزعماء يشرفون على العمل وقد غلقت الدكاكين وعطلت غالب الأعمال من أهل البيع والشراء. وكان موضع الاستقبال حوالى البطين شمالًا في روضة فسيحة الأرجاء. فلما كان في صباح الأحد الموافق 11/ 6 جمادى الثانية خرجت طلاب المدارس بأجمعها كل مدرسة تحمل لافتتها، وانضاف إلى مدارس العاصمة بعض مدارس/ مدن القصيم كالبكيرية والبدائع الثلاث والهلالية والمذنب ومدارس/ القرى كالقصيعة واللسيب وخضيراء والسباخ فيحان والقرعاء وغيرها واصطفت الخلائق صفين في موضع الاستقبال الذي يبلغ طوله ستة كيلوات وعرضه كذلك وكان الطلاب ممتازين عن الآباء ويقدر الحاضرون في عددهم بمائة ألف ما بين كبير وصغير من رجال وطلاب وقد شارك في الحضور في أماكن بعيدة عن الرجال النساء ليشهدن الفرحة. أمَّا الصبيان
فقد كانوا متحمسين في ذلك الاحتفال يهزجون بأناشيدهم وعلى رأس المستقبلين أمير المقاطعة عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد وقد أحضر رجال الأمن الذين لا يقل عددهم عن أربعمائة وخمسين جنديًا من بينهم فرقة الموسيقى تصدح أبواقها وقد ركبت سماعات الميكرفون وبينما الأمة شاخصة أبصارها إلى جهة الشمال إذا بالموسيقى تعزف لما تبدت طلائع سيارات جلالته فاستقبلت الأمة موكبه السامي بالحفاوة والتكريم رافعين أصواتهم بالهتاف والتصفيق يعيش جلالة الملك فكان مشهدًا رائعًا تجلت فيه مظاهر الحب والإِجلال واتسم بالنظام وحسن التنسيق وكان في مقدمة المستقبلين فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد قاضي المدينة إذ ذاك ورئيس علماء المنطقة وفي صحبته كبار العلماء والوجهاء والزعماء من كل بلد، وكان أمراء القصيم من كل مدينة وقرية قد حضروا لذلك ويقدم الأمة للتعريف بالشخصيات الشهم المواطن عبد الله بن سليمان بن عيسى ثم تقدمت الأمة للسلام على جلالته والتمتع برؤيته ولما أخذ جلالته مكانه بين جموع المستقبلين تقدم الخطباء أمام جلالته يلقون الخطب والقصائد والكلمات المعبرة عن التعظيم والإِجلال والمحبة ثم أديرت القهوة والشاي ومكث طويلًا بين أولئك الجموع على الرغم من طول الرحلة وشهد ومن معه في ذلك اليوم جهدًا ملموسًا تطالع فيه مدى الإِخلاص ومدى الفرحة التي غمرت أبناء المنطقة ثم انتقل بعد ذلك إلى مائدة الغداء الغاصة بألوان الحلوى والفاكهة والنعيم والبهجة وغادر جلالته حفظه الله ذلك الموضع بعد ما لبث فيه من قدومه في الساعة السادسة إلى أن كانت الساعة في الثامنة غروبي وسار موكبه إلى البلد ليتناول القهوة في بيوت المشائخ والعلماء وكان الطريق من ذلك الموضع المعد للاستقبال يبلغ طوله إلى البلد أحد عشر كيلو وتلامذة المدارس قد اصطفوا من جانبيه ينشدون أبيات الحماسة ويهزجون بالأناشيد فنصب له مخيم كبير حوالي الشماس وأقيم فيه أنواع
الأبهة والعظمة ولبث في بريدة ثلاثة أيام يتردد في مواضع الاحتفالات يمنة ويسرة ثم إنَّه سار إلى عنيزة في 14/ 6 حيث أقام أمير عنيزة عبد الله بن سليم حفلة عشاء كبرى على شرف حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم دعى إليها أهالي البلدة إحتفاء بقدوم جلالته ببساتين الجهيمية وقد تقدم بين يديه الخطباء وأهل الطبول وقام الأهالي بملابسهم العربية يستعرضون فرحين وبعد ذلك سار الموكب حتى انتهى إلى البدائع ثم إلى الرس ثم إلى البكيرية وقد أقام أهالي الرس سرادقًا كبيرًا.
ورفعت الأعلام وألوان الزينة وأقواس النصر حيث كان جموعهم يستقبلونه بالهتاف والتصفيق. أما البكيرية فقد شهدت يومًا خالدًا في حياتها استقبلت فيه عاهلها العظيم ورأت فيه كثيرًا من أبنائها الذين تفرقوا منذ سنوات في مختلف أنحاء المملكة فاستمع إلى خطبائهم وتناول القهوة والشاي كما زار قصر بن عقيل وقد شهد في هذه الرحلة خصوبة مقاطعة القصيم ومزارعها الحافلة وما زال موضع التقدير في حله وترحاله وكانت العاصمة بريدة هي مركز الدائرة فإنَّه يعود إليها في كل ليلة من الليالي. هذا وقد رفعت الأعلام من أعالي القصور والشوارع والسيارات وكان يتفقد أحوال أهل المدن ويفيض على الخطباء والشعراء ويمنح الفقراء والمساكين ويكافئ المحسن على إحسانه ولما أن بلغ الزرقاء في بريدة وكانت شمال غربي البلد ورأى تدفق المياه العذبة وعد الأهالي بأن يحتفر آبارًا ارتوازية ويسحب المياه في الأنابيب إلى البيوت وفعلًا جرى ذلك ولله الحمد. ولمَّا أن سار من القصيم إذا بمدينة شقرا ترحب بعاهلها العظيم فوصل إليها في الساعة الخامسة من صباح الأحد 18/ 6 وهكذا كانت جولته.