الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الحَسَنُ «1» : هو الوَرَعُ.
وقال معبد الجهني: هو «2» الحَيَاءُ.
وقال ابن عَبَّاسٍ أيضاً: لِبَاسُ التقوى العفة «3» .
قال ع «4» وهذه كلها مثل، وهي من لباس التقوى، ولَعَلَّهُمْ ترجّ بحسبهم، ومبلغهم من المعرفة.
[سورة الأعراف (7) : آية 27]
يا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27)
وقوله عز وجل: يا بَنِي آدَمَ/ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ الآية: خطاب لجميع العالم، والمقصود بها في ذلك الوَقْتِ مَنْ كان يطوف من العَرَبِ بالبيتِ عُرْيَاناً.
قيل: كانت العَرَبُ تَطُوفُ عُرَاةً إِلا الحُمْس «5» ، وهم قريش، ومن وَالَاهَا، وهذا هو الصحيح، ثم نودي ب «مكة» في سنة تسع: لا يحجّ بعد العام مُشْرِكٌ، ولا يطوف بالبيت عريان «6» والفتنة في هذه الآية الاسْتِهْوَاءُ، والغَلَبَةُ على النفس، وأضاف الإِخْرَاجَ في هذه الآية إلى إبليس تجوُّزاً لما كان هو السَّبَب في ذلك.
قال أبو حيان «7» : كَما أَخْرَجَ «كما» في موضع نَصْبٍ، أي: فتنة مثل فتنة إِخْرَاجِ أبويكم انتهى.
(1) ذكره ابن عطية (2/ 389) وزاد فيه: «والسمت والحسن في الدنيا» .
(2)
أخرجه الطبري (5/ 458) برقم: (14446) ، وذكره ابن عطية (2/ 389) ، والسيوطي (3/ 142) .
(3)
ذكره ابن عطية (2/ 389) .
(4)
ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 389) .
(5)
الحمس: جمع الأحمس، وهم قريش ومن ولدت قريش، وكنانة وجديلة قيس، سمّوا حمسا لأنهم تحمسوا في دينهم، أي: تشددوا. والحماسة: الشجاعة.
ينظر: «النهاية (1/ 440) .
(6)
أخرجه البخاري (3/ 483) : كتاب «الحج» ، باب: لا يطوف بالبيت عريان، الحديث (1622)، ومسلم (2/ 982) : كتاب «الحج» ، باب: لا يحج البيت مشرك، الحديث (435/ 1347) واللفظ له، من حديث أبي هريرة قال:«بعثني أبو بكر الصديق رضي الله عنه في الحجّة التي أمّره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر: لا يحجّ بعد العام مُشْرِكٌ، ولا يطوف بالبيت عريان» .
(7)
ينظر: «البحر المحيط» (4/ 284) .
وقوله سبحانه: إِنَّهُ يَراكُمْ
…
الآية زيادة في التحذير، وإعلام بأن الله عز وجل قد مَكَّنَ إبليس من بَني آدَمَ في هذا القدر، وبحسب ذلك يَجِبُ أن يكون التّحرّز بطاعة الله عز وجل وقَبِيلُ الشيطانُ يُرِيدُ نوعه، وصنفه، وذريته، والشيطان مَوْجُودٌ، وهو جسم.
قال النووي «1» : وروينا في كتاب ابن السّني عن أَنَسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ستر ما بين أَعْيُنِ الجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ المُسْلِمُ إِذَا أَراد أن يطرح ثِيَابَهُ:
بسم اللَّه الذي لا إله إِلَاّ هُوَ» «2» انتهى.
وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ستر ما بين الجنِّ وعَوْرَاتِ بني آدَمَ إِذا دَخَلُوا الكُنُفَ أَن يقولوا: بسم اللَّه» .
رواه الترمذي، وقال: إسناده ليس بالقَوِيِّ «3» .
قال النووي: قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويُسْتَحَبُّ العَمَلُ في الفَضَائِلِ، والترغيب، والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعاً وأما الأحكام كالحَلَالِ، والحرام، والبيع، والنكاح، والطلاق، وغير ذلك فلا يُعْمَلُ فيها إلا بالحديث الصحيح «4» ، أو الحسن «5» إلا أن يكون في احْتِيَاطٍ في شيء من ذلك، كما إذا ورد حديث
(1) ينظر: «الأذكار» ص: (51) .
(2)
أخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» برقم: (274) من حديث أنس مرفوعا به.
(3)
أخرجه الترمذي (2/ 503- 504) : كتاب «الصلاة» ، باب: ما ذكر من التسمية عند دخول الخلاء، حديث (606)، وابن ماجه (1/ 109) : كتاب «الطهارة» ، باب: ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء، حديث (297) من حديث علي، وقال الترمذي: إسناده ليس بالقوي.
(4)
الصحيح: في اللغة فعيل بمعنى فاعل من الصحة، وهي ذهاب المرض والبراءة من كل عيب.
وفي اصطلاح المحدثين يختلف عند المتقدمين وعند المتأخرين.
أما عند المتقدمين فقال الخطابي: الصحيح: ما اتصل سنده وعدلت نقلته.
وأما الصحيح لذاته عند المتأخرين، فقال ابن الصلاح: هو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه، ولا يكون شاذا ولا معللا.
والصحيح لغيره: هو الحديث الذي لم يكن صحيحا لذاته وارتقى إلى درجة الصحيح بجابر يجبر القصور فيه، وذلك هو الحديث الحسن لذاته إذا جبر بجابر بأن تقوى بمتابع أو شاهد مساو أو راجح أو بأكثر من طريق إن كان أدنى. وعليه فنقول إنه:
هو ما اتصل سنده بنقل عدل قلّ ضبطه عن الدرجة العليا للضبط وتوبع بطريق آخر مساو أو راجح أو بأكثر من طريق إن كان أدنى وكان غير شاذ ولا معل.
ينظر: «غيث المستغيث» ص: (32، 33، 35) .
(5)
الحسن: في اللغة الجمال، والحسن الجميل.