الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أبو حيان «1» : الظاهر أنها المُوَطِّئة لِلْقَسَمِ «2» ، و «من» شرطية في موضع رَفَعٍ بالابتداء، وحذف جواب الشرط لدلالة جَوَابِ القَسَم عليه، ويجوز أن تكون لام ابتداء، و «من» موصولة في مَوْضَعِ رَفْعٍ بالابتداء، والقَسَمُ المحذوف، وجوابه، وهو «لأملأن» في موضع خبرها. انتهى.
وقال الفخر «3» : وقيل/: مَذْؤُماً، أي: محقوراً فالمَذْؤومُ المحتقر. قاله الليث.
وقال ابن الأنباري «4» : المذءوم المذموم.
وقال الفَرّاءُ: أَذْأَمْتُهُ إِذا عَيَّبْتُهُ. انتهى.
وباقي الآية بَيِّنٌ. اللهم إنا نَعُوذُ بك من جَهْدِ البَلَاءِ، وسوء القَضَاءِ، ودَرك الشَّقَاء، وشماتة الأعداء.
[سورة الأعراف (7) : الآيات 19 الى 21]
وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما مَا وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَاّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (20) وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21)
وقوله جل وعلا: وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ إذا أُمِرَ الإنسان بِشَيْءٍ، وهو متلبس به، فإنما المقصد من ذلك أن يستمر على حاله، ويتمادى في هَيْئَتِهِ.
وقوله سبحانه لآدم: اسْكُنْ هو من هذا البَابِ، وقد تَقَدَّمَ الكلام في «سورة البقرة» على «الشَّجَرَةِ» وتعيينها، وقوله سبحانه:«هذه» قال (م) : الأَصْلُ هَذِي، وَالهَاءُ بَدَلٌ من الياء، ولذلك كسرت الذال، إذ ليس في كلامهم هاء تأنيث قبلها كسرة انتهى.
(1) ينظر: «البحر المحيط» (4/ 278) .
(2)
ذكره ابن عطية (2/ 382) .
(3)
ينظر: «تفسير الرازي» (14/ 37) .
(4)
عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري، كمال الدين الأنباري، ولد في 513 هـ، من علماء اللغة والأدب وتاريخ الرجال، كان زاهدا عفيفا، لا يقبل من أحد شيئا، له مصنفات منها:«نزهة الألباء في طبقات الأدباء» ، «لمعة الأدلة» ، «الميزان» ، توفي في 577 هـ.
ينظر: «الفوات» (1/ 262) ، «بغية الوعاة» (301) ، «الوفيات» (1/ 279) ، «أدب اللغة» (3/ 41) ، «الأعلام» (3/ 327) . [.....]
وقوله عز وجل: فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما مَا وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما الوَسْوَسَةُ الحديث في إخفاء همساً وإسْرَاراً من الصوت، والوسواس صَوْتُ الحُلِيِّ، فشبه الهمس به، وسمى إِلْقَاءُ الشيطان في نَفْسِ ابن آدم وَسْوَسَةً، إذ هي أَبْلَغُ الإسرار وأخفاه.
هذا في حال الشيطان معنا الآن، وأما مع آدم، فممكن أن تكون وَسْوَسَة بمُحَاوَرَةٍ خفية، أو بإلقاء في نَفْسٍ، واللام في «ليبدي» هي في قول الأكثرين لام الصَّيْرُورَةِ والعاقبة، ويمكن أن تكون لام «كي» على بابها «1» .
وما وُورِيَ معناه ما ستر من قولك: وارى يُوَارِي إذا ستر، والسَّوْأَةُ الفَرْجُ والدُّبر، ويشبه أن يسمى بذلك لأن منظره يسوء.
وقالت طائفة: إن هذه العِبَارَةَ إنما قصد بها أنها كُشِفَتْ لهما مَعَائِبهما، وما يسوءهما، ولم يقصد بها العورة، وهذا القَوْلُ محتمل، إلا أن ذِكْرَ خَصْفِ الوَرَقِ يَرُدُّهُ إلا أن يُقَدَّرَ الضمير في عَلَيْهِما عائد على بدنيهما فيصحّ.
وقوله سبحانه: وَقالَ مَا نَهاكُما
…
الآية، هذا القول المَحْكِيُّ عن إبليس يدخله من التأويل ما دَخَلَ الوَسْوَسَةَ، فممكن أن يقول هذا مخاطبةً وحِوَاراً، وممكن أن يقولها إلْقَاءً في النفس، ووحيا.
وإِلَّا أَنْ تقديره عند سيبويه والبصريين: إلا كراهِيَة أن، وتقديره عند الكوفيين:«2» «إلا أن لا» على إضمار «لا» ، ويرجح قَوْلُ البصريين أن إضمار الأسماء أَحْسَنُ من إِضْمَارِ الحروف.
وقرأ جمهور الناس «مَلَكَيْنِ» بفتح اللام.
وقرأ ابن عباس: «مَلِكَيْنِ «3» » بكسرها، ويؤيده قوله: وَمُلْكٍ لا يَبْلى [طه: 120]
(1) في هذه اللام قولان:
أظهرهما أنها لام العلة على أصلها، لأن قصد الشيطان ذلك. وقال بعضهم: اللام للصيرورة والعاقبة، وذلك أن الشيطان لم يكن يعلم أنهما يعاقبان بهذه العقوبة الخاصة، فالمعنى: أن أمرهما آيل إلى ذلك.
والجواب أنه يجوز أن يعلم ذلك بطريق من الطرق.
ينظر: «الدر المصون» (3/ 247) .
(2)
وقول البصريين أولى: لأن إضمار الاسم أحسن من إضمار الحرف.
(3)
وقرأ بها يحيى بن أبي كثير، والضحاك، والحسن بن علي، والزهري، وابن حكيم.
ينظر: «الشواذ» ص: (48) و «البحر المحيط» (4/ 280) ، و «الدر المصون» (3/ 248) .