الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالإِقامة في موقف الخِزْيِ مع أصنامهم، ثم يُنْطِقُ اللَّه شركاءهم بالتبريِّ منهم.
وقوله: فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ: معناه: فرَّقنا في الحُجَّةِ، والمذهب/ روي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ الكُفَّار، إِذَا رَأَوا العَذَابَ، وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ، قِيلَ لَهُمُ: اتَّبِعُوا مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَعْبُدُ هَؤُلَاءِ، فَتَقُولُ الأَصْنَامُ: وَاللَّهِ، مَا كُنَّا نَسْمَعُ، وَلَا نَعْقِلُ، وَمَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تعْبُدُونَ، فَيَقُولُونَ: واللَّهِ، لإِيَّاكُمْ كُنَّا نَعْبُد، فَتَقُولُ الآلِهَةُ: فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ
…
«1» الآية، وظاهر الآية أنَّ محاورتهم إِنما هي مَعَ الأصنام دون المَلَائِكَةِ وَعِيسَى بدليل القوْلِ لهم: مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ، ودون فِرْعَونَ ومَنْ عُبِدَ من الجنِّ بدليل قولهم: إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ، و «إنْ» هذه عند سيبَوَيْه «2» المخَفَّفَةُ من الثقيلة موجبَةٌ، ولزمتها اللام، فرقاً بينها وبين «إِنِ» النافيةِ، وعندَ الفَرَّاء:«إِنْ» نافيةٌ بمعنَى «مَا» ، واللامُ بمعنى «إِلَاّ» ، وقرأ نافعٌ «3» وغيره:«تَبْلُوا» - بالباء الموحَّدة- بمعنى:
تختبر، وقرأ حمزة والكسائي:«تَتْلُوا» - بتاءين- بمعنى تَتْبَعُ وتطلب ما أَسْلَفَتْ من أعمالها ت: قال ص: كقوله: [الرجز]
إِنَّ المُرِيبَ يَتْبَعُ المُرِيبَا
…
كَمَا رَأَيْتَ الذِّيَبِ يَتْلُو الذِّيَبَا «4»
أي: يتبعه. انتهى. ويصحُّ أَن يكون بمعنى تَقْرَأُ كُتُبَهَا التي تُدْفَع إِليها.
وقوله: وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ
…
الآية: تدبيرُ الأمْرِ عامٌّ في جميع الأشياءِ، وذلك استقامة الأمور كلِّها على إِرادته عز وجل، وليس تدبيره سبحانه بفكْرٍ ورويَّةٍ وتغييراتٍ- تعالَى عن ذلك- بل علمه سبحانه محيطٌ كاملٌ دائمٌ.
فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ: أي: لا مَنْدُوحَةَ لهم عن ذلك، ولا تُمْكِنهم المباهَتَةُ بسواه، فإِذا أقرُّوا بذلك، فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ في افترائكم، وجعلكم الأصنام آلهة.
[سورة يونس (10) : الآيات 32 الى 33]
فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَاّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32) كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (33)
(1) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 550) ، وعزاه إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن مجاهد بنحوه.
(2)
ينظر: «الكتاب» (1/ 480) .
(3)
ينظر: «السبعة» ص: (325) ، و «الحجة» (4/ 271)، «حجة القراءات» ص:(331) ، «إعراب القراءات» (1/ 267) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (2/ 108- 109) ، و «معاني القراءات» (2/ 43) ، و «العنوان» (105) ، و «شرح الطيبة» (4/ 350) ، و «شرح شعلة» (421) .
(4)
البيت من شواهد «البحر» (5/ 155) ، والقرطبي (8/ 334) ، و «الدر المصون» (4/ 28) .