الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويحتمل أنْ يكون التأويلُ مصدر تأولَّ، أي: يتأول عليكم الخَيْر في جميع أموركم، إِذا أحسنتم الكيلَ والوَزْن.
وقال ص: تَأْوِيلًا أي: عاقبة انتهى.
[سورة الإسراء (17) : الآيات 36 الى 38]
وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (36) وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً (37) كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (38)
وقوله سبحانه: وَلا تَقْفُ معناه لا تقُلْ ولا تتَّبع، واللفظة تستعملُ في القَذْف ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم:«نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ لَا نَقْفُوا أُمَّنَا، وَلَا نَنْتِفى مِنْ أَبِينَا» ، وأصل «1» هذه اللفظة من اتباع الأثر، تقول: قَفَوْتُ الأَثَرَ، وحكى الطبريُّ «2» عن فرقةٍ أنها قالَتْ: قَفَا وقَافَ، مثل عَثَا وعَاث، فمعنى الآية: ولا تتبع لسانَكَ من القول ما لا عِلْمَ لك به، وبالجملة: فهذه الآية تنهى عن قول الزور والقذفِ وما أشبه ذلك من الأقوال الكاذبة والمُرْدِيَة.
إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا عبَّر عن هذه الحواسِّ ب أُولئِكَ. لأن لها إدراكاً وجعلها في هذه الآية مسؤولة، فهي حالَةُ مَنْ يعقل.
ت: قال ص: وما توهمه ابنُ عطية أُولئِكَ تختصُّ بمن يعقل ليس كذلك إِذ لا خلاف بين النحاة في جواز إطلاق «أولاء» و «أولئك» على مَنْ لا يعقل.
ت: وقد نقل ع «3» الجَوَازَ عن الزَّجَّاجِ وفي ألفِيَّةِ ابْنِ مالك: [الرجز] وبأولى أشر لجمع مطلقا «4»
…
(3/ 49) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 328) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(1)
أخرجه ابن ماجه (2/ 871) كتاب «الحدود» باب: من نفى رجلا من قبيلة، حديث (2612) من طريق عقيل بن طلحة، عن مسلم بن هيضم، عن الأشعث بن قيس قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد كندة ولا يروني إلا أفضلهم فقلت: يا رسول الله ألستم منا؟ فقال: فذكره، وقال البوصيري في «الزوائد» : هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات عقيل بن طلحة وثقه ابن معين والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وباقي رجال الإسناد على شرط مسلم.
(2)
ينظر: «الطبري» (8/ 80) بنحوه.
(3)
ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 456) .
(4)
وبعده:
............
…
والمدّ أولى ولدي البعد انطقا
فقال ولده بدر الدين: أي سواءٌ كان مذكَّراً أو مؤنَّثاً، وأكثر ما يستعمل فيمن يعقل، وقد يجيء/ لغيره كقوله:[الكامل]
ذُمَّ المَنَازِلَ بَعْدَ مَنْزِلَةِ اللِّوَى
…
والعَيْشَ بَعْدَ أُوَلئِكَ الأَيَّامِ «1»
وقد حكى «2» ع البيْتَ، وقال: الرواية فيه «الأقوامِ» ، واللَّه أعلم انتهى.
والضمير في عَنْهُ يعودُ على ما ليس للإِنسان به عِلْم، ويكون المعنى: إِن اللَّه تعالى يَسْأَل سَمْعَ الإِنسان وبَصَره وفُؤَاده عمَّا قال مما لَا عْلَم له به، فيقع تكذيبه مِنْ جوارحه، وتلك غايةُ الخزْي، ويحتمل أنْ يعود على كُلُّ التي هي السمْعُ والبصر والفؤاد، والمعنى: إن اللَّه تعالى يسأل الإِنسان عما حواه سمعه وبصره وفؤاده.
قال صاحبُ «الكَلِمِ الفَارِقِيَّة» : لا تَدَعْ جَدْوَلَ سمِعْكَ يجرى فيه أُجَاج الباطل فيلهب باطنك بنار الحِرْص على العاجل، السَّمْعُ قُمْعٌ تغور فيه المعاني المَسْمُوعة إِلى قرار وعاء القَلْب، فإنْ كانَتْ شريفةً لطيفةً، شرَّفَتْه ولطَّفَتْه وهذَّبَتْه وزكَّتْه، وإِن كانَتْ رذيلةً دنيَّةً، رذَّلَتْه وخبَّثَتْه، وكذلك البصَرُ منْفُذٌ مِنْ منافذ القلب، فالحواسّ الخمس كالجداول والرواضع
بالكاف حرفا دون لام أو معه
…
واللّام إن قدّمت «ها» ممتنعة
أي: يشار إلى الجمع- مذكرا كان أو مؤنثا- ب «أولى» ممدودا أو مقصورا، والمد أولى، لأنه لغة الحجاز، وبه جاء التنزيل، قال تعالى: ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ والقصر لغة تميم.
وأشار بقوله: «ولدي البعد انطقا
…
» إلخ: إلى أن المشار إليه له رتبتان: قربى، وبعدي:
أما المرتبة القربى: فتكون بدون كاف الخطاب ولام البعد، سواء مع «ها» التنبيه أو بدونها، تقول:(ذا- هذا) ، و (ذي- هذي) ، و (ذان- هذان) ، و (تان- هاتان) ، و (أولى- هؤلى) ، و (أولاء- هؤلاء) .
والمرتبة البعدى: تكون بكاف الخطاب دون لام البعد أو معها، فإن جاءت معها اللام امتنعت «ها» التنبيه، وكنا إن تقدمت «ها» امتنعت اللام، وهذا ما أشار إليه الناظم بقوله:«واللام إن قدمت «ها» ممتنعه» ، فتقول:(ذاك- هذاك- ذلك) ، و (تيك- هاتيك- تلك) ، وعلى ذلك قس، وعلى هذاك قول طرفة [من الطويل] :
رأيت بني غبراء لا ينكرونني
…
ولا أهل هذاك الطّراف الممدّد
(1)
البيت لجرير في «ديوانه» ص: (990) ، وفيه «الأقوام» مكان «الأيّام» ، و «تخليص الشواهد» ص:
(123)
، و «خزانة الأدب» (5/ 430) ، و «شرح التصريح» (1/ 128)، و «شرح شواهد الشافية» ص:
(167)
، و «شرح المفصّل» (9/ 129) ، و «لسان العرب» (15/ 437)(أولي) ، و «المقاصد النحويّة» (1/ 408) ، وبلا نسبة في «أوضح المسالك» (1/ 134) ، و «شرح الأشموني» (1/ 63)، و «شرح ابن عقيل» ص:(72) ، و «المقتضب» (1/ 85) .
واستشهد فيه بقوله: «أولئك الأيام» حيث أشار ب «أولاء» إلى «الأيّام» ممّا يدلّ على جواز الإشارة ب «أولاء» إلى جمع غير العاقل. ويروى «الأقوام» مكان «الأيّام» ، ولا شاهد فيه حينئذ.
(2)
ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 456) .