الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجمهور المفسِّرين، أي: يُمْطَرُون، وجائزٌ أنْ يكون من أغاثهم اللَّهُ: إِذا فَرَّجَ عنهم ومنه الغَوْث، وهو الفَرَجُ، وَفِيهِ يَعْصِرُونَ: قال جمهور المفسِّرين: هي من عَصْر النباتاتِ، كالزيتون، والعَنَبِ، والقَصَبِ، والسِّمْسِمِ، والفِجْلِ، ومِصْرُ بَلَدُ عَصْرٍ لأشياء كثيرة.
[سورة يوسف (12) : الآيات 50 الى 53]
وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَاّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) قالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (52) وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَاّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)
وقوله سبحانه: وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ
…
الآية: لمَّا رأى المَلِكُ وحاضروه نُبْلَ التَّعْبِير وحُسْنَ الرأْيِ، وتضمَّن الغيب في أمْر العامِ الثامِنِ، مع ما وُصِفَ به من الصِّدْق عَظُمَ يوسُفُ في نَفْس الملك، وقال: ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ: يعني: الملك، فَسْئَلْهُ مَا بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، وقصْدُه عليه السلام بيانُ براءته، وتحقُّق منزلته من العِفَّة والخَيْرِ، فرسَمَ القصَّة بطَرَف منها، إِذا وقع النظَرُ عَلَيْه، بان الأمْرُ كله، وَنَكَبَ عن ذِكْرِ امرأة العزيز حُسْنَ عِشْرةٍ ورعايةٍ لذِمَامِ مُلْك العزيز له، وفي «صحيح البخاري» ، عن عبد الرحمن/ بن القاسِمِ صاحبِ مَالِكٍ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم:«ولَوْ لَبِثْتُ في السِّجْنِ لُبْثَ يُوسُفَ لأَجَبْتُ الدَّاعِي» «1» : المعنى: لو كُنْتَ أنا، لَبَادَرْتُ بالخروج، ثم حاوَلْتُ بيان عُذْرِي بَعْدَ ذلك وذلك أَنَّ هذه القصص والنوازل، إِنما هي معرَّضة ليقتدي النَّاسُ بها إِلى يوم القيامة، فأراد صلى الله عليه وسلم حَمْلَ الناسِ على الأحزمِ من الأمورِ وذلك أن التارِكَ لمِثْلِ هذه الفُرْصَة ربَّما نَتَجَ له بسَبَبِ التأخير خلَافُ مقصوده، وإِن كان يوسف قد أَمِنَ ذلك بِعِلْمِهِ من اللَّه، فغيْرهُ من الناس لا يأمَنُ ذلك، فالحالة التي ذهب النبيّ صلى الله عليه وسلم بنفسه إِلَيْها حالَةُ حَزْمٍ ومدحٍ ليقتدى به، وما فعله يوسَفُ عليه السلام حالةُ صَبْرٍ وتجلُّد، قال ابنُ العربيِّ في «أحكامه» «2» : وانظر إِلى عظيمِ حلْمِ يوسُف عليه السلام وَوُفُورِ أدبه، كيف قال: ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، فذكر النساءَ جملةً لتدخُلَ فيهنَّ امرأة العزيزِ مدْخَلَ العمومِ بالتلويحِ دون التصريح. انتهى. وهذه كانت أخلاق نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، لا يقابل أحداً بمكروهٍ، وإِنما يقول:«مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَفْعَلُونَ كَذَا» ، من غير تعيينٍ، وبالجملة فكلُّ خَصْلة حميدةٍ مذكُورَةٍ في القُرآنَ اتّصف بها الأنبياء والأصفياء، فقد