الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالعرف بمعنى المعروف.
وقوله عز وجل: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، هذه الآية وصِيَّة من الله سبحانه لنبيّه صلى الله عليه وسلم تعمُّ أمته رجُلاً رجلاً، والنَّزْغ: حركةٌ فيها فسادٌ قلَّما تستعملُ إِلا في فَعْلِ الشيطان لأن حركته مسرِعَةٌ مفسدة ومنه قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُشِرْ أَحَدُكُمْ عَلَى أخِيهِ بالسِّلَاح لَا يَنْزَغِ الشَّيْطَانُ في يَدِهِ» ، فالمعنى في هذه الآية: فإِمَّا تَلُمَّنَّ بك لَمَّةٌ من الشيطان، فاستعذ باللَّه، وعبارة البخاريِّ: يَنْزَغَنَّكَ: يستَخِفَنَّكَ. انتهى.
وَنَزْغُ الشيطان عامٌّ في الغَضَبِ، وتحسينِ المعاصِي، واكتساب الغوائل، وغير ذلك وفي «جامع الترمذيِّ» عن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ: «إِن لِلْمَلَكِ لَمَّةً، وللشَّيْطَانِ لَمَّةً
…
» «1»
الحديث.
قال ع «2» : عن هاتين اللَّمّتَيْنِ: هي الخواطِرُ من الخير والشر، فالآخِذُ بالواجبِ يلقى لَمَّةَ المَلَك بالامتثال والاستدامة، وَلَمَّةَ الشيطانِ بالرفْضِ والاستعاذة، واستعاذ: معناه:
طَلَب أَنْ يُعَاذَ، وعَاذَ: معناه: لاذ، وانضوى، واستجار.
قال الفَخْر «3» : قال ابنُ زيد: لما نَزَل قوله تعالى: وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ يَا رَبِّ، والغَضَبُ؟ فَنَزَل قولُه: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ» «4» ، وقوله: إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يدلُّ علَى أن الاستعاذة لا تفيدُ إِلَاّ إِذا حضر في القَلْبِ العِلْمُ بمعنى الاستعاذة، فكأنه تعالَى قال: اذكر لَفْظَ الاستعاذة بلسانك فإن سميعٌ، واستحضر معاني الاستعاذة بِعَقْلِكَ وقَلْبِك فإِني عَليمٌ بما في ضَمِيركَ، وفي الحقيقة: القوْلُ اللسانيُّ دون المعارفِ العقليَّة، عديمُ الفائدة والأثر. انتهى.
[سورة الأعراف (7) : الآيات 201 الى 202]
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (202)
وقوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا
…
الآية خرَجَتْ مَخْرَجَ المدح للمتقين، والتقوى هاهنا عامَّة في اتقاء/ الشِّرْك والمعاصِي، وقرأ ابن
(1) تقدم تخريجه.
(2)
ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 491) .
(3)
ينظر: «تفسير الرازي» (15/ 79) .
(4)
أخرجه الطبري في «تفسيره» (6/ 155) برقم: (15564) .