الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَرْعُ القبلة والتزامها.
وقيل: أراد الأمر بإحضار النية لله في كُلِّ صَلَاةٍ، والقصد نحوه، كما تقول: وَجَّهْتُ وَجْهِي لله قاله الربيع «1» .
وقيل: المراد إبَاحَةُ الصلاة في كُلِّ موضع من الأرض، أي: حيث ما كنتم فهو مَسْجِدٌ لكم تلزمكم عند الصَّلَاةِ إقامة وجوهكم فيه لله عز وجل. وقوله سبحانه: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قال ابن عَبِّاسٍ، وقتادة، ومجاهد: المعنى: كما أوجدكم، واخترعكم، كذلك يعيدكم بعد الموتِ «2» والوقف على هذا التأويل تعودون و «فريقاً» نصب ب «هدى» والثاني منصوب بِفِعْلٍ تقديره: وعذب فريقاً.
وقال جابر بن عبد اللَّه/ وغيره: وروي معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المُرَادَ الإعلام بأن مَنْ سَبَقَتْ له من اللَّه الحُسْنَى، وكتب سعيداً كان في الآخِرَةِ سَعِيداً، ومن كتب عليه أنه من أَهْلِ الشَّقَاءِ، كان في الآخرة شَقِيًّا، ولا يتبدَّل من الأمور التي أحكمها وَدَبَّرَهَا، وأنفذها شيء، فالوقف في هذا التأويل في قوله: تَعُودُونَ غير حسن وفَرِيقاً على هذا التأويل نصب على الحال، والثاني عطف على الأول.
وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ معناه: يظنُّونَ.
قال الطبري «3» : وهذه الآية دَلِيلٌ على خَطَإ من زَعَمَ أن اللَّه لا يعذب أحداً على معصية ركبها، أو ضلالة اعتقدها، إلا أن يأتيها على علم منه بموضع الصواب.
[سورة الأعراف (7) : آية 31]
يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)
وقوله سبحانه: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ الآية: هذا خطاب عَامٌ لجميع العالم كما تقدم، وأمروا بهذه الأَشْيَاءِ بسبب عصيان حاضري ذلك الوقت من مُشْرِكِي العَرَبِ فيها، والزينة الثياب الساترة. قاله مجاهد وغيره «4» . وعِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ
(1) أخرجه الطبري (5/ 465) برقم: (14482) بنحوه، وذكره ابن عطية (2/ 391) ، وابن كثير (2/ 208) بنحوه.
(2)
أخرجه الطبري (5/ 967) برقم: (14502) ، وذكره ابن عطية (2/ 392) ، والبغوي (2/ 156) .
(3)
ينظر: «تفسير الطبري» (5/ 469) .
(4)
أخرجه الطبري (5/ 470) برقم: (14520- 14521) بنحوه، وذكره ابن عطية (2/ 392) ، والبغوي (2/ 157) ، وابن كثير (2/ 210) ، والسيوطي (3/ 145) بنحوه.
أي: عند كل مَوْضِعِ سُجُودٍ، فهي إشارة إلى الصلوات، وستر العورة فيها.
ت: ومن المستحسن هنا ذكر شيء مما جاء في اللِّبَاسِ، فمن أحسن الأحاديث في ذلك، وأصحها ما رواه مالِكٌ في «الموطأ» عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ أُزْرَةَ المُؤْمِنِ إِلى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ لا جُنَاحَ عليه فيما بينه وبَيْنَ الكَعْبَيْنِ، ما أَسْفَلَ من ذَلِكَ ففي النَّارِ» قال ذلك ثلاث مرات: «لَا يَنْظُرُ اللَّه عز وجل إِلَى مَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَراً» «1» .
وحَدَّثَ أَبو عمر في «التمهيد» بسنده عن ابن عمر قال: فيما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزَارِ فهو في القَمِيصِ يعني ما تَحْتَ الكَعْبَيْنِ من القَمِيصِ في النار «2» ، كما قال في الإزَارِ، وقد روى أبو خيثمة زهير بن مُعَاوِيةَ «3» قال: سمعت أَبا إِسْحَاقَ السبيعي يقول: أدركتهم وقمصهم إلى نِصْفِ الساق أو قريب من ذلك، وكُمُّ أحدهم لا يُجَاوِزُ يَدَهُ انتهى. وروى أبو داود عن أسماء بنت يَزِيدَ قالت: كانت يَدُ كُمِّ قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرّسْغ «4» ، وأما أحبُّ اللِّبَاسِ فما رواه أبو داود عن أم سلمة قالت: كان أحبّ الثياب إلى رسول
(1) أخرجه مالك (2/ 914- 915) : كتاب «اللباس» ، باب: ما جاء في إسبال الرجل ثوبه، حديث (12) ، وأبو داود (2/ 457) كتاب «اللباس» ، باب: في قدر موضع الإزار، حديث (4093)، وابن ماجه (2/ 1183) : كتاب «اللباس» ، باب: موضع الإزار أين هو؟، حديث (3573) من طريق العَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرحمن، عن أبِيهِ، عن أبي سعيد الخدري به.
(2)
روي هذا المعنى أيضا من حديث أبي هريرة بلفظ: «ما أسفل الكعبين من الإزار فهو في النار» .
أخرجه البخاري (10/ 268) ، في كتاب «اللباس» ، باب:«ما أسفل من الكعبين فهو في النار» (5787) ، والنسائي في «المجتبى» (8/ 207)، في كتاب:«الزينة» ، وابن ماجه (3573) ، وأحمد في «المسند» (2/ 461) ، (5/ 9) ، وابن أبي شيبة في «المصنف» (8/ 204) .
(3)
زهير بن معاوية بن حديج بضم المهملة الأولى مصغرا، وآخره جيم ابن الرّجيل بجيم مصغرا ابن زهير بن خيثمة الجعفي أبو خيثمة الكوفي أحد الحفاظ والأعلام. عن سماك بن حرب والأسود بن قيس، وزياد بن علاقة، وأبي الزّبير، وخلق، وعنه القطّان، وابن مهدي، وأبو نعيم، والأسود بن عامر، وعمر بن خالد، وخلق.
قال شعيب بن حرب: زهير أحفظ من عشرين مثل شعبة.
وقال أحمد: زهير ثبت سمع من أبي إسحاق بآخره.
قال الخطيب: حدث عنه ابن جريج، وعبد الغفار الحراني، وبين وفاتيهما بضع وستون سنة، توفي سنة ثلاث وسبعين ومائة، ومولده سنة مائة.
ينظر: «الخلاصة» (1/ 340) ، «تهذيب الكمال» (1/ 436) ، «تهذيب التهذيب» (3/ 351) ، «الكاشف» (1/ 327) ، «الثقات» (6/ 337) .
(4)
أخرجه أبو داود (2/ 441) : كتاب «اللباس» ، باب: ما جاء في القميص، حديث (4027) .
الله صلى الله عليه وسلم القميص «1» . انتهى.
وجاء في المُسْبِلِ وَعيدٌ شديد وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل أَسْبَلَ إزاره: «إن هذا كان يصلي وهو مُسْبِلٌ إزَارَهُ وإِن اللَّه لا يَقْبَلُ صَلَاةَ رَجُلٍ مسبل إزاره» رواه أبو داود «2» . انتهى.
وقوله سبحانه: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا إباحة لما التزموه من تَحْرِيمِ اللحم، والودك «3» في أيام المواسم. قاله ابن زَيْدٍ وغيره، ويدخل في ذلك «4» البَحِيرَةُ والسائبة، ونحو ذلك نصّ على ذلك قَتَادَةُ.
وقوله سبحانه: وَلا تُسْرِفُوا معناه: لا تفرطوا. قال أهل التأويل: يريد تُسْرِفُوا بأن تحرموا ما لم يحرّم الله عز وجل واللفظةَ تَقْتَضِي النهي عن السَّرَفِ مُطْلَقاً، ومن تَلَبَّسَ بفعلٍ مباح، فإن مشى فيه على القَصْدِ، وأوسط الأمور، فحسن، وإن أفْرَطَ جعل أيضا من المسرفين.
(1) أخرجه أبو داود (2/ 440) كتاب «اللباس» ، باب: ما جاء في القميص، حديث (4025، 4026) ، والترمذي (4/ 237- 238) كتاب «اللباس» ، باب: ما جاء في القميص، حديث (1762)، وفي «الشمائل» رقم:(55) ، وابن ماجه (2/ 1183) كتاب «اللباس» ، باب: لبس القميص، حديث (3575) ، وأحمد (6/ 317)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» برقم:(1540) ، وأبو يعلى (12/ 445) رقم (7014)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي» ص:(100)، والطبراني في «الكبير» (23/ 421) برقم:(1018) ، والحاكم (4/ 192) ، والبيهقي (2/ 239) ، والبغوي في «شرح السنة» (6/ 146- بتحقيقنا) . كلهم من طريق عبد المؤمن بن خالد عن عبد الله بن بريدة، عن أم سلمة به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، إنما نعرفه من حديث عبد المؤمن بن خالد، تفرد به وهو مروزي، وروى بعضهم هذا الحديث عن أبي تميلة عن عبد المؤمن بن خالد، عن عبد الله بن بريدة، عن أمه، عن أم سلمة.
(2)
أخرجه أبو داود (1/ 228) كتاب «الصلاة» ، باب: الإسبال في الصلاة، حديث (638) ، وفي (2/ 455) كتاب «اللباس» ، باب: ما جاء في إسبال الإزار، حديث (4086) ، والبيهقي (2/ 241) كتاب «الصلاة» ، من حديث أبي هريرة، وهذا الحديث لم يخرجه سوى أبي داود من أصحاب الكتب الستة.
(3)
الودك: دسم اللحم، ودهنه الذي يستخرج منه.
ينظر: «النهاية» (5/ 169) .
(4)
البحيرة: أنهم كانوا إذا ولدت إبلهم سقيا (يعني ولد الناقة) بحروا أذنه: أي شقوها، وقالوا: اللهم إن عاش ففتيّ وإن مات فذكي، فإذا مات أكلوه وسموه البحيرة، وقيل: البحيرة: هي بنت السائبة، كانوا إذا تابعت الناقة بين عشر إناث لم يركب ظهرها ولم يجز وبرها، ولم يشرب لبنها إلا ولدها أو ضيف، وتركوها مسيّبة لسبيلها وسموها السائبة، فما ولدت بعد ذلك من أنثى شقوا أذنها، وخلوا سبيلها، وحرم منها ما حرم من أمها، وسموها البحيرة.
ينظر: «النهاية» (1/ 100) . [.....]