الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طَرِّدْ، وأبْعِدْ، وخَوِّف. والشريدُ: المبعد عن وطَنٍ ونحوه، ومعنى الآية: فإِن أَسَرْتَ هؤلاءِ الناقضين في حربك لهم، فافعل بهم من النقمة ما يكُونُ تشريداً لمن يأتي خلْفَهم في مثْلِ طريقتهم، وعبارةُ البخاريِّ:«فَشَرَّدْ» فَرَّقَ. انتهى.
والضمير في لَعَلَّهُمْ عائدٌ على الفرقة المشرَّدة، وقال ابن عباس: المعنى: نكِّل بهم مَنْ خلفهم «1» .
وقالَتْ فرقة: معناه: سَمِّعْ بهم، والمعنَى متقارب، ومعنى: خَلْفَهُمْ أي: بعدهم، ويَذَّكَّرُونَ، أيْ: يتعظون.
وقوله سبحانه: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً
…
الآية: قال أكثر المفسِّرين: إِن الآية في بني قُرَيْظة، والذي يظهر من ألفاظ الآية أنَّ أَمْرَ بني قريظة قد انقضى عند قوله: فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ، ثم ابتدأ تبارك وتعالى في هذه الآية بما يَصْنَعُهُ في المستقبل، مع مَنْ يخافُ منه خيانةً إِلى آخر الدهر، وبَنُو قريظة لم يَكُونوا في حَدِّ مَنْ تُخَافُ خيانته، وقوله: فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ، أي: أَلْقِ إِليهم عَهْدهم، وقوله: عَلى سَواءٍ، قيل: معناه: حتى يكونَ الأمْرُ في بيانِهِ والْعِلْمِ به، على سواءٍ منْكَ ومنهم فتكُونُونَ في استشعار الحَرْب سواءً، وذَكَرَ الفَرَّاء أن المعنَى: فانبذ إليهم على اعتدال وسواءٍ من الأمر، أي: بَيِّنْ لهم على قَدْر ما ظهر منهم، لا تُفَرِّطْ، ولا تَفْجَأْ بحربٍ، بل افعل بهم مِثْلَ ما فعلوا بك، يعني: موازنةً ومقايسةً، وقرأ نافع وغيره:«وَلَا تَحْسَبَنَّ» - بالتاء- مخاطبةً للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، وسَبَقُوا: معناه: فَاتُوا بأنفسهم وأنْجَوْهَا، إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ أي: لا يُفْلِتُونَ، ولا يُعْجِزُونَ طالبهم، ورُوِيَ أن الآية نزلَتْ فيمن أَفْلَتَ من الكفَّار في بَدْرٍ وغيره فالمعنى: لا تظنَّهم نَاجِينَ، بل هم مُدْرَكُون، وقرأ حمزة وغيره:«ولا يحسبنّ» - بالياء من تحت، وبفتح السين «2» .
[سورة الأنفال (8) : آية 60]
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60)
(1) أخرجه الطبري (6/ 271) برقم: (16227- 16228) ، وذكره ابن عطية (2/ 542) ، والبغوي (2/ 257) بنحوه، وابن كثير (2/ 320) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 347) .
(2)
وقرأ بها ابن عامر وحفص عن عاصم.
ينظر: «السبعة» ص: (307) ، «الحجة» (4/ 154- 155) ، «حجة القراءات» (312) ، «إعراب القراءات» (1/ 230) ، و «إتحاف» (2/ 81- 82) ، و «معاني القراءات» (1/ 441) ، و «شرح الطيبة» (4/ 329) ، و «العنوان» (101) .
وقوله سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا/ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ
…
الآية: المخاطبةُ في هذه الآية لجميع المؤمنين، وفي «صحيحِ مُسْلِمْ» :«أَلَا إِنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» «1» ولما كانت الخيلُ هي أصْل الحرب، وأَوزَارَهَا، والتي عُقِدَ الخيرُ في نواصيها «2» ، خَصَّها اللَّه تعالى بالذكْرِ، تشريفاً لها، ولما كانت السهامُ من أنجع ما يتعاطى
(1) أخرجه مسلم (3/ 1522) كتاب «الإمارة» ، باب: فضل الرمي والحث عليه، حديث (167/ 1917)، وأبو داود (2/ 17) كتاب «الجهاد» باب: في الرمي، حديث (2514) ، وابن ماجه (2/ 940) ، كتاب «الجهاد» ، باب: الرمي في سبيل الله، حديث (2813) ، وأحمد (4/ 157)، وأبو يعلى (3/ 283) رقم:(1743)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (4/ 44) رقم:(4299) ، كلهم من طريق عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي علي ثمامة بن شفي، عن عقبة بن عامر به.
وأخرجه الدارمي (2/ 204) ، كتاب «الجهاد» ، باب: في فضل الرمي والأمر به، والبيهقي في «شعب الإيمان» (4/ 44) رقم:(4298)، كلاهما من طريق سعيد بن أبي أيوب: ثنا يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله، عن عقبة به.
وأخرجه الترمذي (5/ 270- 271) كتاب «التفسير» باب: «ومن سورة الأنفال» ، حديث (3083) من طريق صالح بن كيسان، عن رجل لم يسمه، عن عقبة بن عامر.
والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 348) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه، وأبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم القراب في كتاب «فضل الرمي» .
(2)
ورد عن جماعة من الصحابة: منهم: عروة البارقي، وعبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وأبو هريرة، وجرير بن عبد الله، وأبو كبشة، وابن مسعود، وجابر:
أما حديث عروة البارقي، فأخرجه البخاري (6/ 64) في «الجهاد والسير» باب الخير معقود في نواصيها الخيل (2850)، و (6/ 66) باب: الجهاد ماض مع البر والفاجر (2852) و (6/ 253) في فرض الخمس (3119) ، (6/ 731) في المناقب (3643)، ومسلم (3/ 1493) في «الإمارة» باب: الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (98، 99، 873)، والنسائي (6/ 222) في «الجهاد» باب: فتل ناصية الفرس، وابن ماجه (2/ 923) في «الجهاد» باب: ارتباط الخيل في سبيل الله (2786) ، وأحمد (4/ 375- 376) ، وأبو يعلى (6828)، والحميدي في «مسنده» (2/ 272- 273) برقم:(841- 842)، والدارمي (2/ 211- 212) في «الجهاد» باب: فضل الخيل في سبيل الله، وسعيد بن منصور في «سننه» (2/ 198) في «الجهاد» باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (2426)، والطيالسي في «الجهاد» (1/ 241) برقم:(1184- 1185) والطبراني (17/ 155) برقم (396- 400)، والبيهقي (6/ 112) في «القراض» : باب المضارب يخالف بما فيه زيادة لصاحبه، و (6/ 329) في قسم «الفيء» باب:
الإسهام للفرس دون غيره من الدواب، و (9/ 52) في «السير» باب: تفضيل الخيل و (10/ 15) في كتاب «السبق والرمي» باب: ارتباط الخيل عدة في سبيل الله عز وجل، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/ 274- 275) ، وأبو نعيم في «الحلية» (8/ 127)، والبغوي في «شرح السنة» بتحقيقنا (5/ 530) في «السير والجهاد» باب: اتخاذ الخيل للجهاد (2639) من طرق عنه به.
وأما حديث ابن عمر، فأخرجه البخاري (6/ 64) في «الجهاد والسير» باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (2849) ، و (6/ 731) في «المناقب» (3644) ومسلم (3/ 1492- 1493) في
في الحرب وأَنْكَاه في العدو وأَقْربه تناولاً للأرواح، خصّها صلى الله عليه وسلم بالذكر والتنبيه عليها.
«الإمارة» باب: الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (96/ 1871)، والنسائي (6/ 221- 222) في الخيل: باب فتل ناصية الفرس، وابن ماجه (2/ 923)، في «الجهاد» باب: ارتباط الخيل في سبيل الله (2787)، ومالك (2/ 467) في «الجهاد» باب: ما جاء في الخيل والمسابقة (44) ، وأحمد (1/ 101) و (2/ 49، 57)، والطيالسي في «الجهاد» (1/ 242) برقم:(1186) ، والطحاوي (3/ 273- 274) ، وأبو يعلى (2642)، والبيهقي (6/ 329) في «الفيء» باب: الإسهام للفرس دون غيره من الدواب، والخطيب في «التاريخ» (12/ 394)، والبغوي في «شرح السنة» بتحقيقنا (5/ 530) برقم:(2638) من طريق نافع عن ابن عمر رفعه بنحوه.
وأما حديث أنس، فأخرجه البخاري (6/ 64) في «الجهاد» باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (2851) ، (6/ 731) في «المناقب» (3645)، ومسلم (3/ 1494) في «الإمارة» باب: الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (100/ 1874)، والنسائي (6/ 221) في «الخيل» باب: بركة الخيل، وأحمد (3/ 127، 771)، وسعيد بن منصور (2/ 199) في «الجهاد» باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (2427) ، وأبو يعلى في «مسنده» (4173، 4177)، والبغوي في «شرح السنة» (5/ 529) برقم:(2637) بتحقيقنا من طريق شعبة عن أبي التياح قال: سمعت أنس بن مالك يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البركة في نواصي الخيل» .
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه مسلم (2/ 682) في «الزكاة» ، باب: إثم مانع الزكاة (24- 987)، والترمذي في «الجهاد» باب: ماء جاء في فضل من ارتبط فرسا في سبيل الله (1636)، وابن ماجه (2/ 923) في «الجهاد» باب: ارتباط الخيل في سبيل الله (2788) ، وأحمد (2/ 101، 262، 383) ، وابن خزيمة (4/ 10، 31)(2252، 2253، 2291) ، وأبو يعلى (2640- 2641) ، وأبو نعيم في «الحلية» (8/ 261) ، والخطيب في «التاريخ» (5/ 196) ، والبيهقي (4/ 81) في الزكاة، باب ما ورد في الوعيد فيمن كنز مال زكاة ولم يؤد زكاته، من طرق عن أبي هريرة.
وأما حديث جرير، فأخرجه مسلم (3/ 1493) في «الإمارة» باب: الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (97/ 1972) ، والنسائي (6/ 221) في الخيل، باب: فتل ناصية الفرس، وأحمد (4/ 361) ، والطحاوي (3/ 274)، والبغوي في «شرح السنة» بتحقيقنا (5/ 530) برقم:(2640) من طريق يونس بن عبيد، عن عمرو بن سعيد، عن أبي زرعة، عن جرير بن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوي ناصية فرس بإصبعه وهو يقول: «الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والغنيمة» .
وأما حديث أبي كبشة، فأخرجه الطبراني (22/ 339) برقم:(849) ، وابن حبان (1635) - موارد، والطحاوي (2/ 274)، والحاكم (2/ 91) من طريق ابن وهب: حدثني معاوية بن صالح، حدثني نعيم بن زيادة، أنه سمع أبا كبشة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم: يقول: الخيل معقود في نواصيها الخير، وأهلها معانون عليها، والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه الزيادة، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في «المجمع» (5/ 262) رجاله ثقات.
وأما حديث ابن مسعود فهو عند أبي يعلى (5396)، قال: حدثنا داود بن رشيد، حدثنا بقية بن الوليد، عن علي بن علي حدثني يونس، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن مسعود قال: جاءه
ت: وفي «صحيح مسلم» ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ، وَتَرَكَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا، أَو قَدْ عَصَى» «1» ، وفي «سنن أبي داودَ، والترمذيِّ، والنسائيِّ» ، عن عُقْبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُدْخلُ بالسَّهْم الوَاحِدِ ثَلَاثَةَ أَنُفُسٍ الجَنَّة صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ في صَنْعَتِهِ الخَيْرَ، وَالرَّامِيَ بِهِ، وَمُنْبِلَهُ، فارموا واركبوا، وأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَن تَرْكَبُوا، كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ، بَاطِلٌ إِلَاّ رَمْيَهَ بَقْوسِهِ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتَهُ امرأته» «2» . انتهى.
ورباطُ الخيل: مصدَرٌ مِنْ رَبَط، ولا يكثُرُ رَبْطُها إِلَاّ وهي كثيرة، ويجوز أن يكون
رجل فقال: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الخيل شيئا؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«الخيل معقود
…
» فذكره مطولا.
وذكره الهيثمي في «المجمع» (5/ 280) وقال: رواه أبو يعلى. وفيه بقية بن الوليد، وهو مدلس. وبقية رجاله ثقات.
وأما حديث جابر، فأخرجه أحمد (3/ 352) من طريق إبراهيم بن إسحاق، وعلي بن إسحاق، حدثنا ابن المبارك، عن عتبة بن أبي حكيم، حدثني حصين بن حرملة، عن أبي مصبح، عن جابر به.
وأخرجه أبو يعلى في «معجم شيوخه» (195) من طريق يحيى بن سعيد الأموي، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» (7/ 2557) من طريق الحسن بن سفيان، حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا علي بن ثابت عن الوازع، عن أبي سلمة، عن جابر.
وذكره الهيثمي في «المجمع» (5/ 261) وقال: رواه أحمد، والطبراني في «الأوسط» باختصار، ورجال أحمد ثقات.
وقال الحافظ في «الفتح» (6/ 67) : روى حديث «الخيل معقود في نواصيها الخير» جمع من الصحابة غير من تقدم ذكره، وهم: ابن عمر، وعروة، وأنس، وجرير، وممن لم يتقدم سلمة بن نفيل (6/ 214) ، وأبو هريرة عند النسائي، وعتبة بن عبد عند أبي داود (2542) ، وجابر، وأسماء بنت يزيد (6/ 455) ، وأبو ذر (5/ 181) عند أحمد، وابن مسعود عند أبي يعلى، وأبو كبشة عند أبي عوانة، وابن حبان في «صحيحيهما» ، وحذيفة عند البزار، وأبو أمامة، وعريب: - (وهو بفتح المهملة وكسر الراء بعدها تحتانية ساكنة ثم موحدة) - المليكي، والنعمان بين بشير وسهل بن الحنظلية عند الطبراني.
وعن علي، عند ابن أبي عاصم في «الجهاد»
…
(1)
أخرجه مسلم (3/ 1522- 1523) كتاب «الإمارة» باب: فضل الرمي والحث عليه وذم من علمه ثم نسيه، حديث (169/ 1919)، وابن ماجه (2/ 940- 941) كتاب «الجهاد» باب: الرمي في سبيل الله، حديث (2814) من حديث عقبة بن عامر.
(2)
أخرجه أبو داود (2/ 16- 17) كتاب «الجهاد» باب: في الرمي، حديث (2513)، والترمذي (4/ 174) كتاب «فضائل الجهاد» باب: ما جاء في فضل الرمي في سبيل الله، حديث (1637)، والنسائي (6/ 222- 223) كتاب «الخيل» باب: تأديب الرجل فرسه، حديث (357) ، والحاكم (2/ 95)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (4/ 44- 45) رقم:(4301) من حديث عقبة بن عامر.
مصدراً من رَابَطَ، وإِذا رَبَطَ كلُّ واحد من المؤمنين فرساً لأجل صاحبه، فقد حَصَلَ بينهم رباطٌ، وذلك الذي حضَّ عليه في الآية، وقد قال عليه السلام:«مَنْ ارتبط فَرَساً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهُوَ كَالبَاسِطِ يَدَهُ بِالصَّدَقَةِ لَا يَقْبِضُهَا» «1» ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرةٌ.
ت: وقد ذكرنا بعْضَ ما وردَ في فَضْلِ الرباط في آخر «آل عمران» قال صاحبُ «التذكرة» «2» : وعن عثمانَ بْنِ عَفَّانَ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ رَابَطَ لَيْلَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كَانَتْ لَهُ كَأَلْفِ لَيْلَةٍ صِيَامِهَا وَقِيَامِهِا» «3» ، وعن أبي بن كعب، قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لرباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من غير شهر رمضان- أعظم أجرا من عبادة مائة سنة صيامها وَقِيَامِهَا، وَرِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ وَرَاءِ عَوْرَةِ المُسْلِمينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَان- أَفْضَلُ عند الله وأعظم أجرا- أراه قال: من عِبَادَةِ أَلْفِيْ سَنَةٍ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا- فَإِنْ رَدَّهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِهِ سالِماً، لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ أَلْفَ سَنَةٍ، ويُكْتَبُ لَهُ مِنَ الحَسَنَاتِ، وَيَجْرِي لَهُ أَجْرُ الرِّبَاطِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» «4» ، قال القرطبيُّ»
في «تذكرته» : فدلَّ هذا الحديثُ على أن رباط يومٍ في رمضانَ يحصِّل له هذا الثوابَ الدائمَ، وإِنْ لم يَمُتْ مرابطاً. خرَّج هذا الحديث، والذي قبله ابنُ ماجه. انتهى من «التذكرة» .
وتُرْهِبُونَ: معناه: تخوّفون وتفزّعون، والرهبة: الخوف: وقوله:
(1) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 196) وعزاه لابن سعد. [.....]
(2)
ينظر: «التذكرة» (1/ 209) .
(3)
أخرجه ابن ماجه (2/ 924) كتاب «الجهاد» باب: فضل الرباط في سبيل الله، حديث (2766) من طريق عبد الرحمن بن زَيْد بن أسْلَمُ، عن أبيه، عن مصعب بن ثابت، عن عبد الله بن الزبير، عن عثمان بن عفان به.
وقال البوصيري في «الزوائد» (2/ 390) : هذا إسناد ضعيف عبد الرحمن بن زيد ضعفه أحمد وابن معين وابن المديني والنسائي.
وقال الحاكم: روى عن أبيه أحاديث موضوعة. وقال ابن عبد البر: أجمعوا على ضعفه.
قال المنذري في «الترغيب» (2/ 203) : وآثار الوضع ظاهرة عليه اه.
وقال البوصيري في «الزوائد» (2/ 392- 393) : هذا إسناد ضعيف، لضعف محمد بن يعلى وشيخه عمر بن صبيح، ومكحول لم يدرك أبي بن كعب، ومع ذلك فهو مدلس.
(4)
أخرجه ابن ماجه (2/ 924- 925) كتاب «الجهاد» باب: فضل الرباط في سبيل الله، حديث (2768) من طريق محمد بن يعلى السلمي، ثنا عمر بن صبيح، عن عبد الرحمن بن عمرو، عن مكحول، عن أبي بن كعب مرفوعا.
(5)
ينظر: «التذكرة» (1/ 209) .