الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: ذلِكَ ذِكْرى: إِشارة إِلى الصلوات، أي: هي سببُ الذكْرَى، وهي العظَةُ، ويحتملُ أنْ تكونَ إِشارةً إِلى الإِخبار بأن الحسناتِ يُذْهِبْنَ السيئَاتِ.
/ ويحتملُ أنْ تكون إِشارةً إِلى جميعِ ما تقدَّم من الأوامر والنواهِي والقَصَص في هذه السّورة، وهو تفسير الطبريّ.
[سورة هود (11) : الآيات 116 الى 119]
فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلَاّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (117) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)
فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ
…
الآية، فَلَوْلا: هي التي للتحضيض، لكن، يقترن بها هنا مَعْنَى التفجُّع والتأسُّف الذي ينبغي أنْ يقع من البَشَر عَلَى هذه الأُمَمِ التي لم تهتد، وهذا نحو قوله سبحانه: يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ [يس: 30] ، والقرون من قبلنا قومُ نوحٍ وعادٍ وثمود، ومَنْ تقدم ذكْرُهُ.
وقوله: أُولُوا بَقِيَّةٍ: أي: أولو بقيةٍ مِنْ عقْلٍ وتمييزٍ ودينٍ، يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ وإِنما قيل: بَقِيَّةٍ لأن الشرائِعَ والدوَل ونَحْوَها، قوَّتُها في أولها، ثم لا تزال تَضْعُفُ، فمن ثَبَتَ في وقْتِ الضعْفِ، فهو بقيَّة الصدْرِ الأول.
والْفَسادِ فِي الْأَرْضِ: هو الكُفْر وما اقترن به من المعاصي، وهذه الآيةُ فيها تنبيهٌ لهذه الأُمَّةِ وحضٌّ على تغيير المُنْكَر، ثم استثنى عز وجل القوم الذين نَجَّاهم معَ أنبيائهم، وهم قليل بالإضافة إلى جماعاتهم، وقَلِيلًا استثناء مُنْقطعٌ، أيْ: لكن قليلاً ممن أنجينا منهم، نَهَوْا عن الفساد، و «المُتْرَف» : المنعَّم الذي شغلَتْهُ تُرْفَتُهُ عن الحَقِّ حتى هلك وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ منه سبحانه وتعالى عن ذلك، وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً: أي مؤمنة لا يَقَعُ منهم كُفْر قاله قتادة «1» ، ولكنه عز وجل لم يشأْ ذلك، فهم لا يزالُونَ مختلفين في الأديان والآراءِ والمِلَلِ، هذا تأويل الجُمهورِ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ، أي: بأن هداه إِلى الإِيمان وقوله تعالى: وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ: قال الحسن: أي:
وللاختلاف خلقهم «2» .
(1) أخرجه الطبري (7/ 137) برقم: (18712) نحوه، وذكره ابن عطية (3/ 215) .
(2)
أخرجه الطبري (7/ 139) برقم: (18733) ، وذكره ابن عطية (3/ 215) نحوه، والسيوطي في «الدر المنثور» ((3/ 645) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.