الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله سبحانه: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ
…
الآية: معنى هذه الآية إِخبارٌ من اللَّه سبحانه، إِذا أنعم على قومٍ نعمةً، فإِنه بلُطْفه ورحمته لا يبدأُ بتغييرها وتنْكِيدها، حتى يجيءَ ذلك منْهم بأنْ يغيِّروا حالهم الَّتي تُرَادُ، أو تَحْسُنُ منهم، فإِذا فعلوا ذلك، غيَّر اللَّه نعمته عنْدَهم بِنِقْمته منْهم، ومثالُ هذه نِعْمَةُ اللَّه عَلَى قُرَيْشٍ بنبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم، فكَفَروا به، فغيَّر اللَّه تلك النعمة، بأنْ نقلها إِلى غيرهم من الأنصار، وأَحَلَّ بهم عقوبَتَهُ.
وقوله تعالى: كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ/ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ، هذا التكريرُ هو لمعنًى ليس للأول إذ الأول دَأْبٌ في أنْ هَلَكُوا لما كَفَرُوا، وهذا الثَّاني دأْبٌ في أَنَّهُ لم يغيِّرْ نعمتهم حتَّى غيروا ما بأنْفُسِهِم، والإِشارة بقوله:
وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، إِلى قومِ شعيبٍ وصالحٍ وهود ونوح وغيرهم.
[سورة الأنفال (8) : الآيات 55 الى 59]
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (58) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (59)
وقوله سبحانه: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ، أجمع المتأوِّلون أن الآية نزلَتْ في بني قُرَيْظَةَ، وهي بَعْدُ تَعُمُّ كلَّ مَنِ اتصف بهذه الصفة إِلى يوم القيامة، وقوله:
فِي كُلِّ مَرَّةٍ: يقتضي أن الغَدْرَ قد تكرَّر منهم.
وحديثُ قُرَيْظَةَ هو أنهم عاهدوا النبيّ صلى الله عليه وسلم على ألَاّ يحاربوه، ولا يعينوا عَلَيْه عدوًّا من غيرهم، فلمَّا اجتمعت الأحزاب على النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالمدينةِ، غَلَبَ على ظنِّ بني قريظة أَنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم مغلوبٌ ومستأصَلٌ، وخَدَعَ حُيَيُّ بنُ أَخْطَبَ النَّضْرِيُّ كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ القُرَظِيَّ صاحبَ عَقْد بني قريظة، وعهْدِهِم، فغدروا ووالوْا قريشاً، وأمدُّوهم بالسِّلاح والأَدْرَاعِ، فلما انجلت تلك الحالُ عن النبي صلى الله عليه وسلم، أمره اللَّه تعالَى بالخروج إِليهم وحَرْبِهم، فاستنزلوا، وضُرِبَتْ أعناقهم بحُكْم سَعْدٍ، واستيعاب قصَّتهم في «السِّير» وإِنما اقتضبت منها ما يخُصُّ تفسير الآية.
وقوله سبحانه: فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ
…
الآية: معنى تَثْقَفَنَّهُمْ تأسرهم، وتحصِّلهم في ثِقَافِكَ، أو تَلْقَاهم بحالٍ تقدرُ عليهم فيها، وتغلبهم، ومعنى: فَشَرِّدْ أي: