الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واختلف الناس في «مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ» ، فقال مجاهد وقتادة هو مَجْمَعُ بَحْر فارس وبَحْر الروم «1» ، وقالت فرقة مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ: هو عند طَنْجَة، وقيل غير هذا، واختلف في «الحُقُب» ، فقال ابن عباس وغيره: الحُقُب: أزمانٌ غير محدودة «2» ، وقال عبد اللَّه بن عمرو ثمانون «3» سنة، وقال مجاهد: سبعون «4» ، وقيل: سنة.
[سورة الكهف (18) : الآيات 61 الى 74]
فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (61) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (62) قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَاّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (63) قالَ ذلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (64) فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (65)
قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (66) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (68) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (69) قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (70)
فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (71) قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (72) قالَ لَا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (73) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (74)
وقوله سبحانه: فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما الضمير في بَيْنِهِما: للبحرين، قاله
اسمه الياس، وقيل: اليسع، وقيل: عامر، وقيل: خضرون- والأول أثبت- ابن مكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، فعلى هذا فمولده قبل إبراهيم الخليل لأنه يكون ابن عم جد إبراهيم، وقد حكى الثعلبي قولين في أنه كان قبل الخليل أو بعده، وقال وهب وكنيته أبو العباس، وروى الدارقطني في «الأفراد» من طريق مقاتل عن الضحاك، عن ابن عباس قال: هو ابن آدم لصلبه، وهو ضعيف منقطع، وذكر أبو حاتم السجستاني في «المعمرين» أنه ابن قابيل بن آدم رواه عن أبي عبيدة وغيره، وقيل: اسمه ارميا بن طيفاء حكاه ابن إسحاق، عن وهب، وارميا بكسر أوله وقيل: بضمه وأشبعها بعضهم واوا، واختلف في اسم أبيه فقيل: ملكان، وقيل: كليان، وقيل: عاميل وقيل: قابل والأول أشهر، وعن إسماعيل بن أبي أويس: هو العمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن الأزد.
ينظر: «فتح الباري» (7/ 93- 94) .
(1)
أخرجه الطبري (8/ 246) برقم: (23170) ، (8/ 245)، برقم:(23169) ، وذكره ابن عطية (3/ 527) ، وابن كثير (3/ 92) .
(2)
أخرجه الطبري (8/ 246) برقم: (23176) بنحوه، وذكره ابن عطية (3/ 528) ، وابن كثير (3/ 92) .
(3)
أخرجه الطبري (8/ 246) برقم: (23173) ، وذكره ابن عطية (3/ 528) ، والبغوي (3/ 171) ، وابن كثير (3/ 92) .
(4)
أخرجه الطبري (8/ 246) برقم: (23174) ، وذكره ابن عطية (3/ 528) ، وابن كثير (3/ 92) بنحوه. [.....]
مجاهد «1» ، وفي الحديث الصحيح:«ثُمَّ انْطَلَقَ، وانْطَلَقَ مَعَهُ/ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، حَتَّى أَتيَا الصَّخْرَةَ وَضَعَا رُؤُوَسَهُما، فَنَامَا، واضْطَربَ الحُوتُ في المكتلِ، فَخَرجَ مِنْهُ فَسَقَط في البَحْرِ، واتَّخَذَ سَبِيلَهُ في البَحْرِ سَرَباً، أي: مسلكاً في جوفِ الماءِ، وأمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الحُوتِ جَرْيَةَ المَاءِ، فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلُ الطَّاقِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ، نَسِيَ صَاحِبُهُ أَنْ يُخبَرَهُ بالحُوتِ، فانْطَلَقَا بَقَّيِة يَوْمِهَما، ولَيْلَتِهِما حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الغَدِ قال موسى لِفَتَاهُ: آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً ويعني ب «النصب» تعب الطريق، قال: ولم يجدْ موسى النَّصَبَ حتَّى جاوَزَ المَكَان الذي أمره اللَّه به، قال له فتاه: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، يريد: ذكر ما جرى فيه، وَما أَنْسانِيهُ، أي أن أذكره إِلَّا الشَّيْطانُ، واتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً قال: فكان للحوتِ سَرَباً ولموسى وفتاه عَجَباً، فقال موسَى: ذلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً، قال: فرجعا يَقُصَّان آثارهما حَتَّى انتهيا إلى الصخرة، فإِذا رجُلٌ مُسَجَّى بثوبٍ، فسَلَّم عليه موسى، فقال الخَضِرُ: وأَنَّى بأرضِكَ السَّلَامَ قال: أَنَا مُوسَى، قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسُرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعْم، أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَني ممَّا عُلِّمْتَ رُشْداً، قالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً يعني: لا تطيق أن تصبر على ما تراه من عملي لأن الظواهر التي هي عِلْمُكَ لا تعطيه، وكيف تُصْبِرُ على ما تراه خطأً، ولم تُخْبَرْ بوجه الحكمة فيه؟ يا موسى، إني على علْمٍ من علْمِ اللَّه، علَّمنيه لا تَعْلَمُه، يريد: علْم الباطنِ، وأنْتَ على علْمٍ من علمِ اللَّه علَّمكه اللَّه، لا أعلمه، يريد: علْمَ الظاهرِ، فقال له موسى: سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً، فقال له الخضر: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً، أي: حتى أشرح لك ما ينبغي شرْحُه، فانطلقا يمشيَانِ على ساحل البَحْرِ، فمرت بهم سفينةٌ، فكلَّموهم أنْ يحملوهم، فعرفوا الخَضِرَ، فحملوهم بغَيْر نَوْلٍ، يقول: بغير أجْر، فلما ركبا في السفينة، لم يُفْجَأْ موسى إِلَاّ والخَضِرُ قد قلع لَوْحاً من ألواح السفينة بالقَدُومِ، فقال له موسى قومٌ حملونا بغير نَوْلٍ، عَمِدْتَّ إلى سفينتهم، فخرقْتَها لتغرق أهلها، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً، أي شنيعاً من الأمور، وقال مجاهد: الإِمْرُ المُنْكَر «2» ، قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قالَ لَا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً قال أَبَيُّ بْنُ كعب، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: فكانَتِ الأُولى مِنْ مُوسَى نِسْيَاناً، قال: وَجَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ على حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ في البَحْرِ نُقْرَةً، فَقَالَ لَهُ الخَضِرُ: ما عِلْمِي وعلْمُكَ مِنْ عِلْم اللَّهِ إِلَاّ مِثْلُ مَا نقص هذا العصفور من هذا البحر» ،
(1) أخرجه الطبري (8/ 247) برقم: (23179) ، وذكره ابن عطية (3/ 528) .
(2)
أخرجه الطبري (8/ 257) برقم: (23218) ، وذكره ابن عطية (3/ 531) ، وابن كثير (3/ 97) .