الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال [ص] : معنى تُفَنِّدُونِ: تسفِّهون، انتهى، وقولهم: إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ: يريدون: لَفِي انتلافك في مَحَبَّة يوسف، وليس بالضَّلال الذي هو في العُرْف ضدُّ الرشادِ لأن ذلك من الجَفَاءِ الذي لا يَسُوغُ لهم مواجَهَتِه به.
وقوله سبحانه: فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً: روي عن ابنَ عَبَّاسٍ أن البشير كان يَهُوذَا لأنه كان جاء بقميص الدّم «1» وبَصِيراً: معناه: مُبْصراً، وروي أنه قال للبشير: على أيِّ دِينٍ تركْتَ يوسُفَ؟ قال: على الإِسلام قال: الحمد لله الآن كملت النعمة.
[سورة يوسف (12) : الآيات 97 الى 100]
قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (97) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)
وقوله تعالى: قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا
…
الآية: روي أنَّ يوسُفَ عليه السلام لما غَفَر لإِخوته، وتحقَّقوا أَنَّ أباهم يغفر لهم، قال بعضُهم لبعض: ما يُغْنِي عنا هذا إِنْ لم يغفر اللَّه لَنَا، فطلبوا حينئذٍ من يعقُوبَ عليه السلام أنْ يطلب لهم المغفرَةَ مِنَ اللَّه تعالى، واعترفوا بالخَطَإِ، فقال لهم يعقوب: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي.
[ت] : وعن ابن عباس أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعليٍّ رضي الله عنه: «إِذَا كَانَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، فَإِنِ استطعت أَنْ تَقُومَ في ثُلُثِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإِنَّها سَاعَةٌ مَشْهُودَةٌ وَالدُّعَاءُ فِيهَا مُسْتَجَابٌ، وقد قال أخي يعقوبُ لبنيه: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي، يقول: حَتَّى تَأْتِيَ لَيْلَةُ الجُمُعَةِ
…
» «2» وذكر الحديث، رواه الترمذيُّ، وقال: حسنٌ غريبٌ لا نعرفه إِلا من حديث الوليد بن مُسْلم، ورواه الحاكم في «المستدْرك عَلَى الصَّحِيحَيْنِ» ، وقال: صحيح
(1) ذكره ابن عطية (3/ 280) .
(2)
أخرجه الترمذي (5/ 563، 565) كتاب «الدعوات» باب: دعاء الحفظ، حديث (3570) ، والحاكم (1/ 316) من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن جريج، عن عطاء، وعكرمة، عن ابن عباس به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسنٌ غريبٌ لا نعرفه إِلا من حديث الوليد بن مسلم.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
وقال الذهبي: هذا حديث منكر شاذ، أخاف ألا يكون موضوعا، وقد حيرني والله جودة إسناده.
على شرط الشيخين، يعني البخاريَّ ومسلماً انتهى من «السلاح» .
وقوله سبحانه: آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ قال ابنُ إِسحاق، والحسن: أراد بالأبوين: أباه وأمَّه «1» ، وقيل: أراد أباه وخالته.
قال ع «2» : والأول أظهر بحسب اللفْظِ، إِلا أَنْ يثبت بِسنَدٍ أنَّ أمه قد كانَتْ ماتت.
وقوله: إِنْ شاءَ اللَّهُ هذا الاستثناءُ هو الذي نَدَبَ القرآن إِليه أَن يقوله الإِنسانُ في جميع ما ينفذه في المستقبل، والْعَرْشِ: سرير الملك، وخَرُّوا لَهُ سُجَّداً: أي:
سجودَ تَحِيَّةٍ، فقيل: كان كالسُّجُود المعهودِ عندنا من وَضْعِ الوجْهِ بالأرض.
وقيل: بل دون ذلك كالرُّكوعِ البالغ ونحوه ممَّا كان سيرةَ تحيَّاتهم للملوكِ في ذلك الزمَانِ، وأجمع المفسِّرون أنه كان سجُودَ تحيَّة لا سُجُودَ عبادةٍ، وقال الحسنُ: الضمير في «له» للَّه عز وجل، ورُدَّ هذا القولُ على الحسن.
وقوله عز وجل: وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا:
المعنى: قال يوسُفُ ليعقوبَ، هذا السجودُ الذي كانَ منْكُم هو ما آلَتْ إِليه رؤياي قديماً في الأحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً والشمْس والقمر، قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا ثم أخذ عليه السلام يعدِّد نعم اللَّه عَلَيْه، وقال: وقد أخرجني من السجن، وترك ذكر إِخراجه من الجُبِّ لأنَّ في ذكره تجْدِيدَ فعْلِ/ إِخوته وخِزْيِهِم، وتَحْرِيكَ تِلْكَ الغوائِلِ، وتخبيثَ النفوسِ، ووجْه آخر أنه خَرَجَ مِنَ الجُبِّ إِلى الرِّقِّ، ومن السِّجْنِ إِلى المُلْكِ، فالنعمةَ هنا أَوضَحُ، إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ، أي: من الأمور أنْ يفعله إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ.
قال ع «3» : ولا وَجْه في ترك تعريفِ يُوسُفَ أباه بحاله مُنْذُ خَرَجَ من السِّجْنِ إِلى العِزِّ إِلا الوَحْيُ مِنَ اللَّه تعالَى لَمَّا أَراد أَن يمتحن به يَعْقُوب وبنيه، وأراد من صورة جمعهم، لا إله إِلا هو.
وقال النَّقَّاش: كان ذلك الوحْيُ في الجُبِّ، وهو قوله سبحانه: وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [يوسف: 15] ، وهذا محتمل.
(1) أخرجه الطبري (7/ 302) برقم: (19888) ، عن ابن إسحاق.
(2)
ينظر: «المحرر» (3/ 281) . [.....]
(3)
ينظر: «المحرر» (3/ 282- 283) .