الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يموتُ، فَنُجِّيَ عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الأَرض، حتى رآه جميعهم ميتاً كأَنه ثَوْرٌ أَحمر، وتحقَّقوا غَرَقَه.
والجمهور «1» على تشديدِ نُنَجِّيكَ فقالت فرقة: معناه: من النَّجَاةِ، أي: من غمراتِ البَحْرِ والماءِ، وقال جماعة: معناه: نُلْقِيكَ على نَجْوة من الأرض، وهي: ما ارتفع منها، وقرأ يعقوب «2» بسكون النونِ وتخفيف الجيم، وقوله: بِبَدَنِكَ قالت فرقة: معناه:
بشَخْصِكَ، وقالتْ فرقة: معناه: بِدِرْعِكَ، وقرأ الجمهورُ «3» :«خَلْفَكَ» ، أي: من أَتَى بعدك، وقرىء شاذًّا:«لِمَنْ خَلَفَكَ» «4» - بفتح اللام-، والمعنى: ليجعلك اللَّه آيَةً له في عبادِهِ، وباقي الآية بيِّن.
وقوله سبحانه: وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ: المعنى: ولقد اخترنا لبني إِسرائيل أَحْسَنَ اختيار، وأحللناهم مِنَ الأماكن أحْسَنَ محلّ، ومُبَوَّأَ صِدْقٍ: أي: يصدُقُ فيه ظنُّ قاصده وساكنه، ويعني بهذه الآية إِحلَالُهُمْ بلادَ الشَّامِ وبَيْتَ المَقْدِسِ قاله قتادة وابن زَيْد، وقيل: بلاد الشام ومصر، والأول أصحُّ، وقوله سبحانه: فَمَا اخْتَلَفُوا أيْ: في نبوَّة نبينا محمَّد عليه السلام، وهذا التخصيصُ هو الذي وقع في كُتُب المتأوِّلين كلِّهم، وهو تأويلٌ يحتاج إِلى سند، والتأويل الثاني الذي يحتمله اللفظُ: أنَّ بني إِسرائيل لم يكن لهم اختلاف على موسَى في أول حاله، فلما جاءَهُم العلْمُ والأوامرُ، وغَرَقُ فرعَوْنَ، اختلفوا، فالآية ذامَّة لهم.
ت: فَرَّ رحمه الله من التخصيص، فوقع فيه، فلو عمَّم اختلافهم على أنبيائهم موسَى وغيرِهِ، وعلَى نبيِّنا، لكان أَحْسَنَ، وما ذهب إِليه المتأوِّلون من التخصيص أَحْسَنُ لقرينةِ قوله: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ، فالربطُ بين الآيتين واضح، والله أعلم.
[سورة يونس (10) : الآيات 94 الى 97]
فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ (94) وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ (95) إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (97)
(1) ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 142) ، و «البحر المحيط» (5/ 189) ، و «الدر المصون» (4/ 67) .
(2)
ينظر: «إتحاف فضلاء البشر» (2/ 120) ، و «المحرر الوجيز» (3/ 142) ، و «البحر المحيط» (5/ 189) ، و «الدر المصون» (4/ 67) .
(3)
ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 142) .
(4)
وقرأ بها إسماعيل المكي، كما في «الشواذ» ص:(63) وينظر: «البحر المحيط» (5/ 189) .
وقوله عز وجل: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ
…
الآية: الصوابُ في معنى الآية: أنها مخاطبة للنبيّ صلى الله عليه وسلم، والمراد بها سِوَاهُ مِنْ كُلِّ من يمكِنُ أن يشُكَّ أو يعارِض.
ت: ورُوينَا عن أبي داود سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ، قال: حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قال: حدَّثنا يزيدُ بن هَارُونَ، قال: حدَّثنا محمَّد بنِ عَمْرٍو، عن أَبي سَلَمَةَ، عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال:«المِرَاءُ في القُرْآنِ كُفْرٌ» «1» ، قال عِيَاض في «الشفا» :
تأول بمعنى «الشك» ، وبمعنى «الجِدَال» . انتهى.
والَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ: من أسلم من أهْلِ الكتاب، كابن سَلَامٍ وغيره، وروي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال لَمَّا نزَلَتْ هذه الآية:«أَنَا لَا أَشُكُّ وَلَا أَسْأَلُ» «2» ، ثم جزم سبحانه الخَبَر بقوله: لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ، واللام في «لَقَدْ» لامُ قَسَم.
وقوله: مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ يريد به: من أَن بني إِسرائيل لم يختلفوا في أمْره إِلا مِنْ بعد مجيئهِ عليه السلام هذا قول أهل التأويل قاطبة.
قال ع «3» : وهذا هو الذي يشبه أنْ تُرْجَى إِزالةُ الشَّكِّ فيه مِنْ قبل أهل الكتاب،
(1) أخرجه أبو داود (2/ 610) كتاب «السنة» باب: النهي عن الجدال في القرآن، حديث (4603) ، وأحمد (2/ 286، 424، 475، 503، 528) ، وابن حبان (59- موارد) ، والحاكم (2/ 223) ، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (8/ 213) ، وفي «أخبار أصبهان» (2/ 123) كلهم من طريق محمَّد بنِ عَمْرٍو، عن أَبي سَلَمَةَ، عن أبي هريرة به، وأخرجه أحمد (2/ 258) ، وابن أبي شيبة (10/ 529)، وأبو يعلى (10/ 303) رقم:(5897) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (4/ 81) ، من طريق سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة به. وأخرجه أحمد (2/ 478، 494) ، والحاكم (2/ 223) كلاهما من طريق سعد بن إبراهيم، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وأخرجه الطبراني في «الصغير» (1/ 574) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به.
قال ابن أبي حاتم في «العلل» (2/ 74) رقم: (1714)، عن أبيه: هذا حديث مضطرب، ليس هو صحيح الإسناد اه.
وفي الباب عن عمرو بن العاص: أخرجه أحمد (4/ 204- 205)، وعن عبد الله بن عمرو: أخرجه الطيالسي (2/ 6- منحة) رقم: (1902) .
وعن زيد بن ثابت: أخرجه الطبراني في «الكبير» (5/ 152) رقم: (4916) .
(2)
أخرجه الطبري في «تفسيره» (6/ 610) برقم: (17907) عن قتادة مرسلا. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 571) ، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق.
(3)
ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 143) . [.....]