الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله سبحانه: وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ أي: أبصار أصحاب الأعراف، فهم يسلمون على أصحاب الجنة، وإذا نظروا إلى النار، وأهلها، قالوا: رَبَّنا لَا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قاله ابن عباس «1» ، وجماعة من العلماء.
وقوله سبحانه: وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ يريد من أهل النار.
مَا أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ «ما» استفهام بمعنى التَقْرِيرِ، والتوبيخ، و «ما» الثانية مصدرية، و «جمعكم» لفظ يعم المال والأَجْنَادَ والخَوَلَ.
وقوله سبحانه: أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أهل الأعراف هم القائلون: «أهؤلاء» إشارة إلى أهل الجنة، والذين خوطبوا هم أهل النار، والمعنى: أهؤلاء الضُّعَفَاء في الدنيا الذين حَلَفْتُمْ أن اللَّه لا يعبؤبهم، قيل لهم: ادخلوا الجنة.
وقال النقاش: اقسم أهْلُ النَّارِ أن أصحاب الأعراف داخلون النَّارَ «2» معهم، فنادتهم المَلَائِكَةُ: أهؤلاء، ثم نادت أصحاب الأَعْرَافِ: ادخلوا الجنة.
وقرأ عكرمة «3» : «دخلوا الجَنَّة» على الإخبار بفعل ماض.
[سورة الأعراف (7) : الآيات 50 الى 53]
وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (51) وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَاّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (53)
وقوله سبحانه: وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ
…
الآية: لفظة النداء تتضمن أن أهل النار وَقَعَ لهم علم بأن أهل الجنّة يسمعون نداءهم،
(1) أخرجه الطبري (5/ 505) برقم: (14743) بلفظ: «إن أصحاب الأعراف إذا نظروا إلى أهل النار وعرفوهم قالوا: رَبَّنا لَا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وذكره ابن عطية (2/ 405) بمثله، وابن كثير (2/ 218) بنحوه.
(2)
ذكره ابن عطية (2/ 406) ، والبغوي (2/ 163) بنحوه، والسيوطي (3/ 166) بنحوه، وعزاه للربيع.
(3)
ينظر: «الشواذ» (49) ، و «الكشاف» (2/ 107) ، و «المحتسب» (1/ 249) ، و «المحرر الوجيز» (2/ 406) ، و «البحر المحيط» (4/ 306) ، و «الدر المصون» (3/ 276) .
وجائز أن يكون ذلك، وهم يرونهم بإِدراك يجعله اللَّه لهم عَلَى بُعْدِ السُّفْلِ من العلو، وجائز أن يكون ذلك، وبينهم السُّورُ والحجاب المتقدم الذِّكْر.
وروي أن ذلك النداء هو عند اطِّلَاع أهل الجنة عليهم.
وقوله سبحانه: أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ إشارة إِلى الطعام. قاله السدي «1» .
فيقول لهم أهل الجنة: إن اللَّه حَرَّمَ طعام الجَنَّةِ وشَرَابَهَا على الكافرين، وإجابة أهل الجنة بهذا الحُكْمِ هو عن أَمْرِ اللَّه تعالى.
ومعنى قوله تعالى: الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً أي بالإِعْرَاضِ والاستهزاء. بِمَنْ يدعوهم إلى الإسلام.
وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا أي: خدعتهم بزخرفها، واعتقادهم أنها الغَايَةُ القصوى.
وقوله: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ هو من إخبار اللَّه عز وجل عما يَفْعَلُ بهم والنسيان هنا بمعنى التَّرْكِ، أي: نتركهم في العذاب، كما تركوا النَّظَر/ للقاء هذا اليوم. قاله ابن عباس «2» وجماعة.
«وما كانوا» عطف على «ما» من قوله: «كما نسوا» ، ويحتمل أن تقدر «ما» الثانية زائدة، ويكون قوله: و «كانوا» عَطْفاً على قوله: «نسوا» .
وقوله سبحانه: وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ الضمير في جِئْناهُمْ لمن تَقَدَّم ذكره، و «الكتاب» اسم جنس، واللام في «لقد» لام قَسَم.
وقال يحيى بن سلام: بل الكلام تَمَّ في يَجْحَدُونَ، وهذا الضمير لمكذبي نبينا محمّد صلى الله عليه وسلم «3» وهو ابتداء كلام آخر، والمراد بالكتاب القرآن، وعَلى عِلْمٍ معناه: على بَصِيرَةٍ.
وقوله سبحانه: هَلْ يَنْظُرُونَ أي ينتظرون إِلَّا تَأْوِيلَهُ، أي مآله وعاقبته يوم القيامة. قاله ابن عباس «4» وغيره.
(1) أخرجه الطبري (5/ 509) برقم: (14757) ، وذكره ابن عطية (2/ 406) ، وابن كثير (2/ 219) ، والسيوطي (3/ 166) ، وعزاه للسدي.
(2)
أخرجه الطبري (5/ 510) برقم: (14766- 14767) بنحوه، وذكره ابن عطية (2/ 407) ، وابن كثير (2/ 219) .
(3)
ذكره ابن عطية (2/ 407) .
(4)
أخرجه الطبري (5/ 512) برقم: (14775) ، وذكره ابن عطية (2/ 408) ، وابن كثير (2/ 220) ، والسيوطي (3/ 168) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.