الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فبعزَّتي لأهبطنك إِلى الأَرْضِ، ثم لا تنال العَيْشَ إلا كدًّا «1» .
وقوله: عَنْ تِلْكُمَا بِحَسَبِ اللفظ أنه إنما أشار إلى شَجَرَةٍ مخصوصة، وَأَقُلْ لَكُما: إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ إشارة إلى الآية التي في «طه» في قوله: فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى [طه: 117] وهذا هو العَهْد الذي نَسِيَهُ آدم على مَذْهَبِ من جعل النسيان على بابه، وقولهما: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا اعتراف من آدَمَ وحواء عليهما السلام وطَلَبٌ للتوبة، والستر، والتغمُّد بالرحمة، فطلب آدم هذا، فأجيب، وطلب إبليس النَّظِرَةَ، ولم يطلب التَّوْبَة، فوكل إلى سوء رأيه.
قال الضحاك وغيره: هذه الآية هي الكَلِمَاتُ التي تلقى آدم من ربّه، وقوله عز وجل:
قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ المُخَاطَبَةُ بقوله: اهْبِطُوا.
قال: أبو صَالِحٍ، والسدي، والطبري، وغيرهم: هي لآدم، وحوّاء، وإبليس، والحية.
وقالت فرقة: هي مخاطبة لآدم وذريته، وإبليس وذريته.
قال ع «2» : وهذا ضَعِيفٌ لعدمهم في ذلك الوَقْت.
ت: وما ضعفه رحمه الله صَحَّحَهُ في «سورة البقرة» ، فتأمله هناك، وعداوة الحية معروفة.
روى قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ما سالمناهنّ منذ حاربناهنّ» «3» .
[سورة الأعراف (7) : آية 26]
يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)
وقوله سبحانه: يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ الآية خطاب لجميع الأمم وقت النبي صلى الله عليه وسلم والسَّبَب والمراد: قريش، ومَنْ كان مِنَ العَرَبِ يتعرّى في طوافه بالبيت.
(1) تقدم تخريجه في أوائل سورة البقرة.
(2)
ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 387) .
(3)
ورد هذا الحديث مسندا من حديث أبي هريرة، وابن عباس.
حديث أبي هريرة: أخرجه أبو داود (2/ 785) ، كتاب «الأدب» ، باب: في قتل الحيات، حديث (5248) ، وأحمد (2/ 232، 247، 520) ، وابن حبان (1079- موارد) ، وابن ماجه (3224) ، والدارمي (2/ 88- 89)، والبيهقي (9/ 317) . أما حديث ابن عباس: أخرجه أبو داود (2/ 785) : كتاب «الأدب» ، باب:
في قتل الحيات، حديث (5250)، وعبد الرزاق (10/ 434) برقم:(19617) .
قال مجاهد: ففيهم نَزَلَتْ هذه الأربع آيات «1» .
وقوله: أَنْزَلْنا يحتمل التَّدْرِيجَ أَي: لما أنزل المَطَر، فكان عنه جميع ما يلبس، ويحتمل أن يريد ب أَنْزَلْنا خلقنا، كقوله: وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ [الزمر: 6]، وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ [الحديد: 25] ولِباساً عام في جميع ما يلبس، ويُوارِي: يستر.
وقرأ الجمهور: «وريشاً» ، وقرأ عاصم، وأبو عمرو «ورياشاً» وهما عِبَارَتَانِ عن سَعَةِ الرزق، ورفاهة العَيْشِ، وَجَوْدَةِ الملبس والتمتع.
وقال البخاري: قال ابن عباس: وريشاً: المال انتهى «2» .
وقرأ نافع «3» ، وغيره:«ولباسَ» بالنصب.
وقرأ حمزة، وغيره بالرفع. وقوله: ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ إشارة إلى جَمِيعِ ما أنزل اللَّه من اللِّبَاسِ والرِّيشِ. وحكى النَّقَّاشُ: أن الإِشَارَةَ إِلى لِبَاسِ التَّقوى أي: هو في العبد آية أي: علامة وأمارة من اللَّه تعالى أنه قد رَضِيَ عنه، ورحمه.
وقال ابن عَبَّاسٍ: لباس التقوى هو السَّمْتُ الحَسَنُ «4» في الوَجْهِ. وقاله عثمان بن عفان على المنبر.
وقال ابن عَبَّاسٍ أيضاً: هو العَمَلُ الصالحَ «5» .
وقال عُرْوَةُ بن الزبير: هو خَشْيَةُ اللَّه «6» وقيل: هو لباس الصوف، وكل ما فيه تواضع لله عز وجل.
(1) أخرجه الطبري (5/ 455) برقم: (14425) ، وذكره ابن عطية (2/ 388) .
(2)
أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم (6/ 416) : كتاب «أحاديث الأنبياء» ، باب:«خلق آدم وذريته» ، وقال ابن حجر:«هو قول ابن عباس، ووصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه» ، والطبري (5/ 457) برقم:(14433) ، وذكره ابن عطية (2/ 389) ، والبغوي (2/ 154) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (3/ 141) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(3)
وقرأ بها ابن عامر والكسائي. عطفوا على الريش، والمعنى: وأنزلنا عليكم لباس التقوى.
ينظر: «السبعة» (280) ، و «الحجة» (4/ 12) ، و «حجة القراءات» (280) ، و «إعراب القراءات» (1/ 178) ، و «العنوان» (95) ، «شرح الطيبة» (4/ 293) ، «شرح شعلة» (387) ، «إتحاف» (1/ 46) ، «معاني القراءات» (1/ 403) .
(4)
أخرجه الطبري (50/ 458) برقم: (14449) ، وذكره ابن عطية (2/ 389) ، والسيوطي (3/ 142) .
(5)
أخرجه الطبري (5/ 458) برقم: (14449) وذكره ابن عطية (2/ 389) ، والبغوي (2/ 155) . [.....]
(6)
أخرجه الطبري (5/ 459) برقم: (14452) ، وذكره ابن كثير (2/ 207) .