الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه الآية: هو محمّد صلى الله عليه وسلم ودِينُهُ، وَأَحَلُّوا/ قَوْمَهُمْ، أي: مَنْ أطاعهم، وكأنَّ الإشارة والتعنيف إنما هو للرؤوس والأعلام، والْبَوارِ: الهلاك، قال عطاءُ بنُ يَسَارٍ: نَزَلَتْ هذه الآيةُ في قَتْلَى «1» بدْر، و «الأنداد» : جمع نِدٍّ، وهو المثيلُ، والمرادُ: الأصنام، واللام في قوله:
لِيُضِلُّوا- بضم الياء-: لام كَيْ، وبفتحها: لام عاقبة وصيرورة، والقراءتان «2» سبعيّتان.
[سورة إبراهيم (14) : الآيات 31 الى 34]
قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (31) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (33) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)
وقوله سبحانه: قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ
…
الآية: «العباد» : جمع عبدٍ، وعُرْفُه في التكرمة بخلاف العبيد، و «السر» : صدقة التنفّل، و «العلانية» : المفروضةُ هذا هو مقتضى الأحاديثِ، وفسر ابن عباس هذه الآية بزكَاةِ الأَموالِ مجملاً، وكذلك فسَّر الصلاة بأَنها الخَمْسُ وهذا عندي منه تقريبٌ للمخاطَب «3» . و «الخلال» : مصدرٌ من «خَالَلَ» ، إِذا وادَّ وصافَى ومنه الخُلَّة والخَلِيلَ، والمراد بهذا اليومِ يَوْمُ القيامة.
وقوله سبحانه: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ: هذه الآيةُ تذكيرٌ بآلائه سُبْحانه، وتنبيهٌ على قدرته التي فيها إِحْسَان إِلى البَشَر لتقوم الحُجَّة عليهم، وقوله: بِأَمْرِهِ: مصدر أَمَرَ يَأْمُرُ، وهذا راجعٌ إِلى الكلام القديم القائم بالذات، ودائِبَيْنِ: معناه: متماديين، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لصاحب الجمل
(1) أخرجه الطبري (7/ 455) برقم: (20813) ، وذكره ابن عطية (3/ 338) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (6/ 157) ، وعزاه لابن جرير.
(2)
وتفصيل هذه القراءة على ما يلي: قرأ أبو كثير وأبو عمرو: «ليضلوا» بفتح الياء، أي: ليصيروا هم ضلّالا.
وحجتهما: قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ [النحل: 30] .
وقرأ الباقون: «ليضلوا» بضم الياء، أي: ليضلوا غيرهم، وحجتهم: أن الله سبحانه وصفهم قبل بأنهم ضالون في أنفسهم، فقال: وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً، فكان الحال يقتضي زيادة معنى، وهو: أنهم لم يتوقفوا عن ضلالهم هم، بل عدوه إلى غيرهم.
ينظر: «شرح الطيبة» (4/ 396) ، و «العنوان» (115) ، و «حجة القراءات» (378) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (2/ 169) .
(3)
أخرجه الطبري (7/ 457) برقم: (20823) ، وذكره ابن عطية (3/ 339) .
الذي بَكَى وأَجْهَش «1» إِليه: «إِنَّ هَذَا الجمَلَ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبَه» «2» ، أي: تديمه في الخِدْمَة والعَمَل، وظاهرُ الآية أنَّ معناه: دائبَيْن في الطلوع والغروبِ وما بينهما من المَنَافِعِ للناسِ التي لا تحصَى كثرةً، وعن ابن عباس أَنَّه قال: معناه: دائِبَيْنِ في طاعة اللَّه «3» ، وقوله سبحانه: وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ المعنى: أنَّ جنس الإِنسان بجملته قد أوتي من كلِّ ما شأنه أنْ يسأل وينتفع به، وقرأ ابن عباس «4» وغيره:«مِنْ كُلٍّ مَّا سَأَلْتُمُوهُ» - بتنوين كُلٍّ-، وروِيت عن نافع، وقوله تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها، أي: لكثرتها وعِظَمها في الحَوَاس والقُوَى، والإِيجادِ بعد العَدَمِ والهدايةِ للإِيمان وغيرِ ذلك، وقال طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ: إِنَّ حقَّ اللَّه تعالى: أَثْقَلُ من أَنْ يَقُومَ به العُبَّادُ، ونِعْمَهُ أَكثر مِنْ أَنْ يحصيها العبَادُ، ولكنْ أصْبِحُوا توَّابين، وأمْسُوا تَوَّابِين.
ت «5» : وَمِنْ «الكَلِمِ الفارقيَّة» : أيها الحَرِيصُ على نيلِ عَاجِلِ حظِّه ومراده الغافلُ عن الاستعداد لمعاده تنبَّه لعظمة مَنْ وجودُكَ بإِيجادِهِ وبقاؤك بإِرْفاده ودوامك بإِمداده، وأنْتَ طفلٌ في حَجْر لُطْفه ومهد عَطْفه وحضانة حفظه، يغذِّك بلِبَانِ بِرِّهِ ويقلِّبك بأيدي أياديه وفضله وأنتَ غافلٌ عن تعظيم أمره جاهلٌ بما أولَاكَ من لَطِيف سِرِّه وفضَّلك به على كثيرٍ من خَلْقه، واذكر عهد الإِيجاد، ودوام الإِمْدَاد والإِرفاد وحالَتَيِ الإِصْدَار والإِيراد وفاتحة المبدأ وخاتمةَ المَعَاد. انتهى.
وقوله سبحانه: إِنَّ الْإِنْسانَ: يُريدُ به النوَعَ والجنس، المعنى: توجد فيه هذه
(1) الجهش والإجهاش: أن يفزع الإنسان إلى غيره، وهو مع ذلك كأنه يريد البكاء، كالصبي يفزع إلى أمه وأبيه وقد تهيأ للبكاء.
ينظر: «النهاية» (1/ 322) و «لسان العرب» (713) .
(2)
ذكره السيوطي في «الخصائص الكبرى» (2/ 95) ، وعزاه إلى ابن أبي شيبة، وأبي نعيم، والبيهقي كلاهما في «الدلائل» .
(3)
أخرجه الطبري (7/ 458) برقم: (20826) ، وذكره البغوي (4/ 36) ، وابن عطية (3/ 339) ، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه لابن جرير.
(4)
وقرأ بها الحسن، وجعفر بن محمد، وسلام بن منذر، والضحاك، ومحمد بن علي، وعمرو بن فائد، ويعقوب، قال أبو الفتح: أما على هذه القراءة فالمفعول ملفوظ به، أي: وآتاكم ما سألتموه أن يؤتيكم منه، وأما قراءة الجماعة
…
على الإضافة، فالمفعول محذوف: أي: وآتاكم سؤلكم من كل شيء.
ينظر: «المحتسب» (1/ 363)، و «الشواذ» ص:(73) ، و «المحرر الوجيز» (3/ 340) ، و «البحر المحيط» (5/ 416) ، و «الدر المصون» (4/ 272) .
(5)
أخرجه الطبري (7/ 459) برقم: (20835) ، وذكره ابن عطية (3/ 340) ، وابن كثير في «تفسيره» (2/ 540) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 158) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن جرير، والبيهقي في «الشعب» .