الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ص: قد تقرّر في أَرَأَيْتُمْ أنها بمعنى أخبروني. انتهى.
وال تَخْسِيرٍ هو من الخسَارَةِ، وليس التخْسِيرُ في هذه الآية إِلا لهم، وفي حَيِّزِهم، وهذا كما تقولُ لمن تُوصِيهِ: أَنا أريدُ بكَ خَيْراً، وأَنْتَ تريدُ بي شَرًّا.
وقال ص: غَيْرَ تَخْسِيرٍ: من خَسِرَ، وهو هنا للنسبيَّةِ ك «فَسَّقْتُهُ وَفَجَّرْتُهُ» إِذا نسبتَهُ إِليهما.
ت: ونقل الثعلبيّ عن الحسيْنِ بْنِ الفَضْل، قال: لم يكُنْ صَالِحٌ في خسارةٍ، حين قال: فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ، وإِنما المعنى: ما تزيدُونَني بما تقولُونَ إِلَاّ نسبتي إِياكم للخَسَارة، وهو مِنْ قول العرب: فَسَّقْتُهُ وَفَجَّرْتُهُ إِذا نسبته إِلى الفسوق والْفُجور.
انتهى. وهو حسنٌ. وباقي الآية بيّن قد تقدّم الكلام في قصصها.
[سورة هود (11) : الآيات 67 الى 74]
وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (67) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ (68) وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (71)
قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74)
وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ: قال أبو البقاء: في حَذْف التاءِ من «أخذ» ثلاثةُ أَوْجُهٍ:
أحدها: أنه فَصَلَ بين الفعل والفاعل.
والثاني: أن التأنيثَ غير حقيقيٍّ.
والثالث: أن الصيْحَة بمعنى الصِّيَاحِ، فحُمِلَ على المعنى، انتهى.
وقد أشار ع»
: إِلى الثلاثَة، واختار الأخير.
وقوله سبحانه: وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى: الرسُلُ: الملائكة، قال المَهْدوِيُّ: بِالْبُشْرى يعني: بالولدِ، وقيل: البشرى بهلاك قوم لوط انتهى.
(1) ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 186) .
قالُوا سَلاماً: أي: سلَّمنا عليك سلاماً، وقرأ حمزة «1» والكسائي:«قَالُوا سَلَاماً قالَ سِلْمٌ» ، فيحتمل أنْ يريد ب «السِّلْمِ» السلامَ، ويحتمل أن يريد ب «السّلم» ضدّ الحرب، وحَنِيذٍ: بمعنى: محنوذ، ومعناه: بعجْلٍ مشويٍّ نَضِجٍ، يقْطُر ماؤه، وهذا القَطْر يفصلُ الحَنيذَ من جملة المشويَّات، وهيئة المحنُوذِ في اللغة: / الذي يُغَطَّى بحجارةٍ أو رَمْلٍ مُحَمًّى أو حائل بينه وبيْن النَّار يغطى به، والمُعَرَّض: من الشِّواء الذي يُصَفَّف على الجَمْر، والمُضَهَّبِ: الشِّوَاءُ الذي بينه وبين النَّار حائلٌ، ويكون الشِّواء عليه، لا مَدْفُوناً به، والتَّحُنِيذُ في تضمير الخَيْل: هو أنْ يغطَّى الفَرَس بِجِلٍّ على جُلٍّ ليتصبّب عرقه، ونَكِرَهُمْ على ما ذكر كثيرٌ من النَّاس، معناه: أَنْكَرهم وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً من أجْل امتناعهم من الأكل إِذ عُرْفُ مَنْ جاء بِشَرٍّ أَلَاّ يأْكل طعامَ المنْزُولِ به، قال ابنُ العربيِّ في «أحكامه» «2» :
ذهب الليثُ بْنُ سَعْدٍ إلى أنّ الضّيافة واجبة، لقوله صلى الله عليه وسلم:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضَيْفَهُ، جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، ومَا وَرَاءَ ذَلِكَ صَدَقَةٌ» «3» ، وفي رواية:«ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يثوي «4» عنْدَهُ حتَّى يُحْرِجَهُ» «5» وهذا حديثٌ صحيحٌ، خرَّجه الأئمةِ، واللفظ للترمذيِّ، وذهب علماء الفقْه إِلى: أن الضيافة لا تجبُ، وحملوا الحديثَ على النَّدْب.
قال ابنُ العربيِّ: والذي أقولُ به أن الضيافَةَ فَرْضٌ على الكفَايَةِ، ومِنَ الناسِ مَنْ قال:
إِنها واجبةٌ في القُرَى حيثُ لا مَأْوَى ولا طَعَام بخلاف الحواضر لتيسّر ذلك فيها.
(1) ينظر: «السبعة» (337- 338) ، و «الحجة» (4/ 359) ، و «إعراب القراءات السبع» (1/ 288) و «حجة القراءات» (346) ، و «الإتحاف» (2/ 130) و «المحرر الوجيز» (3/ 187) ، و «البحر المحيط» (5/ 242) ، و «الدر المصون» (4/ 112) ، و «العنوان» (108) ، و «شرح شعلة» (431) .
(2)
ينظر: «أحكام القرآن» (3/ 1061) .
(3)
ينظر: الحديث الآتي. [.....]
(4)
الثّواء: طول المقام. ينظر: «لسان العرب» (524) .
(5)
أخرجه البخاري (10/ 460) كتاب «الأدب» باب: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره (6019)، وباب: إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه (6135)، و (11/ 314) الرقاق باب: حفظ اللسان (6476) ، ومسلم (3/ 1353) في اللقطة، باب: الضيافة ونحوها (14، 16/ 48)، وأبو داود (2/ 369) كتاب «الأطعمة» باب: ما جاء في الضيافة (3748)، والترمذي في «البر والصلة» باب: ما جاء في الضيافة، وغاية الضيافة كم هو؟ (1967)، وابن ماجه (2/ 1212) في «الأدب» باب: حق الضيف (3675) ، وأحمد (4/ 31)(6/ 385)، ومالك (2/ 929) في كتاب «صفة النبي صلى الله عليه وسلم» باب: جامع ما جاء في الطعام، والشراب (22) ، والبيهقي (9/ 197) ، والدارمي (2/ 98)، والحميدي (2/ 262) برقم:(576)، والبغوي في شرح السنة (6/ 104) برقم:(2896) من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي شريح العدوي به مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.