الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظَهْرِكَ، ودَبْرَ أُذْنِكَ، وعلى هذا المعنَى حمل الجمهورُ الآية، أي: اتخذتم أمْرَ اللَّه وشَرْعَه وراء ظُهُوركم، أي: غَيْرَ مراعًى، وإِما بأَنْ يستند إِليه ويلجأ كما قال عليه السلام:
«وألجأتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ» «1» وعلى هذا المعنَى حمل الآية قَوْمٌ: أي: وأنتم تتَّخذون اللَّه سَنَدَ ظُهُورِكُمْ وعِمَادَ آمالكم.
وقوله: اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ معناه: على حالاتكم، وفيه تهديدٌ.
وقوله: سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ: والصحيحُ: أَن الوقْفَ في قوله: إِنِّي عامِلٌ.
وقوله سبحانه: وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ
…
الآية: الصَّيْحَةُ: هي صيحة/ جبريل عليه السلام.
[سورة هود (11) : الآيات 95 الى 99]
كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (95) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (96) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99)
وقوله سبحانه: كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها
…
الآية: يَغْنَوْا: معناه: يقيمون بِنَعْمَةٍ وخَفْضِ عيشٍ ومنه المَغَانِي، وهي المنازلُ المعمورةِ بالأهْل، وضمير «فيها» عائد على الديار.
وقوله: بُعْداً: مصدرٌ دعا به كقولك: سُحْقاً للكافرين، وفارَقَتْ هذه قولَهُمْ:
سَلامٌ عَلَيْكُمْ [النحل: 32] لأن بُعْداً إِخبارٌ عن شيء قد وَجَب وتحصَّل، وتلك إِنما هي دعاء مرتجى، ومعنى البُعْد في قراءة:«بَعِدَتْ» - بكسر العين-: الهلاكُ، وهي قراءة الجمهور»
ومنه قول خِرْنِقَ بِنْتِ هَفَّانَ: [الكامل]
لَا يَبْعَدَنْ قَوْمِي الَّذِينَ هُمُ
…
سُمُّ الْعُدَاةِ وآفَةُ الجُزْرِ «3»
(1) تقدم تخريجه.
(2)
ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 204) ، و «البحر المحيط» (5/ 257) ، و «الدر المصون» (4/ 127) .
(3)
البيت في «ديوانها» ص: (43) ، و «الأشباه والنظائر» (6/ 231) ، و «أمالي المرتضى» (1/ 205) ، و «الإنصاف» (2/ 468) ، و «أوضح المسالك» (3/ 314) ، «الحماسة البصريّة» (1/ 227) ، و «خزانة الأدب» (5/ 41- 42، 44) ، و «الدر» (6/ 14)، و «سمط اللآلي» ص:(548) ، و «شرح أبيات سيبويه» (2/ 16) ، و «شرح التصريح» (2/ 116) ، و «الكتاب» (1/ 202) ، (2/ 57- 58، 64) ، -[.....]
ومنه قولُ مالكِ بْنِ الرَّبيعِ: [الطويل]
يَقُولُونَ لَا تَبْعَدْ وَهُمْ يَدْفِنُوننِي
…
وَأَيْنَ مَكَانُ الْبُعْدِ إِلَاّ مَكَانِيَا «1»
وأما من قرأ: «بَعُدَتْ» ، وهو السُّلَمِيُّ وأبو حَيْوَةَ «2» فهو من البُعْدِ الذي هو ضدُّ القُرْب، ولا يُدْعَى به إِلا على مبغوضٍ.
قال ص: وقال ابْنُ الأنباريِّ: من العرب مَنْ يُسَوِّي بين الهلاكِ والبُعْدِ الَّذي هو ضِدُّ القُرْب، فيقولون فيهما: بَعُدَ يَبْعُدُ، وبَعِدَ يَبْعَدُ. انتهى.
وقوله سبحانه: فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ: أي: وخالفوا أمْرَ موسَى، وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ، أي: بمرشِدٍ إِلى خير.
وقال ع «3» : بِرَشِيدٍ: أي: بمصيب في مَذْهَبِهِ يَقْدُمُ قَوْمَهُ: أي: يقدمهم إلى النار، والْوِرْدُ، في هذه الآية: هو ورودُ دُخُولٍ.
قال ص: والْوِرْدُ: فاعل «بئس» ، والْمَوْرُودُ: المخصُوصُ بالذَّمِّ، وفي الأول حذْف، أيْ: مَكانُ الورْد، ليطابق المخصُوصَ بالذَّمِّ.
وجوَّز ع «4» : وأبو البقاءِ أنْ يكونُ «المَوْرُود» صفةً لمكان الوِرْدِ، والمخصوص محذوفٌ، أي: بِئسٍ مكانُ الوِرْدِ المورودُ النارُ، و «الوِرْد» : يجوز أنْ يكون مصْدراً بمعنى الوُرُود، أو بمعنى الوَارِدَة من الإِبل، وقيل: الوِرْد: بمعنى الجَمْعِ للوَارِدِ، والمَوْرُود: صفةٌ لهم، والمخصُوصُ بالذمِّ ضميرٌ محذوف، أي: بئس القوم المَوْرُود بهم هُمْ، انتهى.
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً: يريد: دارَ الدنيا.
وقوله: بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ أي: بِئسَ العطاءُ المعطَى لهم، وهو العذاب، والرّفد
و «لسان العرب» (5/ 214)(نضر) ، و «المحتسب» (2/ 198) ، و «المقاصد النحويّة» (3/ 602) ، (4/ 72)، وبلا نسبة في «رصف المباني» ص:(416) ، و «شرح الأشموني» (2/ 399) .
(1)
البيت من الطويل، وهو لمالك بن الريب في «ديوانه» ص:(46) ، و «خزانة الأدب» (2/ 338) ، (5/ 46) ، و «شرح شواهد المغني» (2/ 630) ، و «لسان العرب» (3/ 91)(بعد) ، وبلا نسبة في «مغني اللبيب» (1/ 247) .
(2)
ينظر: «مصادر القراءة السابقة» ، و «الشواذ» ص:(65) ، و «المحتسب» (1/ 327) ، و «الكشاف» (2/ 425) .
(3)
ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 204) .
(4)
ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 205) .