الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة هود (11) : الآيات 77 الى 83]
وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ (79) قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَاّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81)
فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)
وقوله سبحانه: وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً: الرسُل هنا: الملائكة أضيافُ إِبراهيم.
قال المهدويُّ: والرسُلُ هنا: جبريلُ وميكائيلُ وإِسرافيلُ، ذكره جماعة من المفسِّرين. انتهى، واللَّه أعلم بتعيينهم، فإِن صحَّ في ذلك حديثٌ، صِيَر إِليه، وإِلا فالواجبُ الوقف، وسِيءَ بِهِمْ أي: أصابهُ سُوءٌ، و «الذَّرْع» : مصدرٌ مأخوذٌ من الذِّراع، ولما كان الذراعُ موضعَ قُوَّةِ الإِنسان، قيل في الأمر الذي لا طَاقَةَ له به: ضَاقَ بِهَذَا الأمْرِ ذِرَاعُ فُلَانٍ، وذَرْعُ فلانٍ، أيْ: حيلته بذراعِهِ، وتوسَّعوا في هذا حتَّى قلبوه، فقالوا: فلانٌ رَحْبُ الذّراع، إذا وصفوه باتساع القدرة، وعَصِيبٌ: بناء اسم فاعل، معناه: يعصب
- وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء. فقال:
ارتفعوا عني. ثم قال: ادعوا لي الأنصار، فدعوهم له فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني.
ثم قال: ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوهم فلم يختلف عليه منهم رجلان.
قالوا: نرى أن نرجع بالناس ولا نقدمهم على هذا الوباء. فنادى عمر في الناس: «إني مصبح على ظهر، فأصبحوا عليه» . قال أبو عبيدة: أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عُبَيْدة، نَعَمْ نَفِرُّ من قدر اللَّه إِلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل فهبطت واديا له عدوتان، إحداهما خصبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟
قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف، وكان غائبا في بعض حاجته، فقال: إن عندي من هذا علما، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرارا منه» ، قال: فحمد الله ثم انصرف.
وأخرجه مسلم (4/ 1740) كتاب «السلام» باب: الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها (98/ 2219)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 217- 218) كتاب «النكاح» باب: ولا يورد ممرض على مصح فقد يجعل الله تعالى بمشيئته مخالطته إياه سببا لمرضه، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (4/ 303- 304) كتاب «الكراهية» باب: الرجل يكون به الداء هل يجتنب أم لا؟، وعبد الرزاق (11/ 147) كتاب «الجامع» باب: الوباء والطاعون، رقم:(20159) نحوه
النَّاسَ بالشرِّ، فهو من العِصَابة، ثم كَثُر وصفهم لليَوْمِ بعصيبٍ ومنه:[الوافر] وَقَدْ سَلَكُوكَ في يَوْمٍ عَصِيبِ «1» وبالجملة ف «عصيب» : في موضع شديد وصعب الوطأة، ويُهْرَعُونَ معناه:
يُسْرِعون، وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ: أيْ: كَانت عادتهم إِتيان الفاحشة في الرجال.
وقوله: هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ: يعني: بالتزويجِ، وقولهم: وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ: إِشارة إِلى الأضيافِ، فلما رأَى لوطٌ استمرارهم في غَيِّهم، قال: على جهة التفجُّع والاستكانة: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً.
قال ع «2» : «لَوْ أنَّ» : جوابها محذوفٌ، أي: لَفَعَلْتُ كذا وكذا، ويروَى أنَّ الملائكةَ وَجَدَتْ عليه حين قال هذه الكلماتِ، وقالوا: إِنَّ رُكْنَكَ لَشَدِيدٌ، وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم:«يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطاً لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ «3» فَالْعَجَبُ مِنْهُ لما استكان» .
قال ع «4» : وإِنما خشي لوطٌ عليه السلام أنْ يمهل اللَّهُ أولئك العِصَابَةَ حتى يَعْصُوهُ في الأضيافِ، كما أمهلهم فيما قَبْلَ ذلك، ثم إِن جبريل عليه السلام ضَرَبَ القوم بجَنَاحِهِ، فطمس أعينهم، ثم أمروا لوطاً بالسُّرَى، وأعلموه بأنَّ العذاب نازلٌ بالقوم، فقال لهم لوطٌ: فَعَذِّبوهم السَّاعة، فقالوا له: إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ، أي: بهذا أمَرَ اللَّه، ثم آنسُوه في قَلَقِهِ بقولهم: أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ، و «القِطْع» : القطعة من الليل.
قال ص: إِلَّا امْرَأَتَكَ: ابن كثيرٍ وأبو عمرٍو بالرفع، والباقون بالنَّصْبِ «5» ، فقيل: كلاهما استثناءٌ من أَحَدٌ، وقيل: النصب على الاستثناء من بِأَهْلِكَ انتهى.
(1) عجز بيت وصدره:
وكنت لزاز خصمك أم أعرّد
…
.......
ينظر: «مجاز القرآن» (1/ 294) ، «تفسير الطبري» (12/ 47)«الدر المصون» (4/ 117) .
(2)
ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 195) .
(3)
تقدم تخريجه وهو حديث: «نحن أحق بالشك من إبراهيم» ، الحديث.
(4)
ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 195) .
(5)
ينظر: «الحجة» (4/ 369) ، و «إعراب القراءات السبع» (1/ 292) ، و «حجة القراءات» (347) ، و «الإتحاف» (2/ 133) ، و «المحرر الوجيز» (3/ 196) ، و «البحر المحيط» (5/ 248) ، و «الدر المصون» (4/ 119) ، و «السبعة» (338) ، و «إعراب القراءات» (1/ 292) ، و «شرح الطيبة» (4/ 370) ، و «شرح شعلة» (431) .