الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآيات (176 - 180)
* * *
* قالَ اللهُ عز وجل: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 176 - 180].
* * *
قالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ} وَفِي قِرَاءَةٍ بِحَذْفِ الهَمْزَةِ وَإِلْقَاءِ حَرَكَتِهَا عَلَى اللَّامِ وَفَتْحِ الهَاءِ
(1)
، هِيَ غيضَةُ شَجَرٍ قُرْبَ مَدْيَنَ {الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ} ، لَمْ يَقُلْ لَهُمْ: أَخُوهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ {أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ} مَا {أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} ].
قوله: {لْأَيْكَةِ} ، قال المُفسِّر رحمه الله:[وفي قِراءَةٍ بحذفِ الهمزةِ وإلقاءِ حَرَكَتها على اللَّام وفتحِ الهاءِ]: (لَيْكَةَ)، هذه هي القِراءَةُ الثَّانيةُ، وعلى قِراءَةِ الهمزةِ إنَّما كُسِرَتِ الهاءُ لأجلِ (أل) التعريفِ؛ فإنَّ القِراءَةَ الثَّانيةَ الَّتي أشارَ إليها بالتفسير:(كذب أصحاب لَيْكةَ) حُذِفَتِ الهمزةُ معَ (أل) المعرفة، وعلى هذا تكون ممنوعةً منَ الصرفِ؛ لأنَّه لم يوجدْ فيها (ألِ) الَّتي تحوِّل غيرَ المصروفِ إلى مُنْصَرِفٍ.
(1)
حجة القراءات (ص: 519).
وما هي الأيكةُ؟
قال المُفسِّر رحمه الله: [هِيَ غيضَةُ شَجَرٍ قُرْبَ مَدْيَنَ]، أي أَرْض مَمْلُوءَة بالشجرِ، والغالبُ أن تكونَ هذه الأشجار المُلْتَفَّة بعضها على بعض.
و(مَدْيَن) يَظْهَر أنَّه في طُور سِيناء، من قِصَّة مُوسى.
قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ} قال المُفسِّر رحمه الله: [لم يقلْ: أخوهم؛ لأنه لم يكن منهم]، بينما قالَ في غيرِه ممَّا مَضَى مِنَ القَصَصِ:{إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ} ، {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} [الأعراف: 85]، فتبيَّن بهذا أن أصحابَ الأيكةِ لَيْسُوا أهلَ مَدْيَنَ.
ولهذا قال المُفَسِّر: [قُرب مَدْيَن]، وليسوا منَ القريةِ الَّتي بُعِث فيها شُعَيْب؛ لأنَّ أهلَ القريةِ الَّتي بُعِثَ فيها مَدْين مِن قَبيلته، ولهذا لَمَّا ذكرَ مَدْيَنَ قال:{أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} ، وأمَّا هنا فقال:{إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ} ولم يقلْ: أَخوهم.
وممّا يدلُّ على أنَّهم ليسوا أصحابَ مَدْيَنَ، أنَّ العذابَ الَّذي أُخِذوا به غيرُ العذابِ الَّذي أُخِذَ به أصحابُ مَدْيَنَ، فأصحابُ مَدْيَنَ أُخِذوا بالصَّيْحَة، وهؤُلاءِ أُخِذُوا بعذابِ الظُّلَّة، كما سيأتي إن شاء الله.
وهل مَعْنى هذا أنَّ شُعيبًا أُرسلَ مرّتينِ؟
الجَواب: لا، بل أُرسل مرَّةً واحدةً، لكن إلى قومينِ؛ إلى هؤُلاءِ وهؤُلاءِ، ويجوزُ أن يكونَ هذا من بابِ التبع، يَعْنِي: هذه القرية صغيرة مثلًا، وكَانت تابعة لبلدتِهِ، ويدلُّك على هذا أن عَمَلَهم واحد؛ عمل هؤُلاءِ، وعمل أهل مَدْيَنَ.
قَوْلهُ: {أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، هذا المعنى عام لكلِّ الرُّسُل، فالذَّنب الخاصُّ لهؤُلاءِ كما سيأتي:[{أَوْفُوا الْكَيْلَ} أَتِمُّوه {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ} [الشعراء: 181]، الناقِصِينَ].
* * *