الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (227)
* * *
* قال اللهُ عز وجل: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227].
* * *
قال المُفسِّرُ رحمه الله: [{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} مِن الشُّعراء {وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} لَمْ يَشْغَلهُمُ الشِّعْرُ عَنِ الذِّكْر {وَانْتَصَرُوا} بِهَجْوِهِمُ الْكُفَّارَ {مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} بِهَجْوِ الْكُفَّارِ لَهُمْ فِي جُمْلَة المُؤْمِنِينَ فَلَيْسُوا مَذْمُومِينَ، قَالَ اللهُ تَعَالى {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النِّساء: 148]، وَقَال تَعَالى:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا} مِنَ الشُّعَراء وَغَيرهِمْ {أَيَّ مُنْقَلَبٍ} مَرْجِع {يَنْقَلِبُونَ} يَرْجِعُونَ بَعْد المَوْت].
قَوْلهُ: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} هذه أربعةُ أوصافٍ: الإيمان، والعملُ الصَّالحُ، وذِكر اللهِ كثيرًا، وهذا يشيرُ إلى أنَّ الشَّاعِر يَقِل ذِكرُه لله، فما امتلأَ قلبُه منَ الشعرِ إلّا بَعُد عنه ذِكرُ الله.
قال ابن القَيِّم
(1)
:
حُبُّ الكِتَابِ وحُبُّ أَلحَانِ الْغِنَا
…
في قَلْبِ عَبْدٍ لَيْسَ يَجْتَمِعَانِ
(1)
نونية ابن القيم الكافية الشافية، فصل في سماع أهل الجنة، ص 326، ط. مكتبة ابن تيمية.
والصِّفَة الرابعةُ: {وَانْتَصَرُوا} يَعْنِي: لِأَنْفُسِهِم، قال تعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: 39]، {مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} إمَّا بهجاءِ الكفارِ لهم إذا كَان شاعرًا مقابلَ شاعرٍ، أو باعتداء الكفارِ عليهم أيضًا.
قَالَ المُفسِّر رحمه الله: [{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا} منَ الشُّعراء وغيرهم، {أَيَّ مُنْقَلَبٍ} مَرْجِع، {يَنْقَلِبُونَ} يَرجعون بعدَ الموتِ]. وهذه الجُملةُ فيها من التهديدِ ما لا يَخفى، يَعْنِي أن {الَّذِينَ ظَلَمُوا} سَيَعْلَمُونَ عن قُربٍ {أَيَّ مُنْقَلَبٍ} يكونُ انقلابهم، وهو المَرْجِع إلى اللهِ عز وجل، وهذا تهديدٌ بيِّن للظالمينَ.
والظُّلْم مَرْتَعٌ مُبْتَغيه وَخِيم، فالظلمُ من أقرب ما يكونُ في معاجلةِ العُقوبةِ، لا سِيَّما إنْ دعَا المظلومُ على ظَالِمِهِ؛ فإن الأمرَ يكونُ إليه سريعًا.
ثم إنّ الظُّلم نوعانِ:
أحدهما: ظُلم مُتَعَدٍّ للغيرِ.
الثَّاني: ظُلْمٌ للنفْسِ.
فإنْ كَان في مَعصيةِ اللهِ فهو ظُلْمٌ للنفسِ، وإنْ كَانَ فيه الإعتداءُ على الغَيْرِ، فهو ظُلْم للغيرِ، كما لو أخذَ ماله أو أفسدَ عليه شأنَه؛ فإن هذا منَ الظُّلْم المتعدِّي، واللهُ أعلمُ.
* * *