الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (60)
* * *
* قالَ اللهُ عز وجل: {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} [الشعراء: 60].
* * *
قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{فَأَتْبَعُوهُمْ} لَحِقُوهم {مُشْرِقِينَ} وقتَ شُرُوقِ الشَّمْسِ]. والواوُ فِي قوله: {فَأَتْبَعُوهُمْ} تعودُ إِلَى فِرْعَوْنَ، والهاءُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وعلى هَذَا فقولُهُ:{وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} من حيثُ المَعْنى جملةٌ مُعْتَرِضة؛ لِأَنَّ توريثَ بني إِسْرَائِيلَ كَانَ بعدَ أنْ غَرِقَ فِرْعَوْنُ وقومُه.
فيصير ذِكْرُ {وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} مناسبةً تَقْدِيمُها فِي الترتيبِ عَلَى ما بعدها؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: {فَأَخْرَجْنَاهُمْ} كأنَّ قائلًا يقوُل: مَنِ الَّذِي حلَّ مَحَلَّهم؟ فقال: {وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} ، فلمناسبةِ الإخراجِ قُدِّمَتْ، وإلَّا كَانَ مُقْتَضَى الترتيبِ أنْ تكونَ بعد ذِكرِ إهلاكِ فِرْعَوْنَ وقومِهِ.
قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{فَأَتْبَعُوهُمْ} لَحِقُوهم]، يُقال: تَبِعه واتَّبَعه وأَتْبَعَهُ بمعنًى واحدٍ، ومنه قوله تعالى:{فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الأعراف: 175]، (فأتْبَعَهُ) يعني: تَبِعه أوِ اتَّبَعَه، فكلُّ الثلاث بمعنًى واحدٍ، فقولُهُ:{فَأَتْبَعُوهُمْ} يعني: اتَّبَعُوهم أو تَبِعُوهم، بمَعْنى: لَحِقُوهم.
قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{مُشْرِقِينَ} وقتَ شُرُوقِ الشَّمْسِ]، وإلى جهةِ المَشْرِقِ أيضًا، مِثْلَمَا نقولُ نحنُ: مشرّق، يعني: نحوَ المَشْرِقِ، فهم فِي الحَقِيقَةِ {مُشْرِقِينَ}
إمَّا كما قال المُفسِّرُ: [وقتَ شروقِ الشَّمْسِ] أو مُتَّجِهِينَ نحوَ المشرقِ، وكِلَا المعنيينِ صحيحٌ، فمُشْرِقٌ: مُتَّجِهٌ نحوَ المشرقِ باعتبارِ المكانِ، ومُشْرِقٌ وقتَ الشُّرُوقِ باعتبارِ الزَّمانِ، والعادةُ أنَّ الخُرُوجَ أوَّلَ النَّهارِ أنشطُ للناسِ وأَولى، وكان الرسولُ عليه الصلاة والسلام يخرج مبكِّرًا، ولكنَّه يَبْقَى حَتَّى تَفِيءَ الأفياءُ، وتزولَ الشَّمْسُ، وتَهُبَّ الرِّيَاحُ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لماذا مُوسَى ومَن مَعَه خَرَجُوا فِي اللَّيل وفِرْعَوْن ما خَرَجَ بعدَهم إلَّا بعدَ خُرُوجِ الشَّمس؟
فالجَوابُ: خرجَ مُوسَى وقومُه ليلًا اختفاءً؛ خوفًا عَلَى أنفسهم من فِرْعَوْنَ فخَرَجُوا باللَّيلِ، أمَّا هَذَا فما خرجَ خائفًا حَتَّى ينتظرَ قدومَ اللَّيلِ، فخرجَ مُعْلِنًا أنَّه ظاهرٌ منتصِرٌ لنفسه.
* * *