الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هل كَانَ بنو إِسْرَائِيل مُؤمِنينَ؟
فالجَواب: فِي هَذِهِ المعالجةِ الظَّاهرُ ما كانوا مُؤمِنينَ، أو كَانَ بعضُهم مؤمنًا، لا أدري؛ لِأَنَّ أصلَ إنزالِ التوراةِ بعدَ ذلكَ:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى} [القَصَص: 43].
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هل قتل جميع السَّحَرَة؟
فالجَواب: الظَّاهرُ أَنَّهُم كلّهم؛ لِأَنَّ قولَ بعضِ العلماء: "شُهَدَاء بَرَرَة" يدلُّ عَلَى أَنَّهُم قُتِلُوا، وعلى كلِّ حالٍ نَحتاج إِلَى التثبُّتِ.
وإنْ قال قائلٌ: هل آمنوا جميعُهم؟
فالجَواب: كلهم آمنوا، قال تعالى:{فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} [الشعراء: 46]، فكلهم آمنوا إيمانًا كاملًا.
فَوَائِدُ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:
الْفَائِدَةُ الْأُولَى: قوَّةُ رجاءِ هَؤُلَاءِ السَّحَرَةِ باللهِ سبحانه وتعالى: {إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا} .
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: فيها دليلٌ عَلَى أن السبقَ إِلَى الإيمانِ من أسْبابِ المغفرةِ والرفعةِ؛ لِقَوْلِهِم: {أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} ، وقد دلَّ عَلَى ذلكَ الكِتابُ فِي قولِهِ تعالَى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: 10]، ولما تخاصمَ عبدُ الرَّحْمنِ بنُ عوفٍ وخالدُ بنُ الوليدِ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لخالدٍ: "لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ
لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ"
(1)
.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: وفيها أيضًا أن الإطلاقَ تُقَيِّدُهُ قَرينةٌ؛ لقولهم: {أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} ؛ لِأَنَّ المُراد أَوَّل المُؤْمِنِينَ فِي وَقْتِهِم، وإلَّا فقد آمن أحدٌ قبلَهم، أو أوَّل المُؤمِنينَ من آلِ فِرْعَوْن؛ لِأنَّهُ قد آمن أحدهم قبلَهم، فقولهم:{أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} يعني: من آل فِرْعَوْنَ، والمُفسِّر يقولُ:[في زَماننا]، ولكن هَذَا لَيْسَ بظاهرٍ، بل الظَّاهرُ أَنَّهُ من آلِ فِرْعَوْن؛ لِأَنَّ من بني إِسْرَائِيل مَنْ آمَنَ قبل ذلك.
* * *
(1)
أخرجه البخاري: كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا"، رقم (3673)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم، رقم (2541).