الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآيات (217 - 220)
* * *
* قال اللهُ عز وجل: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الشعراء: 217 - 220].
* * *
قال المُفسِّر رحمه الله: [{وَتَوَكَّل} بِالْوَاو وَالْفَاءِ
(1)
{عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} الله، أَي: فَوِّضْ إلَيهِ جَمِيعَ أُمُورِكَ، {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ} إلَى الصَّلَاةِ، {وَتَقَلُّبَكَ} فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ قَائِمًا وَقَاعِدًا، وَرَاكِعًا وَسَاجِدًا، {فِى السَّاجِدِينَ} المُصَلِّينَ، {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ].
قَوْلهُ: [{وَتَوَكَّل} بالواو والفاء]، وهذه من المسائلِ النادرةِ في القراءاتِ؛ لأن الغالبَ في القِراءَةِ أنْ يكونَ الخِلاف في صفةِ الكلمةِ أو في الحرفِ، ليسَ في ذاته أو عينه، لكن هذا قد يأتي أَحيانًا في ذاتِ الحرفِ، وأحيانًا أيضًا بإسقاطِ الحرفِ من عَدَمِهِ، في قولِه تَعالَى في سُورَة البقرة:{إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 115 - 116]، في قِراءَة بإسقاط الواو:(قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ)
(2)
، وهذه من المسائلِ النادرةِ في القراءاتِ، فالقِراءَةُ قد تكونُ في نوعِ الحرفِ، وفي وُجودِ الحرفِ، وفي شكل الحرفِ، وأكثرُها في شَكْل الحرفِ وهَيْئَتِهِ؛ يُمَدّ أو لا يُمَدّ، يُفْتَح أو يُضَمّ.
(1)
حجة القراءات (ص: 522).
(2)
حجة القراءات (ص: 110).
والتوكُّل: هو الإعتمادُ على اللهِ معَ الثِّقَةِ به في جَلْبِ المنافِعِ ودَفْعِ المضارّ.
قولُه رحمه الله: [{عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} الله، أي: فَوِّضْ إليه جميعَ أمورِكَ]، ولم يَقُلِ اللهُ عز وجل:"على الله" بل قال: {الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} ؛ لأنَّ المقامَ يَقتضيه؛ يَقتضي عِزَّة في مقابلِ المكذِّبين له، ورحمةً في مقابلِ قيامِه بواجبِ الإنذارِ.
قال المُفسِّر رحمه الله: [{الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ} إلى الصلاةِ]، بعضُهم يقولُ: حينَ تقومُ مِن مَنامِكَ، ولكن هذا المَعْنى الَّذي ذكرَه المُفَسِّر أعمُّ، وقيل: إنَّ المَعْنى: حينَ تقومُ في شُئُونِكَ منَ الإنذارِ وغيرِ الإنذارِ، يَعْنِي: يَرَاكَ حينَ تقومُ مُنْذِرًا، ويراك حين تقومُ مُصَلِّيًا، ويراك حين تقوم صَائمًا، وحين تقوم حَاجًّا، وفي جميعِ الأحوالِ، يَعْنِي: حِينَ تَقُومُ إلى عِبادَة اللهِ.
ويَرَاكَ أيضًا حين تَقَلُّبِكَ {فِي السَّاجِدِينَ} قال المُفَسِّر: [المصلِّين]، أي: في جُمْلَتِهِم، وهذا المَعْنى الأخيرُ أعمُّ منَ الجميعِ.
قَوْلُهُ: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} تَقَصَّد الصلاةَ؛ لأنها أصلُ العباداتِ البدنيَّة.
وقَوْلهُ: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} جملةٌ استئنافيَّةٌ؛ لِبَيَانِ أنه معَ رُؤْيَتِهِ تبارك وتعالى فهو أيضًا سميعٌ عليمٌ.
إذنِ اجتمعَتْ ثلاثُ صِفاتٍ: الرؤيةُ، والسمعُ، والعلمُ.
* * *